الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
132 -
حكم عودة الناس إلى بيت الميت بعد دفنه وقراءة القرآن فيه
س: الأخ / ح. ع. من أوجلة في ليبيا يسأل ويقول: بعد دفن أي ميت في بلدتنا ورجوع أهل الميت إلى المنزل يصحبهم الكثير من أهالي البلدة فيجتمع القراء في بيت المتوفى، ويقرؤون القرآن بطريقة تقسيم القرآن إلى أجزاء ويتلونه معا في ساعة واحدة، كل يقرأ جزءا أو اثنين، ثم يتناولون طعام الصدقة الذي تم إعداده، وهو عبارة عن عدة رؤوس من الأغنام تم ذبحها قبل دفن الميت، يتم هذا في اليوم الأول والثاني والثالث، فهل يصل ثواب القراءة والصدقة على هذا النحو للميت؟ مع العلم أن الذين حضروا وأكلوا من طعام الصدقة ليسوا من المحتاجين، أفتونا جزاكم الله عنا وعن المسلمين خير الجزاء (1)
ج: هذا العمل لا أعلم له أصلا في الشرع، وهو من البدع التي أحدثها الناس، فليس من عادة النبي صلى الله عليه وسلم ولا من عادة أصحابه الرجوع إلى بيت المتوفى، أو غيره بعد الدفن ليجتمعوا على الطعام، وعلى قراءة القرآن، ليس هذا من سنة المسلمين فيما نعلم، أما لو كان ذلك من غير قاعدة ومن غير اتباع معين، بل صدفة بأن دعاهم بعدما رجعوا من الدفن، دعاهم بعض إخوانهم، وقدم لهم طعاما، أو قرأ أحدهم بعض
(1) السؤال الخامس من الشريط رقم (135).
القراءة من غير أن تكون عادة مستمرة، ولا سنة قائمة، بل عارض لعارض هذا لا يضر، رجعوا دعوا إخوانهم، تفضلوا عندي، وأطعمهم ما تيسر، أو قرأ أحدهم بعض القراءة لأنفسهم هذا لا بأس به، أما أن يتخذوا هذا عادة بعدما يرجعون إلى محل الميت أو إلى محل فلان أو فلان قاعدة؟ ليقرؤوا القرآن ويثوبوه، ويأكلوا مما أعد قبل الموت هذا لا أصل له، بل هو من البدع، فالرسول عليه الصلاة والسلام قال:«من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (1)» متفق على صحته، وقال عليه الصلاة والسلام:«من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (2)» أخرجه مسلم في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها، وقال أيضا عليه الصلاة والسلام:«إياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة (3)» وكان يقول في خطبة الجمعة عليه الصلاة والسلام: «أما بعد، فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة (4)» رواه مسلم في الصحيح. زاد النسائي
(1) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور فالصلح مردود، برقم (2697)، ومسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم (1718).
(2)
أخرجه مسلم في كتاب الأقضية باب نقض الأحكام الباطلة، ورد محدثات الأمور، برقم (1718).
(3)
أخرجه أبو داود في كتاب السنة، باب في لزوم السنة، برقم (4607) والترمذي في كتاب العلم، باب ما جاء في الأخذ بالسنة واجتناب البدع، برقم (2676)، وابن ماجه كتاب المقدمة، باب اجتناب البدع والجدل، برقم (46).
(4)
أخرجه مسلم في كتاب الجمعة، باب تخفيف الصلاة والخطبة، برقم (867).
بإسناد جيد: «وكل ضلالة في النار (1)» فنصيحتي لإخواني هؤلاء ألا يفعلوا هذا، وإذا فرغوا من دفن الميت كل يذهب إلى أهله وإلى رحله، ويدعو لميتهم، أما قراءة القرآن للميت فليس لها أصل، وإن قال في ذلك جمع من أهل العلم، وقالوا: لا بأس، لكن ليس له أصل معروف عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا عن الصحابة، وقد قال الله عز وجل:{فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} (2)، وقال سبحانه:{وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ} (3) وبالنظر في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم لا نعلم ما يدل على ذلك، لأن الرد إليهما واجب، فليس من هدي النبي صلى الله عليه وسلم، وليس من هدي أصحابه، ثم فيه تكليف لمن يبذل هذه الأموال سواء كان أهل الميت أو غيرهم. وشرع لم يأذن به الله، والله يقول سبحانه:{أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} (4) فالواجب ترك هذه العادة والاشتغال بما ينفع من الدعاء للميت في الطريق وفي البيت، الدعاء له والترحم عليه، وإذا أحب أحد بأن يتصدق عنه من غير إلزام
(1) أخرجه النسائي في المجتبى في كتاب صلاة العيدين، باب كيف الخطبة، برقم (1578).
(2)
سورة النساء الآية 59
(3)
سورة الشورى الآية 10
(4)
سورة الشورى الآية 21