الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر يزيد بن المهلب بن أبى صفرة
ولمعا من خبره
روى أن المهلب بن أبى صفرة أراد يمتحن فطنة ولده يزيد بن المهلب فى حال صباه فقال له: يا بنى ما أشدّ البلاء؟ فقال: يا أبه، معاداة العقلاء.
ثم قال: أقلنى. قال: قد أقلتك فقل. فقال: أشدّ البلاء مسيلة البخلاء. ثم قال: أقلنى. قال: قد أقلتك فقل. فقال: أشد البلاء تأمر اللؤماء على الكرماء. ثم قال: أقلنى. قال: قد أقلتك فقل. فقال: أشد البلاء معاداة العقلاء ومسيلة البخلاء وتأمر اللؤماء على الكرماء. فقال المهلب: والله يا بنى ما يسرنى بقولك مقول لقمان، ولا يعدل عندى بقاءك ملك سليمان. ثم قال: يا بنى أتروى من الشعر شيا؟ قال: نعم. قال: فأى الشعر أحب إليك؟ قال: ما أشبه قول عمرو ذى الكلب <من الوافر>:
ومقعد كربة قد كنت منه
…
مكان الإصبعين من القتال
(3 - 8،364) روى. . . أعلم: ورد النص فى أنباء نجباء الأبناء 124 - 133 مع بعض الاختلاف
(12)
ومقعد. . . القتال (لعل الأصح: القبال): ورد البيت فى شرح أشعار الهذليين 2/ /571/منه: فى شرح أشعار الهذليين 2/ 571: «منها» ؛ فى أنباء نجباء الأبناء 125:
«فيه»
صبرت لها وكنت أخا حفاظ
…
إذا حام الليام عن النزال
فهذا والمنيّة من وراى
…
ستطرقنى بها أحد الليالى
فقال المهلب: أما والله يا بنى لين بقيت لترمين الغرض.
وكان من أمره أنه برز إلى الحروب، وهو ابن ثمان عشرة سنة، واتخذ درعا من حديد مجوفة. فكان يدخل فيها يده اليسرى. فإذا اختلفت الرماح أمامه وأضلته السيوف. وضع يده اليسرى على رأسه. ثم حمل فلا يقوم له شئ. وولى خراسان ثم تغلّب (236) على البصرة. ثم دعى لنفسه. فكان عاقبة أمره ما هو مشهور فى التواريخ من حروب مشهورة ووقايع مذكورة إلى أن قتل فى سنة اثنين وماية، وقيل فى سنة ثلاث وماية.
وروى أن عمر بن عبد العزيز حبسه. فهرب من الحبس، ومر فى مسيره بحى من أحياء العرب. فقرته امرأة من الحى وذبحت له شاة. فقال لابنه محلد حين أصبح عندها: كم معك يا بنى من المال؟ قال: ثمان ماية دينار: قال: ادفعها إلى العجوز. فقال: يابه إنك محتاج إلى الرجال
(1)
لها: فى أنباء نجباء الأبناء 125: «له» //الليام: فى أنباء نجباء الأبناء 125: «الرجال»
(2)
ستطرقنى بها أحد: فى أنباء نجباء الأبناء 125: «ستطرق مهجتى أحدى»
(9 - 10) سنة. . . ماية: وفقا لزيترستين، مقالة «يزيد بن المهلب» 1260، توفى فى سنة 102
(11 - 3،360) وروى. . . ففعل: ورد النص فى التذكرة الحمدونية 2/ص 271
(13)
مخلد: فى التذكرة الحمدونية 2/ص 271: «معاوية»
ولا رجال إلا بمال، وهذه العجوز يرضيها اليسير. ثم هى لا تعرفك.
فقال: يا بنى إن كان يرضيها اليسير فأنا لا أرضى لها إلا بالكثير، وإن كانت لا تعرفنى فأنا أعرف نفسى، ادفع إليها المال ودع اللجاج. ففعل.
وأما ولده مخلد بن يزيد بن المهلب فإن الأزد سودته وسنه ثنتا عشر سنة، وفى ذلك قال حمزة بن بيض يمدحه <من المتقارب>:
بلغت لعشر مضت من سني
…
ك ما يبلغ السيد الأشيب
فهمّك فيها جسام الأمور
…
وهمّ لداتك أن يلعبوا
قوله: لداتك، أى أقرانك الذين ولدوا معك فى وقت واحد.
ومما ينحو إلى ذلك قول الشريف الرضى <من مجزوء الكامل>:
لله جيد ما تم
…
هّد غير أحشاء المكارم
فتطوّق العلياء وهـ
…
وقريب عهد بالتّمايم
[نيطت بعطفيه حما
…
لات المغانم والمغارم]
فمن موجبات سيادة مخلد بن يزيد بن المهلب ما حكى أن أباه يزيد ابن المهلب اشترى عجوز من إماء الأعراب، فأخذتها أم مخلد فكانت تلزمها. وإذا جاء الليل ولم يحضر يزيد، سمرت عندها. فأطرفتها يوما بأحاديث ممتعة من أحاديث الأعراب (237) فلطفت منزلتها عندها. وإن
(6 - 7) بلغت. . . يلعبوا: ورد البيتان أيضا فى الأغانى 16/ 203،212؛ وفيات الأعيان 6/ 285
(10 - 12) لله. . . المغارم: وردت الأبيات أيضا فى ديوان الشريف الرضى 2/ 392
مخلدا قال لأمه: إنى أظن بهذه العجوز أنها سلوب نعمة أو حديثة عهد بثكل. فقالت له أمه: ما الذى دلّك على ما ظننت؟ فقال لها: ألم ترى إلى انكسار طرفها وتنفسها الصعداء؟ فلم تلق أمه بكلامه بالا حتى إذا عذر أى ختن، جاءت العجوز تلك فاحتملته من بين يدى الخاتن وأخذت غرلته فانطلقت به إلى أمه. فلما وضعته عندها قال مخلد للعجوز: يا هذه، إنى أحسبك ذات شكية، وهذا أوان بثها. فقالت العجوز: أجل والله ما صاف سهمك وإنى لامرأة من عقايل زغل، كنت ذات خلايا حوافل، وبغايا روافل. فأزمتنا أزام، ثم حطمتنا حطام. فإذا أنا على مثل الملقة الحلقة، لا أنضوى إلى جارحة، ولا أرنوا إلى سارحة ولا رايحة.
فنسفنى الإرمال إلى أبيّات خرّاب من بلعنبر، فاحتبلنى منها بيت كثير شغبه، قليل شخبه لييم ربه، فما كدت أن تيّمنى سنيهات. ثم شرانى بشويهات، وكان أخف أمريه علىّ آخرهما لى، هذه شكيتى، فهل من مشكّ؟ فقال مخلد: ليفرخ روعك يا خالة، فدونك غرلتى رهنا بثلث. أما الأولى فعتقك، وأما الثانية فعشرون حلوبة حلوبة فصالها وسقابها، وأما الثالثة فأمة تربّ بيتك وعبد يؤول إبلك. فأخذت العجوز الغرلة، وبلغ مخلد بن يزيد فأمر للعجوز بذلك كله وأحسن جهازها وارتجع الرهن منها وألحقها بقومها.
(7)
زغل: فى أنباء نجباء الأبناء 127: «رعل»
(14)
سقابها: فى أنباء نجباء الأبناء 128: «سقاؤها»