الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
879 - " بَابُ قَولِهِ (إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ)
"
1025 -
عَنْ أنسٍ بْنٍ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ:
"مَا كَانَ لَنَا خَمْرٌ غيْرُ فَضِيخِكُمْ هذا الذي تُسَمُّونَهُ الْفَضِيْخَ فإنِّي
ــ
المباحات يجب عليه أن يحنث في يمينه، ولا كفارة عليه، لأنها يمين لغو لا كفارة فيها. ثالثاً: أن تهذيب النفس لا يكون بالغلو والحرمان من الطيبات وإنما بإيقافها عند حد الاعتدال دون إفراط ولا تفريط لأنه تعالى لم يخلق هذا الإِنسان ملكاً مجرداً عن النوازع البشرية وإنما خلقه مركباً من روح وجسد، ولا سلامة للعقل والروح وسائر القوى إلاّ بسلامة البدن، وصحة الجسم، كما أنه لا عبادة ولا طاعة إلا في جسم سليم وعقل سليم، ولذلك حرم على الإِنسان كل ما يضر بجسمه، لأن من ضعف جسمه عجز عن الطاعات وسائر العبادات، وربما قصر في أداء واجباته الاجتماعية فلا بد من إعطاء الجسم حقه من الحياة والتمتع بالطيبات المباحة ليقوم بواجباته الدينية والاجتماعية التي هو مكلف بها لئلا يضعف عن أدائها. والمطابقة: في قوله: " فقلنا ألا نختصي؟ فنهانا عن ذلك " حيث دل ذلك على أن الاعتداء المنهى عنه في الآية هو الاختصاء. الحديث: أخرجه الشيخان والنسائي.
879 -
" باب قوله: (إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ) "
ومعناها: أن الله تعالى يخبرنا وهو أصدق القائلين أن الخمر من أي مادة كانت، والقمار بجميع أنواعه، والأصنام التي تعبد من دون الله، كل ذلك أشياء قذرة خبيثة ضارة بأصحابها، وإنما يزينها الشيطان لذوي النفوس الضعيفة والعقول السخيفة، ولذلك حرّمها الله وحذر منها أشد التحذير بقوله:
لَقَائِمٌ أسْقِي أبا طَلْحَةَ وَفُلاناً وفُلاناً، إذ جَاءَهُ رَجُل فَقَالَ: وَهَلْ بَلَغَكُم الخَبرُ؟ قَالُوا: ومَا ذَاكَ؟ قَالَ: حُرِّمَتِ الْخَمْرُ، قَالُوا: أهْرِقْ هَذِهِ القِلَالِ يَا أنسُ، فَمَا سَألوا عَنْهَا، ولا رَاجَعُوها بَعْدِ خَبَرِ الرَّجُل".
ــ
" (فَاجْتَنِبُوهُ) " أي ابتعدوا عن مجرد القرب منها، فضلاً عن شرب الخمر، أو لعب القمار، أو عبادة الأصنام " (لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) " أي لكي تفوزوا بدخول الجنة والنجاة من النار.
1025 -
أما معنى الحديث: فيقول أنس رضي الله عنه: " ما كان لنا خمر غير فضيخكم "" يعني " أن الخمر التي كانوا يشربونها بالمدينة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وحرمها الله بقوله تعالى: (إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ) كانت من ثمار النخل على اختلاف أنواعها رطباً وتمراً، ومنها الفضيخ وهو يصنع من الرطب ثم ذكر رضي الله عنه اليوم الذي حرمت فيه الخمر بالمدينة، وأنه بينما كان قائماً يسقي أبا طلحة وضيوفه من شراب الفضيخ هذا (1). إذ قدم عليهم رجل فأخبرهم بتحريم الخمر، فأمره أبو طلحة أن يريق تلك الجرار الكبيرة التي كانت مملوءة بالشراب، أما النفر الذين كانوا يشربون عند أبي طلحة، وهم أبو دجانة وسهيل ابن بيضاء وأبو عبيدة وأبي بن كعب، ومعاذ بن جبل، وأبو أيوب رضي الله عنهم فإنهم لما وصلهم خبر تحريمها والكؤوس في أيديهم كفّوا عن شربها حالاً وأراقوا ما فيها
…
فقالوا: انتهينا ربنا، انتهينا قال أنس:" ولا راجعوها بعد خبر الرجل " أي انتهوا عنها إلى الأبد ولم يعودوا إليها بعد نزول الآية الكريمة.
فقه الحديث: دل هذا الحديث على بيان معنى الخمر المحرَّمة في الآية الكريمة. وأنها كل شراب مسكر من أي مادة كانت، سواء كان من العنب أو
(1) وهو شراب يصنع من البسر أي الرطب الطري.