الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر سنة ثمان وسبعين
النيل المبارك فى هذه السنة:
الماء القديم ستة أذرع وثمانية أصابع. مبلغ الزيادة سبعة عشر ذراعا وعشرون إصبعا.
[ما لخص من الحوادث]
الخليفة عبد الملك بن مروان، وعبد العزيز بمصر. وولى القضاء بمصر عبد الرحمن الخولانىّ وهو صاحب المسجد المعروف به، وجمع له بين القضاء وبين المال والشرط، وأجرى له فى كل سنة عن كل عمل من هؤلاء مايتى دينار، وكان عبد الرحمن الخولانىّ من الجود (146) والعطا بالمكان الوافر، حتى كان ينفذ جميع عطاه ويستدين على قابل.
وفيها انكسر شبيب الخارجى وهرب فغرق فى دجيل.
ذكر شبيب ولمعا من أخباره
هو شبيب بن يزيد بن نعيم بن قيس بن عمرو الصلت الشيبانىّ،
(7)
عبد الرحمن الخولانىّ: قارن هنا ص 147، الهامش الموضوعى، حاشية سطر 11
(11)
وفيها. . . دجيل: فى تاريخ الطبرى 2/ 972 (حوادث 77): «وفى هذه السنة هلك شبيب» ، كذا فى الكامل 4/ 431 - 433؛ فى وفيات الأعيان 2/ 455:«وغرق بدجيل كما تقدم سنة سبع وسبعين للهجرة» ؛ وفقا لزيترستين، مقالة «شبيب» 262، ربما توفى فى أواخر سنة 77 هـ
(13)
شبيب. . . الشيبانى: انظر نسبه فى وفيات الأعيان 2/ 454
كان خروجه فى أول أيام عبد الملك بالموصل. وجرت له حروب ووقايع مع النواب بالعراق يطول شرحها. وكان سبب ولاية الحجاج العراقين شبيب. وبعث إليه الحجاج فى مدة هذه السنين من ولايته خمس قوّاد فقتلهم واحد بعد واحد. ثم خرج من الم [وصل] يريد الكوفة، وخرج الحجاج من البصرة يريد الكوفة. وبلغ ذلك شبيبا فطمع فى لقايه قبل أن يصل الكوفة، فأقحم الحجاج خيله فدخلها قبله فى سنة سبع وسبعين، وتحصن الحجاج فى قصر الإمارة. ودخل إليها شبيب وأمه جهيزة وزوجته غزالة عند الصباح، وكانت غزالة نذرت أن تدخل مسجد الكوفة وتصلى ركعتين تقرأ فى الواحدة سورة البقرة والأخرى آل عمران. فأتت الجامع فى سبعين رجلا فصلّت فيه الغداة وخرجت من نذرها.
وكانت غزالة من الشجاعة بالموضع العظيم، وكانت تقاتل فى الحروب بنفسها. وقد كان الحجاج هرب فى بعض الوقايع منها فعيّره بذلك عمران بن حطّان السدوسى فقال <من الكامل>:
أسد علىّ وفى الحروب نعامة
…
فتخاء تنفر من صفير الصّافر
هلاّ برزت إلى غزالة فى الوغى
…
بل كان قلبك فى جناحى طاير
صدعت غزالة قلبه بفوارس
…
تركت فوارسه كأمس الدابر
(3 - 2،222) وبعث. . . الزاى: ورد النص فى وفيات الأعيان 2/ 454 - 457، قارن أيضا مروح الذهب 3/رقم 2079 - 2080
(9)
فأتت: فى وفيات الأعيان 2/ 454: «فأتوا»
(16)
صدعت. . . الدابر: البيت ناقص فى وفيات الأعيان 2/ 454 ولكن ورد فى شعر الخوارج /25/فوارسه: فى شعر الخوارج 25: «منابره»
(147)
وكانت أم شبيب جهيزة أيضا شجاعة تشهد الحروب وتتنادرهما الفرسان فى حومة الطعان. وقيل إن شبيبا أقام عشرين سنة يدعى أمير المؤمنين، ولما عجز عنه الحجاج، بعث عبد الملك إليه عساكر كثيفة من الشام عليها سفيان بن الأبرد الكلبى، فوصل إلى الكوفة، وخرج الحجاج أيضا، وتكاثروا على شبيب، فانهزم وقتلت غزالة وجهيزة، ونجا شبيب فى فوارس من أصحابه، واتبعه سفيان فى أهل الشام فلحقه بالأهواز. فولّى شبيب فلما حصل على جسر دجيل قفز به فرسه وعليه الحديد الثقيل من درع ومغفر وغيره فألقاه فى الماء. فقال له بعض أصحابه: أغرقا يا أمير المؤمنين؟ فقال: {ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} . ثم ألقاه دجيل على ساحله ميتا. فحمل على البريد إلى الحجاج فأمر بشق بطنه. فشقّ واستخرج قلبه فإذا هو كالحجر، إذا ضرب به الأرض نبا عنها. فشقّ أيضا فكان فى داخله قلب صغير كالكرة. فشقّ فأصيب علقة الدم فى داخله.
