الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ما لخص من الحوادث
الخليفة الوليد بن عبد الملك بن مروان، وعبد الله بمصر، وعبد الرحمن ابن معوية بن حديج القاضى بمصر، والحجاج بن يوسف بالعراقين.
روى صاحب كتاب الأغانى عن حمّاد الرواية عن أبيه عن جده قال:
كتب الوليد بن عبد الملك إلى عامله بمكة: أن أشخص لى ابن سريج، فأشخصه. فلما قدم مكث أياما لا يدعوا به ولا يلتفت إليه. ثم إنه ذكره وطرب له فقال: ويلكم! ما فعل ابن سريج؟ قالوا: حاضر. قال: علىّ به، فأحضر وقد تهيأ وتلبس وتطيب، فأقبل حتى دخل على الوليد فسلّم.
فأشار إليه: أن اجلس. فجلس بعيدا. فاستدناه حتى كان منه قريبا فقال:
ويحك يا عبيد! قد بلغنى ما حملنى على الوفادة بك من كثرة أدبك وجودة اختيارك مع ظرف لسانك وحلاوة منطقك ولذاذة مجلسك. قال:
جعلت فداك، يا أمير المؤمنين! «تسمع بالمعيدىّ لا أن تراه» ، قال الوليد:
إنى لأرجوا أن لا تكون أنت ذاك، هات ما عندك. فاندفع ابن سريج يغنى بشعر الأحوص فى الوليد <من الطويل>:
(2 - 3) عبد. . . حديج: فى كتاب الولاة 324: «. . . ثم ولى القضاء عبد الرحمن. . . فى ربيع الأول سنة ست وثمانين»
(5 - 2،269) حمّاد. . . تشنه: ورد النص فى الأغانى 1/ 297 - 302،309،314 - 315
(6)
لى: فى الأغانى 1/ 297: «إلىّ»
(13)
لا أن: فى الأغانى 1/ 297: «خير من أن»
أمنزلتى سلمى على القدم اسلما
…
فقد هجتما للشوق قلبا متيّما
وذكّرتما عصر الشّباب الذى مضى
…
وجدّة وصل حبله قد تصرّما
وإنى إذا حلّت ببيش مقيمة
…
وحلّ بوجّ جالسا أو تتهّما
يمانية شطّت وأصبح نفعها
…
رجاء وظنّا بالمغيب مرجّما
(175)
أحبّ دنوّ الدار منها وقد أبى
…
بها صدع شعب الدار إلاّ توهّما
بكاها وما يدرى سوى الظّنّ ما بكى
…
أحيّا يبكّى أم ترابا وأعظما
فدعها وأخلف للخليفة مدحة
…
تزل عنك بؤسى أو تفيدك مغنما
فإنّ بكفّيه مفاتيح رحمة
…
وغيث حيا يحيا به الناس مرهما
إمام أتاه الملك عفوا ولم يكن يثب
…
على ملكه مالا حرما ولا دما
تخيّره ربّ العباد لخلقه
…
وليّا وكان الله بالناس أعلما
فلما ارتضاه الله لم يدع مسلما
…
لبيعته إلاّ أجاب وسلّما
ينال الغنى والعزّ من نال ودّه
…
ويرهب موتا عاجلا إن تسنما
(1 - 3) أمنزلتى. . . تتهّما: وردت الأبيات فى شعر الأحوص (تحقيق إبراهيم السامرائى) ص 192
(2)
تصرّما: فى الأغانى 1/ 297: «تجذّما» ، انظر أيضا هناك حاشية 6
(3)
ببيش: انظر الأغانى 1/ 298 حاشية /1/بوجّ: انظر الأغانى 1/ 298 حاشية /2/ جالسا: انظر الأغانى 1/ 298 حاشية /3/تتهّما: انظر الأغانى 1/ 298 حاشية 4
(5)
شعب: انظر الأغانى 1/ 298 حاشية /5/توهّما: فى الأغانى 1/ 298: «تثلّما»
(6)
ما بكى: فى الأغانى 1/ 298: «من بكى»
(7)
تفيدك: انظر الأغانى 1/ 298 حاشية /7/مغنما: فى الأغانى 1/ 298: «أنعما»
(8)
مرهما: انظر الأغانى 1/ 298 حاشية 8
(9)
ولم. . . يثب: فى الأغانى 1/ 298: «ولم يثب»
(12)
إن تسنما: فى الأغانى 1/ 298: «من تشأما» ، انظر الأغانى 1/ 298 حاشية 10
فقال الوليد: أحسنت والله وأحسن الأحوص! ثم قال: هيه يا عبيد.
