الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث العاشر: مفهوم الصلاة
الصلاة لغة: الدعاء، قال الله تعالى:{خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهّرُهُمْ وَتُزَكّيهِم بِهَا وَصَلّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (1). أي ادع لهم، وقال النبي صلى الله عليه وسلم:((إذا دعي أحدكم فليجب، فإن كان صائمًا فليصلّ، وإن كان مفطرًا فليطعم)) (2).أي فليدع بالبركة والخير والمغفرة (3).
والصلاة من الله حسن الثناء، ومن الملائكة الدعاء، قال الله تعالى:{إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلّمُوا تَسْلِيمًا} (4). قال أبو العالية: ((صلاة الله: ثناؤه عليه عند الملائكة، وصلاة الملائكة: الدعاء)) (5). وقال ابن عباس رضي الله عنهما: ((يصلون: يُبَرّكون)) (6).
وقيل: إن صلاة الله الرحمة، وصلاة الملائكة الاستغفار.
والصواب القول الأول (7). قال الله تعالى: {أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مّن رَّبّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمهْتَدُونَ} (8). أي عليهم ثناء من الله ورحمة (9)، فعطف الرحمة على الصلوات والعطف يقتضي المغايرة (10).
فالصلاة من الله الثناء، ومن المخلوقين: الملائكة، والإنس، والجن: القيام، والركوع، والسجود، والدعاء، والتسبيح، والصلاة من الطير والهوام:
(1) سورة التوبة، الآية:103.
(2)
أخرجه مسلم، كتاب النكاح، باب الأمر بإجابة الداعي إلى الدعوة، 2/ 1054، برقم 1431.
(3)
انظر: النهاية في غريب الحديث، لابن الأثير، باب الصاد مع اللام، 3/ 50، ولسان العرب لابن منظور، باب اللام، فصل الصاد، 14/ 464، والتعريفات للجرجاني، ص174، وانظر المغني لابن قدامة، 3/ 5. وشرح العمدة لابن تيمية، 2/ 27 - 31.
(4)
سورة الأحزاب، الآية:56.
(5)
البخاري معلقًا مجزومًا به، قبل الحديث رقم 4797.
(6)
البخاري معلقًا مجزومًا به، قبل الحديث رقم 4797.
(7)
انظر: تفسر القرآن العظيم لابن كثير ص1076، والشرح الممتع لابن عثيمين، 3/ 228 - 229.
(8)
سورة البقرة، الآية:157.
(9)
تفسير القرآن العظيم، لابن كثير ص135.
(10)
الشرح الممتع لابن عثيمين، 3/ 228، وسمعت هذا المعنى من الإمام عبد العزيز ابن باز أثناء تقريره على الروض المربع، 2/ 35.
التسبيح (1).
والصلاة في الشرع: عبادة لله ذات أقوال وأفعال معلومة مخصوصة، مفتتحة بالتكبير، مختتمة بالتسليم، وسميت صلاة لاشتمالها على الدعاء (2).
فالصلاة كانت اسمًا لكل دعاء، فصارت اسمًا لدعاء مخصوص، أو كانت اسمًا لدعاء، فنقلت إلى الصلاة الشرعية لما بينها وبين الدعاء من المناسبة، والأمر في ذلك متقارب، فإذا أطلق اسم الصلاة في الشرع لم يفهم منه إلا الصلاة المشروعة (3). فالصلاة كلها دعاء:
دعاء مسألة: وهو طلب ما ينفع الداعي من جلب نفع، أو كشف ضر، وطلب الحاجات من الله وحده بلسان المقال.
ودعاء عبادة: وهو طلب الثواب بالأعمال الصالحة: من القيام، والقعود، والركوع، والسجود، فمن فعل هذه العبادات فقد دعا ربه، وطلبه بلسان الحال أن يغفر له، فتبين بذلك أن الصلاة كلها دعاء مسألة، ودعاء عبادة؛ لاشتمالها على ذلك كله (4).
(1) انظر: لسان العرب لابن منظور، باب الياء، فصل الصاد، 14/ 465.
(2)
انظر: المغني لابن قدامة، 3/ 5، والشرح الكبير، 3/ 5، والإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف، 3/ 5، والتعريفات للجرجاني، ص174.
(3)
انظر: شرح العمدة لشيخ الإسلام ابن تيمية، 2/ 30 - 31.
(4)
انظر: شروط الدعاء وموانع الإجابة، للمؤلف، ص 10 - 11، وفتح المجيد لشرح كتاب التوحيد، ص 180، والقول المفيد على كتاب التوحيد، للعلامة محمد بن صالح العثيمين، 1/ 117. وسمعت هذا المعنى من الإمام ابن باز أثناء تقريره على الروض المربع، 1/ 410.