الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
واسلك سبيل وصله وصنه
…
عسى تباريح يحنّ منه
فيرجع الوصل ولم تشنه
ذكر بن سريج ونسبه ولمعا من خبره
هو عبيد بن سريج، ويكنى أبا يحيى مولى بنى نوفل بن عبد مناف، وقيل: إنه مولى لبنى الحرث بن عبد المطلب، وقيل: إنه مولى لبنى ليث. ومنزله بمكة شرفها الله تعالى، وقيل: هو مولى لبنى عايذ بن عبد الله بن عمر بن مخزوم. وفى بنى عايذ يقول الشاعر <من الوافر>:
فإن تصلح فإنك عايذىّ
…
وصلح العايذىّ إلى فساد
وذكر إبراهيم بن زياد أن بن سريج كان آدم أحمر ظاهر الدم سناطا فى عينه قبل، وبلغ خمسا وثمانين سنة، وكان أكثر ما يرى مقنّعا، وكان منقطعا إلى عبد الله بن جعفر. وكان أحسن الناس غناء. وغنّى فى زمان
(1)
عسى. . . منه: فى الأغانى 1/ 315؛ عمر بن أبى ربيعة 440: «إن كان غدّارا فلا تكنه» //يحنّ: فى الأغانى 1/ 315؛ عمر بن أبى ربيعة 440: «تجئ»
(2)
فيرجع. . . تشنه: فى الأغانى 1/ 315؛ عمر بن أبى ربيعة 440:
«عسى تباريح تجئ منه
…
فيرجع الوصل ولم تشنه»
(3 - 16،270) بن (ابن) سريج. . . مناه: ورد النص فى الأغانى 1/ 248 - 249،251
(4)
عبيد: انظر الأغانى 1/ 248 حاشية 3
(9)
سناطا: انظر الأغانى 1/ 249 حاشية 2
(10)
قبل: انظر الأغانى 1/ 249 حاشية 3
عثمان بن عفان رضى الله عنه ومات فى خلافة هشام بن عبد الملك مجذوما.
قال إسحق الموصلى: أصل الغناء أربعة نفر: مكّيان ومدنيّان.
فالمكيّان: ابن سريج وابن محرز، والمدنيّان: معبد ومالك. وسيأتى ذكر كل واحد من هؤلاء فى موضعه الايق به إنشاء الله تعالى.
وقال إسحق: سألت هشام بن المرّيّة، وكان قد عمّر، وكان عالما بالغناء لا يناوى فيه فقلت: من أحذق الناس بالغناء؟ فقال لى: أتحبّ الإطالة أم الاختصار؟ فقلت: بل الاختصار. قال: ما خلق الله عز وجل بعد داود عليه السلام أحسن صوتا من ابن سريج، ولا صاغ الله عز وجل أحدا أحذق منه بالغناء، ويدلّك (180) على ذلك أن معبدا كان إذا أعجبه غناؤه قال: أنا اليوم سريجىّ.
وعن يونس ابن محمد الكاتب إنه تحدّث عن الأربعة: ابن سريج وابن محرز ومعبد والغريض. فقيل له: من أحسن الناس غناء؟ فقال: أيو يحيى. فقيل: عبيد بن سريج؟ قال: نعم. قيل: وكيف ذاك؟ قال: إن شيتم فسّرت ذلك، وإن شيتم أجملته. قالوا: بل أجمل. قال: كأنه خلق من كل قلب، يغنى لكل أحد مناه.
