الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أمرنا؟ فقال عليه الصلاة والسلام: «اعملوا، فكل ميسر لما خلق له، أما أهل السعادة فييسرون لعمل أهل السعادة، وأما أهل الشقاوة فييسرون لعمل أهل الشقاوة - ثم تلا قوله سبحانه: (7)» المقصود أنه صلى الله عليه وسلم ذكرهم، وتلا عليهم بعض الأحاديث عليه الصلاة والسلام، فإذا تيسر تذكير الحاضرين ووعظهم فلا بأس بذلك، وهو حسن إن شاء الله.
(1) أخرجه البخاري في كتاب تفسير القرآن، باب (فسنيسره للعسرى)، برقم (4949)، ومسلم في كتاب القدر، باب كيفية خلق الآدمي في بطن أمه وكتابة رزقه وأجله وعمله وشقاوته وسعادته، برقم (2647)، واللفظ لمسلم، والآيات في سورة الليل (5 - 10).
(2)
سورة الليل الآية 5 (1){فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى}
(3)
سورة الليل الآية 6 (2){وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى}
(4)
سورة الليل الآية 7 (3){فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى}
(5)
سورة الليل الآية 8 (4){وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى}
(6)
سورة الليل الآية 9 (5){وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى}
(7)
سورة الليل الآية 10 (6){فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى}
98 -
مسألة في
حكم تلقين الميت بعد دفنه
س: من سلطنة عمان بعث السائل رسالة ضمنها ثماني قضايا، في إحداها يقول: نعيش ظاهرة غريبة بعد دفن الميت، وهي ظاهرة تلقين الميت بعد أن يدفن، حيث يقوم الخطيب أو الإمام بقراءة بعض من آيات الذكر الحكيم، ثم يتلوها بوصية للميت، ومن بين الكلام الذي يخطب به للميت يقول: يا عبد الله، لا تنس العهد الذي بيننا وبينك الذي كنت عليه: إن دينك الإسلام، ونبيك محمد
صلى الله عليه وسلم، ولا تجزع من الملكين، فهما عباد الله
…
، إلى آخر مثل ذلك القول. والسؤال: هل ذلك ورد عنه صلى الله عليه وسلم أو عن صحابته؟ أرجو من سماحتكم توضيح ذلك، مع ذكر الدليل من السنة إن ورد شيء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. جزاكم الله خيرا (1)
ج: الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فالتلقين للميت بعد الدفن لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه رضي الله عنهم، وإنما ورد فيه حديث موضوع رواه الطبراني من حديث أبي أمامة الباهلي، وهو ليس بثابت وليس بصحيح، بل هو موضوع، ويروى عن جماعة من أهل الشام غير ذلك، والصواب أنه بدعة لا يشرع، والميت على ما مات عليه، وإنما التلقين قبل خروج الروح، يقول النبي صلى الله عليه وسلم:«لقنوا موتاكم: لا إله إلا الله (2)» وللمحتضر أن يقلن قبل أن يموت هذه الكلمة العظيمة، وهي: لا إله إلا الله، وأنه صلى الله عليه وسلم قال:«من كان آخر كلامه: لا إله إلا الله دخل الجنة (3)» فإذا قالها عن صدق وعن
(1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (305).
(2)
أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب تلقين الموتى لا إله إلا الله، برقم (917).
(3)
أخرجه أبو داود في كتاب الجنائز، باب في التلقين، برقم (3116).
إخلاص وإيمان بما دلت عليه من توحيد الله، والإخلاص له والبراءة من الشرك وأهله، فإن الله جل وعلا يجعل أولئك من أسباب نجاته وسعادته إذا لم يكن مصرا على شيء من الكبائر، وإلا فهو تحت مشيئة الله، فمن مات على المعاصي فهو تحت مشيئة الله، إن شاء غفر له وإن شاء عذبه على قدر المعاصي التي مات عليها، ثم بعد تطهير النار يخرجه الله من النار إلى الجنة، إذا كان مات على التوحيد، عند أهل السنة والجماعة، هذا هو الحق، خلافا للمعتزلة ومن سار على نهجهم، وخلافا للخوارج فإنهم يقولون: إن العاصي مخلد في النار، والخوارج تكفره بذلك، والذي عليه أهل السنة والجماعة، وهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأتباعهم بإحسان. يرون: أن من مات على التوحيد وعنده معاص لا يدخل النار، ولا يخلد في النار إن دخل النار، بل هو تحت مشيئة الله، إن شاء الله جل وعلا غفر له وعفا عنه بتوحيده وإيمانه وأعماله الصالحة، وإن شاء عذبه على قدر المعاصي التي مات عليها من الكبائر، كالزنى أو السرقة أو عقوق الوالدين أو قطيعة الرحم أو أكل الربا، أو نحو ذلك من الكبائر، لقول الله عز وجل في كتابه العظيم في آيتين من سورة النساء، يقول سبحانه:{إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} (1)، فأخبر سبحانه أنه لا يغفر لمن مات على الشرك، وأنه يغفر
(1) سورة النساء الآية 48
ما دون ذلك من غير الشرك لمن يشاء، فدل ذلك على أنه ليس بكافر، فالعاصي الذي مات على شيء من الكبائر ليس بكافر إذا مات موحدا مؤمنا فإذا مات على ما كان من الزنى، أو عقوق الوالدين أو أحدهما، أو أكل الربا، ولم يكف ولم يستحل ذلك فهو تحت مشيئة الله، وهكذا صاحب الغيبة والنميمة، وما أشبه ذلك من المعاصي فهو تحت مشيئة الله عند أهل الحق، عند أهل السنة والجماعة، خلافا للخوارج والمعتزلة ومن سار على نهجهم في الآية الكريمة، ولأنه ثبت بالتواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه يشفع يوم القيامة فيمن دخل النار من أهل التوحيد، فيحد الله له حدا يخرجه من النار، ثم يشفع ثم يشفع ثم يشفع، كلما شفع حد الله له حدا فأخرجه من النار، وهكذا يشفع النبيون والملائكة والمؤمنون والأفراط، ويبقى بقية من أهل التوحيد في النار، يخرجهم الله سبحانه من النار بفضله ورحمته جل وعلا بعدما يرى تعذيبهم فيها المدة التي يراها الله سبحانه وتعالى، هذا هو الحق الذي لا ريب فيه، وهو الذي عليه أهل السنة والجماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم.
