الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هذا لا بأس بنقله إلى بلد مسلم أو إلى أهله، أو سمح أهله بنقله إليهم لمصلحة رأوها، يكون على حسابهم على حساب من سمح بذلك، من طلب نقله والتزم بقيمة التذاكر، أما أنت فلا يلزمك ذلك، لكن إذا تبرعت بذلك فليس لك الرجوع.
أما إذا كان العامل غير مسلم فلا يكفن ولا يصلى عليه، ولا يجهز إلى بلاد قومه، يدفن مع الكفار إذا كان في بلد فيها كفار، أو يحفر له في محل بعيد عن المسلمين في الصحراء، ويسوى قبره وانتهى الأمر، ولا يصلى عليه ولا يغسل ولا يكفن، بل يدفن فيما تيسر من الثياب الساترة.
52 -
حكم بناء ورفع القبور لضيق المساحة
س: سائل من مصر يقول: نحن في معظم قرى ومدن مصر نعاني من مشكلة ضيق المساحة في القبور؛ حيث إنها محددة في أماكن معلومة، ولا يجوز ترك مكانها، وخاصة في بلاد الدلتا، أي البلاد البعيدة عن الصحراء؛ مما اضطر الناس لبنائها وارتفاعها عن الأرض أكثر من المتر في بعض الأحيان؛ وذلك لدفن عدد من الموتى في كل قبر، فما حكم ذلك؟ وماذا نفعل إن أردنا أن نفعل الصواب في عدم بنائها، فلا نجد الظروف التي تعيننا على ذلك؟ أفتونا مأجورين أثابكم الله، وجزاكم الله خيرا (1)
(1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (283).
ج: أيها الأخ الكريم: نسأل الله لك المثوبة على دعواتك، ونسأل الله أن يتقبل منك دعواتك، وأن يثيبنا وإياك وأن يجعلنا وإياك من عباد الله الصالحين، إنه خير مسؤول.
أما القبور فالواجب ألا تبنى، هذا الواجب، وأن تحفر في الأرض وتعمق، هذا هو الواجب؛ لأنه ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام من حديث جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما في صحيح مسلم أنه نهى عن تجصيص القبور والبناء عليها، ولعن اليهود والنصارى على اتخاذهم المساجد على القبور، وأخبر أنهم شرار الخلق بهذا العمل، وهو البناء على القبور، واتخاذ المساجد عليها، فالواجب على أهل الإسلام في مصر وغير مصر، الواجب عليهم أن يحفروا القبور في الأرض، وأن يعمقوها إلى نصف القامة تقريبا؛ حتى لا تظهر رائحتها، وحتى لا تحفرها الكلاب ونحوها، فإذا كانت البلدة ليس فيها محل للحفر؛ لأنها صلبة حجرية فلا حرج أن يدفن على ظهرها، ويحوط عليها لأجل حفظها عن الكلاب وغيرها، وصيانتها واجب؛ لأن الله يقول:{فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (1) ويقول: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} (2). فالبناء - حينئذ - لحفظها لا لتعظيمها والغلو فيها، ولكن لحفظها عن ظهور الروائح الكريهة وعن
(1) سورة التغابن الآية 16
(2)
سورة البقرة الآية 286
امتهانها، وعن تناول السباع لها فلا حرج بقدر الحاجة فقط والضرورة، أما مع القدرة على الحفر فلا يجوز البناء، لا متر ولا غيره، يجب أن تكون في الأرض وأن تبين للناس ترفع قدر شبر مثلا تقريبا، ترابها يكون على كل قبر ترابه، وعليه النصائب في أطرافه حتى يعرف أنه قبر، وإذا رش وجعل عليه بطحاء فذلك أفضل، هذا هو المشروع في القبور، لكن من لم يستطع ذلك؛ لأن الأرض لا يمكن حفرها فإنه معذور بقدر الحاجة فقط.
