الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
1033 - " بَابُ البِكْرَانِ يُجْلَدَانِ وَيُنْفَيَانِ
"
1183 -
عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الجُهَنِى قَالَ:
" سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَأمُرُ فيمَنْ زَنَى وَلَمْ يُحْصِنْ جَلْدَ مِائَةٍ وَتَغْرِيبَ
عَام ".
ــ
بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم (1). ثانياً: أن جريمة الزنا تثبت بإقرار الزاني على نفسه كما في هذا الحديث، لأن المرء يؤخذ بإقراره، والإِقرار سيّد الأدلة، والحديث صريح في ذلك، حيث حكم النبي على الزاني بالرجم بموجب إقراره، قال في " تيسير العلام ": اختلف العلماء هل يشترط تكرار الإِقرار بالزنا أربع مرات، أو لا؟ فذهب الإمام أحمد وجمهور العلماء ومنهم الحكم وابن أبي ليلى والحنفية إلى أنه لا بد من الإقرار أربع مرات مستدلّين بهذا الحديث، فإنه صلى الله عليه وسلم لم يقم على ماعز الحد إلا بعد أن شهد على نفسه أربع مرات وقياساً على الشهادة بالزنا فإنه لا يقبل إلاّ أربعة شهود، ولا يشترط أن تكون الإقرارات في مجالس، خلافاً للحنفية، وذهب مالك والشافعي وأبو ثور وابن المنذر إلى أنه يكفي لإقامة الحد إقرار واحد، لحديث " اغد يا أُنيْسُ إلى امرأة هذا، فإن اعترفت فارجمها " وإنما اعترفت مرة واحدة، وأجابوا عن حديث ماعز بأن الروايات في عدد الإقرارات مضطربة، أربع مرات ومرتين وثلاثاً. الحديث: أخرجه الشيخان وَأبو داود والترمذي والنسائي. والمطابقة: في قول جابر رضي الله عنه: " فأمر به فرجم ".
1033 -
" باب البكران يجلدان وينفيان "
1183 -
معنى الحديث: يقول زيد بن خالد رضي الله عنه:
(1) قال الحافظ في الفتح: زاد علي بن الجعد: " وجلدتها بكتاب الله " وفي رواية عن أحمد أيضاً: لا يجمع بينهما، كما هو رأي الجمهور. (ع).
" سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يأمر فيمن زنى " أي يأمر في كل من وقعت منه جريمة الزنا، رجلاً أو امرأة " ولم يُحْصَن (1) " أي ولم يكن متزوجاً ومجامعاً لزوجته بنكاح شرعي صحيح، فيدخل فيه من عقد على زوجته ولم يدخل عليها، أو من جامع سفاحاً. " جلد مائة وتغريب عام " منصوب بنزع الخافض، أي بجلد مائة جلدة وتغريب عام والمعنى: أنه صلى الله عليه وسلم أمر في كل زان محصن أن يجلد مائة جلدة وينفي من بلده لمدة سنة كاملة إلى مسافة القصر إذا رأى الإِمام ذلك.
فقه الحديث: دل هذا الحديث على أن حد الزاني البكر رجلاً كان أو امرأة جلد مائة جلدة، ونفيه لمدة سنة كاملة، أما الجلد فقد ثبت بكتاب الله حيث قال عز وجل:(الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ) وبهذا الحديث الشريف، وأما تغريب سنة، فقد ثبت بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في حديث الباب هذا وغيره من الأحاديث الصحيحة الصريحة، فقد روى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قضى فيمن زنى ولم يُحْصن بنفي عام، وإقامة الحد عليه. أخرجه البخاري. وعن عبادة بن الصامت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" خذوا عني خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلاً البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم " أخرجه مسلم. قال أبو عيسى الترمذي: وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم النفي، ورواه أبو هريرة وزيد بن خالد وعبادة بن الصامت وغيرهم عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم منهم أبو بكر وعمر وعلي بن أبي طالب، وأُبي بن كعب وغيرهم، وكذلك روي عن غير واحد من فقهاء التابعين، وهو قول سفيان الثوري ومالك ابن أنس، وعبد الله بن المبارك، والشافعي، وأحمد وإسحاق (2). اهـ.
وذهب أبو حنيفة وأصحابه إلى أنه يجلد ولا ينفى، قال في " الهداية " (3): ولا
(1) بضم الياء وفتح الصاد على البناء للمجهول.
(2)
" جامع الترمذي ".
(3)
" أوجز المسالك على موطأ مالك " ج 3.
يجمع في البكر بين الجلد والنفي، ولنا قوله تعالى:(فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ) لأنه جعل الجلد كل الموجب، ولأن التغريب فتح باب الزنا لانعدام الاستحياء من العشيرة إلاّ أن يرى الإِمام في ذلك مصلحة واستدل بعضهم على عدم مشروعية النفي بحديث زيد بن أسلم أن رجلاً اعترف على نفسه بالزنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم بسوط، فأتي بسوط مكسور، فقال:" فوق هذا " فأتي بسوط جديد لم تقطع ثمرته، فقال:" دون هذا " فأتي بسوط قد ركب به ولان، فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلد، ثم قال:" أيها الناس قد آن لكم أن تنتهوا عن حدود الله، من أصاب من هذه القاذورات شيئاً فليستتر بستر الله، فإنه من يبد لنا صفحته نقم عليه كتاب الله " أخرجه مالك في " موطئه "(1) قالوا: فإن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث اكتفي بجلده. وأما الأحاديث التي ورد فيها النفي فقد حملوا النفي فيها على التعزير، وهو متروك إلى رأي الإِمام قال الحافظ: واختلف (2) القائلون بالتغريب، فقال الشافعي والثوري وداود بالتعميم وخص الأوزاعي النفي بالذكور، وبه قال مالك وقيّده بالحرية، وبه قال إسحاق، وعن أحمد روايتان، واختلف في المسافة التي ينفى إليها، فقيل: هو إلى رأي الإمام، وقيل: يشترط مسافة القصر. الحديث: أخرجه أيضاً بقية الجماعة. والمطابقة: في كون النبي صلى الله عليه وسلم " أمر في الزاني غير المحصن بالجلد والتغريب ".
…
(1)" موطأ مالك ".
(2)
" أوجز المسالك " ج 13.