الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومما يدل على فضلها وتأكد سنيتها حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: أوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: ((يا أهل القرآن أوتروا فإن الله عز وجل وتر يحب الوتر)) (1).
وسمعت شيخنا الإمام عبد العزيز بن عبد الله بن باز يقول في تقريره على هذا الحديث: ((هذا يدل على أنه ينبغي أن يكون أهل العلم لهم عناية أكثر من غيرهم وإن كان مشروعاً للجميع حتى يقتدي بهم من عرف أحوالهم وأعمالهم، والوتر أقله ركعة بين العشاء والفجر، وهو سبحانه وتر يحب الوتر، ويحب ما يوافق صفاته، فهو صبور يحب الصابرين، بخلاف العزة والعظمة، فالعباد يأخذون من صفاته ما يناسب العبد من كرم وجود وإحسان)) (2).
3 - وقت صلاة الوتر: جميع أوقات الليل بعد صلاة العشاء على النحو الآتي:
أ- وقت الوتر الشامل:
ما بين صلاة العشاء إلى طلوع الفجر الثاني؛ لحديث عبد الله بن عمرو بن العاص عن أبي بصرة الغفاري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله عز وجل زادكم صلاة وهي الوتر، فصلُّوها فيما بين صلاة العشاء إلى صلاة الفجر)) (3). فظهر من هذا الحديث أن وقت الوتر ما بين صلاة
العشاء والفجر، وسواء صلى المسلم العشاء في وقتها أو صلاها مجموعة إلى المغرب جمع تقديم؛ فإن وقت الوتر يدخل من حين أن يصلي العشاء (4).
(1) أخرجه النسائي بلفظه، في كتاب قيام الليل، باب الأمر بالوتر، برقم 1676، والترمذي، كتاب الوتر، باب ما جاء أن الوتر ليس بحتم، برقم 453، وأبو داود، كتاب الوتر، باب استحباب الوتر، برقم 1416، وابن ماجه، كتاب إقامة الصلاة، باب ما جاء في الوتر، برقم 1169، وأحمد، 1/ 86، وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه، 1/ 193.
(2)
سمعته من سماحته رحمه الله أثناء تقريره على بلوغ المرام، الحديث رقم 405.
(3)
أحمد في المسند،6/ 397، و2/ 180، 206، 208، وصححه الألباني في إرواء الغليل، 2/ 258.
قلت: وله شاهد عن معاذ بن جبل رضي الله عنه في مسند أحمد، 5/ 242.
(4)
انظر: المغني لابن قدامة، 2/ 595، وحاشية الروض المربع لابن قاسم، 2/ 184، وسمعت الإمام عبد العزيز بن عبد الله ابن باز رحمه الله يقول أثناء تقريره على الروض المربع،2/ 184:((وقت الوتر يبدأ بعد صلاة العشاء ولو مجموعة مع المغرب تقديماً إلى طلوع الفجر))، وانظر: الشرح الممتع لابن عثيمين، 3/ 15.
وقد ثبتت الأحاديث الصحيحة بتوكيد ذلك من فعل النبي صلى الله عليه وسلم وقوله، فعن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت:((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي فيما بين أن يفرغ من صلاة العشاء - وهي التي يدعو الناس العتمة - إلى الفجر إحدى عشرة ركعة، يسلّم بين كل ركعتين، ويوتر بواحدة، فإذا سكت المؤذن من صلاة الفجر وتبين له الفجر وجاءه المؤذن قام فركع ركعتين خفيفتين، ثم اضطجع على شقه الأيمن حتى يأتيه المؤذن للإقامة)) (1).
وقد حدد النبي صلى الله عليه وسلم آخر وقت الوتر، فعن أبي سعيد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((أوتروا قبل أن تُصبحوا)). وفي رواية: ((أوتروا قبل الصبح)) (2).
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((بادروا الصبح بالوتر)) (3). وهذا يدل على مسابقة طلوع الفجر بالوتر بأن يوقع الوتر قبل دخوله؛ ولهذا ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: ((صلاة الليل مثنى مثنى فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلَّى)) (4). وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من أدرك الصبح فلم يوتر فلا وتر له)) (5). ويؤكد ذلك حديث ابن
(1) مسلم، كتاب صلاة المسافرين، باب صلاة الليل وعدد ركعات النبي صلى الله عليه وسلم في الليل وأن الوتر ركعة وأن الركعة صلاة صحيحة، برقم، 736.
(2)
مسلم، كتاب صلاة المسافرين، باب صلاة الليل مثنى مثنى والوتر ركعة من آخر الليل، برقم 754.
(3)
مسلم، كتاب صلاة المسافرين، باب صلاة الليل مثنى مثنى والوتر ركعة من آخر الليل، برقم 750.
(4)
متفق عليه: البخاري، كتاب الوتر، باب ما جاء في الوتر، برقم 990، ومسلم، كتاب صلاة المسافرين، باب صلاة الليل مثنى مثنى، والوتر ركعة من آخر الليل، برقم 749.
(5)
ابن حبان في صحيحه [الإحسان، 6/ 168، برقم 2408]، وابن خزيمة في صحيحه، 2/ 148، برقم 1092، والحاكم في المستدرك، 1/ 301 - 302، وصححه ووافقه الذهبي، وأخرجه البيهقي، 2/ 478، وصحح إسناده الألباني في الحاشية على صحيح ابن خزيمة، 2/ 148، وصححه شعيب الأرنؤوط في تخريجه لصحيح ابن حبان، 6/ 169.