الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أو يتأخر، أو عن يمينه أو عن شماله في الصلاة)) يعني في السبحة (1). وقد ثبت عن ابن عمر رضي الله عنهما الانتقال في الفرض وفي النفل كذلك: كان إذا كان بمكة فصلى الجمعة تقدم فصلى ركعتين، ثم تقدم فصلى أربعاً، وإذا كان بالمدينة صلى الجمعة ثم رجع إلى بيته فصلى ركعتين ولم يصلّ في المسجد فقيل له فقال:((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك)) (2).
قلت: وهذا يستشهد به على تكثير مواضع السجود كما قرره شيخنا الإمام عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله.
6 - ترك الرواتب وغيرها إذا أقيمت المكتوبة
؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة)) (3)، ولحديث عبد الله بن مالك بن بُحينة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً وقد أقيمت الصلاة يصلي ركعتين، فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم، لاث به الناس (4) فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:((آلصبح أربعاً، آلصبح أربعاً؟)) (5)؛ ولحديث عبد الله بن سرجس رضي الله عنه قال: دخل رجل المسجد ورسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة الغداة فصلى ركعتين في جانب المسجد ثم دخل مع
رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما سلم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:((يا فلان بأي الصلاتين اعتددت؟ أبصلاتك وحدك أم بصلاتك معنا؟)) (6).وهذه الأحاديث تدل
(1) سنن أبي داود، كتاب الصلاة، باب الرجل يتطوع في مكانه الذي صلى فيه المكتوبة، برقم 1006، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود، 1/ 188.
(2)
سنن أبي داود، كتاب الصلاة، باب الصلاة بعد الجمعة، برقم 1130، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود، 1/ 210.
(3)
مسلم، كتاب صلاة المسافرين، باب كراهة الشروع في نافلة بعد شروع المؤذن في إقامة الصلاة سواء كانت الراتبة كسنة الصبح والظهر وغيرهما وسواء علم أنه يدرك الركعة مع الإمام أم لا، برقم 710.
(4)
لاث به الناس: اختلطوا به والتفوا عليه. القاموس المحيط. وانظر: نيل الأوطار للشوكاني،2/ 287.
(5)
متفق عليه: البخاري واللفظ له، كتاب الأذان، باب إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة، برقم 663، ومسلم، كتاب صلاة المسافرين، باب كراهة الشروع في نافلة بعد شروع المؤذن في إقامة الصلاة، برقم 711.
(6)
مسلم، كتاب صلاة المسافرين، باب كراهة الشروع في نافلة بعد شروع المؤذن في إقامة الصلاة، برقم 712.
على أن المسلم إذا سمع الإقامة لا يحل له أن يدخل في صلاة تطوع سواء كانت راتبة: كسنة الفجر، والظهر، والعصر، أو غيرها، وسواء كانت في المسجد أو خارجه، وسواء خاف فوات الركعة الأولى أو لم يخف، والحجة عند التنازع السنة، فمن أدلى بها فقد أفلح (1)، والصحيح أن الحكمة فيه أن يتفرغ للفريضة من أولها فيشرع فيها عقب شروع الإمام؛ فإنه إذا اشتغل بنافلة فاته الإحرام مع الإمام، وفاته بعض مكملات الفريضة، فالفريضة أولى بالمحافظة على إكمالها، وفيه حكمة أخرى: وهي النهي عن الاختلاف على الأئمة.
واستُدلَّ بعموم قوله صلى الله عليه وسلم: ((إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة)) لمن قال يقطع النافلة إذا أقيمت الفريضة (2).
وذهب بعض أهل العلم إلى أنه لا يقطعها إذا أقيمت الصلاة وهو يصلي؛ بل يتمها خفيفة عملاً بعموم قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا الله وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} (3). وحملوا الأحاديث على من بدأ الصلاة بعد الإقامة، وقيل: إن خشي فوات الفريضة في الجماعة قطعها، وإن لم يخشَ فوات الجماعة أتمها (4).
والصواب الذي دل عليه عموم الأحاديث أنه يقطعها، وهذا صريح في حديث عبد الله بن مالك بن بحينة الذي سبق ذكره قبل أسطر (5)، وأصرح منه لفظه عند مسلم، قال: أقيمت صلاة الصبح، فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً والمؤذن يقيم فقال:((أتصلي الصبح أربعاً)).
(1) انظر: شرح النووي على مسلم، 5/ 229، وفتح الباري لابن حجر، 2/ 150، والمغني لابن قدامة، 2/ 119، ونيل الأوطار للشوكاني، 2/ 284.
(2)
انظر: فتح الباري، لابن حجر، 2/ 151.
(3)
سورة محمد، الآية:33.
(4)
انظر: المغني، لابن قدامة، 2/ 120، وفتح الباري، لابن حجر، 2/ 151.
(5)
البخاري، برقم 663، مسلم، برقم 711، وتقدم تخريجه.