الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقيل لما تولى عمر، سمع الصراخ فى بيته، فجاء الناس يسألون ما الخبر. فقيل إنه خيّر نسايه وأهله وقال: من شاءت أن تقيم. ومن شاءت أن تنطلق. فقد جاء أمر شغلنى عن محادثة النساء، لا ينتفع أهل عمر بعدها بمحادثة النساء. وكان يرى أثر المنى فى ثيابه ويقول: شغلنا أمر الناس وصلاحهم عن إصلاح أجسامنا.
وروى أن السدّى دخل عليه فى أول خلافته. فقال له عمر: أسرك ما رأيت أم أساءك؟ فقال: سرنى للناس وساءنى لك. فقال عمر: إنى أخاف أن أكون أوثقت نفسى. فقال له: ما أحسن حالك إن كنت تخاف، ولكنى أخاف عليك أن لا تخاف. فقال: عظنى. فقال: إن أبانا آدم خرج من الجنة بخطية واحدة.
ذكر سنة ماية هجرية
النيل المبارك فى هذه السنة
الماء القديم ثمانية أذرع وعشرون إصبعا. مبلغ الزيادة ثمانية عشر ذراعا وخمسة عشر إصبعا.
ما لخص من الحوادث
الخليفة عمر بن عبد العزيز رضى الله عنه، وابن رفاعة بحاله حتى عزله وولى مكانه حيّان بن شريح على حرب مصر، وعزل أسامة وولى
(9)
ولكنى. . . تخاف: ورد النص فى البيان 3/ 85
(14)
خمسة عشر: فى النجوم الزاهرة 1/ 243: «عشرون»
(17)
حيّان بن شريح: انظر حكام مصر لفيستنفلد 42
مكانه أيوب بن شرحبيل، وأمر أن يوقف خراج مصر لأهلها سنة، وولى القضاء عبد الله بن حذام الحضرمى.
روى الشيخ الإمام ناصح الإسلام أبو الخطاب محفوظ بن أحمد الكلوذانى رحمه الله عليه عن رواة ثقاة آخرهم الهيثم بن عدى عن عوانة ابن الحكم قال: لما استخلف عمر بن عبد العزيز وفد الشعراء إليه كعادة من تقدمة من الخلفاء فأق [اموا](228) ببابه أياما لا يؤذن، فبينا هم كذلك يوما وقد أزمعوا على الرحيل إذ مرّ بهم رجاء بن حيوة، وكان من خطباء الشام وفصحايهم، فلما رآه جرير داخلا أنشأه يقول <من البسيط>:
يأيها الرجل المرخى عمامته
…
هذا زمانك إنّى مضى زمن
قال: فدخل ولم يذكر من أمرهم شئ. ثم مرّ بهم عدىّ بن أرطاة، وكان من الخصيصين بعمر بن عبد العزيز وله به قديم صحبة فقام إليه جرير وقال <من البسيط>:
(1)
أيوب بن شرحبيل: انظر كتاب الولاة 67 - 69؛ النجوم الزاهرة 1/ 237، قارن هنا ص 339، الهامش الموضوعى، حاشية سطر 13
(2)
عبد الله. . . الحضرمى: فى كتاب الولاة 337 - 338: «عبد الله بن يزيد بن خذام» ، انظر أيضا هناك ص 337 حاشية 1
(4 - 11،350) الهيثم. . . راقيا: ورد النص فى وفيات الأعيان 1/ 430 - 434
(10)
يأيها (يا أيّها). . . زمن (زمنى): ورد هذا البيت فى الأغانى 8/ 47؛ وفيات الأعيان /1/ 431/عمامته: فى وفيات الأعيان 1/ 431: «مطيّته»
يا أيّها الرجل المرخى مطيّته
…
هذا زمانك إنّى مضى زمن
أبلغ خليفتنا إن كنت لاقيه
…
أنّى لدى الباب كالمصفود فى قرن
لا تنس حاجتنا لقّيت مغفرة
…
قد طال مكثى عن أهلى وعن وطنى
فقال: حبا وكرامة. ودخل على عمر فقال: يامير المؤمنين الشعراء ببابك منذ أيام، وسهامهم مسمومة وأقوالهم مصرعة. فقال: ويحك يا عدىّ، ما لى وللشعراء؟ قال: أعزّ الله أمير المؤمنين، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد امتدح فأعطى، ولك أسوة فى رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال: كيف كان ذلك يابن أرطاة؟ قال: امتدحه العباس بن مرداس السلمى فأعطاه جبة قطع بها لسانه، وهى التى شراها معوية منه بأربعين ألف درهم. وها هى البردة التى تلبسونها فى وقت خطبكم، فقال: أتروى ما امتدحه به؟ قال: نعم.