فاندفع فغناه بشعر عدىّ بن الرّقاع العاملىّ يمدح الوليد <من البسيط>:
طار الكرى وألمّ الهمّ فاكتنعا
…
وحيل بينى وبين النّوم فامتنعا
كان الشّباب قناعا أستكنّ به
…
وأستظلّ زمانا ثمّت انقشعا
واستبدل الرأس شيبا بعد داجية
…
فتانة ما ترى فى صدغها نزعا
فإن تكن ميعة من باطل ذهبت
…
وأعقب الرأس بعد الصّبوة الورعا
لقد أبيت أناعى الخود دانية
…
على الوسايد مسرورا بها ولعا
برّاقة الثّغر يشفى القلب لذّتها
…
إذا مقبّلها فى نحرها لمعا
كالأقحوان بضاحى الرّوض صبّحه
…
غيث أرشّ بتنضاح وما نقعا
صلّى الذى الصّلوات الطّيّبات له
…
والمؤمنون إذا ما جمّعوا الجمعا
على الذى سبق الأقوام صاحبه
…
بالأجر والحمد حتى صاحباه معا
هو الذى جمع الرحمن المته
…
على يديه وكانوا قبله شيعا
(176)
عذنا بذى العرش أن نحيى ونفقده
…
وأن نكون لراع بعده تبعا
(3)
ألمّ: انظر الأغانى 1/ 299 حاشية /1/فاكتنعا: انظر الأغانى 1/ 299 حاشية 2
(5)
فتانة: فى الأغانى 1/ 299: «فينانة»
(6)
ميعة: انظر الأغانى 1/ 299 حاشية /5/الرأس: فى الأغانى 1/ 299: «الله»
(7)
الخود: انظر الأغانى 1/ 299 حاشية /6/دانية: فى الأغانى 1/ 299: «راقدة»
(8)
لمعا: فى الأغانى 1/ 299: «كرعا» ، انظر أيضا حاشية 7
(9)
بتنضاح: انظر الأغانى 1/ 299 حاشية 8
(11)
صاحبه: فى الأغانى 1/ 299: «ضاحية»
(12)
المته (لمّته): فى الأغانى 1/ 299: «أمّته» //شيعا: انظر الأغانى 1/ 299 حاشية 10
إنّ الوليد أمير المؤمنين له
…
ملك عليه أعان الله فارتفعا
لا يمنع الناس ما أعطى الذين هم
…
له عباد ولا يعطون ما منعا
قال له الوليد: صدقت يا عبيد، أنّى لك هذا؟ قال: هو من عند الله. قال الوليد: لو غير هذا قلت لأحسنت أدبك. قال ابن سريج:
{ذلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ} من عباده. قال الوليد: يزيد فى الخلق ما يشاء. قال ابن سريج: ذلك فضل ربى ليبلونى أشكر أم أكفر. قال الوليد: علمك والله أكثر وأعجب إلىّ من غنايك! هات فغنّنى! فغنّاه بشعر عدىّ بن الرّقاع يمدح الوليد أيضا <من الكامل>:
عرف الدّيار توهّما فاعتادها
…
من بعد ما شمل البلى أبلادها
ولربّ واضحة العوارض حرّة
…
كالرّيم قد ضربت به أوتادها
إنّى إذا لم تصلنى خلّتى
…
وتباعدت منّى اغتفرت بعادها
صلى الإله على امرئ ودّعته
…
وأتمّ نعمته عليه وزادها
وإذا الرّبيع تتابعت أنواره
…
فسقا حياضرة الأخصّ وجادها
نزل الوليد بها فكان لأهلها
…
غيثا أغاث أنيسها وبلادها
أو لا ترى أن البريّة كلّها
…
ألقت خزايمها إليه فقادها
(9)
فاعتادها: انظر الأغانى 1/ 300 حاشية /1/أبلادها: انظر الأغانى 1/ 300 حاشية 2
(10)
العوارض: انظر الأغانى 1/ 300 حاشية 3
(11)
خلّتى: فى الأغانى 1/ 300 حاشية 5: «صديقتى»
(13)
أنواره: فى الأغانى 1/ 300: «أنواءه»
ولقد أراد الله إذ ولاّكها
…
من أمّة إصلاحها ورشادها
وعمرت أرض المسلمين فأقبلت
…
وكففت عنها من يريد فسادها
وأصبت فى أرض العدوّ مصيبة
…
عمّت أقاصى غورها ونجادها
ظفرا ونصرا ما تناول مثله
…
أحد من الخلفاء كان أرادها
وإذا نشرت له الثناء وجدته
…
جمع المكارم طرفها وتلادها
(177)
