الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ما لخص من الحوادث
الخليفة مروان بن محمد بن مروان، وحوثرة بحاله إلى أن عزل وولى مكانه عبد الملك النصيرى، وضم إليه الحرب والخراج بمصر، والقاضى عبد الرحمن بن سالم الجيشانى بحاله.
قد ذكرنا أبو مسلم وظهوره، فلنذكر الآن نسبه وأصله وكيفية مبتدأ أمره. ولعمرى إنّ ذلك قليلا أن يوجد فى تاريخ غير تاريخ القاضى بن خلكان رحمه الله تعالى.
ذكر أبو مسلم ونسبه ولمعا من خبره
هو أبو مسلم عبد الرحمن بن مسلم. وقيل اسمه عثمان، وقيل إبراهيم بن عثمان بن يسار بن شذوس بن حودر من ولد بزرجمهر بن البختكان الفارسى. هكذا وجدت نسبه فى كتاب الجمهرة.
(2 - 3) عزل. . . النصيرى: فى كتاب الولاة 92 - 93: «ثم صرف الحوثرة عنها فى جمادى الأولى سنة إحدى وثلاثين ومائة. . . ثم وليها المغيرة بن عبيد الله الفزارىّ. . . قدمها يوم الأربعاء لست بقين من رجب سنة إحدى وثلاثين ومائة. . . كانت وفاته يوم السبت لثنتى عشرة ليلة خلت من جمادى الأولى سنة اثنتين وثلاثين ومائة. . .
واستخلف ابنه الوليد. . . ثم صرف الوليد. ثم وليها عبد الملك بن مروان النصيرىّ. . . وليها فى جمادى الآخرة سنة اثنتين وثلاثين ومائة»، انظر أيضا حكام مصر لفيستنفلد 48،52؛ كتاب الأنساب لزامبور 26
(8 - 18،443) أبو (أبى). . . الأسد: ورد النص فى وفيات الأعيان 3/ 145 - 149،152
(11)
هكذا. . . الجمهرة: هذه الإشارة ليست فى وفيات الأعيان 3/ 145؛ لم أقف على نسبه فى جمهرة النسب لابن الكلبى
وكان أبوه من رستاق فريذين من قرية تسمى سنجرد. وقيل إنه من قرية يقال لها حوان على ثلثة فراسخ من مرو. وكانت هذه القرية له مع عدة قرى، وكان بعض الأحيان يجلب إلى الكوفة المواشى. ثم إنه قاطع على رستاق فريذون فلحقه فيه عجز. وأنفذ عامل البلد إليه يشخصه إلى الديوان. وكان له عند أذين بنداذ بن وستجان جارية اسمها وشيكة جلبها من الكوفة. فأخذ الجارية معه وهى حامل، وتنحّى عن (284) مؤدّى خراجه آخذا إلى أذربيجان. فاجتاز إلى رستاق فاتق بعيسى بن معقل ابن عمير أخى إدريس بن معقل جد أبى دلف العجلى. فأقام عنده أياما فرأى فى منامه كأنه جلس للبول فخرج من إحليله نار فارتفعت فى السماء وسدّت الآفاق وأضاءت الأرض ووقعت بناحية المشرق. فقصّ رؤياه على عيسى بن معقل فقال: ما أشك أن فى بطنها غلاما، وسيكون له شأن من الشأن. ثم فارقه ومضى إلى أذربيجان ومات بها.
ووضعت الجارية أبا مسلم ونشأ عند عيسى. فلما ترعرع، اختلف مع ولده إلى المكتب. فخرج أديبا لبيبا يشار إليه من صغره. ثم اجتمع على عيسى بن معقل وأخيه إدريس جد أبى دلف القسم العجلى بقايا من خراج تقاعدا من أجلها عن حضور مؤدّى الخراج بأصبهان. فأنهى عامل أصبهان خبرهما إلى خالد بن عبد الله القسرى والى العراقين يوميذ، فأنفذ خالد من الكوفة من حملها إليه بعد قبضهما، فتركهما خالد فى السجن فصادفا عاصم
(15)
أبى. . . العجلى: فى وفيات الأعيان 3/ 146: «أبى دلف العجلى» ؛ فى الأعلام 6/ 13: «أبو دلف العجلى القاسم بن عيسى بن إدريس. . .»
