الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وولد المستنصر يوم الجمعة مستهل رجب سنة اثنين وثلثماية، وملك وسنه ثمان وأربعون سنة وشهران، وتوفى ليلة الأحد لأربع خلون من صفر سنة ست وستين وثلثماية فى أيام الطايع، فبلغ من العمر ثلثا وستين سنة وتسعة أشهر وثلثة أيام. وكانت مدة مملكته خمس عشرة سنة وخمسة أشهر وثلثة أيام.
أولاده: هشام، سليمن، عبد الله.
حاجبه: جعفر الصّقلبىّ المعروف بالفتى، والله أعلم.
(311) هشام بن الحكم المنعوث بالمؤيّد بالله
بويع له بولاية العهد فى حياة والده فى غرة جمادى الأول سنة خمس وستين وثلثماية. وجددت له البيعة يوم الاثنين لخمس خلون من
(2)
ثمان: فى المعجب 59: «سبع» ؛ وفقا لهويثي ميرانده، مقالة «الحكم الثانى» 74، كانت سنة 46 سنة عند تولّيه
(2 - 3) ليلة. . . صفر: فى نفح الطيب 1/ 396: «ثانى صفر» ؛ فى نهاية الأرب 23/ 400:
«فى يوم السبت لعشر خلون من المحرم»
(3 - 4) فبلغ. . . أيام: فى نهاية الأرب 23/ 400: «فمات وله من العمر ثلاث وسبعون سنة وستة أشهر وعشرة أيام»
(4 - 5) خمس. . . أيام: فى نفح الطيب 1/ 396: «. . . لست عشرة سنة من خلافته»
(5)
خمسة: فى البيان المغرب 2/ 233: «سبعة»
(6 - 7) أولاده. . . بالفتى: ورد النص فى نهاية الأرب 23/ 2 وأيضا أولاده: فى جمهرة أنساب العرب 100: «فلم يعقب إلاّ هشاما. . .»
(7)
الصّقلبى: فى نهاية الأرب 23/ 402: «الصقلى»
(9 - 18،484) بويع. . . تراه: ورد النص فى نهاية الأرب 23/ 402 - 403،406 باختلاف بسيط فى اللفظ والمعنى
صفر عند وفاة أبيه. وقد كان عمه المغيرة بن الناصر طلب المملكة. فقتل فى هذا اليوم، وتمت المملكة للمؤيد بالله. وكان سنه يوميذ عشرة أعوام وثمانية أشهر وأياما.
ولما ولى هشام فى هذه السنة فى هذا السن، احتيج إلى مدبر لأمر المملكة، فوقع الاختيار على جعفر بن عثمن المصحفىّ، فقلده هشام حجابته وتدبير أمره يوم السبت لعشر خلون من صفر، وهو اليوم السادس من بيعته. وفى هذا اليوم قلد المنصور بن أبى عامر الوزارة، وكان قبل ذلك على الشرطة والسكة، وأشرك مع المصحفى فى الحجبة. فلم يزل المصحفى ينحطّ، والمنصور بن أبى عامر يرتفع حتى عزل المصحفى عن الحجابة فى يوم الاثنين لثلث عشرة ليلة خلت من شعبان سنة سبع وستين وثلثماية، وصودر المصحفى وطولب بماية ألف دينار، وتوفى فى المطبق بعد خمسة أعوام، فكانت مدة حجابته ستة أشهر وثلثة أيام.
واتفق رأى المؤيد وابن أبى الرجال وابن الأصبحى على تقديم محمد بن أبى عامر المعافرىّ إلى رتبة الحجابة يوم الاثنين لثلث عشرة ليلة خلت من شعبان، ونعت بالمنصور، وبقى غالب بن عبد الرحمن مولى الناصر شريكه إلى أن قتل، وانفرد المنصور بالحجبة، وكان كما كتب على قبره <من الكامل>:
آثاره تنبيك عن أفعاله
…
حتى كأنّك بالضمير تراه
(1)
الناصر: فى نهاية الأرب 23/ 402: «عبد الرحمن»
(2 - 3) عشرة. . . أياما: فى البيان المغرب 2/ 253: «إحدى عشرة سنة وثمانية أشهر» ؛ فى نفح الطيب 1/ 396: «تسع سنين» ، قارن نفح الطيب 1/ 399؛ فى نهاية الأرب 23/ 402:«اثنتى عشرة سنة»
(7)
المنصور. . . عامر: قارن الكامل 9/ 176
(18)
آثاره. . . تراه: ورد البيت فى نفح الطيب /1/ 398/أفعاله: فى نفح الطيب 1/ 398؛ نهاية الأرب 23/ 406: «أخباره» //بالضمير: فى نفح الطيب 1/ 398؛ نهاية الأرب 23/ 406: «بالعيان»
وغزا رحمه الله الروم اثنين وخمسين غزاة فى ستة وعشرين سنة (312) صايفة وشاتية فى كل سنة. منها غزوة باقه من مفاخر الإسلام فيها أن بعض الأجناد نسى راية مركوزة على بعض الجبال بقرب مدينة من مداين الروم، فأقامت حتى عادت المسلمين فى الغزاة الثانية ولم يتعرض لها متعرض من الروم. وعاد صاحبها فى الغزوة الثانية وأخذها بيده مكان أركزها بعد ستة أشهر.
