الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال الإمام ابن القيم رحمه الله: ((وفي قوله تعالى: {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبّكِ} (1) دليل على أنها لا ترجع إليه إلا إذا كانت مطمئنة، فهناك ترجع إليه، وتدخل في عباده، وتدخل جنته، وكان من دعاء بعض السلف:((اللهم هب لي نفسا مطمئنة إليك)) (2).
سادساً: حكم الخشوع في الصلاة
الخشوع في الصلاة واجب على الصحيح للأدلة الآتية:
1 -
قال الله تعالى: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ} (3).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ((وهذا يقتضي ذم غير الخاشعين
…
وإذا كان غير الخاشعين مذمومين دل ذلك على وجوب الخشوع
…
فثبت أن الخشوع واجب في الصلاة)) (4).
2 -
(1) سورة الفجر، الآيتان: 27 - 28.
(2)
مدارج السالكين، 2/ 514، والأثر لم أجده إلا في التفسير القيم لابن القيم، 1/ 491.
(3)
سورة البقرة، الآية:45.
(4)
مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، 22/ 553 - 554.
(5)
سورة المؤمنون، الآيات: 1 - 10.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ((وذلك يقتضي أنه لا يرثها غيرهم، وقد دلَّ هذا على وجوب هذه الخصال، إذ لو كان فيها ما يستحب لكانت جنة الفردوس تورث بدونها؛ لأن الجنة تنال بفعل الواجبات دون المستحبات؛ ولهذا لم يذكر في هذه الخصال إلا ما هو واجب، وإذا كان الخشوع في الصلاة واجباً، فالخشوع يتضمن السكينة، والتواضع جميعاً
…
ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في حال ركوعه: ((اللهم لك ركعتُ، وبك آمنتُ، ولك أسلمتُ، خشع لك سمعي وبصري، ومُخّي، وعظمي، وعصبي)) (1)، فوصف نفسه بالخشوع في حال الركوع؛ لأن الراكع ساكن متواضع
…
)) (2).
وقد جاء في تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} أقوال: فقيل: ((خائفون ساكنون))، وقيل:((الخشوع في القلب))، وقيل:((الخشوع: الرهبة لله))، وقيل:((الخشوع في القلب، وأن يلين كنفه للمرء المسلم، وأن لا تلتفت في صلاتك، والخوف، وغض البصر في الصلاة، وخفضه وسكونه ضد تقليبه في الجهات، ومن ذلك خشوع الصوت (3).
فإذا كان الخشوع في الصلاة واجباً، وهو متضمن للسكون والخشوع، فمن نقر نقر الغراب لم يخشع في سجوده، وكذلك من لم يرفع رأسه من الركوع ويستقر قبل أن ينخفض، لم يسكن؛ لأن السكون هو الطمأنينة بعينها، فمن لم يطمئن لم يسكن، ومن لم يسكن لم يخشع في ركوعه، ولا في سجوده، ومن لم يخشع كان آثماً عاصياً (4).
(1) مسلم، كتاب صلاة المسافرين، باب صلاة النبي صلى الله عليه وسلم، برقم 771.
(2)
فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، 22/ 554.
(3)
ذكر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى، 22/ 554 - 558.
(4)
انظر: مجموع فتاوى ابن تيمية، 22/ 558.
3 -
مما يدل على وجوب الخشوع في الصلاة: أن الله ينصرف عن من التفت فيها لغير حاجة؛ لحديث أبي ذر رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لَا يَزَالُ اللَّهُ مُقْبِلًا عَلَى الْعَبْدِ فِي صَلَاتِهِ، مَا لَمْ يَلْتَفِتْ، فَإِذَا الْتَفَتَ انْصَرَفَ عَنْهُ)) وهذا لفظ أبي داود، ولفظ النسائي وأحمد:((لَا يَزَالُ اللَّهُ مُقْبِلًا عَلَى الْعَبْدِ فِي صَلَاتِهِ، مَا لَمْ يَلْتَفِتْ، فَإِذَا صَرَفَ وَجْهَهُ انْصَرَفَ عَنْهُ)) (1).
4 -
ومما يدل على وجوب الخشوع أيضاً: حديث الحارث الأشعري رضي الله عنه الطويل عن النبي صلى الله عليه وسلم وفيه: ((
…
وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَكُمْ بِالصَّلَاةِ، فَإِذَا صَلَّيْتُمْ فَلَا تَلْتَفِتُوا؛ فَإِنَّ اللَّهَ يَنْصِبُ وَجْهَهُ لِوَجْهِ عَبْدِهِ فِي صَلَاتِهِ مَا لَمْ يَلْتَفِتْ .. )) هذا لفظ الترمذي، ولفظ أحمد: ((
…
وَآمُرُكُمْ بِالصَّلَاةِ؛ فَإِنَّ اللَّهَ عز وجل يَنْصِبُ وَجْهَهُ لِوَجْهِ عَبْدِهِ مَا لَمْ يَلْتَفِتْ، فَإِذَا صَلَّيْتُمْ فَلَا تَلْتَفِتُوا
…
)) (2).
5 -
ويدل على وجوب الخشوع، حديث جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((مَا لِي أَرَاكُمْ رَافِعِي أَيْدِيكُمْ كَأَنَّهَا أَذْنَابُ خَيْلٍ شُمْسٍ (3)، اسْكُنُوا فِي الصَّلَاةِ .. )) (4).
(1) أبو داود، كتاب الصلاة، باب الالتفات في الصلاة، برقم 909، والنسائي كتاب السهو، باب التشديد في الالتفات في الصلاة، برقم 1196، وأخرجه أيضاً في الكبرى، برقم 532، وأحمد في المسند، برقم 21508، وابن خزيمة، برقم 482، والحاكم، 1/ 236، والبيهقي، 2/ 282، وحسنة الألباني لغيره في صحيح الترغيب والترهيب، 1/ 360، برقم 554، وقال محققو مسند الإمام أحمد، 5/ 400، برقم 21508:((صحيح لغيره، وهذا إسناد محتمل للتحسين)).
(2)
الترمذي، كتاب الأدب، باب الأمثال، برقم 2863، وأحمد، 28/ 405، برقم 17170، و29/ 335، برقم 17800، وابن خزيمة في صحيحه، برقم 1895، وغيرهم، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي، 3/ 144، وصححه محققو المسند، 28/ 406.
(3)
شمس: جمع شموس، مثل: رسل ورسول، وهي التي لا تستقر، بل تضرب وتتحرك بأذنابها وأرجلها.
(4)
مسلم، كتاب الصلاة، باب الأمر بالسكون في الصلاة،
…
برقم 430.