الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
979 - " بَابُ تقْلِيمِ الأظْفَارِ
"
1128 -
عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما:
أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " مِنَ الفِطرةِ حَلْقُ الْعَانَةِ، وتَقْلِيمُ الأظْفَارِ، وَقَصُّ الشَّارِبِ ".
ــ
المالكية، وخطاب الذكور لا يتناول المؤنث على الراجح، والقول بمنع افتراش الحرير للنساء هو قول بعض الشافعية. الحديث: أخرجه الشيخان. والمطابقة: قال العيني: مطابقة الحديث للترجمة ظاهرة لأنّه يوضحها.
979 -
" باب تقليم الأظفار "
1128 -
معنى الحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم يرغبنا في بعض الأعمال التي تتعلق بالنظافة البدنية، والتي لا تتحقق إلَّا بها، فيقول:" من الفطرة " أي من سنة نبينا صلى الله عليه وسلم وسنن الأنبياء من قبله " حلق العانة "(1) أي إزالة الشعر الذي فوق الذكر وحواليه والشعر الذي حوالي فرج المرأة، " وتقليم الأظفار " أي إزالة ما طال وتجاوز رؤوس الأصابع، " وقص الشارب " أي والسنة الثالثة " قص الشارب " قال الحافظ، والمراد به ها هنا قطع الشعر النابت على الشفة العليا من غير استئصال، وقد رواه أبو هريرة بلفظ " تقصير الشارب " وهذا يدل على أن المطلوب هو القص منه حتى يقصر لا إِزالته بالكلية. اهـ.
فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: أنه يسن حلق العانة، لأنه صلى الله عليه وسلم ذكره في هذا الحديث ضمن سنن الفطرة، قال ابن العربي: وشعر العانة أولى الشعر بالإِزالة، لأنه يكثف ويتلبد فيه الوسخ، بخلاف شعر الإِبط، قال: وأما حلق ما حول الدبر فلا يشرع، وكذا قال الفاكهي في "شرح
(1) قال الأزهري: العانة هي منبت الشعر والشعر نفسه.
العمدة" وقال أبو شامة: ويستحب إماطة الشعر عن القبل والدبر، بل هو من الدبر أولى خوفاً من أن يعلق بشيء من الغائط، فلا يزيله المستنجى إلَّا بالماء. قال النووي: وذكر الحلق لكونه هو الأغلب، وإلَّا فيجوز الإِزالة بالنورة والنتف وغيرهما، وقال ابن دقيق العيد: والأولى في العانة الحلق، بخلاف الإِبط، فإنه بالعكس. ثانياًً: أنه يسن تقليم الأظافر، وذلك لأنّ الوسخ يجتمع تحتها فيستقذر، وقد ينتهي إلى حد يمنع وصول الماء إلى ما يجب غسله في الطهارة، قال الحافظ: ولم يثبت في ترتيب الأصابع عند القص شيء من الأحاديث، قال النفراوي في شرح " الرسالة ": قص الأظفار سنة للرجل والمرأة إلَّا في زمن الإِحرام، وأفضل زمن قصها الجمعة لطلبه كل يوم جمعة، ويكون بالمقص أو بالسكين لكراهته بالأسنان، ولأنه يورث المرض، ولا يتعين إصبع للبداءة به، كما لا يتعين زمن القص فيه. ثالثاً: أنه يسن قص الشارب، وفيه دليل لما ذهب إليه مالك رحمه الله من أن المسنون هو قصهُ لا حلقهُ، ولا إزالته بالكلية، قال في " الرسالة ": ومن الفطرة خمسٌ، قص الشارب، وهو طرف الشعر المستدير على الشَّفة لا إحفاؤه، يعني أن المستحب هو قص طرف الشعر النازل على الشفة، لا جز الشارب واستئصاله. قال يحيى في " الموطأ ": سمعت مالكاً يقول: يؤخذ من الشارب حتى يبدو طرف الشفة، وهو الإِطار، ولا يجزّه فيمثل بنفسه، وقال أبو حنيفة (1) " وأحمد: هو السنة التمسك برواية: " أحفوا الشوارب وأعفوا اللحى " وأخذ مالك بخبر قُصّوا الشوارب، وجمع بعض العلماء بين الخبرين بأن يقص من أعلاه، ويحلق من طرفه للجمع بين الحديثين المتعارضين، وكان أبو حنيفة وأصحابه يقولون: الإِحفاء أفضل من التقصير، وقال أشهب: سألت مالكاً عمّن يحفي شاربه، فقال: أرى أن يوجع ضرباً، ومعنى الحف الذي ينكره مالك رحمه الله، أن يستأصل الشعر، ويحلق، ويجز
(1) شرح النفراوي على الرسالة ج 2.
حتى يبلغ الجلد، ويرى ما إك أن المستحبَّ هو أن يقص طرف الشعر المستدير على الشفة العليا، أما الحلق، فإنه مُثْلَةٌ لا تجوز، والحاصل أنه اختلف الفقهاء فيما يسن في الشارب، هل هو التقصير أو الحلق والإحفاء؟ فذهب مالك إلى الأول عملاً بحديث الباب، وبه فسر بقية الأحاديث الأخرى. وذهب أبو حنيفة وأحمد إلى أن السنة هي حلق، الشارب وإحفاؤه كما تقدم، قال ابن القيم في " زاد المعاد ": أما الإمام أحمد فقال الأثرم: رأيت الإِمام أحمد بن حنبل يحفي شاربه شديداً، وسمعته يسأل عن السنة في إحفاء الشارب فقال: يحفي كما قال النبي صلى الله عليه وسلم " أحفوا الشوارب "، قال حنبل: قيل لأبي عبد الله: ترى الرجل يأخذ من شاربه أو يحفيه؟ أم كيف يأخذه؟ قال: إِن أحفاه فلا بأس، وإن أخذه قصاً فلا بأس. اهـ. أما الشافعي رحمه الله فقد قال النووي: المختار في الشارب أن يقصه حتى يبدو طرف الشفة، ولا يحفه من أصله، وصرح في " شرح المهذب " أن هذا مذهبنا، وقال الطحاوي: لم أر عن الشافعي في ذلك شيئاً منصوصاً، وأصحابه الذين رأيناهم كالمزني والربيع كانوا يحفون، وما أظنهم أخذوا ذلك إلَّا عنه. اهـ. تتمة وتكملة: اقتصر في هذا الحديث على هذه السنن الثلاث، وزاد في رواية أبي هريرة خصلتين أخريين: أولاهما: نتف الإبط (بكسر الهمزة والموحدة وسكونها وهو المشهور)، قال الحافظ ويتأدى أَصل السنة بالحلق، لا سيما لمن يؤلمه النتف، ويستحب البداية باليد اليمنى وهو سنة للرجال والنساء، والنتف أحسن من الحلق. وثانيهما الختان: قال ابن أبي زيد في " الرسالة ": والختان للرجال سنة، يعني سنة مؤكدة في حق الصغير والكبير، قال النفراوي: والزمن المستحب فعله فيه عند أمره بالصلاة ويكره ختنه يوم السابع، وروى ابن حبيب، عدم جواز إمامة وشهادة تاركه عمداً أو اختياراً، وإذا أسلم شيخ كبيرٌ سُنَّ ختنه إلَّا أنْ يَكون يحصل له ضرر، فيرخص له تركه، وقال الباجي: الاختتان عند مالك وأبي حنيفة من السنن كقص الأظفار، وحلق العانة، وقال الشافعي: هو واجب، وهو مقتضى قول سحنون، واستدل