الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} (1))) (2).
السبب الثاني: علاج قسوة القلب، ومرضه، وغفلته
؛ فإن هذه الأمراض من أعظم الأسباب في عدم الخشوع في الصلاة؛ لأن القلب إذا صلح صلحت الأعمال، والأحوال، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:((أَلَا وَإِنَّ فِي اَلْجَسَدِ مُضْغَةً، إِذَا صَلَحَتْ، صَلَحَ اَلْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ اَلْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلَا وَهِيَ اَلْقَلْبُ)) (3).
- وقد ذمَّ الله أصحاب القلوب القاسية، وأقساها قلوب اليهود، قال الله تعالى عنهم وعن قلوبهم:{وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ * فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ * ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ} (4).
- وقد حذَّر الله المؤمنين من قسوة القلوب فقال سبحانه وتعالى: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ * اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} (5).
- وذمَّ الله تعالى ذمَّاً عاماً لكلّ من قسا قلبه، وأثبت له الويل والهلاك،
(1) سورة الحديد، الآية:21.
(2)
الفوائد لابن القيم، ص378 - 379، بتصرف.
(3)
مسلم، كتاب المساقاة والمزارعة، باب أخذ الحلال وترك الشبهات، برقم 1599.
(4)
سورة البقرة، الآية 74.
(5)
سورة الحديد، الآيتان: 16 - 17.
ولا شك أن علاج قسوة القلوب يكون بالنظر إلى أسباب القساوة ثم إزالتها، ويكون ذلك على النحو الآتي:
1 -
الوفاء بالعهد مع الله تعالى في القيام بالواجبات التي أوجبها تعالى، والابتعاد عن المحرَّمات التي حرّمها على عباده، وكذلك الوفاء بالعهد مع المخلوقين، قال الله تعالى في سبب قساوة قلوب اليهود:{فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكّرُوا بِهِ} (2).
2 -
كثرة ذكر الله تعالى بالقلب مع اللسان، من أعظم أسباب سلامة القلوب من القسوة والأمراض المعنوية؛ فإن من أسباب قسوة القلوب كثرة الكلام بغير ذكر الله تعالى؛ لحديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تُكْثِرُوا الكَلَامَ بِغَيْرِ ذِكْرِ اللَّهِ، فإنَّ كَثْرَةَ الكَلامِ بِغَيْرِ ذِكْرِ اللَّهِ تَعالى قَسْوَةٌ للْقَلْبِ، وَإنَّ أبْعَدَ النَّاسِ مِنَ اللَّهِ تَعالى القَلْبُ القَاسِي)) (3).
قال الإمام ابن القيم رحمه الله: ((
…
وَلَا رَيْبَ أَنَّ القَلْبَ يَصْدَأُ كَمَا يَصْدَأُ النُّحَاسُ، وَالفِضَّةُ، وَغَيْرُهُمَا، وَجَلَاؤُهُ بِالذّكْرِ، فَإِنَّهُ يَجْلُوهُ حَتَّى يَدَعَهُ كَالمِرْآةِ البَيضَاءِ؛ فَإِذَا تَرَكَ الذّكْرَ صَدِئَ، فَإِذَا ذَكَرَ جَلَاهُ، وَصَدَأُ القَلْبِ بِأَمْرَيْنِ: بِالغَفْلَةِ وَالذَّنْبِ، وَجَلَاؤُهُ بِشَيْئَيْنِ: بِالاسْتِغْفَارِ وَالذّكْرِ)) (4).
(1) سورة الزمر، الآية:22.
(2)
سورة المائدة، الآية:13.
(3)
الترمذي، كتاب الزهد، بابٌ: منه، برقم 2411، وقال:((حسن غريب))، وحسّن إسناده عبد القادر الأرنؤوط في تحقيقه للأذكار للنووي، ص285.
(4)
الوابل الصيب، ص82.