الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كل هذا لا أصل له، كله باطل، كله مما كذبه الكذابون، فيجب على المؤمن الحذر من هذه الأشياء المكذوبة الموضوعة على الرسول صلى الله عليه وسلم، وإنما تسن الزيارة للقبور سواء لقبور أهل البيت أو لغيرهم من المسلمين، يزورهم ويدعو لهم، ويترحم عليهم وينصرف، أما إن كانت القبور لكفار، مقابر كفار فإن زيارتهم للعظة والذكرى من دون أن يدعو لهم ولا يسلم عليهم، كما زار النبي قبر أمه، ونهي أن يستغفر لها، زارها للعظة والذكرى ولم يستغفر لها، فهكذا القبور الأخرى، قبور الكفرة إذا زارها المؤمن للعظة والذكرى فقط، لا يسلم عليهم، ولا يستغفر لهم؛ لأنهم ليسوا أهلا لذلك.
310 -
بيان
الزيارة البدعية والشرعية للقبور
س: بعض الناس عندنا يؤكدون بأن زيارة قبور المشايخ حلال، وليس فيها شيء من البدعة، وأقصد بقبور المشايخ الشيخ البدوي، والإمام الحسين والعباس والسيدة زينب، والشيخ عبد القادر الجيلاني، وغيرهم، وليس هذا فحسب بل إنهم يروجون بعض الحكايات عن الإمام الحسين بأنه يرد السلام بصوت جهوري، ويعتذر عندما لا يرد السلام، ويبين السبب الذي غالبا ما يكون باجتماعه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، والناس عندنا يصدقون ذلك، وينساقون وراء زيارتهم والتبرك بهم، ونريد إلى جانب الإجابة على سؤالنا،
وهو موقف الإسلام من زيارة قبور المشايخ والصالحين كلمة توجيهية لمن يقومون بزيارة هذه القبور ويتبركون بأصحابها، جزاكم الله خيرا (1)
ج: زيارة القبور زيارتان: زيارة بدعية، وزيارة شرعية، أما زيارة القبور للدعاء للميت والترحم عليه، وذكر الآخرة، فهذا شيء مشروع، يقول النبي صلى الله عليه وسلم:«زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة (2)» كان النبي يزور البقيع عليه الصلاة والسلام، ويزور الشهداء ويدعو لهم، فزيارة المشايخ من العلماء والأخيار أو عموم المسلمين، زيارة القبور للدعاء لهم والترحم عليهم وذكر الآخرة أمر مشروع؛ لأن الإنسان إذا زار القبور يذكر الموت، يذكر الآخرة، ويحصل له بذلك إعداد للآخرة، ونشاط في الخير والعمل الصالح، ولا فرق في ذلك بين زيارة قبور العلماء أو عامة الناس، فإذا زار قبر الحسين أو قبر البدوي أو السيدة زينب أو غير ذلك للذكرى، للآخرة والدعاء لهم والترحم عليهم هذا من الزيارة الشرعية.
أما الزيارة الثانية البدعية فهي التي تقع من أجل التبرك بالميت، والتمسح بقبره أو الطواف بقبره، أو الاستغاثة به، بأن يقول: يا سيدي المدد المدد، أو: الشفاعة الشفاعة، أو: الغوث الغوث. هذه زيارة بدعية
(1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (213).
(2)
أخرجه ابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في زيارة القبور، برقم (1569).
منكرة، بل شركية، إذا كان فيها دعاء واستغاثة صار فيها شرك أكبر، هذا دين المشركين، دين أبي جهل وأشباهه مع اللات والعزى ومناة، يدعونهم ويستغيثون بهم، هذا الشرك الأكبر، والذين يزورون الحسين ويدعونه مع الله، ويستغيثون به أو ينذرون له أو يطلبون المدد، أو البدوي أو العباس أو زينب أو غير ذلك، هذا كله شرك أكبر، والذين يسمعون منه الصوت ليس صوت الحسين ولا صوت البدوي ولا غيره، ولكنه صوت الشياطين يدعونهم إلى الغلو في هؤلاء، يسمعون أصواتا من الشياطين الذين يدعون إلى الشر، شياطين الجن التي تدعو إلى الشرك بالله، وعبادة غير الله، فرد السلام من ميت ليس معناه أنه يسمع، وفي رده خلاف بين أهل العلم، منهم من أثبت رده، ولكنه شيء لا يسمع، ومنهم من نفى ذلك، فقد صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال:«ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام (1)» وفي الحديث الآخر: «إن لله ملائكة يبلغوني من أمتي السلام (2)» عليه الصلاة والسلام، وهو يرد عليهم وإن لم يسمعوه، وهكذا الميت، جاء في بعض الروايات: أن العبد إذا زار الميت الذي يعرفه في الدنيا فسلم عليه رد
(1) أخرجه أبو داود في كتاب المناسك، باب زيارة القبور، برقم (2041).
(2)
أخرجه النسائي في المجتبى في كتاب السهو، باب السلام على النبي صلى الله عليه وسلم، برقم (1282).
عليه السلام (1) لكن ليس معناه أنه يسمع صوته، وإنما الروح ترد السلام، والجسد قد فني وأتى عليه البلى، أو أتى على بعضه البلى، إنما هي الأرواح، فرد السلام ليس يسمع من الميت، ورد السلام أيضا لا يوجب دعاءه والاستغاثة به، فإذا رد السلام أو ما رد السلام هذا لا يتعلق به حكم شرعي، فإنما الحكم يتعلق بدعاء الميت والاستغاثة بالميت، هذا شرك أكبر، وطلبه المدد أو العون أو الشفاعة هذا من الشرك الأكبر، حتى ولو رد السلام، حتى لو قدرنا أنه إذا سمع رد السلام، لا يجوز لك أن تدعوه من دون الله، ولا أن تستغيث به، ولا أن تنذر له، ولا أن تطلبه المدد والعون، كل هذا عبادة لغير الله من الأموات أو من الأصنام أو من الأشجار أو الأحجار، كل هذا لا يجوز، وهذا هو عمل المشركين الأولين، فالواجب الحذر من ذلك، وهكذا التبرك بالقبور، بترابها وأحجارها وشبكها، لا يجوز، إذا أراد بهذا طلب البركة منهم وأنهم يعطونه بركة صار هذا نوعا من عبادتهم من دون الله، وإنما الزيارة لذكر الآخرة، والترحم على الميت كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:«زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة (2)» فالمؤمن يزورها ليتذكر الآخرة، ويدعو لهم؛ لأنهم هم في حاجة للدعاء، يدعو لهم ويترحم عليهم، يسأل الله
(1) أخرجه ابن عبد البر في الاستذكار (1/ 185).
(2)
أخرجه ابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في زيارة القبور، برقم (1569).