ومن مفاخره جوازه بالدرب الغربى، وهو مدخل من جبلين عظيمين، طول مسافته قدر بريد وعر فى وسط بلاد الإفرنج. فلما تجاوزه أخذ فى التحريق والإخراب والسبى وشنّ الغارات ذات اليمين وذات الشمال، فلم يستطع أحد يلقاه، وأقفرت البلاد مسافة أيام. فلما عاد وجد جميع ملوك الفرنج قد استجاشوا وضبطوا باب الدرب. وكان الشتاء قد حفزه فرجع واختار مكانا من بلادهم فاستوطنه وأمر ببناء الدور وجمع آلات الحرث وجمع الأتبان، حتى صح عندهم أنه يريد البناء. وكانت السرايا تخرج من العسكر وتأتى بالسبى والأبقار والأغنام والأقوات، فتختار الصغار والنساء وتقتل الباقين، حتى استد باب الدرب من جهته بجيف الروم ورؤوسهم. وكانت السرايا تخرج فلا تجد إلا بلادا خرابا.
ولما طال بلاء العدو، بعثوا رسلهم إليه يسلونه أن يخرج ويترك الغنايم
(7)
جوازه. . . جبلين: انظر الكامل 8/ 678
(13)
الأتبان: فى الكامل 8/ 678: «التبن»
والأسرى. فلم يجيبهم ولا جاوبهم، فسألوه أن يخرج بغنايمه. فقال: إن أصحابى قد أبوا الخروج. وقالوا: إنا لا نصل إلى بلادنا إلا وقد آن وقت الغزوة الأخرى فنقيم ها هنا إلى وقتها ثم نغزوها (313) ونعود. فلم يزالوا يسألونه حتى تقرر على أن يعطونه من دوابهم وبغالهم وعجلهم ما يحمل عليه السبى والغنايم، ويمدونه بالأقوات إلى أن يعود إلى بلاده، فأجابهم إلى ذلك كالممتن عليهم، وشرط عليهم أن ينظفوا الجيف من طريقه بأنفسهم ففعلوا، وانصرف.
وروى أنه ختن بعض أولاده، فختن معه من أولاد أهل دولته خمس ماية صبى، وأما من الأيتام والضعفى فما يحصر عددهم، وأنفق على هذا الأعداد خمس ماية ألف دينار.
وله أخبار عظيمة وآثار جليلة وغزوات مشهورة. وذلت له الروم حتى سيم الناس الأمن وضجروا من العدل. وكان ربما ركب إلى صلاة العيد فيحضر له نية الغزو فلا يرجع إلى منزله حتى يغزوا.
وكان كلما عاد من الغزو أمر أن ينفض تراب ثيابه التى شهد فيها الغزاة فيجتمع ذلك. فلما حضرته الوفاة أمر أن ينثر ذلك الغبار على كفنه
(8 - 10) وروى. . . دينار: انظر نهاية الأرب 23/ 405
(14 - 14،487) وكان. . . ذلك: ورد النص فى نهاية الأرب 23/ 404 - 406 باختلاف بسيط فى اللفظ والمعنى
إذا وضع فى لحده، وأن يحنط ببعضه. وكان أكثر مماليكه وجنده من سبيه.
وتوفى فى مدينة سالم وهى مدينة بقرب قرطبة وسمّاها الزاهرة وانتقل إليها بأهله وولده وحاشيته إبقاء على المؤيّد بالله، وكان قد تخوف من بنى أمية أن يثوروا عليه لأنه ليس من بيوت المملكة. فأخذ فى تقتيلهم صغارا وكبارا، عملا فى الباطن لنفسه وفى الظاهر إشفاقا على المؤيد منهم، حتى أفنى من يصلح منهم للأمر، وفرّق الباقين فى البلاد والبوادى. فممن هرب منهم الوليد بن هشام الخارج على الحاكم بمصر الملقب بأبى ركوة الآتى خبره فى تاريخه إنشاء الله تعالى.
واحتجر على المؤيد حتى لم يره أحد قط (314) منذ ولى المنصور الحجبة. وربما ركبه بعد سنين فيجعل عليه برنسا وعلى جواريه برانس فلا يعرف منهن ويأمر من يزيل الناس من طرقه حتى ينتهى إلى حيث يتنزه ثم يعود. ليس له من الملك إلاّ الطراز والسكة والاسم والدعاء فى الخطبة.
وكان إذا سافر وكل من يفعل ذلك. فكان هذا داعيه لانقطاع ملك بنى أميّة.
