الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"
تفسير سورة الأنعام
"
880 - " بَابُ قَوْلِهِ تَعالَى (وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ)
"
1026 -
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن مَسْعُود رضي الله عنه قَالَ:
"لا أحَدَ أغْيَرُ مِنَ اللهِ، ولذَلِكَ حَرَّمَ الفَوَاحِشَ ما ظَهَرَ مِنْهَا
ــ
من غيره، وأنه لا يلزم أن تكون من العنب، فإن الخمر التي كانت موجودة في المدينة، والتي حرمت على عهد النبي صلى الله عليه وسلم لم تكن مصنوعة من العنب، وإنما كانت من البسر. ولهذا قال الجمهور: كل مسكر خمر، خلافاً لأبي حنيفة حيث قال:" الخمر ما كان من العنب خاصة ". وقد جاء التصريح في الأحاديث الصحيحة: أن الخمر يكون من أنواع متعددة غير العنب، فقد روى ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" من الحنطة خمر، ومن الشعير خمر، ومن التمر خمر، ومن الزبيب خمر، ومن العسل خمر " أخرجه أحمد في مسنده (1) وفي رواية أخرى عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: " نزل تحريم الخمر وإن في المدينة يومئذ لخمسة أشربة، ما فيها شراب العنب " أخرجه البخاري، والأشربة الخمسة التي كانت بالمدينة. كما قال القسطلاني: هي شراب (2) العسل والتمر والحنطة والشعير والذرة. الحديث: أخرجه الشيخان. والمطابقة: في كونه دل على تفسير الآية الكريمة.
880 -
" باب قوله تعالى: (وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ) "
والمعنى: أن الله ينهانا أن نقترب مما عظم قبحه من كبائر الذنوب أقوالاً
(1)" تفسير المنار " ج 7.
(2)
" إرشاد الساري " ج 7.
ومَا بَطنَ، ولا شَىْءَ أحَبُّ إِلَيْهِ الْمَدْحُ مِنَ اللهِ، ولِذَلِكَ مَدَحَ نَفْسَهُ".
ــ
وأفعالاً، كالزنا وقذف المحصنات، وأكل الربا، وشرب الخمر. ونحوه، وأن لا نأتي ذلك سراً أو جهراً، ويشمل الباطنُ أعمال القلوب أيضاً من الحسد والكبر (1) والمكر السيء ونحوه.
1026 -
معنى الحديث: يقول ابن مسعود رضي الله عنه " لا أحد أغير من الله " أي إن الله تعالى غيور شديد الغيرة على عباده، لا أحد أشد منه غيرة عليهم، وغيرة الله عز وجل على العباد معناها أنه لا يرضى أن يمسهم أحد بسوء، ولا أن يلحق بهم أي ضرر أو عدوان أو يصيب أحداً منهم بأذى في دينه أو نفسه أو عرضه أو عقله ويكره أشد الكره أن يُعتدى عليه في حق من حقوقه الإنسانية. فحرّم الزنا غيرة على أعراض الناس وأنسابهم، وحرّم السرقة والغصب والربا غيرة على أموال الناس أن يعتدى عليها، وحرّم شرب الخمر غيرة على عقول الناس، ومحافظة على سلامتها، وجميع ما حرمه الله من الفواحش إنما حرمه غيرة على حقوق عباده وحماية لها، وهو معنى قوله:" ولذلك حرم الفواحش " أي أنه عز وجل إنما حرم الفواحش غيرة على عباده، وحفظاً لمصالحم، ولا شيء أحب إليه المدح من الله " أي لا أحد أشد حباً للمدح والثناء الصادق الصحيح من الله تعالى، فإنه عز وجل يحبُّ الثناء والشكر من عباده، ويكافؤهم عليه بزيادة النعمة كما قال تعالى: (لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ) " ولذلك مدح نفسه " اللام للتعليل أي ومن أجل ذلك أثنى على نفسه بنفسه ليعلّم عباده كيفية الثناء عليه، فقال عز وجل:(الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ).
فقه الحديث: دل هذا الحديث على أن الله تعالى يغار على عباده غيرة شديدة
(1)" تفسير المراغي " ج 8.