الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صلى الله عليه وسلم: «أنا بريء من الصالقة والحالقة والشاقة (1)» والصالقة: هي التي ترفع صوتها عند المصيبة، والحالقة: التي تحلق شعرها عند المصيبة أو تنتفه، والشاقة: تشق ثوبها عند المصيبة. كل هذا منكر لا يجوز، وكذلك يقول صلى الله عليه وسلم:«أربع في أمتي من أمور الجاهلية لا يتركونهن: الفخر بالأحساب، والطعن بالأنساب، والاستسقاء بالنجوم، والنياحة (2)» فالنياحة من عمل الجاهلية، وقال:«النائحة إذا لم تتب قبل موتها تقام يوم القيامة - يعني من قبرها - وعليها سربال من قطران ودرع من جرب (3)» (4) ولما بايع النساء صلى الله عليه وسلم أخذ عليهن ألا ينحن، وقال عليه الصلاة والسلام:«الميت يعذب في قبره بما نيح عليه (5)» فالنياحة ورفع الصوت والصياح، لا تجوز.
(1) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب ما ينهى عن الحلق عند المصيبة، برقم (1296) ومسلم في كتاب الإيمان، باب تحريم ضرب الخدود وشق الجيوب برقم (104).
(2)
صحيح مسلم الجنائز (934)، مسند أحمد بن حنبل (5/ 343).
(3)
رواه مسلم في (الجنائز) باب التشديد في النياحة برقم (934).
(4)
أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب التشديد في النياحة، برقم (934).
(5)
أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب ما يكره من النياحة على الميت، برقم (1292) ومسلم في كتاب الجنائز، باب الميت يعذب ببكاء أهله عليه برقم (927).
265 -
بيان
الفرق بين البكاء المشروع والممنوع
س: ما حكم البكاء على الميت بعد موته دون شق الجيوب أو التلفظ بالمحرمات، ولكن بكاء الحزن والخشوع، هل يعذب هذا الميت
بهذا البكاء في قبره (1)؟
ج: البكاء الممنوع هو النياحة ورفع الصوت، وشق الثوب، ولطم الخد، هذا هو الممنوع، يقول النبي صلى الله عليه وسلم:«ليس منا من لطم الخدود، أو شق الجيوب، أو دعا بدعوى الجاهلية (2)» ويقول صلى الله عليه وسلم: «أنا بريء من الصالقة والحالقة والشاقة (3)» الصالقة: التي ترفع صوتها عند المصيبة، والشاقة: التي تشق ثوبها عند المصيبة، والحالقة: التي تحلق شعرها عند المصيبة أو تنتفه. هذا هو الممنوع، أما دمع العين والبكاء بدمع العين فهذا ليس فيه بأس، يقول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح لما مات ابنه إبراهيم:«العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضي الرب، وإنا لفراقك يا إبراهيم لمحزنون (4)» ويقول صلى الله عليه وسلم: «إن الله لا يعذب بدمع العين ولا بحزن القلب، وإنما يعذب بهذا أو يرحم (5)» وأشار إلى لسانه عليه الصلاة والسلام. فالمحرم هو رفع الصوت باللسان وهو النياحة، أما البكاء العادي من دون رفع الصوت فلا بأس به.
(1) السؤال الثاني من الشريط رقم (378).
(2)
أخرجه البخاري في كتاب الجنائز باب ليس منا من شق الجيوب برقم (1293).
(3)
أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب ما ينهى عن الحلق عند المصيبة، برقم (1296) ومسلم في كتاب الإيمان، باب تحريم ضرب الخدود وشق الجيوب برقم (104).
(4)
أخرجه البخاري في كتاب الجنائز باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: إنا بك لمحزنون، برقم (1303)، ومسلم في كتاب الفضائل، باب رحمته صلى الله عليه وسلم الصبيان والعيال، برقم (2315).
(5)
أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب البكاء عند المريض، برقم (1304) ومسلم في كتاب الجنائز، باب البكاء على الميت، برقم (924).
س: هذا السائل يقول: سماحة الشيخ، أنا لدي بنت عمرها ست سنوات وكنت أحبها وأغليها، وقد توفاها الله في العام الماضي، وما زلت أبكي عليها وأندب، وخيالها معي ليلا ونهارا، فما حكم بكائي عليها حيث إنني متعلق بها يا سماحة الشيخ (1)؟
ج: الواجب عليك الصبر، وسؤال الله أن يعوضك خيرا منها، الله جل وعلا قال:{إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} (2)، قال جل وعلا:{وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} (3){الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} (4){أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} (5)، ويقول صلى الله عليه وسلم:«ما من عبد يصاب بمصيبة فيقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيرا منها، إلا آجره الله في مصيبته، وأخلف له خيرا منها (6)» ولما مات أبو سلمة رضي الله عنه أمر النبي صلى الله عليه وسلم أم سلمة رضي الله عنها بالصبر والاحتساب، وقال:«اللهم اغفر لأبي سلمة، وارفع درجته في المهديين، وافسح له في قبره ونور له فيه (7)» وأمرهم بالصبر والاحتساب، فالمؤمن يصبر ويحتسب،
(1) السؤال الرابع والأربعون من الشريط رقم (429).