فأشار الوليد إلى بعض الخدم، فغطّوه بالخلع ووضعوا بين يديه كيسة الدنانير وبدر الدراهم. ثم قال: يا مولى بنى نوفل بن الحرث، لقد أوتيت أمرا جليلا. فقال: وأنت يا أمير المؤمنين! فقد آتاك [الله] عز وجل ملكا عظيما وشرفا عاليا، وعزّا بسط يدك فيه فلم يقبضه عنك ولا يفعل إن شاء الله. وأدام [الله] لك، ما ولاّك، وحفظك فيما استرعاك، فإنك أهل لما أعطاك، ولا ينزعه منك إذا رآك أهلا لما أتاك. قال الوليد: يا نوفلىّ، وخطيب أيضا! قال بن سريج: عنك نطقت، وبلسانك تكلّمت، وبعزّك بيّنت. وقد كان الوليد أمر بإحضار الأحوص بن محمد الأنصارى وعدىّ بن الرّقاع العاملىّ حين غنا ابن سريج بشعرهما فى الوليد. فلما قدما أمر بإنزالهما حيث بن سريج فأنزلا منزلا إلى جنب بن سريج. فقالا: والله
(2)
عمرت: فى الأغانى 1/ 301: «أعمرت»
(11)
ينزعه. . . أتاك: فى الأغانى 1/ 301: «نزعه منك إذ رآك له موضعا»
لقرب أمير المؤمنين كان أحبّ إلينا من قربك يا مولى بنى نوفل، فإنّ فى قربك ما يلذّنا ويشغلنا عن كثير مما نريد. فقال لهما ابن سريج: أوقلّة شكر! فقال عدىّ: كأنك يابن اللّخناء تمنّ علينا [علىّ] وعلىّ، إن جمعنا وإياك سقف بيت أو صحن دار إلا عند أمير المؤمنين. وأما الأحوص فقال: أو لا تحتمل لأبى يحيى الزّلّة والهفوة! كفّارة يمين خير من عدم المحبة، وإعطاء النفس سؤلها خير من لجاج فى غير منفعة! فتحوّل عدىّ وبقى الأحوص. وبلغ الوليد ما جرى بينهم، فدعا بابن سريج فأدخله بيتا وأرخى دونه سترا. ثم أمره إذا فرغ الأحوص وعدىّ من كلمتيهما أن يغنّى. فلما دخلا وأنشداه مدايح لهما فيه، رفع صوته ابن سريج من حيث لا يرونه وضرب (178) بعوده. فقال عدىّ: يامير المؤمنين، أتأذن لى فى أن أتكلم؟ قال: قل يا عاملىّ. قال: أيكون مثل هذا عند أمير المؤمنين، ويبعث إلى ابن سريج يتخطّى به رقاب قريش والعرب من تهامة إلى الشام! ترفعه أرض وتخفضه أخرى فيقال: من هذا؟ فيقال: عبيد بن سريج مولى بنى نوفل بعث إليه أمير المؤمنين يسمع غناوه. قال الوليد: ويحك يا عدىّ! أو لا تعرف هذا الصوت؟ قال: لا، والله ما سمعته قط ولا سمعت مثله حسنا. ولولا أنه فى مجلس أمير المؤمنين لقلت: طايفة من الجنّ يتغنّون. قال: اخرج
(2)
يلذّنا: انظر الأغانى 1/ 301 حاشية 2
(6)
لجاج: انظر الأغانى 1/ 302 حاشية 1
(15)
يسمع: فى الأغانى 1/ 302: «ليسمع»
عليهم. فخرج فإذا هو ابن سريج. فقال عدىّ: حقّ لهذا أن يحمل! -ثلثا- ثم أمر لهما بمثل ما أمر به لابن سريج وارتحل القوم. وكان الذى غنّاه بن سريج بشعر عمر بن أبى ربيعة المخزومى يقول <من السريع>:
بالله يا ظبى بنى الحارث
…
هل من وفى بالعهد كالنّاكث
لا تخدعنّى بالمنى عنوة
…
وأنت بى تلعب كالعابث
حتّى تراايت لنا هكذا
…
نفسى فداء لك يا حارثى
يا منتهى همّى ويا منيتى
…
ويا هوى نفسى ويا وارثى
وعن حماد بن إسحق عن أبيه قال: قال لى الفضل بن يحيى:
سألت أباك ليلة، وقد أخذ منه الشراب: من أحسن والناس غناء. فقال:
من النساء أم الرجال؟ فقلت: من الرجال. فقال: بن محرز. قلت: فمن النساء؟ قال: بن سريج. قال إسحق: أحسن النساء غناء من تشبّه بالرجال، وأحسن الرجال غناء من تشبّه بالنساء.
وعن إسحق الموصلى قال: تغنّى ابن سريج فى شعر لعمر بن أبى ربعية المخزومى وهو <من الرجز>:
(179)
خانك من تهوى فلا تخنه
…
وكن وفيّا إن سلوت عنه
(3)
بشعر: فى الأغانى 1/ 302: «من شعر»
(5)
عنوة: فى الأغانى 1/ 303: «باطلا»
(6)
تراايت (تراءيت): فى الأغانى 1/ 302: «متى أنت» ، انظر هناك حاشية 4
(15 - 2،129) خانك. . . تشنه: وردت الأبيات فى ديوان عمر بن أبى ربيعة 440