الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر عبد الله بن جعفر ولمعا من خبره
روى أن أبا سفيان بن حرب دخل على أم حبيبة زوج النبى صلى الله عليه وسلم فوجد عندها عبد الله بن جعفر رضى الله عنه، وهو إذ ذاك طفل، فقال لها: يا بنية، من هذا الغلام الذى يتضوّع (154) كرما، ويتألق شرفا، ويتميّع حيا. فقالت: من تظنه، يا به؟ فقال: أمّا الشمايل فهاشمية.
فقالت: نعم هو هاشمى، فمن تظنه من بنى هاشم؟ فتأمله فقال: إن لم يكن ولده جعفر فلست بسداد البطحاء. فقالت أم حبيبة: فهو والله بن جعفر. فقال أبو سفيان: أما إنه لم يمت من خلف هذا.
قوله: يتضوع كرما يفوح، يقال تضوّع الطيب إذا انتشرت رايحته.
وقوله: يتألق شرقا، أى يستبرق ويضئ والتألق الإضاءة واللمعان، وأصل التضوّع والتألق الحركة. وقوله: يتميّع حيا، أى يذوب، وكل ذايب مايع.
وقوله: سداد البطحاء، سداد الشئ ما ملأه فسده، والبطحاء هى بطحاء مكة، وهى أرض ذات رمل وحصبا مستوية، يقول: أنا أملأها فخرا أو كرما أو نحو ذلك.
وروى أن أبا بكر الصدّيق رضى الله عنه قسم مالا فى أبناء
(1)
عبد الله بن جعفر: انظر سير أعلام النبلاء 3/ص 456 - 462
(2 - 13،229) روى. . . السخاء: ورد النص فى أنباء نجباء الأبناء 82 - 84
المهاجرين والأنصار وبدأ بأهل البيت. فأراد أعرابى أن يدخل معهم إلى أبى بكر فمنع، وجاء عبد الله بن جعفر وهو صبى. فلما رآه الصديق بالباب قال: مرحبا بابن الطيار ادخل. وسمعهما الأعرابى فقبض على يد عبد الله بن جعفر وهو لا يعرفه. فأنشأ يقول <من الطويل>:
ألا هل أتى الطيار أنّى مجلأّ
…
عن الورد والصدّيق يرا ويسمع
وما ضرّ أن لم يأته ذاك فابنه
…
نهوض بعبء الجار ندب سميدع
فقال له ابن جعفر رضى الله عنه: كن بمكانك يا أخا العرب، ودخل فأعطاه الصديق رضى الله عنه ألف درهم، فخرج فأعطاها الأعرابى. قول الأعرابى فى شعره: مجلأّ أى مطرود. وقوله: نهوض بعبء الجار، العبء الثقيل الذى لا مزيد عليه لحامله. وقوله: ندب: هو الذى ينتدب (155) فى الأمور ويسارع إليها. وقوله سميدع: هو السيد الشريف.
ثم ترقت حال عبد الله رضى الله عنه فى السخاء إلى أن سمى معلّم الكرم. وعوتب فى السخاء. فقال: إن الله عز وجل عوّدنى أن يفضل علىّ وعوّدتّ عباده أن أفضل عليهم، فأخاف أن أقطع العادة عنهم فيقطع العادة عنى. وقال عندما كبر وأنفذ ماله فى المسجد بعقب صلاة الجمعة: رب إنك عوّدتنى عادة وعوّدتّ عبادك عادة فإن قطعتها عنّى فلا تبقنى. فمات قبل عود يوم الجمعة الأخرى.
(14 - 18) فقال. . . الأخرى: انظر العقد الفريد 1/ 225؛ مروج الذهب 3/رقم 2139
(16)
رب: فى مروج الذهب 3/رقم 2139: «اللهم»