الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والأمر بتحية المسجد يفيد بحقيقته وجوب فعل التحية، والنهي يفيد بحقيقته أيضاً تحريم تركها، واختلف أهل العلم في القول بالوجوب والسنية، والصواب أنها سنة مؤكدة وهو قول الجمهور، قال الإمام النووي رحمه الله:((فيه استحباب تحية المسجد بركعتين وهي سنة بإجماع المسلمين، وفيه استحباب التحية في أي وقت دخل)) (1).
ثانياً: صلاة القدوم من السفر في المسجد
، يُصلي المسلم عند القدوم من السفر ركعتين في المسجد قبل أن يذهب إلى بيته؛ لحديث جابر رضي الله عنه قال: اشترى مني رسول الله صلى الله عليه وسلم بعيراً، فلما قدم المدينة أمرني أن آتي المسجد فأصلي ركعتين (2)، وعن كعب بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يقدم إلا نهاراً في الضحى، فإذا قدم بدأ بالمسجد فصلى ركعتين ثم جلس فيه))، قال الإمام النووي - رحمه الله تعالى -:((في هذه الأحاديث استحباب ركعتين للقادم من سفره في المسجد أول قدومه، وهذه الصلاة مقصودة للقدوم من السفر؛ لا أنها تحية المسجد، والأحاديث المذكورة صريحة فيما ذكرته، وفيه استحباب القدوم أوائل النهار، وفيه أنه يستحب للرجل الكبير في المرتبة ومن يقصده الناس إذا قدم من سفر للسلام عليه أن يقعد أول قدومه قريباً من داره في موضع بارز سهل على زائريه، إما المسجد وإما غيره (3).
ثالثاً: الصلاة عقب الوضوء:
سنة مؤكدة في أي وقت من ليل أو نهار؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبلال عند صلاة الفجر: ((يا بلال
(1) شرح النووي على صحيح مسلم، 5/ 233، وانظر: نيل الأوطار للشوكاني، 2/ 260.
(2)
متفق عليه: البخاري، كتاب الصلاة، باب الصلاة إذا قدم من السفر، برقم 443، وكتاب العمرة، باب لا يطرق أهله إذا دخل المدينة، برقم 1801، ورقم 2097، ومسلم، كتاب صلاة المسافرين، باب استحباب ركعتين في المسجد لمن قدم من سفر أول قدومه، برقم 71 - (715).
(3)
شرح النووي على صحيح مسلم، 5/ 236، وانظر: فتح الباري، 1/ 537.
حدثني بأرجى عمل عملته في الإسلام؛ فإني سمعت دفَّ نعليك بين يديَّ في الجنة؟)) قال: ما عملت عملاً أرجى أني لم أتطهر طهوراً في ساعة ليل أو نهار إلا صليت بذلك الطهور ما كتب لي أن أصلي)) (1).
قال الإمام النووي رحمه الله: ((وفيه فضيلة الصلاة عقب الوضوء، وأنها سنة، وأنها تباح في أوقات النهي عند طلوع الشمس واستوائها، وغروبها، وبعد صلاة الصبح والعصر؛ لأنها ذات سبب)) (2)،وسمعت الإمام عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله يقول:((الحديث واضح في أن سنة الوضوء تصلى في أي وقت من ليل أو نهار)) (3)، ومما يؤكد هذه السنة العظيمة حديث عثمان رضي الله عنه أنه توضأ وضوءاً كاملاً ثم قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم توضأ نحو وضوئي هذا وقال: ((من توضأ نحو وضوئي هذا ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه، غفر الله له ما تقدم من ذنبه)) (4)، وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((ما من مسلم يتوضأ فيحسن وضوءه، ثم يقوم فيصلي ركعتين، مقبلٌ عليهما بقلبه ووجهه إلا وجبت له الجنة)) (5).
ومما يؤكد أن سنة الوضوء تُصلَّى في أي وقت، حديث بريدة رضي الله عنه قال: أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً فدعا بلالاً، فقال: ((يا بلال بمَ سبقتني إلى الجنة؟ ما دخلت الجنة قطُّ إلا سمعت خشخشتك أمامي، دخلت البارحة الجنة فسمعت خشخشتك أمامي
…
)) فقال بلال: يا رسول الله، ما أذَّنتُ قط إلا صليت ركعتين، وما أصابني حدث قط إلا توضأت
(1) متفق عليه: البخاري، كتاب التهجد، باب فضل الطهور بالليل والنهار وفضل الصلاة عند الطهور بالليل والنهار، برقم 1149،ومسلم، كتاب فضائل الصحابة باب: من فضائل بلال رضي الله عنه،برقم 2458.
(2)
شرح النووي على صحيح مسلم،15/ 246،وانظر فتح الباري لابن حجر،3/ 35.
(3)
سمعته منه أثناء تقريره على صحيح البخاري، الحديث رقم 1149.
(4)
متفق عليه: البخاري، كتاب الوضوء، باب المضمضة في الوضوء، برقم 164، ومسلم، كتاب الطهارة، باب وجوب الطهارة للصلاة، برقم 226.
(5)
مسلم، كتاب الطهارة، باب ذكر المستحب عقب الوضوء، برقم 234.