الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
905 - " بَابُ الأكفَاءِ في الدِّينْ
"
1051 -
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها:
أنَّ أبَا حُذَيْفَةَ بْنَ عُتْبَةَ بْن رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ شَْمسٍ، وكان مِمَّنْ شَهِدَ بَدْراً مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم تَبَنَّى سَالِماً وأنْكَحَهُ بِنْتَ أخيهِ هِند بنْتَ الوَلِيدِ بْن عُتْبَةَ وَهُوَ مَوْلى لامْرأة مِنَ الأنْصَارِ كمَا تَبَنَّى النبي صلى الله عليه وسلم زَيداً، وَكَانَ
ــ
الوحيدة بينهن فينبغي أن يحبها أكثر من نسائه جميعاً.
فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: فضل الأبكار والترغيب في نكاحهن، لأن البكر مثل الشجرة التي لم يؤكل منها، فهي أرغب وأحب إلى النفس من الشجرة التي أكل منها، وقد جاء الترغيب في نكاح الأبكار في أحاديث كثيرة. منها: حديث عبد الرحمن بن سالم بن عتبة بن عويم بن ساعدة الأنصاري عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " عليكم بالأبكار فإنهن أعذب أفواهاً، وأنتق أرحاماً وأرضى باليسير " أخرجه ابن ماجة، والحديث وإن كان راويه عبد الرحمن بن سالم وهو مجهول إلا أنه يؤيده حديث جابر حيث قال له صلى الله عليه وسلم هلا بكراً تلاعبها " وفي رواية:" هلا جارية تلاعبها وتلاعبك ". ثانياً: أن حب المباهاة من طبيعة المرأة في كل العصور لم يسلم من ذلك حتى أمهات المؤمنين رضي الله عنهن، كما يدل عليه هذا الحديث. الحديث: أخرجه البخاري. والمطابقة: في قوله صلى الله عليه وسلم: " في التي لم يرتع منها " حيث يدل على تفضيل البكر، وهو ما ترجم له البخاري.
905 -
" باب الأكفاء في الدين "
1051 -
معنى الحديث: تحدثنا عائشة رضي الله عنها في هذا الحديث "أن أبا حذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس وكان ممن شهد بدراً مع النبي
من تَبَنَّى رَجُلاً في الجَاهِلِيَّةِ دَعَاهُ النَّاسُ إليهِ، وَوَرِثَ مِنْ مِيرَاثِهُ حتَّى أنْزَلَ اللهُ عز وجل (ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ -إلى قوله- وَمَوَالِيكُمْ) فرُدُّوا إلى آبَائِهِمْ، فمَنْ لَمْ يُعْلَمْ لَهُْ أبٌ كَانَ مَوْلَى وأخَاً في الدِّينِ".
ــ
صلى الله عليه وسلم تبنى سالماً وأنكحه بنت أخيه هند بنت الوليد بن عتبة" أي أن هذا الصحابي الجليل الحسيب النسيب الذي جمع بين شرف النسب وشرف الدين وشهد بدراً مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قد تبنى سالم بن معقل وزوّجه ابنة أخيه " هنداً " الحرة الشريفة الكريمة النسب العريقة الأصل " وهو مولى لامرأة من الأنصار " أي والحال أنّه عبد مملوك لامرأة من الأنصار اسمها ثبيتة بنت يعار " كما تبنى النبي صلى الله عليه وسلم زيداً " أي زيد بن حارثة، فكان يدعى زيد بن محمد " وكان من تبنى رجلاً في الجاهلية دعاه الناس إليه " أي ألحقوه به نسباً، وأصبح ولداً كأولاده من صلبه " وورث من ميراثه " كولد الصلب تماماً " حتى أنزل الله عز وجل: (ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ) " أي استمر ذلك حتى أنزل الله تعالى قوله: (ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ (1) فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ) فأبطل التبني.
