الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تعالى يتلذَذ بها المسلم الصادق مع الله تعالى؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ذَاقَ طَعْمَ الإِيمَانِ مَنْ رَضِيَ بِاللَّهِ رَبًّا، وَبِالإِسْلامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا)) (1).
ومما يدل على التلذُّذ بالعبادة قول النبيّ صلى الله عليه وسلم: ((ثَلاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ بِهِنَّ حَلاوَةَ الإِيمانِ: مَنْ كَانَ اللهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمّا سِواهُما، وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لا يُحِبُّهُ إِلاّ للهِ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ في الْكُفْرِ بَعْدَ أَنْ أنْقَذَهُ اللهُ مِنْهُ كَما يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ في النَّارِ)) (2).
وفي رواية للإمام أحمد عن أبي رزين العقلي: ((
…
فَإِذَا كُنْتَ كَذَلِكَ فَقَدْ دَخَلَ حُبُّ الْإِيمَانِ فِي قَلْبِكَ كَمَا دَخَلَ حُبُّ الْمَاءِ لِلظَّمْآنِ فِي الْيَوْمِ الْقَائِظِ)) (3).
فمن وفقه الله تعالى لذلك ذاق طعم الإيمان، ووجد حلاوته، فيستلذُّ الطاعة، ويتحمَّل المشاق في رضى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم (4).
الحادي والعشرون: الأسباب التي تزيل الغفلة وتجلب الخشوع في الصلاة
يجب ترك الأسباب التي تزيل الخشوع في الصلاة، أو تضعفه، والعمل بالأسباب التي تجلبه وتقوّيه، وهي كثيرة، منها الأسباب الآتية:
السبب الأول: معرفة الله تعالى:
بأسمائه، وصفاته، وألوهيَّته، وربوبيَّته،
(1) مسلم، كتاب الإيمان، باب الدليل على أن من رضي بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد رسولاً، فهو مؤمن وإن ارتكب المعاصي والكبائر، برقم 34، من حديث العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه.
(2)
متفق عليه: البخاري، كتاب الإيمان، باب حلاوة الإيمان، برقم 16، ومسلم، كتاب الإيمان باب بيان خصالٍ من اتصف بهن وجد حلاوة الإيمان، برقم 43.
(3)
أحمد في المسند، 4/ 11، وفي المسند المحقق، 16/ 114، برقم 16194، ولكن قال محققو المسند، 26/ 114:((إسناده ضعيف لانقطاعه: سليمان بن موسى، وهو الأشدق، لم يدرك أحداً من الصحابة فيما قاله الترمذي في العلل، 1/ 53 - 54 نقلاً عن البخاري، وبقية رجاله ثقات)). قلت: تغني عنه الأحاديث الصحيحة.
(4)
عقيدة المسلم، 1/ 69، للمؤلف.
فيجب على العبد أن يعلم أن الله تعالى له الأسماء الحسنى، والصفات العُلا؛ فيثبت لله ما أثبته لنفسه، وما أثبته له رسول الله صلى الله عليه وسلم، من غير تعطيل، ولا تحريف، ولا تكْيف، ولا تمثيل، وينفي عنه ما نفاه عن نفسه، وما نفاه عنه رسوله صلى الله عليه وسلم، وأن الله تعالى هو: الخالق المالك لكل شيء، المدبّر له، لا معطي لما منع، ولا مانع لما أعطى، ولا مذلَّ لمن أعزَّ، ولا معزَّ لمن أذلَّ، ولا خافض لمن رفع، ولا رافع لمن خفض، ومن هذه صفاته وأسماؤه وأفعاله، فهو المستحقُّ للعبادة وحده، لا شريك له، ولا معبود بحقٍّ سواه، ولا ربَّ غيره، فيجب على العبد أن يعبد هذا الربَّ الكريم كأنه يراه؛ فإن لم يكن يراه فإنه يراه، وقد ذكر ابن القيم رحمه الله تعالى أن معرفة الله نوعان:
النوع الأول: معرفة إقرار، وهي التي اشترك فيها الناس: البرُّ والفاجر، والمطيع والعاصي.
النوع الثاني: معرفة توجب الحياء منه، والمحبة له، وتعلّق القلب به، والشوق إلى لقائه، وخشيته، والإنابة إليه، والأُنس به، والفرار من الخلق إليه، وهذه هي المعرفة الخاصة، والناس يتفاوتون فيها؛ ولهذه المعرفة بابان واسعان:
الباب الأول: التفكُّر والتأمُّل في آيات القرآن كلّها، والفهم الخاص عن الله تعالى، ورسوله صلى الله عليه وسلم.
الباب الثاني: التفكُّر في آيات الله المشهودة، وتأمل حكمته فيها، وقدرته، ولطفه، وإحسانه، وعدله، وقيامه بالقسط على خلقه، وجماع ذلك: الفقه في معاني أسمائه الحسنى، وجلالها، وكمالها، وتفرُّدِهِ بذلك، وتعلُّقها بالخلق والأمر، فيكون فقيهاً في أوامره، ونواهيه، فقيهاً في قضائه وقدره، فقيهاً في أسمائه وصفاته، فقيهاً في الحكم الديني الشرعي، والحكم الكوني القدري، و {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