الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تفسير ذلك
قوله: متى طمعت فينا قسىّ يعنى ثقيفا، فثقيف هو قسىّ لقب له.
(151)
وقوله: كأس ذعاف: هو السم القاتل بسرعة.
وكتب إليه فى آخر الكتاب ليدركك أبا هاشم حمية قرشية. فلما انتهى الكتاب إلى خالد بن يزيد، أمهل حتى ذهب جنح من الليل، قصد باب عبد الملك واستأذن عليه فقال له حاجبه: ليس هذا وقت استيذان لك فانصرف. ثم أغد على أمير المؤمنين. فقال خالد: إنى جيت فى أمر مهم ولتستأذننّ علىّ وإلا أخبرته أغدا بما كان منك. فاستأذن له فأمره بإدخاله.
فلما دخل عليه قال له: يا خالد، أى وقت هذا؟ فقال: يا مير المؤمنين، أمر فكرت فيه فبت به أرقا، ورأيت من حق بيعتك ووجوب النصيحة لك أن لا أوخره. قال: هات ما هو؟ قال خالد: بلغنى أن الحجاج تزوج إلى عبد الله بن جعفر بنته أم كلثوم. فغضب عبد الملك وقال: كان ماذا ولم لا يكون الحجاج كفؤا لها؟ فقال خالد: إنى لم أر هذا، لكنك تعلم أنه لم يكن بين أهل بيتين من بيوت قريش ما كان بيننا وبين آل الزبير. فلما
(2)
قسىّ. . . له: انظر وفيات الأعيان 2/ 29
(4 - 8،225) فلما. . . أطاع: وردت هذه القصّة فى العقد الفريد 6/ 122
تزوجت إليهم انقلبت البغض حبا حتى ما أهل بيت أحب إلىّ منهم، وحملنى على ذلك على أن قلت ما بلّغت. وإنك أحللت الحجاج من سلطانك المحل الذى لا مزيد. فلا أمن إذا نكح إلى آل أبى طالب أن يميل إليهم فيسعى لهم فى الأمر. فقال عبد الملك: وصلتك رحم، يا با هاشم، فلقد قضيت الحق وأديت الأمانة ومحضت النصيحة.
ثم إنّ عبد الملك أحضر كاتبه، وأمره أن يكتب إلى الحجاج بأن يطلق له أم كلثوم قبل أن يضع الكتاب من يده. فلما انتهى الكتاب إلى الحجاج أطاع. وقدم عبد الله بن جعفر دمشق فنزل فى أخبيته بظاهرها، ولا علم له بما صنع (152) خالد، وعلم عبد الملك بمقدمه. فأمر ابنه الوليد بن عبد الملك أن يخرج إلى عبد الله بن جعفر فلا يكلمه كلمة حتى يأمر بإلقاء الخباء عليه. وبينما عبد الله جالس فى الخباء، فأمر الوليد فقلعوا أطناب الخباء فسقط عليه، فخرج من تحته، فإذا الوليد قايم فسلم عليه عبد الله فلم يرد عليه الوليد. ثم قال له: يا شيخ، عمدت إلى عقيلة من عقايل قريش من أهل بيت عبد مناف تنكحها رجلا من ثقيف. فقال له عبد الله:
يا با العباس، إن كان الناس لا يعلمون عذر عمك أفما تعلمه أنت؟ فقال له: وما هو عذرك؟ فقال له: إن الخلفاء لم تزل تصل رحمى وتعيننى على أمرى حتى كان أبوك، فجفانى حتى ركبنى من الدّين ما لا أرجوا له
(8 - 1،226) وقدم. . . لأنكحته: وردت هذه القصّة فى أعلام النساء 4/ 252 - 253؛ العقد الفريد 2/ 71 - 72
وفاء. وإن الحجاج أعطانى بابنتى ما لو أعطانيه فيها عبد لأنكحته. فعذره الوليد وأحسن السفارة بينه وبين أبيه، فأكرمه وفضله وقضى حوايجه.
قلت: ومما يتعلق بهذا الخبر الإبانة عن قول خالد لعبد الملك:
وحملنى ذلك أن قلت ما بلغك، إنما عنى قوله فى زوجته رملة حيث قال <من الطويل>:
تجول خلاخيل النساء ولا أرى
…
لرملة خلخالا يجول ولا قلبا
أحبّ بنى العوّام طرا لحبّها
…
ومن أجلها أحببت أخوالها كلبا
وروى أن عبد الملك بن مروان قال لخالد يوما بمحضر من أهل الشام: أنت القايل، وأنشده الأبيات المذكورة ثم زاد فيها <من الطويل>:
فإن تسلمى أسلم وإن تتنصّرى
…
تخطّ رجالا بين أعينهم صلبا
فقال خالد: لعن الله قايل هذا البيت يا أمير المؤمنين. فيقال أن عبد الملك هو الذى صنعه على لسان خالد ليغضّ منه وتسئ سمعته (153) لما كان يتخوفه من طلب الخلافة.
وروى أن عبد الله بن جعفر رضى الله عنه لما حضرته الوفاة، دعا ابنه
(4)
رملة: انظر أيضا أعلام النساء 1/ 461 - 463؛ الأغانى 17/ 340 حاشية 1
(6 - 7) تجول. . . كلبا: ورد البيتان أيضا فى أعلام النساء 1/ 462 - 463؛ الأغانى 17/ 340؛ وفيات الأعيان 2/ 224 - 225
(11)
فإن. . . صلبا: ورد البيت أيضا فى الأغانى 17/ 340،344
معوية وهو حديث السن غلام فى أذنه شنف، وهو القرط من رواية. فنزع الشنف من أذنه. ثم أسند وصيته إليه دون ساير ولده. وقال له: يا بنى، لم أزل أرجوك لها منذ ولدت. فنهض معوية بوصية أبيه، وقضى دينه، وقسم تركته، ولم ينقم أحد من ورثة أبيه عليه أمرا.
قلت: هكذ، رأيت الرواية، أنه نزع من أذنه الشنف. وقال صاحب هذه الرواية وهو ابن ظفر أن الشنف عند العرب ما يجعل فى أعلا الأذن، والقرط ما يجعل فى شحمة الأذن. ومن رواية أخرى أن الشنف ما كان فى شحمة الأذن والقرط ما كان فى أعلاها، وقد قيل <من الطويل>:
أغار من القرطين خيفة حبّها
…
ألم ترهم مثل قلبى يعذّب
وأنكر من تلك الغداير أنها
…
متى أرسلت ضلّت مع الحجل تلعب
وما لاح فى الغرب الهلال وإنما
…
هو البدر إجلالا لها يتنقب
والعادة أن الغلمان الذكران لا يكون فى أعلا آذانهم قرطا، وخص بذلك النساء. فالصحيح أن الذى فى شحمة الأذن يسمى شنفا، والذى فى أعلاها قرطا. وإذ قد ساق الكلام ذكر عبد الله بن جعفر رضى الله عنه فلنذكر شئ من مآثره ومبدأه رضى الله عنه.
(6)
ابن ظفر: انظر أنباء نجباء الأبناء 95
(9 - 11) أغار. . . يتنقب: وردت الأبيات فى درر التيجان 210 ب:8 - 10 (حوادث 628)