الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خامساً: صلاة التوبة: سنة
؛ لحديث علي رضي الله عنه قال: كنت رجلاً إذا سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثاً نفعني الله منه بما شاء أن ينفعني، وإذا حدثني أحد من أصحابه استحلفته فإذا حلف لي صدقته، وحدثني أبو بكر، وصدق أبو بكر رضي الله عنه أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((ما من عبدٍ يذنب ذنباً فيحسن الطهور، ثم يقوم فيصلي ركعتين، ثم يستغفر الله إلا غفر الله له)) ثم قرأ هذه الآية: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ الله فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَاّ الله وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (1)} )) (2).
واختار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أنها تصلى حتى في وقت النهي؛ لأن التوبة واجبة على الفور، وهو مندوب إلى أن يصلي ركعتين (3).
سادساً: سجود تلاوة القرآن الكريم:
1 - فضل سجود التلاوة عظيم
؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد اعتزل الشيطان يبكي يقول: يا ويله [وفي رواية يا ويلي] أُمر ابن آدم بالسجود فسجد فله الجنة، وأُمرت بالسجود فأبيت فلي النار)) (4)، وهذا الحديث فيه الحث على سجود التلاوة
والترغيب فيه.
2 - سجود التلاوة سنة مؤكدة على الصحيح
(5) للتالي والمستمع؛
(1) سورة آل عمران، الآية:135.
(2)
أبو داود، كتاب الوتر، باب الاستغفار، برقم 1521، والترمذي، كتاب الصلاة، باب ما جاء في الصلاة عند التوبة، برقم 406،وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود، 1/ 283.
(3)
فتاوى شيخ الإسلام، 23/ 215.
(4)
مسلم، كتاب الإيمان، باب إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة، برقم 81.
(5)
اختلف العلماء في حكم سجود التلاوة: فذهب أبو حنيفة وأصحابه ومن وافقهم إلى أن سجود التلاوة واجب؛ لقول الله تعالى: {فَمَا لَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ، وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لا يَسْجُدُونَ} [سورة الانشقاق، الآيتان: 20، 21]، وقالوا: هذا ذم ولا يذم على ترك واجب؛ ولأنه سجود يفعل في الصلاة فكان واجباً كسجود الصلاة، واختار هذا القول شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى، 23/ 152 - 162 وقيل: هو رواية عن الإمام أحمد، انظر: الإنصاف مع المقنع والشرح الكبير، 4/ 210، وذهب الإمام أحمد، والإمام مالك، والإمام الشافعي، وهو قول عمر بن الخطاب وابنه عبد الله رضي الله عنهما إلى أن سجود التلاوة ليس بواجب بل سنة مؤكدة. انظر: شرح النووي على صحيح مسلم، 2/ 431، و5/ 78، والمغني لابن قدامة، 3/ 364. وسمعت الإمام عبد العزيز بن عبد الله ابن باز أثناء تقريره على بلوغ المرام، على الحديث رقم 362، يقول: ((
…
وهو سنة مؤكدة لفعله صلى الله عليه وسلم)).
لحديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قرأ النبي صلى الله عليه وسلم النجم بمكة فسجد بها فما بقي أحد من القوم إلا سجد، غير شيخ أخذ كفَّاً من حصى أو تراب ورفعه إلى جبهته [فسجد عليه] وقال يكفيني هذا، فرأيته بعد ذلك قُتِلَ كافراً [وهو أمية بن خلف]))، وفي رواية: ((أول سورة أنزلت فيها سجدة {وَالنَّجْمِ} ، فسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وسجد من خلفه
…
)) الحديث (1).
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ((سجد النبي صلى الله عليه وسلم[بالنجم]، وسجد معه المسلمون، والمشركون، والجن، والإنس)) (2).
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: ((كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ علينا السورة فيها السجدة فيسجد ونسجد معه، فنزدحم حتى ما يجد أحدنا لجبهته موضعاً يسجد عليه)) ولفظ مسلم: ((أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ القرآن، فيقرأ سورة فيها سجدة ونسجد معه
…
)) الحديث (3).