(2)
سورة الزمر الآية 10
(3)
سورة البقرة الآية 155
(4)
سورة البقرة الآية 156
(5)
سورة البقرة الآية 157
(6)
أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب ما يقال عند المصيبة برقم (918).
(7)
أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب في إغماض الميت والدعاء له إذا حضر، برقم (920).
أما البكاء بدمع العين فقط لا يضر، أما بصوت فلا يجوز، والنياحة لا تجوز.
س: الأخت أ. هـ. من العراق تسأل وتقول: إنني أصوم وأصلي وأقرأ القرآن، وعندي إيمان قوي بالله، ولكني عندما أتذكر زوجي وابنتي التي تسأل عن أبيها أبكي بكاء بشدة، وقد أخبرتكم أن زوجي قتل في الحرب، أذهب إلى قبره، هل هذا حرام على المرأة أن تزور القبور؟ علما بأنني عندما أذهب إلى قبره أرتاح وأكف عن البكاء، هل الموتى يرون الأحياء كما يقال؟ وجهوني حول هذه القضايا، جزاكم الله خيرا (1)
ج: أسأل الله لك الثبات على الحق، قد سرني كثيرا ما ذكرت من استقامتك على طاعة الله، وأبشري بالخير، وعليك بالثبات على الحق، والاستقامة على توحيد الله والإخلاص له، والمحافظة على الصلاة في أوقاتها، وصوم رمضان، وأداء الزكاة، وغير هذا مما أوجب الله عليك مع الحفاظ على الحجاب والبعد عن أسباب الفتنة، أما زيارة قبر زوجك وزيارة القبور فالصواب أنها لا تشرع للنساء، بل تنهى عنها النساء، وإنما تشرع للرجال؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:«زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة (2)» ولعن
(1) السؤال التاسع من الشريط رقم (200).
(2)
أخرجه ابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في زيارة القبور، برقم (1569).
زائرات القبور عليه الصلاة والسلام من النساء، فالواجب عدم الذهاب إلى القبور، وادعي له كثيرا في بيتك، وأحسني إليه بالدعاء والصدقة عنه، وأما زيارة قبره فلا حاجة إلى ذلك، والنياحة على الميت من الكبائر، وتضره أيضا، أما دمع العين فلا يضر، دمع العين بدون صوت لا بأس عند التذكر، تدمع العين فلا بأس، النبي صلى الله عليه وسلم لما مات ابنه إبراهيم دمعت عينه، وقال:«العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضي الرب، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزنون (1)» فنوصيك بالصبر الجميل، والدعاء له بالمغفرة والرحمة إذا كان مات على خير وعلى صلاة وعلى صلاح، فالحمد لله، احمدي الله أنه مات على الإسلام، وعلى المحافظة على الصلاة، ولا تجزعي، بل سلي الله له العفو والمغفرة والرحمة، وأحسني التربية لابنته وأبشري بالخير العظيم، والثواب الجزيل، والصدقة كذلك تنفعه من مالك، أما إذا كان لا يصلي فلا، أما إذا كان لا يصلي فإنها لا تدعو له، ولا تتصدق عنه؛ لأن الذي يترك الصلاة فإنه كافر في أصح قولي العلماء ولو أقر بالوجوب؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:«العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (2)» وقوله صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك
(1) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: إنا بك لمحزنون، برقم (1303)، ومسلم في كتاب الفضائل، باب رحمته صلى الله عليه وسلم الصبيان والعيال، برقم (2315).
(2)
أخرجه أحمد في مسنده من حديث بريدة الأسلمي، رضي الله عنه برقم (22428).
الصلاة (1)» فالأمر خطير وعظيم ولا حول ولا قوة إلا بالله، وعليك أنت أيتها السائلة الحرص على أداء الصلاة، والمحافظة عليها، وسؤال الله الثبات، والتوبة عما سلف من التساهل مع زوجك.
(1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان باب إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة برقم (82).
