الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"
تفسير سُورَةِ المَائِدَةِ
"
877 - " بَابٌ (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ)
"
1023 -
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:
مَنْ حَدَّثَكَ أنَّ مُحَمَّداً كَتَمَ شَيْئَاً مِمَّا أنْزِلَ عَلَيْهِ فَقَدْ كَذَبَ، وَاللهُ
ــ
أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا).
وأخبرنا أن الذين قبضت الملائكة أرواحهم، وهم في دار الشرك، حالة كونهم ظالمي أنفسهم، برضاهم الإقامة هناك، وإيثارهم الدنيا على الهجرة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، هؤلاء قالت لهم الملائكة توبيخاً وتأنيباً: في أي مكان كنتم؟ قالوا معتذرين: كنا مستضعفين مستذلّين في مكة، فلم نقدر على إقامة الدين وواجباته، فقالت لهم الملائكة: ألم تكن أرض الله التي يمكنكم فيها القيام بواجبات الدين واسعة فتهاجروا فيها، ولكنكم رضيتم، وآثرتم الدنيا على نصرة الحق، فأولئك جزاؤهم جهنم وبئس المصير مصيرهم.
فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: تفسير الآية الكريمة وسبب نزولها. ثانياً أنه يجب على المسلم أن يهاجر من البلاد التي لا يتمكن فيها من إقامة شعائر دينه. فالهجرة في هذه الحالة واجبة ولا يستثنى من ذلك سوى الشيوخ والعجزة من النساء والولدان الذين لا يستطيعون الهجرة، وقد ضاقت بهم الحيل. ثالثاً: أن الهجرة من مكة إلى المدينة كانت واجبة قبل الفتح لأنها لم تكن دار إسلام. الحديث: أخرجه النسائي أيضاً. والمطابقة: في كون الحديث تفسيراً للآية الكريمة وبياناً لسبب نزولها.
877 -
" باب (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ) "
1023 -
معنى الحديث: أن عائشة رضي الله عنها تقول: من أخبرك أن محمداً صلى الله عليه وسلم أخفى شيئاً من الوحي عن أمته فقد كذب على النبي صلى الله عليه وسلم أشد
يَقْول (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ) الآية.
ــ
الكذب، واتهمه بالخيانة ومخالفة أمر الله تعالى، لأنّ الله عز وجل قال لنبيه صلى الله عليه وسلم في محكم كتابه (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ) وذلك هو قولها " من حدثك أن محمداً كتم شيئاً مما أنزل عليه فقد كذب " أي فقد كذب على النبي صلى الله عليه وسلم أشد الكذب حيث اتهمه بالكتمان الذي هو مخالفة لأمر الله تعالى له بالتبليغ، وحاشاه صلى الله عليه وسلم أن يكتم شيئاً بعد أن أمره الله تعالى بتبليغ جميع ما أنزل عليه.
فقه الحديث: دل فذا الحديث على ما يأتي: أولاً: أن من شهادة أن محمداً رسول صلى الله عليه وسلم الإيمان بأنه صلى الله عليه وسلم قد أدى الأمانة وبلّغ الرسالة، ولم يترك شيئاً من الوحي إلاّ بلغه لأمته امتثالاً لأمر ربه حيث أمره الله تعالى بذلك في قوله عز وجل (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ) ثانياًً: أن من أشد الكذب على رسول الله وأعظم الافتراء عليه القول بأنه صلى الله عليه وسلم كتم شيئاً من الوحي، لأن من قال هذا فقد نسب النبي إلى مخالفة أمر الله بكتمان الوحي الذي أمر بتبليغه، وهذا طعن في عصمته ورسالته، ومن شروط الرسالة العصمة في التبليغ، ولعل عائشة رضي الله عنها علمت بوجود بعض الفرق التي تقول بذلك، فإن بعض غلاة الشيعة كانوا يتحدثون أن عند علي وآل بيته من الوحي ما خصهم به النبي صلى الله عليه وسلم دون الناس، وقد سئل علي رضي الله عنه كما في الصحيحين:" هل خصكم الرسول بشيء فقال: لا والذي فلق الحبة وبرأ النسمة إلاّ فهما يعطيه الله رجلاً في القرآن، وما في هذه الصحيفة، قال السائل: قلت: وما في هذه الصحيفة؟ قال: العقل وفكاك الأسير وأن لا يقتل مسلم بكافر ". الحديث: أخرجه الشيخان والترمذي والنسائي. والمطابقة: في كونه صلى الله عليه وسلم ما دام قد أمر أن يبلغ ما أنزل إليه فإنه لا بد أن يبلغ كل شيء من الوحي، ومن ادّعى أنه كتم شيئاً