س: إذا كانت الأرض بعكس ذلك سماحة الشيخ، وكانت التربة تنهار ولا تتماسك فما هو الحل الذي يراه سماحتكم؟ (1)
ج: إذا كانت الأرض ضعيفة لا يستطاع الحفر فيها، لضعفها وانهيارها يجعل ما يحفظ الميت من ألواح، أو حجارة أو نحو ذلك مما يحفظ الميت؛ حتى لا ينهار به القبر، يفعل ما يستطيع المؤمن من ألواح أو أخشاب أو حديد، المقصود الذي يستطيع به حفظ الميت؛ حتى لا ينهار به القبر حسب الطاقة:{فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (2). فلا شك أن هذا مهم، نسأل الله للجميع التوفيق، ثم نعيد أيضا مرة أخرى التحذير من البناء على القبور، الذي فعله اليهود والنصارى، ولا يجوز أن يبنى عليها مساجد ولا
(1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (283).
(2)
سورة التغابن الآية 16
قباب ولا غير ذلك؛ لأن هذا البناء من أسباب الشرك بالله والغلو، كما فعله اليهود والنصارى، وفعله أشباههم من عباد القبور، الذين ظنوا أن هذا مشروع، فاتخذوا مساجد على القبور، وغالوا فيها واستغاثوا بأهلها، ونذورا لهم وطافوا بقبورهم، وهذا هو البلاء العظيم، هذا هو الشرك الأكبر؛ يقول النبي صلى الله عليه وسلم:«لعن الله اليهود والنصارى؛ اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (1)» وقال عليه الصلاة والسلام لما أخبرته أم حبيبة وأم سلمة بكنيسة في بلاد الحبشة، وما فيها من الصور قال عليه الصلاة والسلام:«أولئك إذا كان فيهم الرجل الصالح فمات بنوا على قبره مسجدا، وصوروا فيه تلك الصور، فأولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة (2)» حكم عليهم بأنهم شرار الخلق، الواجب الحذر، وفي الصحيح - صحيح مسلم - عن جندب بن عبد الله البجلي
(1) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب ما يكره من اتخاذ المساجد على القبور، برقم (1330)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها، والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (529).
(2)
أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب هل تنبش قبور مشركي الجاهلية، ويتخذ مكانها مساجد، برقم (427)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (528).
رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:«ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، إني أنهاكم عن ذلك (1)» هذا نهي عظيم؛ لوجوه ثلاثة:
أولا - ذم من فعل ذلك؛ اليهود والنصارى وغيرهم، وهذا تحذير من التشبه بهم.
الثاني - قوله: «فلا تتخذوا القبور مساجد (2)» هذا نهي صريح: لا تتخذوا القبور مساجد.
الثالث - قوله: «إني أنهاكم عن ذلك (3)» هذا أيضا تأكيد للنهي في قوله: «إني أنهاكم عن ذلك (4)» .
فالواجب الحذر، والسر في هذا - والله أعلم، كما هو معروف عند أهل العلم - أنه ذريعة للشرك، أن هذا البناء وهذا التصوير عليها من أسباب الشرك بها، واتخاذ أهلها آلهة مع الله، كما قد وقع لليهود والنصارى وغيرهم، فيجب الحذر من ذلك وأن لا يبنى على القبر، لا مسجد ولا غيره، ولا قبة ولا غيرها، ولا يدعى من دون الله، ولا يستغاث ولا يطاف به .... إلى غير ذلك، العبادة حق الله وحده، هو الذي يدعى ويرجى ويصلى له، ويسجد له وينذر له، ويذبح له، قال تعالى:{قُلْ إِنَّ صَلَاتِي} (5) يعني: قل يا محمد للناس: إن صلاتي: {وَنُسُكِي} (6): ذبحي وعبادتي {وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (7){لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} (8).
(1) صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (532).
(2)
صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (532).
(3)
صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (532).
(4)
صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (532).
(5)
سورة الأنعام الآية 162
(6)
سورة الأنعام الآية 162
(7)
سورة الأنعام الآية 162
(8)
سورة الأنعام الآية 163