الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
989 - " بَابُ الحَذَرِ مِنَ الغضَبِ
"
1138 -
عَنْ أبِي هرَيْرَة رضي الله عنه:
أنَّ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " لَيْسَ الشَّدِيدُ بِالصُّرعَةِ، إنَّمَا الشَّدِيدُ الذِي يَمْلِكُ نَفْسَة عِنْدَ الْغَضَبِ ".
ــ
الشيخان. والمطابقة: كما قال الحافظ: في كون الحديث مصرّح بذم من جاهر بالمعصية فيستلزم مدح من يستتر.
989 -
" باب الحذر من الغضب "
1138 -
معنى الحديث: يقول النبي صلى الله عليه وسلم " ليس الشديد بالصُّرعة " وهو من يكثر صرع الأعداء ويتمكن من إسقاطهم، والمعنى: لا تظنوا أن الرجل القوي هو ذلك الرجل الذي يتمتع بقوة بدنية يستطيع بها أن يصرع الفرسان في ميادين القتال، نعم لا شك أن ذلك الرجل رجل قوي، ولكن هناك من ْهو أعظم منه قوة وبأساً، وأجدر منه بهذا اللقب، وهو ذلك الرجل القوي الإرادة الذي يستطيع أن يتغلب على نفسه ويتحكم في غريزته أثناء غضبه " إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب " أي إنما الرجل القوي الكامل في قوته هو الرجل القوي في إرادته، " الذي يستطيع أن يتحكم في نفسه عند الغضب، ويمنعها عن تنفيذ ما تدعوه إليه من إيذاء الناس بالشتم والضرب والعدوان أو الإساءة إليهم بالقطيعة.
فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: أن من أعظم الأدلة على قوة الشخصية الحلم، وضبط النفس عند الغضب، لقوله صلى الله عليه وسلم:" إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب " لأن الغضب ثورة نفسية عارمة، فالتصدي لمقاومتها في عنفوانها ليس بالأمر السهل، ولا يستطع ذلك إلَّا من
قويت إرادته، وكمل إيمانه ودينه وأصبح له السلطان القاهر على جميع انفعالاته النفسية. ثانياً: دل الحديث على أن الغضب وإن كان غريزة نفسية جبارة، إلَّا أنه يمكن مقاومته بعد وقوعه لقوله صلى الله عليه وسلم:" إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب " ويمكن مقاومة الغضب قبل وقوعه ووقاية النفس منه باجتناب الأسباب المثيرة للغضب، كالخصام والجدال، والمزاح، والسخرية، والاستهزاء، إلى غير ذلك. والدليل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم لأبي الدرداء:" لا تغضب " ثلاث مرات أي تجنب دواعي الغضب، والأسباب التي تؤدّي إليه لئلا تقع فيه ولهذا قال العلماء: للغضب دواءان: (أ) دواء وقائي: قبل وقوعه: وهو تجنب أسبابه والابتعاد عن المواقف المؤدّية إليه. كمجالسة السفهاء، ومخالطة الأشرار، وتناول المشروبات المهيجة للأعصاب، وأن يكثر من الاستغفار، وقَول: لا حول ولا قوة إلا بالله بصدق وإخلاص، فإن فيها شفاءً من أدواء كثيرة
…
(ب) ودواء علاجي بعد وقوعه: وهو مقاومة النفس عن الاستسلام والانقياد له، وكفها عن الظلم والعدوان، ثم هناك وسائل أخرى للتخفيف من حدة الغضب، أو القضاء عليه نهائياً، كالاستعاذة بالله من الشيطان، والغسل، والوضوء، وتغيير الحالة التي يكون عليها الإِنسان، فإن غضب وهو قائم جلس، أو اضطجع. ثالثاً: أن مقاومة الغضب وامتلاك النفس عند وقوعه من أفضل الأعمال الصالحة التي يثاب عليها، ولولا ذلك لما أثنى النبي صلى الله عليه وسلم عليها كل هذا الثناء، وفي الحديث عن معاذ بن أنس الجهني رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" من كظم غيظاً وهو يستطيع أن ينفذه دعاه الله يوم القيامة على رأس الخلائق حتى يخيره في أي الحور شاء " أخرجه الترمذي وأحمد وأبو داود وابن ماجة، وفي رواية:" من كظم غيظه، ولو شاء أن يمضيه أمضاه، ملأ الله قلبه رجاءً يوم القيامة ". الحديث: أخرجه الشيخان والنسائي. والمطابقة: من حيث أن فيه (1) الإِغراء على التحذير من الغضب.
(1) كما أفاده العيني، وهذا الإغراء في قوله:" إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب ".