الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عما ينهى عنه، والاهتداء بهداه، وتصديق أخباره، وتدبُّر معانيه، وتلاوة ألفاظه، فإذا كان هذا معنى تلاوة الكتاب، عُلِمَ أن إقامة الدين كلّه داخلة في تلاوة كتاب الله، فيكون قوله تعالى:{وأقم الصلاة} من باب عطف الخاص على العام لفضل الصلاة، وشرفها، وآثارها الجميلة، وهي ((إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ))، ووجه ذلك أن العبد المقيم لها، المتمّم لأركانها، وشروطها، وخشوعها يستنير قلبه، ويتطهَّر فؤاده، ويزداد إيمانه، وتقوى رغبته في الخير، وتعدم رغبته في الشرّ، فبالضرورة مداومتها والمحافظة عليها على هذا الوجه تنهى عن الفحشاء والمنكر، فهذا من أعظم مقاصدها، وثمراتها (1).
فالخشوع في الصلاة من الواجبات التي تجب لها، فحينئذٍ تنهى عن الفحشاء والمنكر: إذا قام بها العبد كاملة بما يجب لها. والله تعالى أعلم.
وقد ثبت أنه قيل للنبي صلى الله عليه وسلم: ((إن فلاناً يصلّي الليل كلَّه، فإذا أصبح سرق، فقال: ((سينهاه ما تقول))، أو قال:((ستمنعه صلاته)) (2).
فإذا صلَّى العبد المسلم الصلاة على الوجه الأكمل: بشروطها، وأركانها، وواجباتها، وخشوعها، والتدبّر في قراءتها منعته من الفحشاء والمنكر (3).
3 - الخشوع الكامل يجلب البكاء من خشية الله تعالى:
لا شك أن الخشوع الكامل في الصلاة يجلب البكاء من خشية الله
(1) انظر: تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، للسعدي، ص 632.
(2)
أحمد في المسند، 15/ 483، برقم، 9778، والبزار (كشف الأستار)، 1/ 317، وشعب الإيمان للبيهقي، 4/ 545، قال العلامة الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة، 1/ 16: ((رواه أحمد، والبزار، والطحاوي في مشكل الآثار، 2/ 430، والبغوي في حديث علي بن الجعد، 9/ 97/ 1، وأبو بكر الكلاباذي في مفتاح معاني الآثار، 31/ 1/ 69، بإسناد صحيح من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(3)
انظر: سلسلة الأحاديث الصحيحة، ص 16.
تعالى، وإذا حصل هذا العمل الصالح كان من أسباب دخول الجنة، والنجاة من النار؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لَا يَلِجُ النَّارَ رَجُلٌ بَكَى مِنْ خَشْيةِ الله حَتَّى يَعُودَ اللَّبَنُ في الضَّرْعِ، وَلَا يَجْتَمِعُ غُبَارٌ في سَبيلِ اللهِ وَدُخَانُ جَهَنَّمَ)) (1).
وعن أبي أمامة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لَيْسَ شَيْءٌ أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ مِنْ قَطْرَتَيْنِ وَأَثَرَيْنِ: قَطْرَةٌ مِنْ دُمُوعٍ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ، وَقَطْرَةُ دَمٍ تُهَرَاقُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَأَمَّا الْأَثَرَانِ: فَأَثَرٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَأَثَرٌ فِي فَرِيضَةٍ مِنْ فَرَائِضِ اللَّهِ)) (2).
وعن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((عَيْنَانِ لَا تَمَسُّهُمَا النَّارُ: عَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ، وَعَيْنٌ بَاتَتْ تَحْرُسُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ)) (3).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ تَعَالَى فِي ظِلّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَاّ ظِلُّهِ: إِمَامٌ عاَدِلٌ، وَشَابٌّ نَشَأَ في ِعِبَادَةِ اللَّهِ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي الْمَسَاجِدِ، وَرَجُلَانِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ، وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ فَقَالَ: إِنّي أَخَافُ اللَّهَ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لَا تَعْلُمُ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يِمِينُهُ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ)) (4).
والمشروع في البكاء أن يكون الباعث عليه: التفكُّر في الذنب، أو
(1) الترمذي، كتاب الزهد، باب ما جاء في فضل البكاء من خشية الله، برقم 2311، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي، 2/ 528.
(2)
الترمذي، كتاب فضائل الجهاد، باب ما جاء في فضل المرابط، برقم 1669، وحسنه الألباني في صحيح سنن الترمذي، 2/ 242.
(3)
الترمذي، كتاب فضائل الجهاد، باب ما جاء في فضل الحراسة في سبيل الله، برقم 1639، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي، 2/ 127، وفي مشكاة المصابيح، 2/ 1125.
(4)
متفق عليه: البخاري، كتاب الزكاة، باب الصدقة باليمين، برقم 1423، ومسلم، كتاب الزكاة، باب فضل إخفاء الصدقة، برقم 1031.