الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بالقول الثابت بعد الفراغ من دفنه، اللهم أدخله الجنة، وأنجه من النار، لا بأس بذلك كله طيب لأن الرسول عليه الصلاة والسلام قال:«استغفروا لأخيكم وسلوا له التثبيت (1)» فإذا سأل له المغفرة والثبات فهذا طيب أما رفع الأصوات مع الجنازة عند الدفن على طريقة خاصة، وقول لا إله إلا الله، محمد رسول الله، كل هذا ما له أصل.
(1) أخرجه أبو داود في كتاب الجنائز باب الاستغفار عند القبر للميت في وقت الانصراف برقم (3221).
50 -
حكم تلقين الميت بعد دفنه في قبره
س: توجد عندنا عادات قديمة، ولا يزال الكثيرون يتبعون هذه العادات، وهي: الاستغفار والتهليل بالرنة والترانيم عند حمل الميت بما يسمون ذلك التشهودة، كما يقومون بتلاوة القرآن أثناء دفن الميت والأذان عليه، وعند الفراغ من دفنه يقوم أحدهم عند رأسه، ويقول له مخاطبا للميت: إذا جاءك كذا قل: كذا. ما رأيكم في ذلك؟ أثابكم الله (1)
ج: كل هذه بدع لا أصل لها، فالسنة مع الجنازة التفكير وخفض الصوت، وتأمل مصير الميت ماذا يقال له؟ وماذا يجيب به؟ وتذكر هذا الأمر العظيم لأنك صائر إلى ما صار إليه، فينبغي للمؤمن أن يستشعر
(1) السؤال العاشر من الشريط رقم (75).
هذا الأمر العظيم، وكان السلف رضي الله عنهم يخفضون أصواتهم، ولا يتكلمون برفع الصوت في مثل هذه الحال مع الجنائز، بل يخفضون أصواتهم، ولا يتكلمون إلا بالتفكير والموعظة، وتذكير الناس بالخير، ودعوتهم إلى الخير، أما: وحدوه، لا إله إلا الله، وسبحان الله، بأصوات مرتفعة فهذا غير مشروع، بل هذا بين الإنسان وبين نفسه، كذلك الأذان عند القبر أو يقيم عند القبر أو في نفس القبر هذه بدعة أيضا، أو يقرأ فيه القرآن، هذا بدعة لا أصل لذلك؛ لا في نفس القبر ولا عند القبر، كل هذا من البدع، والمقابر ليست مثل المساجد، يقول صلى الله عليه وسلم:«اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم، ولا تتخذوها قبورا (1)» ؛ لأن القبور لا يصلى عندها، ولا يقرأ عندها، ليست مثل المساجد، كذلك التلقين، كونه يقف عند رأسه بعد الدفن يقول: قل كذا، قل كذا، وإذا سألك الملك عن كذا فقل كذا، يسمونه التلقين، ويقولون: اذكر ما خرجت عليه من الدنيا؛ أنك تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وأنك ترضى بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد نبيا، وبالقرآن إماما
…
إلى غير ذلك مما يقولون، هذا لا أصل له، فقد جاء في أخبار موضوعة عن النبي
(1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب كراهية الصلاة في المقابر، برقم (432)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة النافلة في بيته وجوازها في المسجد، برقم (777).
صلى الله عليه وسلم لا أصل لها، فعله بعض أهل الشام، كما ذكره جماعة، وليس فعلهم بحجة، ولا غيرهم من الناس، الحجة فيما قاله الله ورسوله، وفيما أجمع عليه الصحابة، أما قول بعض الناس من المتأخرين والتابعين وأتباع التابعين إذا اختار شيئا، أو رأى شيئا - لا يكون حجة على الناس، ولا يكون دينا، الدين ما شرعه الله ورسوله وما أمر الله به ورسوله.
