الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فإذا فعل المسلم ذلك حصل له الخشوع في صلاته بتوفيق الله تعالى.
السبب التاسع والأربعون: الاجتهاد في الدعاء في مواضعه في الصلاة:
الدعاء مناجاةٌ لله تعالى، فإذا اجتهد العبد في الدعاء، والتذلُّل لله فيه، والإلحاح، والطلب منه تعالى؛ فإن هذا مما يزيد العبد محبة لربّه، وخشوعاً، وتذلُّلاً، ورغبة فيما عنده، ورهبة من عذابه، والدعاء في الحقيقة عبادة عظيمة لله تعالى؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم:((الدعاء هو العبادة، قال ربّكم: ((ادعوني أستجب لكم)) (1)، وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:((من لم يسأل الله يغضب عليه)) (2).
وقد شرع الله تعالى الدعاء في الصلاة في مواضع ومواطن أثناء أداء المسلم للصلاة، ومن أعظم هذه المواضع:
الدعاء في السجود، فينبغي أن يجتهد المسلم في الدعاء في السجود؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم:((أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء)) (3)، وقوله صلى الله عليه وسلم: ((
…
وأما الركوع فعظموا فيه الربّ [عز وجل]، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن (4) أن يستجاب لكم)) (5).
فحرِيٌّ بالمسلم أن يجتهد في الدعاء في السجود، وقد شرع النبي
(1) أبو داود، كتاب الوتر، باب الدعاء، برقم 1481، والترمذي كتاب تفسير القرآن، باب ومن تفسير سورة البقرة، برقم 2959، وابن ماجه، كتاب الدعاء، باب فضل الدعاء، برقم 3828، وصححه الألباني في صحيح الجامع، 3/ 150، وفي صحيح ابن ماجه، 2/ 324.
(2)
الترمذي، كتاب الدعوات، باب من لم يسأل الله يغضب عليه، برقم 3373، وابن ماجه، كتاب الدعاء، باب فضل الدعاء، برقم 3827، وحسنه الألباني في صحيح الترمذي، 3/ 1283، وفي صحيح ابن ماجه، 2/ 1354.
(3)
مسلم، كتاب الصلاة، باب ما يقال والركوع والسجود، برقم 482.
(4)
قمنٌ: حقيقٌ وجديرٌ أن يستجاب لكم.
(5)
مسلم، كتاب الصلاة، باب النهي عن قراءة القرآن في الركوع والسجود، برقم 479.
- صلى الله عليه وسلم أدعية كثيرة للدعاء في السجود (1)،
وأذكار الركوع، والدعاء بها (2)،
وأذكار الرفع من الركوع، وبعد الاعتدال منه (3)،
وأذكار الجلسة بين السجدتين (4)،
والدعاء قبل السلام بعد التشهد الأخير (5).
فينبغي للمسلم أن يجتهد في ذلك، ويقتدي بالنبي صلى الله عليه وسلم في ذلك، ويدعو الله وهو موقن بالإجابة، ويجمع بين الخوف من الله تعالى ورجائه، مع المحبة لله تعالى.
قال العلامة ابن القيم رحمه الله: ((القلب في سيره إلى الله بمنزلة الطائر: فالمحبة رأسه، والخوف والرجاء جناحاه، فمتى سَلِمَ الرأس والجناحان فالطائرُ يطير جيداً، ومتى قطع الرأس مات الطائر، ومتى فُقِدَ الجناحان: فهو عرضة لكل صائد وكاسر، ولكن السلف استحبوا أن يقوّي في الصحة جناح الخوف، وعند الخروج من الدنيا يقوّي جناح الرجاء على جناح الخوف)).
وقال بعض السلف: ((أكمل الأحوال: اعتدال الرجاء والخوف، وغلبة الحب، فالمحبة هي المركب، والرجاء حادٍ، والخوف سائق، والله الموصل بمنّه وكرمه)) (6).
قال الله عز وجل: {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ
(1) انظر: أدعية كثيرة صحيحة في: الدعاء في السجود، في المبحث الثامن عشر: صفة الصلاة.
(2)
انظر: أدعية الركوع، في المبحث الثامن عشر: صفة الصلاة.
(3)
انظر: أدعية الرفع من الركوع، في المبحث الثامن عشر: صفة الصلاة.
(4)
انظر: أدعية الجلسة بين السجدتين، في المبحث الثامن عشر: صفة الصلاة.
(5)
انظر: الدعاء قبل السلام، في المبحث الثامن عشر: صفة الصلاة.
(6)
مدارج السالكين، لابن القيم، 1/ 517، وانظر: 1/ 520، من المرجع نفسه.