الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
918 - " بَابُ قوْل الله تعالى (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ)
"
1065 -
عَنِ ابنِ عُمَرَ رضي الله عنهما:
أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأتهُ وهِيَ حَائِضٌ على عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَسَأَلَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ النبي صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا، ثُمَّ لِيُمْسِكْهَا حتى تَطْهُرَ، ثمَّ تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ، ثُمَّ إِنْ شَاءَ أَمسَكَ بَعْدُ، وَإنْ شَاءَ طَلَّقَ قَبْلَ أن يَمَسَّ، فتلْكَ العِدَّةُ التي أمَرَ اللهُ أنْ تُطلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ ".
ــ
918 -
" باب قول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ) "
1065 -
معنى الحديث: أن ابن عمر طلّق زوجته آمنة بنت غفار حال الحيض، وأثناء العادة الشهرية، فذهب والده عمر رضي الله عنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم يخبره ويستفتيه " فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مره فليراجعها " يعني فطلب النبي صلى الله عليه وسلم من عمر أن يأمره بمراجعة زوجته، وإعادتها إلى عصمته، لأن الطلاق أثناء الحيض طلاق بدعي، وإنما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بمراجعتها في تلك الحالة لئلا تطول عليها العدة " ثم ليمسكها " بلام مكسورة (1)، ويجوز تسكينها تخفيفاً أي عليه أن يبقيها في عصمته " حتى تطهر " من الحيضة التي طلقها فيها " ثم تحيض ثم تطهر " أي ثم تحيض حيضة أخرى ثم تطهر من الحيضة الثانية " ثم إن شاء أمسك بعد، وإن شاء طلق " أي إن شاء أبقاها في عصمته بعد الحيضة الثانية وإن شاء طلقها " قبل أن يمس " أي قبل أن يجامع " فتلك " أي فالطلاق حال الطهر الذي لم يجامعها فيه: هو " العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء " أي هو الطلاق
(1)" تكملة المنهل العذب " ج 4.
للعدة التي أذن الله أن تطلّق لها النساء في قوله تعالى: (إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ) أي إذا أردتم أن تطلقوا النساء فطلقوهن في وقت يصلح لابتداء عدتهن، وهو وقت الطهر الذي لم يجامع فيه.
فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: أن طلاق المرأة وهي حائض أو في طهر جامعها فيه حرام باتفاق أهل العلم (1)، ويسمى بالطلاق البدعي لمخالفته للصفة المشروعة للطلاق في كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعليه أن يراجعها وجوباً عند مالك وأحمد في رواية (2)، والمشهور عنه وهو قول الجمهور أن المراجعة مستحبة، لأن ابتداء النكاح غير واجب. ثانياً: أن الصفة المشروعة في الطلاق أن يقع في حال طهر لم يجامعها فيه، وأن يشهد على طلاقه.
أما الإشهاد فلقوله تعالى: (وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ) وأما الطلاق في حال الطهر الذي لم يجامعها فيه فدليله هذا الحديث، لأن ابن عمر لما طلق زوجته في حال الحيض أمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يعيدها إليه حتى تطهر، ثم تحيض، ثم تطهر ثم إن شاء أمسك، وإن شاء طلق قبل أن يمس، ثم قال فتلك العدة التي أمر الله أن تطلّق لها النساء. ومن هذا يتضح لنا أن الطلاق قسمان:(أ) طلاق سني وهو ما وافق الصفة المشروعة في هذا الحديث بأن يطلقها في طهر لم يمسها فيه، ويشهد على ذلك. وطلاق بدعي: وهو ما خالف المشروع، كأن يطلقها في حيض أو بعد جماع. أو دون إشهاد. وأجمع العلماء على أن الطلاق البدعي حرام، وأن فاعله آثم. ثالثاً: دل هذا الحديث على أن الطلاق في الحيض يقع ويصح ويحسب طلقة واحدة، لأنه صلى الله عليه وسلم أمر ابن عمر بمراجعتها، والمراجعة لا تكون (3) إلاّ بعد طلاق (4)، وهذا قول جمهور العلماء، منهم الأئمة الأربعة،
(1)" تكملة المنهل العذب " ج 4.
(2)
أيضاً " تكملة المنهل العذب ".
(3)
" تيسير العلام " ج 2.
(4)
ويؤكد ذلك ما جاء في رواية أخرى حيث قال فيها: فحسبت من طلاقها.