(3)
سالم: انظر معجم البلدان 5/ 11؛ المنجد (فى الأعلام)، مادة «مدينة سالم» ، ص 648؛ نهاية الأرب 23/ 405 حاشية 1؛ فى نهاية الأرب 13/ 405:«وكانت وفاته فى أقصى الثغور بمدينة سالم» //الزاهرة: انظر الروض المعطار ص 80 - 82؛ المنجد (فى الأعلام)، مادة «المدينة الزاهرة» ، ص 645 - 648؛ فى نهاية الأرب 23/ 406:«وبنى مدينة الزاهرة بقرب قرطبة»
(8)
الوليد بن هشام: انظر نفح الطيب 2/ 658 - 659
(9)
ركوة: فى نهاية الأرب 23/ 406: «زكوة» //الآتى. . . تاريخه: انظر كنز الدرر 6/ 275 - 276
ولما مات بايع العسكر ولده عبد الملك بن المنصور، فتركه بمدينة سالم وسار فى خاصة من غلمانه إلى الزهراء ودخل على المؤيد ملقيا بيده، وكان الغلمان وأهل البلد قد تجمعوا وقصدوا الزهراء وقالوا: لا بد من ظهور المؤيد وولايته الأمر بنفسه! وبلغه ذلك فآثر الراحة والدعة.
وأحضر عبد الملك فأخلع عليه وقلده مكان أبيه، ونعثه بالحاجب المظفر سيف الدولة. وأمر فايق الخادم أن يخرج إلى المجتمعين فيصرفهم ويخبرهم أنه راض بحجبة المظفر، فخرج وأخبرهم فأبوا. وخرج المظفر بعد ذلك وفايق معه، وقدم له فرس وأمسك ركابه. فقابلته الفية المتجمعة فهزمهم.
وأقام فى الحجبة إلى أن توفى يوم الجمعة لاثنتى عشرة ليلة بقيت من صفر سنة تسع وتسعين وثلثماية. وكان مخيما للغزو، فرجع به فى تابوت ودفن بالزاهرة، وكان عمره شيا وثلثين سنة، ومدة حجبته ستة أعوام وأربعة أشهر. وكان قد غزا الروم نحو ثمانى غزوات، وبأيامه
(1)
عبد الملك بن المنصور: انظر المعجب 85؛ نفح الطيب 1/ 423؛3/ 94
(3 - 6،489) وكان. . . الرعية: ورد النص فى نهاية الأرب 23/ 406 - 407 باختلاف بسيط فى اللفظ.
(6)
فايق: فى نهاية الأرب 23/ 407: «فاتن» ، انظر أيضا نهاية الأرب 23/ 407 حاشية 1، قارن نفح الطيب 1/ 396؛3/ 82
(11)
من صفر: فى نفح الطيب 1/ 423: «فى المحرم»
(12)
شيا (لعل الأصح: ستا). . . سنة: فى البيان المغرب 2/ 60: «أربعين سنة وأربعة أشهر وأربعة أيام»
يضرب المثل فى الأندلس عدلا وأمنا.
ولما مات ولى المؤيد حجبته لأخيه عبد الرحمن بن المنصور ونعته بالحاجب المأمون ناصر الدولة، فأجرى (315) الأمور على غير طريقتى أبيه وأخيه، وأظهر الفجور والخمور والزناء والفسق، وكان تهدد المؤيد وأوعده القتل، فولاه المؤيد كرها وخوفا، فاشمأزات نفوس بنى أمية منه مع ساير الأجناد والرعية.
واتفق أنه تحرك بعد مدة إلى الغزاة المسماة بغزوة الطين، ونزل طليطلة، وبلغه الخبر بخروج المهدى محمد بن هشام على المؤيد بالله وتسليمه إياه وخلعه له وإخرابه الزاهرة على ما يأتى شرحه، فاضطربت أحواله وقصد بالعسكر قرطبة فنزل قلعة رباح وأخذ تحليف الناس له فتفرقوا عنه والتحقوا بمحمد بن هشام وتركوه فتحصّن فى حصن هناك، فخرج إليه محمد بن هشام فحصره فمات لست خلون من رجب سنة تسع وتسعين وثلثماية، فكانت مدة حجبته خمسة أشهر وأياما.
ولد المؤيد لثمان بقين من جمادى الأول سنة خمس وخمسين وثلثماية، وخلع يوم الثلثاء لأربع عشرة ليلة بقيت من جمادى الآخرة سنة تسع وتسعين وثلثماية، فى أيام القادر بالله. فكانت مملكته ثلثا وثلثين سنة وأربعة أشهر وأحد عشر يوم. حجابه المذكورون فيما تقدم، والله أعلم.
(7 - 11) واتفق. . . هشام: انظر نهاية الأرب 23/ 410،414 - 417
(10)
قلعة رباح: انظر نهاية الأرب 23/ 414 حاشية 2
(13)
خمسة: فى نهاية الأرب 23/ 417: «أربعة»