(7)
يناوى: فى الأغانى 1/ 251: «يبارى»
وروى أبو الفرج صاحب كتاب الأغانى أن عمر بن أبى ربيعة وبن سريج أتيا أيام الحج، وهما فى أحسن هية وأبها زى. ونزلا إلى كثيب على خمسة أميال من مكة مشرف على الطريق الآخذة إلى المدينة والشأم والعراق، وصارا إليه وأكلا وشربا. فلما انتشيا أخذ بن سريج الدّفّ فنقره وجعل يتغنى، وهم ينظرون إلى الحاجّ. فلما أمسيا رفع بن سريج صوته فغنى فى شعر عمر بن أبى ربيعة. فسمعه الركبان، فجعلوا يصيحون به:
يا صاحب الصوت أما تتّقى الله عز وجل! قد حبست الناس عن مناسكهم! فيسكت قليلا، حتى إذا مضوا رفع صوته وقد أخذ منه الشراب، فيقف آخرون، إلى أن وقف عليه فى الليل رجل على فرس عتيق عربى مسن كأنه ثمل، حتى وقف بأصل الكثيب، وثنى رجله على قربوس سرجه. ثم نادا: يا صاحب الصوت، أيسهل عليك أن تردّ شيا ممّا سمعته منك؟ قال: نعم ونعمة عين، وأيّها تريد؟ قال: تعيد علىّ <من الطويل>:
ألا يا غراب البين ما لك كلّما
…
علوت بفقدان علىّ تحوم
أبا البين من عفراء أنت مخبّرى
…
عدمتك من طير فأنت مشوم
(1 - 4،274) عمر. . . معوية: ورد النص فى الأغانى 1/ 258 - 259،261 - 266
(4)
الدّف: انظر الأغانى 1/ 262 حاشية 2
(9)
عتيق: انظر الأغانى 1/ 262 حاشية /4/مسن: فى الأغانى 1/ 262: «مستنّ» ، انظر هناك حاشية 5
(12)
نعمة عين: انظر الأغانى 1/ 258 حاشية 2
(181)
الشعر لقيس بن ذريح وقيل لعروة، والغناء فيه لابن سريج فغناه. ثم قال ابن سريج: أزدد إن شيت، قال: غنّنى <من الطويل>:
أمسلم إنّى يابن كلّ خليفة
…
ويا فارس الهيجا ويا جبل الأرض
شكرتك إنّ الشكر حبل من التّقى
…
وما كلّ من أقرضته نعمة يقضى
وأحييت لى ذكرى وما كان ميتا
…
ولكنّ بعض الذكر أنبه من بعض
الشعر لأبى نخيلة الحمّانى، والغناء لابن سريج فغناه. فقال له:
الثالث ولا أستزيدك. فقال: قل ما شيت. قال: غننى <من المنسرح>:
يا دار أقوت بالجزع والكثب
…
بين مسيل العذيب والرّحب
لم تتقنّع بفضل ميزرها
…
دعد ولم تسق دعد بالعلب
فغناه، ثم قال له ابن سريج: أبقيت لك حاجة؟ قال: نعم، تنزل إلىّ لأخاطبك شفاها بما أريد. فقال له عمر: انزل إليه. فنزل. فقال له: لولا أنّى أريد وداع الكعبة، وقد تقدّمنى ثقلى وغلمانى، لأطلت مقامى عندكما.
ولكنى أخشى أن يفضحنى الصبح، ولو كان ثقلى معى لما رضيت لك
(1)
وقيل لعروة: فى الأغانى 1/ 264: «وقيل: إنه لغيره»
(3)
أمسلم: انظر الأغانى 1/ 263 حاشية 1
(5)
أحييت. . . ميتا: فى الأغانى 1/ 265: «نوّهت لى باسمى وما كان خاملا»
(9)
بالجزع: انظر الأغانى 1/ 263 حاشية /4/الكثب: انظر الأغانى 1/ 263 حاشية /5/العذيب: انظر الأغانى 1/ 263 حاشية /6/الرّحب: انظر الأغانى 1/ 263 حاشية 7
(10)
بالعلب: انظر الأغانى 1/ 263 حاشية 10
بالهوينا. ولكن خذ حلّتى هذه وخاتمى ولا تخدع فيهما فإن شراءهما ألف وخمس ماية دينار.
وفى رواية حمّاد بن إسحق أنه لما نزل إليه قال له: بالله عليك، أنت بن سريج؟ قال: نعم. قال: حيّاك الله أبا يحيى! وهذا عمر بن أبى ربيعة؟ قال: نعم. قال: حيّاك الله يا با الخطاب! فقالا له: وأنت فحيّاك الله! قد عرفتنا فعرّفنا بنفسك. قال: لا يمكننى ذلك. فغضب بن سريج فقال: والله لو كنت يزيد بن عبد الملك ما زاد. فقال له: مهلا أبا يحيى، أنا يزيد بن عبد الملك. فوثب إليه عمر فأعظمه وهوى ابن سريج فقبّل ركابه، فنزع حلّته وخاتمه (182) فدفعهما إليه ومضى يركض حتى لحق ثقله. فجاء بهما ابن سريج إلى عمر فأعطاه إياهما. وقال: إن هذين بك أشبه منى بهما. فأعطاه عمر ثلثماية دينار وغدا فيهما إلى المسجد.
فعرفهما الناس وجعلوا يتعجّبون ويقولون: كأنهما والله حلة يزيد بن عبد الملك وخاتمه. ثم يسألون عمر عنهما فيخبرهم أن يزيد كساه ذلك.
وعن عمير بن سعد مولى الحرث بن هشام قال: خرج ابن الزبير أيام خلافته ليلة إلى أبى قبيس فسمع غناء. فلما انصرف رآه أصحابه، وقد حال لونه. فقالوا إنّ بك لشرّا. قال: إن ذاك. قالوا: وما هو؟ قال: لقد سمعت صوتا إن كان من الجنّ إنه لعجب فيه، وإن كان من الإنس فما
(1)
فيهما: فى الأغانى 1/ 264: «عنهما»
(3)
أنه: يعنى يزيد بن عبد الملك، انظر الأغانى 1/ 258
(16)
إن ذاك: فى الأغانى 1/ 266: «إنه ذاك»