وكان شبيب إذا صاح فى جنبات الجيش لا يلوى أحد على أحد من هيبته وفروسيته، وفى ذلك يقول الشاعر <من البسيط>:
إذا صاح يوما حسبت الصخر منحدرا
…
والريح عاصفة والموج يلتطم
وقال بعضهم: رأيت شبيبا وقد دخل المسجد، وعليه جبّة طيالسة وعليها نقط من أثر المطر، وهو طويل أشمط جعد آدم. فجعل المسجد يرتج له. وكان مولده يوم عيد النحر سنة ست وعشرين هجرية، وغرق بدجيل سنة سبع وسبعين.
(7)
قفز: فى وفيات الأعيان 2/ 455 «نفر»
(14 - 16) وكان. . . يلتطم: النص ناقص فى وفيات الأعيان 2/ 454 - 458
وكان أبوه من مهاجرة الكوفة، فغزا سليمن بن ربيعة الباهلى فى سنة خمس وعشرين للهجرة (148) فأتوا الشام وأغاروا على بلاد وأصابوا سبيا وغنموا، وأبو شبيب فى ذلك الجيش، فاشترى جارية من السبى حمراء طويلة جميلة. فقال لها: أسلمى. فأبت فضربها فازدادت تنمّرا ولم تسلم، فواقعها فحملت، فتحرك الولد فى بطنها فقالت: فى بطنى شئ ينقز.
فقيل: أحمق من جهيزة، وضرب المثل بحمقها وهى التى عنا بها الحريرى فى مقاماته. ثم لاطفها فأسلمت فولدت شبيبا سنة ست وعشرين يوم النحر. فقالت لمولاها: إنى رأيت قبل أن ألد كأنى ولدت غلاما فخرج منى شهاب من نار فسطع بين السماء والأرض ثم سقط فى ماء فخفى، وقد ولدته فى يوم أريق فيه الدماء. وقد زجرت أن ابنى هذا يعلوا أمره ويكون صاحب دماء يريقها. هذا آخر كلام ابن السكين.
ولما زال أمر شبيب أحضر إلى عبد الملك بن مروان رجل يرى برأى الخوارج وهو عتبان الحرورى ابن أصيلة، ويقال وصيلة، وهى أمه من بنى محلّم، وهو من بنى شيبان من الشراة بالجزيرة، وكان قد قال أبياتا عديدة ذكرها المرزبانى فى المعجم. فقال له عبد الملك: ألست القايل يا عدوّ الله فى قصيدتك <من الطويل>:
(7)
الحريرى فى مقاماته: لم يذكر هذا المرجع فى وفيات الأعيان 2/ 457
(15)
المرزبانى فى المعجم: انظر معجم الشعراء 108 - 109
فإن يك منكم كان مروان وابنه
…
وعمرو ومنكم هاشم وحبيب
فمنّا حصين والبطين وقعنب
…
ومنّا أمير المؤمنين شبيب
فقال: لم أقل كذا يا أمير المؤمنين، وإنّما قلت: ومنّا أمير المؤمنين شبيب.
فاستحسن ذلك من قوله وأمر بتخلية سبيله.
وهذا الجواب فى نهاية الحسن فإنه إذا كان قول «أمير» مرفوعا، كان مبتدأ فيكون شبيب أمير المؤمنين، وإذا كان أمير منصوبا فقد (149) حذف منه حرف النداء ومعناه يا أمير المؤمنين منا شبيب. فلا يكون شبيب أمير المؤمنين، بل يكون منهم.
قلت وقد رأيت فى مسوداتى أنه أحضر إلى عبد الملك بن مروان أبو المنهال الخارجى شاعرا جيدا مستأمنا بعد ما كان قال لعبد الملك هذه الأبيات <من الطويل>:
أبلغ أمير المؤمنين رسالة
…
وذو النصح لو يدعى إليه قريب
فلا صلح ما دامت منابر أرضنا
…
يقوم عليها من ثقيف خطيب
وإنك لا ترض بكر بن وايل
…
يكن لك يوم بالعراق عصيب
وبعد هذه الأبيات الثلثة البيتان المذكوران، وأبو المنهال هو عتبان ابن وصيلة المذكور، وقوله من ثقيف، يريد الحجاج بن يوسف الثقفى.
(10)
قلت. . . مسوداتى: فى وفيات الأعيان 2/ 456: «وذكر. . . المعروف بابن عساكر الدمشقى فى تاريخ دمشق. . .»