الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ج: ظاهر الأدلة الشرعية أنها لا تجوز، بل لا يجزم؛ لأن الله هو الذي يعلم الحقائق سبحانه وتعالى، فأهل السنة والجماعة يقولون: لا نشهد لمعين بجنة ولا نار إلا من شهد الله ورسوله عليه الصلاة والسلام له بذلك، ولكن نرجو للمحسنين، ونخاف على المسيئين، يقال: المؤمنون مغفور لهم، المؤمنون في الجنة، الكفار في النار، أما من يقول: فلان ابن فلان مغفور له، أو في الجنة، فلا يجوز، إلا من شهد له الرسول صلى الله عليه وسلم كالعشرة؛ الصديق، وعمر، وعثمان، وعلي، وعبد الرحمن بن عوف، والزبير بن العوام، وسعد بن أبي وقاص، وطلحة بن عبيد الله، وأبي عبيدة بن الجراح، وسعيد بن زيد، هؤلاء شهد لهم النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة رضي الله عنهم فالمقصود من شهد له النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة نشهد له، وهكذا من شهد له الله أو رسوله بالنار نشهد له بالنار كأبي لهب، أما نحن فلا نشهد لأحد معين - ونقول: فلان ابن فلان - بالجنة أو بالنار، بل نقول: إن كان مؤمنا ومات على هذا فهو من أهل الجنة، وإن كان كافرا ومات على الكفر فهو من أهل النار.
232 -
بيان
حكم بعض العادات في العزاء
س: ما رأيكم في العادات المتبعة لدى البعض في العزاء من الولائم، وقراءة القرآن والأربعينيات والسنويات أيضا، وما شاكل ذلك؟
فنرجو التوجيه من سماحة الشيخ (1)
ج: هذه العادات لا أصل لها، ولا أساس لها، بل هي من البدع ومن أمر الجاهلية، كونه يقيم وليمة إذا مات الميت يدعو لها الجيران والأقارب، ونحو ذلك، ويقيمونها بالبكاء وبالقراءة أو نحو ذلك، هذه بدعة لا تجوز، وهكذا إقامتها على رأس الأربعين، وعلى رأس الأسبوع، وعلى رأس الشهر، وعلى رأس السنة، كلها من بدع الجاهلية ومما لم يشرعه الله سبحانه وتعالى، وإنما المشروع لأهل الميت الصبر والاحتساب والعزاء مما أصابهم، أي يتعزون بالله ويرضون عما قدر الله عليهم سبحانه وتعالى، ويحتسبون الأجر عنده عز وجل، ولا مانع أن يصنعوا لأنفسهم الطعام العادي لأكلهم وحاجاتهم، وهكذا لو نزل بهم ضيف وصنعوا له الطعام العادي لا بأس، أما أن يصنعوه من أجل الموت ومن أجل المأتم لإقامة مأتم يجمعون الناس ليقرؤوا القرآن أو ليقرؤوا الأحاديث والأشعار، أو ليبكوا معهم وينوحوا معهم فكل ذلك من البدع المحدثة، وليس لها أصل في الشرع المطهر، ويشرع لأقاربهم وجيرانهم ونحو ذلك أن يصنعوا لهم طعاما يرسلونه إليهم؛ لأنهم مشغولون بمصيبة، فإذا صنع لهم جيرانهم أو بعض أقاربهم طعاما يوم الموت واليوم الثاني أو نحوه وأرسلوه إليهم جبرا لهم لمصابهم،
(1) السؤال الثالث من الشريط رقم (71).
وإعانة لهم على المصيبة؛ لأنهم مشغولون، قد لا يتفرغون للطبخ، وقد يكسلون عن ذلك لشدة المصيبة، هذا أمر مشروع، وقد ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه لما أتى نبأ جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه حين قتل في مؤتة بالشام، وجاء خبره إلى المدينة رضي الله عنه أمر النبي صلى الله عليه وسلم أهله أن يصنعوا طعاما لآل جعفر، قال:«اصنعوا لآل جعفر طعاما؛ فقد أتاهم ما يشغلهم (1)» يعني: ابعثوا لهم طعاما، من أهله صلى الله عليه وسلم لأهل جعفر؛ لأنه قد أتاهم ما يشغلهم عن صنع الطعام، فهذا أمر مشروع وليس فيه بأس.
(1) أخرجه الترمذي في كتاب الجنائز، باب ما جاء في الطعام يصنع لأهل الميت برقم (998)، وابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في الطعام يبعث إلى أهل الميت، برقم (1610).
س: عندما يتوفى المرء في بلدنا يجلس الأقارب في بيت المتوفى مدة خمسة أيام أو أكثر من ذلك لاستقبال المعزين، فيقرؤون الفاتحة ويرفعون أيديهم إلى الوجه، ثم يقولون بصوت جماعي: جبر الله كسرك، ولأهل الميت: عظم الله أجرك. فما حكم الشرع في هذه العادة، وهل هي صحيحة أم أنها بدعة؟ نرجو الإفادة، جزاكم الله خيرا (1)
ج: هذه العادة بدعة، لا أصل لها في الشرع، لم يكن الرسول صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه يفعلون ذلك، فالواجب على المؤمن الحذر من
(1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (203).
البدع، فهي شر وبلاء؛ ولهذا قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح:«إياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة (1)» وقال عليه الصلاة والسلام: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (2)» فهو مردود. وكان يقول في خطبة الجمعة عليه الصلاة والسلام: «أما بعد، فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم يعني السيرة - وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة (3)» خرجه مسلم في صحيحه. فالمصابون يعزون في ميتهم، ويدعى لهم أن الله يجبر كسرهم، ويحسن عزاءهم، ويغفر لميتهم إذا كان مسلما، أما كونهم يجلسون للعزاء، ويتجمعون على القراءة وعلى الأكل والشرب فهذا لا أصل له، لكن إذا جلس في بيته في الوقت المعتاد الذي يجلسه الناس في بيوتهم، وجاءه الناس يعزونه من دون إحداث شيء، بل الجلوس العادي، وإن صب لهم الشاي لا بأس، هذه جلسات عادية لا بأس بها، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم لما جاءه خبر جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه، لما قتل في مؤتة قال الصحابي: جلس واجما يرى عليه أثر الحزن. عليه الصلاة والسلام. فالمقصود أن
(1) أخرجه أبو داود في كتاب السنة، باب في لزوم السنة، برقم (4607) والترمذي في كتاب العلم، باب ما جاء في الأخذ بالسنة واجتناب البدع، برقم (2676)، وابن ماجه كتاب المقدمة، باب اجتناب البدع والجدل، برقم (46).
(2)
أخرجه مسلم في كتاب الأقضية باب نقض الأحكام الباطلة، ورد محدثات الأمور، برقم (1718).
(3)
أخرجه مسلم في كتاب الجمعة، باب تخفيف الصلاة والخطبة، برقم (867).