(1) متفق عليه: البخاري واللفظ له. كتاب سجود القرآن، باب ما جاء في سجود القرآن وسنتها، برقم 1067، وبرقم 1070، وفي كتاب مناقب الأنصار، باب ما لقي النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من المشركين بمكة، برقم 3853، والمغازي، باب قتل أبي جهل، برقم 3972، وكتاب التفسير سورة والنجم، باب {فَاسْجُدُوا لله وَاعْبُدُوا} ، برقم 4863، والألفاظ جمعت بينها من بعض هذه الروايات. وأخرجه مسلم، في كتاب المساجد، باب سجود التلاوة، برقم 576.
(2)
البخاري، كتاب سجود القرآن، باب ما جاء في سجود القرآن وسنتها، برقم 1071،وكتاب التفسير، سورة النجم، باب {فَاسْجُدُوا لله وَاعْبُدُوا} ، برقم 4862.
(3)
متفق عليه: البخاري، كتاب سجود القرآن، باب من سجد لسجود القارئ، برقم1075، وباب ازدحام الناس إذا قرأ الإمام السجدة، برقم 1076، وباب من لم يجد موضعاً للسجود مع الإمام مع الزحام، برقم 1079، ومسلم، كتاب المساجد، باب سجود التلاوة، برقم 575.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سجدنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في {إِذَا السَّمَاءُ انشَقَّتْ} ، و {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبّكَ} (1).
وهذه الأحاديث تدل على أهمية سجود التلاوة ومشروعيته المؤكدة وعناية النبي صلى الله عليه وسلم به، ولكن دلت الأدلة الأخرى على عدم الوجوب، فقد ثبت أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قرأ يوم الجمعة على المنبر بسورة النحل حتى إذا جاء السجدة نزل فسجد وسجد الناس، حتى إذا كانت الجمعة القابلة قرأ بها حتى إذا جاء السجدة قال:((يا أيها الناس إنما نمر بالسجود فمن سجد فقد أصاب، ومن لم يسجد فلا إثم عليه)) ولم يسجد عمر رضي الله عنه وفي لفظ: ((إن الله لم يفرض علينا السجود إلا أن نشاء)) (2).
ومن أوضح الأدلة على أن سجود التلاوة سنة مؤكدة وليس بواجب حديث زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: ((قرأت على النبي صلى الله عليه وسلم {وَالنَّجْمِ} فلم يسجد فيها)) (3).
ورجّح الإمام النووي والحافظ ابن حجر، وابن قدامة رحمهم الله أن حديث زيد بن ثابت هذا محمول على بيان جواز عدم السجود، وأنه سنة مؤكدة وليس بواجب؛ لأنه لو كان واجباً لأمره بالسجود ولو بعد ذلك (4)، وقال الحافظ ابن حجر: ((وأقوى الأدلة على نفي الوجوب
حديث عمر المذكور في هذا الباب)) (5)، وتعقبه الإمام عبد العزيز ابن باز رحمه الله -فبين ((أن أقوى منه وأوضح في الدلالة على عدم وجوب سجود التلاوة: قراءة زيد بن ثابت على النبي صلى الله عليه وسلم سورة النجم فلم يسجد
(1) مسلم، كتاب المساجد، باب سجود التلاوة، برقم 108 - (578).
(2)
البخاري، كتاب سجود القرآن، باب من رأى أن الله عز وجل لم يوجب السجود، برقم 1077.
(3)
متفق عليه: البخاري، كتاب سجود القرآن، باب من قرأ السجدة ولم يسجد، برقم 1072، 1073 ومسلم، كتاب المساجد، باب سجود التلاوة، برقم 577.
(4)
انظر: شرح النووي على صحيح مسلم، 5/ 81، والمغني لابن قدامة، 2/ 365، وفتح الباري لابن حجر، 2/ 555.
(5)
فتح الباري، 2/ 558.