س: في ريفنا اليمني يقوم المشيعون للجنازة بترديد بعض الأذكار جماعات جماعات وبأصوات مرتفعة، وهذه الأذكار هي: الله يا الله، لا إله إلا الله، محمد رسول الله، الله يا الله، فهل هذا جائز شرعا؟ وما كلمتكم للمشعين في مثل هذا الموقف؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: هذه الألفاظ من البدع، فلا يجوز للمشعين أن يرفعوا أصواتهم بهذا الكلام: لا إله إلا الله، أو الله، الله. أو يا الله، يا الله، بل المشروع للمشيع أن يستحضر أمر الموت، وما يسأل عنه الميت، وخطر القبر، تكون على باله هذه الأمور، حتى يستعد لهذا الأمر، وحتى يحذر من ركونه إلى الدنيا، واشتغاله بها عن الآخرة، قال قيس بن عبادة التابعي المشهور: كان السلف رضي الله عنهم إذا كانوا مع الجنائز صمتوا (2) مشتغلين بالتفكير فيما للميت، وما أمامه من الأهوال والعجائب؛ لأن القبر إما
(1) السؤال السادس من الشريط رقم (142).
(2)
انظر: كتاب الزهد لابن المبارك، باب التفكر في اتباع الجنائز (ج1 ص 83).
روضة من رياض الجنة، وإما حفرة من حفر النار، فالواجب على المشيعين أن يتذكروا هذا المقام، وأن يكون على بالهم، أما رفع أصواتهم بشيء من الذكر، أو الدعاء جماعيا أو فرادى كل ذلك لا يجوز، وليس هذا من هدي السلف الصالح، بل من هديهم السكوت عند الجنائز، والإنصات وخفض الأصوات والتفكير في مآل الميت وما يكون له في القبر وما ينزل به، ويعد الإنسان لهذا عدته؛ لأنه صائر له ما صار لهذا الميت فيكون على باله، هذا هو المشروع في هذه المسألة، فينبغي توجيه هؤلاء إلى الخير، وأن يخفضوا أصواتهم، وأن يفكروا في مآل الميت وما ينزل به حين يوضع في قبره، وسؤاله وماذا يجيب به
…
إلى غير هذا من الأمور العظيمة التي كل إنسان سيمر بها، والله المستعان.
س: إذا مات الشخص عندنا لا يصلون عليه صلاة الجنازة إلا في المقبرة، فهل هذا جائز؟ وإذا أردنا دفنه صاح الجميع بصوت مرتفع: لا إله إلا الله طوال فترة الدفن، وإذا أراد أحد أن يساعد أخاه في عملية الدفن طلب من المجرفة بقوله: وحد الله، ثم بعد الفراغ من الدفن يقف الملقن على قبر الميت، فيقول كلاما بليغا يخاطب فيه الميت، قد يؤثر في السامعين لما فيه من عبارات التذكير بعذاب القبر ونعيمه، فما الحكم في كل هذا؟ أفيدونا أثابكم الله (1)
(1) السؤال الثالث من الشريط رقم (143).
ج: أما الصلاة على الميت في المقبرة فلا بأس بها، قد صلى النبي صلى الله عليه وسلم على صاحب قبر بعدما دفن، لكن الأفضل أن يصلى عليه في المصلى المعد للجنازة، أو المساجد حتى يصلي عليه جمع غفير من الناس، وأفضل لأهله أن يقدموه للمسلمين يصلون عليه في المساجد، أو في المصلى المعد للجنائز إذا كان هناك مصلى معد، فإن لم يتيسر ذلك، وصلي عليه في المقبرة فلا حرج، أما رفع الصوت بـ: لا إله إلا الله عند الدفن وعند الحفر، أو عند السير بالجنازة هذا لا أصل له، بل المشروع أن الإنسان ينظر ويفكر في عاقبة الموت وما بعد الموت، ويحاسب نفسه، ولا يرفع صوته بذكر الله ولا بغير ذلك مع الجنازة، ولا عند الدفن، ولا عند الحفر، أما كون الإنسان يتكلم بشيء عادي حال سيره مع الجنازة بينه وبين نفسه؛ من دعاء أو ذكر لله، أو في المقبرة أو غير ذلك فلا بأس، أما شيء يتعمد بصوت عال: وحدوه، أو: لا إله إلا الله بصوت جماعي، أو عند الدفن هذا شيء لا أصل له، وكان من عادة السلف رحمة الله عليهم غض الصوت عند الجنائز، والتفكير في أحوال الميت، وما يقال له وما يقول هذا هو الذي ينبغي للمؤمن، فيفكر عند اتباعه للجنازة، وعند حضوره إلى القبور، وعند حضوره للدفن، يفكر في هذه الأمور العظيمة وماذا يقال للميت؟ وماذا يقول؟ وهل يجيب، أو ما يجيب؟ يكون عنده تفكير طويل حتى ينتفع بذلك، ولا مانع من الدعاء