الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
861 - " بَابُ غَزْوَةِ تبوك وهي غَزْوةُ العُسْرَةِ
"
1006 -
عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاص رضي الله عنه:
"أن رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ إلى تَبُوكَ واسْتَخْلَفَ عَلِيَّاً رضي الله عنه،
ــ
وأخيراً ختم المصنف رحمه الله تعالى الغزوات بغزوة تبوك، لأنها آخر الغزوات الإِسلامية الكبرى فقال:
861 -
" باب غزوة تبوك وهي غزوة العسرة "
1006 -
معنى الحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج إلى تبوك وحضرها بنفسه، كما يحضر المعارك الإسلامية الكبرى، ولذلك سميت غزوة كما هو معروف عند أصحاب السير والتاريخ. وقد وقعت غزوة تبوك في شهر رجب من السنة التاسعة للهجرة، الموافق لشهر سبتمبر سنة 630 م (1) حيث يشتد الصيف، وتقوى الحرارة، ويلتهب الجو، وتتوقد أشعة الشمس، وحيث يقل الزاد، وتشح المؤونة، ولا يبقى من التمور إلا النزر (2) اليسير، واستقبل النبي صلى الله عليه وسلم سفراً بعيداً، ومفازاً وعدداً كثيراً، فكانت غزوة تبوك عسيرة حقاً في زمنها، وفي عدم توفر المؤونة الكافية، وقلة الماء، حتى أنهم كانوا ينحرون البعير ليعتصروا فَرثه يبلّون به ألسنتهم، وكان الركاب قليلاً حتى أن العشرة يتعاقبون على بعير واحد، ولكن لا بد مما ليس منه بد، فقد وصلت الأخبار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الروم تهيؤوا لغزو حدود العرب الشمالية، وأجْلَبَتْ معها غسان وغيرها من متنصرة العرب، حتى وصلت مقدمتهم إلى البلقاء، فاهتم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأمر، وأعلن الجهاد، وجدّ في السفر، وحضّ أهل الغنى على النفقة في سبيل الله فبادر عثمان بالإِجابة وجهز جيش العسرة، وأنفق ألف دينار، قال ابن
(1) والظاهر أن ذلك كان في برج السنبلة.
(2)
قال في " تفسير المنار " وكانت عسرة في الزاد، إذ كانت عند انتهاء فصل الصيف الذي نفدت فيه مؤنتهم من التمر.
فَقَالَ: أتُخَلِّفُنِي في الصِّبْيَانِ والنِّسَاءِ؟ فَقَالَ: ألا تَرْضَى أنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى إِلَّا أنَّهُ لَيْسَ نَبِيّ بَعْدِي ".
ــ
إسحاق: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قلّ ما يخرج في غزوة إلا كنى عنها، إلا ما كان من غزوة تبوك، فإنه بينها للناس لبعد المشقة، وشدة الزمان، وكثرة العدو، ليتأهب الناس لذلك أهبته، وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثلاثين ألفاً، وهو أكبر جيش خرج به رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة، وكان الجيش منظّماً مرتباً موزّع الألوية والرايات، ولما انتهى النبي صلى الله عليه وسلم إلى تبوك بلغه خبر انسحاب الروم، ولم يقابل الروم هذا الزحف بزحف مقابل، وبتحركات عسكرية مضادة، بل كان هناك انسحاب مقابل هذا التحدي السافر، وصاروا يحسبون لهذه القوة الناشئة حساباً لم يحسبوه من قبل، وقد روى لنا سَعْدٌ في هذا الحديث " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى تبوك " وذلك في شهر رجب من السنة التاسعة من الهجرة كما ذكرنا وتقع تبوك في شمال الحجاز، على بعد 700 كم من المدينة " واستخلف عليَّاً رضي الله عنه " أي تركه في المدينة ليكون نائباً عنه في الإِشراف على أهله ونسائه والقيام عليهن " فقال أتخلفني في الصبيان والنساء " أي أتتركني في المدينة مع النساء والصبية، ولا أخرج معكم إلى الجهاد، ولا أشارككم في القتال؟! " فقال: ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى " أي أما ترضى أن تكون خليفة عني في سفري هذا، بمنزلة استخلاف موسى أخاه هارون على بنى إسرائيل حين توجه إلى الطور. اهـ. كما أفاده العيني.
فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: ذكر غزوة تبوك، وخروج النبي صلى الله عليه وسلم فيها لغزو الروم، وهو ما ترجم له البخاري. ثانياًً: أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أبَتْ عليه شجاعته وبطولته وإقدامه أن يبقى في المدينة بعيداً عن مواطن الجهاد والاستشهاد فقال: أتخلفني في الصبيان