وأنشده القصيدة التى أولها يقول: <من الطويل>:
رأيتك يا خير البرية كلها
…
نشرت كتابا جاء بالحق معلما
وقد تقدمت. فقال: يا عدىّ، من بالباب منهم؟ قال: عمر بن عبد الله ابن أبى ربيعة المخزومى (229) فقال: أليس هو القايل <من الخفيف>:
ثمّ نبّهتها فقامت كعابا
…
طفلة، ما تبين رجع الكلام
ساعة ثم إنها بعد قالت
…
ويلتا عجلت يابن الكرام
(1 - 2) يا أيّها. . . قرن: ورد البيتان أيضا فى الأغانى 8/ 47
(15 - 16) ثمّ. . . الكرام: ورد البيتان أيضا فى عمر بن أبى ربيعة 394
(15)
فقامت: فى عمر بن أبى ربيعة 394: «فمدّت» ؛ فى وفيات الأعيان 1/ 432: «فهبّت»
(16)
إنها بعد: فى عمر بن أبى ربيعة 394: «إنّه لى» ؛ فى وفيات الأعيان 1/ 432:
«هوّمت ثم»
أعلى غير موعد جيت تسرى
…
تتخطى إلى رؤوس النيام
ما تشجمت ما ترين من الأم
…
ر ولا جيت طارقا بخصام
لو كان عدو الله إذ فجر كتم على نفسه كان أخف، لا يدخل والله علىّ. فمن بالباب سواه؟ قال: همام بن غالب الفرزدق. قال: أو ليس القايل <من الطويل>:
هما دلّتانى من ثمانين قامة
…
كما انقضّ باز أقثم الرأس كاسره
فلمّا استوت فى الأرض رجلاى قالتا
…
أحىّ يرجّا أم قتيل نحاذره
لا يطى والله بساطى أبدا، فمن بالباب غيره؟ قال: الأخطل. فقال:
لا حياه الله، أليس هو الذى يقول <من الوافر>:
ولست بصايم رمضان طوعا
…
ولست بآكل لحم الأضاحى
ولست بزاجر عيسا بكور
…
إلى بطحاء مكّة للنجاحى
ولست بقايم كالعير أدعوا
…
قبيل الصّبح حىّ على الفلاح
ولكنّى سأشربها شمولا
…
وأسجد عند منبلج الصّباح
(1)
تسرى: فى وفيات الأعيان 1/ 432: «تسعى»
(3)
لو. . . أخف: فى وفيات الأعيان 1/ 432: «فلولا. . . نفسه»
(6 - 7) هما. . . نحاذره: ورد البيتان أيضا فى كتاب الشعر 308
(6)
الرأس: فى كتاب الشعر 308؛ وفيات الأعيان 1/ 432: «الريش»
لا يدخل والله علىّ ولا يطأ لى بساطا وهو كافر أبدا، فهل بالباب سوى من ذكرت؟ قال: نعم، الأحوص بن محمد، قال: أليس هو القايل <من المنسرح>:
الله بيتى وبين سيّدها
…
يفرّ منّى بها وأتبعها
بل الله بين سيدها وبينه، أغرب به، فما هو بدون من ذكرت. فمن ها هنا أيضا؟ قال: جميل بن معمر العذرى. قال: أليس هو القايل <من الطويل>:
ألا ليتنا نحيى جميعا وإن نمت
…
يوافق فى الموتى ضريحى ضريحها
(230)
فما أنا فى طول الحياة يراغب
…
إذا قيل قد سوّى عليها صفيحها
فلو كان عدو الله تمنى لقاوها فى الدنيا ثم يعمل صالحا بعد ذاك، لكان، لا يدخل إلىّ ولا أنظره. فهل سوى من ذكرت؟ قال: نعم، جرير ابن عطية. فقال: يا عدىّ أما إنه القايل <من الكامل>:
طرقتك صايدة القلوب وليس ذا
…
وقت الزيارة فارجعى بسلام
فإن كان ولا بد، فأذن له، فدخل جرير وهو يقول <من الكامل>:
(1)
علىّ. . . أبدا: فى وفيات الأعيان 1/ 432: «علىّ أبدا وهو كافر»
(4)
أتبعها: فى وفيات الأعيان 1/ 432: «اتبعه»
(5)
بل. . . ذكرت: فى وفيات الأعيان 1/ 433: «اضرب عليه، فما هو بدون من ذكرت»
(8)
نمت: فى وفيات الأعيان 1/ 433: «أمت»
(13)
طرقتك. . . بسلام: ورد هذا البيت فى النقائض 1/ 257
(14)
بد: فى وفيات الأعيان 1/ 433: «بد فهو»
إن الذى بعث النبى محمدا
…
جعل الخلافة فى الإمام العادل
وسع الخلايق عدله ووقاره
…
حتى ارعوى وأقام ميل المايل
إنى لأرجوا منك برّا عاجلا
…
والنفس مولعة بحبّ العاجل
فلما مثل بين يديه قال: ويحك يا جرير، اتق الله ولا تقل إلا حقّا! فقال <من البسيط>:
أأذكر الجهد والبلوى التى نزلت
…
أم قد كفاك الذى بلّغت من خبرى
كم باليمامة من شعثاء أرملة
…
ومن يتيم ضعيف الصوت والبصر
يدعوك دعوة ملهوف كأنّ به
…
خبلا من الجنّ أو مسّا من البشر