ابن يونس العجلى محبوسا بسبب من أسباب الفساد. وقد كان عيسى بن معقل قبل ذلك أنفذ أبا مسلم إلى قرية من رستاق فاتق لاحتمال غلّتها. فلما اتصل به خبر عيسى بن معقل أباع ما كان احتمله من الغلة وأخذ ما اجتمع عنده من ثمنها ولحق بعيسى بن معقل، فأنزله عيسى بداره فى بنى عجل.
وكان يختلف إلى السجن ويتعهد عيسى وإدريس ابنى معقل.
وكان قد قدم الكوفة جماعة من نقباء الإمام إبراهيم بن علىّ بن عبد الله بن عباس مع عدة من الشيعة الخراسانية. فدخلوا على العجليين السجن مسلّمين، فصادفوا أبا مسلم عندهم (285) فأعجبهم عقله ومعرفته وكلامه وأدبه، ومال هو إليهم. ثم عرف أنهم دعاة، وفهم أمرهم. واتفق مع ذلك هروب عيسى بن معقل وإدريس أخوه من السجن. فعدل أبو مسلم من دور بنى عجل إلى هؤلاء النقباء. ثم خرج معهم إلى مكة، فأورد النقباء على إبراهيم بن محمد الإمام عشرين ألف دينار ومايتى ألف درهم، وأهدوا إليه أبا مسلم، فأعجب به وبمنطقه وبعقله وأدبه، وقال لهم: هذا عضلة من العضل. وأقام أبو مسلم عند إبراهيم بن محمد الإمام يخدمه سفرا وحضرا. ثم إن النقباء عادوا إلى الإمام إبراهيم وسألوه رجلا يقوم بأمر خراسان. فقال: إنى قد جرّبت هذا الخراسانى وعرفت ظاهره وباطنه. فوجدته حجر الأرض. ثم دعا أبو مسلم وقلده الأمر. فكان من أمره ما كان.
(6)
إبراهيم: فى وفيات الأعيان 3/ 146: «محمد» ، انظر أيضا تاريخ الطبرى (كتاب الفهارس)
ووصف المداينى أبا مسلم فقال: كان قصيرا أسمرا جميلا حلوا، نقى البشرة، أحور العين، عريض الجبهة، حسن اللحية وافرها، طويل الشعر طويل الظهر، قصير الساق والفخذ، خافض الصوت، فصيحا بالعربية والفارسية، حلو المنطق، راوية للشعر، عالما بالأمور، لم ير ضاحكا ولا مازحا إلا فى وقته، ولا يكاد يقطّب فى شئ من أحواله.
وكانت تأتيه الفتوحات العظام، فلا يظهر عليه أثر السرور، وتنزل به الحوادث الفادحة فلا يرى مكتيبا. وإذا غضب لا يستفزّه الغضب، ولا يأتى النساء فى السنة إلا مرّة واحدة، ويقول: الجماع جنون ويكفى الإنسان أن يجنّ فى السنة مرة، وكان أشد الناس غيرة.
وكان له إخوة من جملتهم يسار جد علىّ بن حمزة بن عمارة بن يسار (286) الأصبهانى.
وكانت ولادته سنة ماية للهجرة، والخليفة يوميذ عمر بن عبد العزيز، فى رستاق فاتق.
وكان أبو مسلم ينشد فى كل وقت <من البسيط>:
أدركت بالحزم والكتمان ما عجزت
…
عنه ملوك بنى مروان إذ حشدوا
ما زلت أسعى بجهدى فى دمارهم
…
والقوم فى غفلة بالشام قد رقدوا
حتى ضربتهم بالسيف فانتبهوا
…
من نومة لم ينمها قبلهم أحد
ومن رعى غنما فى أرض مسبعة
…
ونام عنها تولّى رعيها الأسد
(15 - 18) أدركت. . . الأسد: هذه الأبيات للعباس بن الأحنف، انظر وفيات الأعيان 8/ 363