الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
له محمد بن الأشعث: وجّهنى إليه آتك به! فوجهه إليه. فلما قدم عليه قال له المهلب: يا محمد، ما وجد المصعب بريدا غيرك؟ قال: والله يا با سعيد، ما أنا إلا بريد [نساينا](105) وأبناينا. فأقبل إليه المهلب فى عدد وعدّة حتى قدم البصرة، فأعظمه المصعب وأمره أن يعسكر عند الجسر.
ونفّذ المصعب إلى الكوفة من يخذل الناس عن المختار.
ذكر قتلة المختار
وكان لمّا بلغ المختار توجه المهلب إليه فى الجيش من قبل المصعب، نفذ أيضا جيشا عليهم ابن شميط فى خيل كثيرة. والتقا الجيشان فانهزم جيش المختار، وقتل بن شميط، وكان المختار قد قال حين بعث ابن شميط: والذى كرم وجه أبى القسم ليدخلن بن شميط البصرة، ولتكونن له النصرة فى عافية صافية، قضاء مقضيّا، وقد خاب من افترى. فقد بعثت معه براية ما غزلتها يد ولا نسجها نساج. وكان المختار قد بعث مع بن شميط راية وقد لفها فى خرقة حرير. وقال
(4)
الجسر: يعنى الجسر الأكبر بالبصرة، انظر أنساب الأشراف 5/ 253،432
(9 - 3،163) وكان. . . حاجته: ورد النص فى أنساب الأشراف 5/ 255 - 257،262، 263،265،279،282، قارن أيضا الكامل 4/ 273 - 274
(10)
أبى القسم: يعنى محمد النبىّ، انظر أنساب الأشراف 5/ 415 (الفهرس)
له: لا تفتحها إلا فى ساعة كذا. فإنهم إذا نظروا إليها انهزموا من غير قتال ولا نصب. فلما انهزم جيش المختار وقتل بن شميط، تقدم المصعب فنزل الكوفة وحصر المختار فى قصره، فخرج ليلا فعرف.
فقتل هو ومن معه، وأتى برأسه فوضع بين يدى المصعب على ترس، ونفذ إلى أخيه بالفتح. ثم إن عبد الله بن الزبير وجه ولده حمزة إلى البصرة واليا وكتب إلى المصعب أن يضم من قبله من الرجال إلى حمزة. فغضب المصعب وسار إلى مكة، ومعه مال جليل، واستخلف القباع. وإنما سمى القباع لأنه رأى لأهل البصرة مكيالا أجوفا. فقال:
ما هذا إلا قباعا يعنى أجوفا فلقبوه بذلك.
قال أبو الأسود يخاطب بن الزبير فى ذلك <من الوافر>:
أبا بكر جزاك الله خيرا
…
أرحنا من قباع بنى المغيره
(106)
وكان لما أخذ أصحاب المختار أسرى بعد أن نزلوا على حكمه، فأتى منهم برجل مكتوف. فقال: الحمد لله الذى ابتلانا بالأمير وابتلاه، بنا إنّ من عفى عفى الله عنه. ومن عاقب لم يؤمن القصاص، يابن الزبير، نحن أهل قبلتكم وعلى ملتكم، ولسنا بروم ولا ديلم، لم نعد إن خالفنا إخواننا من أهل ديننا ومصرنا. وإمّا أن يكونوا أخطأوا وأصبنا أو أصابوا وأخطأنا، فاقتتلنا كما اقتتل أهل الشام وأهل العراق. فقد افترقوا
(10)
أبو الأسود: فى أنساب الأشراف 5/ 256: «أبو الأسود الدئلى»
(11)
أبا. . . المغيرة: ورد البيت فى أنساب الأشراف 5/ 256،277
ثم اجتمعوا، وقد ملكتم فأسجحوا وق [درتم] فاعفوا. فرقّ له المصعب وللأسرى، ثم استشار المصعب الناس. فقال مسافر بن سعيد بن نمران:
ما تقول يابن الزبير غدا وقد قتلت أمة من الأمم مسلمين حكّموك فى أنفسهم ودمايهم صبرا.
قال الأحنف: أرى أن تعفوا فإن العفو أقرب للتّقوى. فضج أصحاب المصعب وقالوا: لا نرضى أو تقتلهم: فقتلهم. فلما قتلوا قال:
ما أدركتم بقتلهم ثأرا. فليته لا يكون فى الآخرة وبالا.
وكان مقتل المختار فى شهر رمضان سنة تسع وستين. ولما قدم المصعب بن الزبير على أخيه عبد الله بعد قتل المختار وأصحابه قال له عبد الله بن عمر بن الخطاب رضى الله عنهما: أنت الذى قتلت ستة آلاف من أهل القبلة فى غزاة واحدة. فقال إنهم كانوا سحرة وكفرة. فقال: والله لو كانوا غنما من ثرات الزبير لكان ما أتيت عظيما.
وقدم حمزة بن عبد الله بن الزبير البصرة، وكان جوادا إلا أنه كان أحمق، كان يعطى من لا يستحق ماية ألف ويمنع المستحق شسعا، ومدحه موسى شهوات فقال <من الرمل>:
حمزة المبتاع [حمد] ابا اللهى
…
ويرى فى بيعه أن قد غبن
(5)
أن. . . للتّقوى: فى القرآن 2/ 237: {وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوى»} //تعفوا: فى أنساب الأشراف 5/ 263؛ الكامل 4/ 274: «تعفو»
(8)
مقتل. . . ستين: انظر هنا ص 148، الهامش الموضوعى، حاشية سطر 2
(16 - 2،162) حمزة. . . بالسّفن: قارن الأغانى 3/ 350،357
(107)
فإذا أعطى عطاء فاضلا
…
ذا إخاء لم يكدّره بمنّ
وإذا ما سنة مجدبة
…
برت المال كبريى بالسّفن
إنجلت عنه نقيّا ثوبه
…
وتولّت ومحيّاه حسن
نور صدق نيّر فى وجهه
…
لم تصب أثوابه لون الدّرن
فلما قدم مصعب إلى عبد الله أخيه قال: ما رأيت فى ابنك حمزة حتى وليته وعزلتنى؟ قال: ما رأى عثمان فى ابن عامر حين عزل أبا موسى وولاه، ولم أعزلك تفضيلا له عليك. ثم رده على المصرين.
[وجد] المصعب على رجال من أهل البصرة فيهم أنس بن مالك وغيره. [ثم أمر] بأنس فقال له: أنشدك الله وخدمتى رسول الله صلى الله عليه وسلم. فخرّ مصعب من المنبر حتى لصق خده بالأرض وقال: سمعا وطاعة لله ولرسوله وحمله وكساه ووصله بعشرين ألفا.
كلّم الأحنف مصعبا فى قوم حبسهم. فقال: أصلح الله الأمير، إن كان الحق حبسهم فإن العفو يسعهم، وإن كانوا حبسوا فى باطل فالحق يخرجهم. قال: صدقت، وأخرجهم.
دخل أسقف نجران على مصعب فكلمه بكلام أغ [ضبه] فرماه مصعب بقضيب كان فى يده فأدماه. فقال: إن أذن الأمير فى الكلام
(4)
نور. . . الدّرن: ورد البيت فى الأغانى 3/ 350، /358/صدق نيّرّ: فى الأغانى 3/ 350: «شرق بيّن»
(12 - 13) إن. . . حبسهم: فى أنساب الأشراف 5/ 282: «إن كنت حبستهم بحقّ»
(13)
كانوا حبسوا: فى أنساب الأشراف 5/ 282: «كنت حبستهم»