خليفة الله ماذا تأمرون بنا
…
لنا إليكم ولا فى دار منتظر
ما زلت بعدك فى همّ يؤرقنى
…
قد طال فى الحىّ إصعادى ومنحدر
لا ينفع الحاضر المجهود بادينا
…
ولا يعود لنا باد على خبر
إنا لنرجوا إذا ما الغيث أخلفنا
…
من الخليفة ما نرجوا من المطر
نال الخلافة أو كانت على قدر
…
كما أتى ربّه موسى على قدر
(6 - 13) أأذكر. . . قدر: وردت الأبيات أيضا فى شرح ديوان جرير 274 - 275
(6)
كفاك الذى: فى شرح ديوان جرير 274: «كفانى» ؛ فى وفيات الأعيان 1/ 433:
«كفانى بما»
(9)
لنا (لسنا). . . منتظر: انظر شرح ديوان جرير 275 حاشية 2
(10)
الحىّ. . . منحدر (لعل الأصح: منحدرى): انظر شرح ديوان جرير 274 حاشية 2
(11)
خبر: فى شرح ديوان جرير 274؛ وفيات الأعيان 1/ 433: «حضر»
(13)
نال. . . قدر: انظر شرح ديوان جرير 275 حاشية /3/أو. . . قدر: فى شرح ديوان جرير 275؛ وفيات الأعيان 1/ 433: «إذا كانت له قدرا»
هذى الأرامل قد قضّيت حاجتهم
…
فمن لحاجة هذا الأرمل الذكر
الخير ما دمت حيّا لا يفارقنا
…
بوركت يا عمر الخيرات من عمر
قال: يا جرير، ما أرى لك فيما ها هنا حقّا. قال: بلى يامير المؤمنين، (231) أنا بن سبيل ومنقطع بى. فأعطاه من صلب ماله ماية درهم. وروى أنه قال له: ويحك يا جرير، لقد ولينا هذا الأمر وما نملك إلا ثلثماية درهم، ماية أخذتها أم عبد الله، وماية عبد الله وماية موجودة، يا غلام أعطه الماية الموجودة. فأخذها وقال: لهى والله أحبّ إلىّ من جميع ما أملك. ثم خرج فلقيه الشعراء فقالوا: ما وراءك يا جرير؟ فقال: ما يسوءكم، خرجت من عند رجل يعطى الفقراء، ويمنع الشعراء، وإنى عنه لراض، وقال <من الطويل>:
رأيت رقى الشيطان لا يستفزه
…
وقد كان شيطانى من الإنس راقيا
وروى أن عبد الحميد كتب إليه يستأذنه فى قوم من الديوان اختانوا.
فكتب إليه يقول: قد ورد علىّ كتاب منك تذكر فيه أن قبلك قوما قد اختانوا، وتستأذنى فى الانبساط عليهم. فالعجب منك فى استيثارك إياى فى عذاب بشر مثلى كأنى جنة لك. وكأنّ رضاى عنك ينجيك من من سخط الله عز وجل. فإذا جاءك كتابى هذا، فانظر من أقر منهم بشئ فخذه بما أقر به على نفسه، ومن أنكر استحلفه وخل سبيله. فلعمرى لأن يلقوا الله
(11)
رأيت. . . راقيا: هذا البيت ناقص فى ديوان جرير//الإنس: فى وفيات الأعيان 1/ 434: «الجن»
تعالى بجناياتهم أحب إلىّ أن ألقاه بدمايهم والسلام.
وكان من دعايه يقول: اللهم إنى أطعتك فى أحب الأشياء إليك وهو توحيدك، ولم أعصك فى أبغض الأشياء إليك وهو الكفر بك، فاغفر لى ما بينهما. وهذا ممن أوجز دعاى يكون وأبلغه.
وروى أن لما كان فى خلافة المعتصم بالله بن الرشيد، بلغه أن فى بعض الأديرة بالروم قميص لعمر بن عبد العزيز ما وضعه عليه ذى علة إلا وأبرأه الله عز وجل من علته. فسير المعتصم إلى ملك الروم رسولا (232) يقول: إن هذا القميص لنا، ونحن أحق به منكم إذ هو من آثار سلفنا. وكان قد بلى الروم من المعتصم بما لم يبلوا بمثله من غيره. فسير ملك الروم إلى ذلك الدير يطلب القميص وإنفاذه، فحضر كبير ذلك الدير وقال: أنفذنى رسولا فإنى سأسد باب هذا الطلب. فأنفذه، فلما مثل بين يدى المعتصم سأله عن القميص: وهل الذى بلغه عنه له صحّة. فقال:
نعم، يامير المؤمنين. فقال: ولم لا أحضرته، انقضتم المهادنة بيننا إذ الشرط: لا يطلب منهم شئ كاين ما كان فيمنعوه. فقال كبير الدير: يامير المؤمنين، فهذا القميص لمن كان؟ قال: لأحد خلفانا المسلمين. فقال:
وثبت ذاك عند أمير المؤمنين؟ قال: نعم. قال: وكذلك هو عندنا تابثا.
فيا أمير المؤمنين لتكن أنت مثل ذلك الخليفة، واعمل بعمله يكن لباسك