س: تقول هذه السائلة: يا سماحة الشيخ، أنا من القصيم، وأم، هل الحزن على الطفل الذي يموت وظهور الدموع عليه فيه إثم؟
ج: لا بأس، الحزن ودمع العين لا بأس به، لما مات إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم قال النبي صلى الله عليه وسلم:«العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضي الرب، وإنا على فراقك يا إبراهيم لمحزنون (1)» فدمع العين وحزن القلب لا يضر على الصغير، وعلى الكبير، إنما الممنوع رفع الصوت، والصياح، وشق الثوب، ولطم الخد، هذا الممنوع، يقول صلى الله عليه وسلم:«ليس منا من ضرب الخدود، أو شق الجيوب، أو دعا بدعوى الجاهلية (2)» ويقول صلى الله عليه وسلم: «أنا بريء من الصالقة والحالقة والشاقة (3)» الصالقة: التي ترفع صوتها عند المصيبة، والحالقة: التي تحلق شعرها عند المصيبة أو
(1) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: إنا بك لمحزنون، برقم (1303)، ومسلم في كتاب الفضائل، باب رحمته صلى الله عليه وسلم الصبيان والعيال، برقم (2315).
(2)
أخرجه البخاري في كتاب الجنائز باب ليس منا من شق الجيوب برقم (1293).
(3)
أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب ما ينهى عن الحلق عند المصيبة، برقم (1296) ومسلم في كتاب الإيمان، باب تحريم ضرب الخدود وشق الجيوب برقم (104).
تنتفه، والشاقة: التي تشق ثوبها عند المصيبة. كل هذا منكر، أما دمع العين وحزن القلب فلا حرج فيه.
س: سائلة تقول: إنها تبكي بكاء شديدا على أولادها الستة الذين توفوا، وترجو التوجيه (1)
ج: ننصحك بأن تصبري وتحتسبي، وأن تسألي الله أن يجعلهم شفعاء لك، وأن يعوضك عنهم خير الدنيا والآخرة، وأن يبارك في الباقين، ويصلحهم، ولا تجزعي ولا تكثري البكاء، بل عليك الصبر، يقول الله جل وعلا:{وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} (2){الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} (3) ثم قال سبحانه: {أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} (4) الصبر هو الواجب، وقد يكون لك في ذلك خير كثير، وعاقبة حميدة، والله أحكم وأعلم سبحانه وتعالى، فاحتسبي واصبري واسألي الله الأجر العظيم وحسن العاقبة وصلاح الموجودين.
(1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (176).
(2)
سورة البقرة الآية 155
(3)
سورة البقرة الآية 156
(4)
سورة البقرة الآية 157
س: مستمعة تسأل: هل بكاء الأم على موت ابنها يعتبر حراما؟ وماذا تفعل لتعد من المؤمنات الصابرات وتحتسب عند الله (1)؟
(1) السؤال الحادي والثلاثون من الشريط رقم (277).
ج: إذا وقعت المصيبة تحتسب عند الله، والبكاء لا يضر، كونها تبكي بدمع العين، لكن الذي يمنع النياحة، رفع الصوت، فإذا دمعت العين لا يضر؛ لأن الموت له فجأة وله آثار في النفوس، فإذا بكى الإنسان بدمع العين فلا حرج في ذلك، وإنما المؤاخذة باللسان النياحة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم لما مات ابنه إبراهيم:«العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضي الرب، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزنون (1)» ويقول صلى الله عليه وسلم: «إن الله لا يعذب بدمع العين ولا بحزن القلب، ولكن يعذب بهذا أو يرحم (2)» وأشار إلى لسانه، يعني النياحة. ويقول صلى الله عليه وسلم:«أربع في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركونهن: الفخر بالأحساب، والطعن في الأنساب، والاستقاء بالنجوم، والنياحة (3)» يعني رفع الصوت بالبكاء على الميت. وقال: «النائحة إذا لم تتب قبل موتها تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران، ودرع من جرب (4)» وقال صلى الله عليه وسلم: «الميت يعذب في قبره بما يناح عليه (5)» فالنياحة خطرها عظيم لا تجوز.
(1) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: إنا بك لمحزنون، برقم (1303)، ومسلم في كتاب الفضائل، باب رحمته صلى الله عليه وسلم الصبيان والعيال، برقم (2315).
(2)
أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب البكاء عند المريض، برقم (1304) ومسلم في كتاب الجنائز، باب البكاء على الميت، برقم (924).
(3)
صحيح مسلم الجنائز (934)، مسند أحمد بن حنبل (5/ 343).
(4)
أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب التشديد في النياحة، برقم (934).
(5)
أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب ما يكره من النياحة على الميت، برقم (1292) ومسلم في كتاب الجنائز، باب الميت يعذب ببكاء أهله عليه برقم (927).