أما التلقين بعد الدفن فهو بدعة، كأن يقف عند القبر ويقول: اذكر كذا، اذكر كذا، فهذا لا أصل له في الشرع، وإنما هو قول لبعض العلماء، ولم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه رضي الله عنهم وأرضاهم.
س: أود لو تعطوني فكرة عن التلقينة، هل هي صحيحة، أم بدعة، تلقينة الميت عند نزوله في القبر؟ ج: التلقين اختلف فيه العلماء، وهو أن يقال له: يا فلان، اذكر ما خرجت به من الدنيا، شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله
…
، إلى آخره، وجاء في بعض الأحاديث لكنها غير صحيحة، جاء في بعض الآثار عن بعض أهل الشام، والصواب أن التلقين بدعة، لا يقال له: يا فلان، اذكر ما خرجت به من الدنيا، شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وأنك رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا، وبمحمد رسولا، وبالقرآن إماما، هذا ليس له أصل يعتمد عليه، فالذي ينبغي تركه هذا هو المعتمد لعدم الدليل، ولكن يستحب إذا فرغ الناس من دفن الميت، يستحب الوقوف عليه والدعاء له بالمغفرة والثبات، هذا المشروع إذا فرغ الناس من دفن الميت يوقف عليه ويدعى له بالمغفرة والثبات، هكذا جاءت السنة، كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من الدفن وقف عليه، وقال:«استغفروا لأخيكم، واسألوا له التثبيت فإنه الآن يسأل (1)» هذا هو السنة، وهذا هو الواجب العمل به.
(1) أخرجه أبو داود في كتاب الجنائز باب الاستغفار عند القبر للميت في وقت الانصراف برقم (3221).
س: يعتقد البعض أن الميت يلقن الحجة، وهي أن يقال له بعد ذهاب الناس بعد الدفن، ينادى باسمه منسوبا إلى أمه عند سؤال الملكين:
قل كذا وكذا، هل هذا وارد في السنة؟ (1)
ج: هذا ورد فيه أحاديث ضعيفة، بل موضوعة، وورد عن بعض السلف لكنه قول ضعيف غير صحيح بل بدعة، ولا يشرع أن يلقن، يروى عن جماعة من أهل الشام من العلماء، لكنه قول ضعيف، وهذه المسائل لا تقال بالرأي ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لقن أو أمر بالتلقين، بل الأحاديث فيه موضوعة غير صحيحة، والمشروع ألا يلقن بل إذا فرغ الناس من دفنه دعوا له بالثبات والمغفرة فقط، كما كان النبي يفعل صلى الله عليه وسلم، كان إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه، وقال:«استغفروا لأخيكم، واسألوا له التثبيت فإنه الآن يسأل (2)» وما كان يلقنه بالقول: اذكر ما خرجت به من الدنيا أنك تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وأنك رضيت بالله ربا وبالإسلام دينان وبمحمد رسولا، وبالقرآن إماما. ما كان يفعل هذا عليه الصلاة والسلام، المقصود أنه ما كان يلقن الميت، وما كان أصحابه يلقنونه، وإنما كان يدعو له إذا فرغ من دفنه قال:«استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت فإنه الآن يسأل (3)» هكذا السنة، يقول: اللهم اغفر لفلان، اللهم اغفر
(1) السؤال الواحد والثلاثون من الشريط رقم (223).
(2)
أخرجه أبو داود في كتاب الجنائز باب الاستغفار عند القبر للميت في وقت الانصراف برقم (3221).
(3)
أخرجه أبو داود في كتاب الجنائز باب الاستغفار عند القبر للميت في وقت الانصراف برقم (3221).