فقه الحديث: دل هذا الحديث علي ما يأتي: أولاً: استدل به ابن حزم ومن وافقه من أهل العلم على أن المعوّل عليه في كفاءة النكاح هو الإيمان والدين فقط لأن أبا حذيفة لم تمنعه عراقة نسبه، وشرف منزلته في الجاهلية والإِسلام من تزويج ابنة أخيه الحسيبة النسيبة لعبد مملوك. ولهذا قال ابن حزم ومن وافقه من أهل العلم: لا كفاءة إلاّ في الدين، فلا يجوز للمسلمة أن تتزوج كافراً، أمّا ما عدا ذلك فأي مسلم له الحق أن يتزوج أية مسلمة ما لم تكن زانية أو يكن زانياً ولم يتوبا توبة نصوحاً. وهو مذهب البخاري ورواية عن مالك في
(1) قال أهل العلم: معناه فإن لم تعرفوا شخصاً تنسبونه إليه فقولوا يا أخي أو يا ابن عمي. اهـ. كما في التفسير المنير.
" المدونة " كما في شرح العبدري على متن خليل (1) وهي التي اعتمد عليها الحافظ في قوله: " وجزم مالك باعتبار الكفاءة في الدين خاصة (2). لكن المعتمد عند المالكية أن الكفاءة تعتبر في الدين والحرية والسلامة من العيوب. لقول خليل (3): " والكفاءة في الدين والحال " أي في الدين والسلامة من العيوب. وقال ابن رشد (4): " وأما الحرية فلم يختلف المذهب أنها من الكفاءة. اهـ. ولهذا قال في " الإِفصاح " واختلف الفقهاء في شروط الكفاءة (5)، فقال أبو حنيفة: هي النسب والدين والحريّة وإسلام الآباء والقدرة على المهر والنفقة والصناعة، وقال الشافعي " الكفاءة " ستة: الدين والنسب والحرية والصناعة والبراءة من العيوب والمال في أحد الوجهين، وقال أحمد في الرواية المشهورة عنه، هي خمسة النسب والدين والحرية والصناعة والمال، وعن أحمد رواية أخرى هي النسب والدين فقط. قال ابن قدامة: والدليل على اعتبار النسب في الكفاءة قول عمر رضي الله عنه: لأمنعن فروج ذوات الأحساب إلاّ من الأكفاء قيل له: وما الأكفاء؟ قال: في الأحساب. اهـ. واختلفوا في التفاضل بين القرشيين والهاشميين فالأحناف يرون أن القرشي كفء للهاشمية خلافاً للشافعية لأن النبي صلى الله عليه وسلم زوّج ابنتيه عثمان بن عفان وأبا العاص بن الربيع وهما من بني عبد شمس. قالوا: وشرف العلم دونه كل نسب وكل شرف، فالعالم كفء لأي امرأة مهما كان نسبها وإن لم يكن له نسب معروف لقوله تعالى:(هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ). وقوله صلى الله عليه وسلم: " الناس معادن كمعادن الذهب والفضة، خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإِسلام إذا فقهوا "
(1) التاج والإكليل لمختصر خليل على هامش الخطاب.
(2)
" فتح الباري " ج 9.
(3)
متن خليل في فقه المالكية.
(4)
" بداية المجتهد " ج 2.
(5)
" الإفصاح عن معاني الصحاح " لابن هبيرة الحنبلي.
1052 -
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:
عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " تُنْكَحُ الْمَرأةُ لأرْبَع: لِمَالِهَا وَلِحَسَبِهَا وَجَمَالِهَا وَلِدِينهَا، فاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّيْنِ تَرِبَتْ يَدَاكَ ".
ــ
فجعل الفقه في الدين أعلى الفضائل واستدل الجمهور على اشتراط الحرية في الكفاءة بما ثبت في السنة الصحيحة من تخيير الأمة إذا أعتقت (1) كما أشار إليه ابن رشد. ثانياً: إبطال التبني الذي كان معروفاً ومعمولاً به في الجاهلية وذلك بنزول قوله تعالى: (ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ). الحديث: أخرجه أيضاً النسائي. والمطابقة: في كون أبي حذيفة زوج ابنة أخيه لمولى مع عراقة نسبها وشرفها في الجاهلية والإِسلام.
1052 -
معنى الحديث: يقول صلى الله عليه وسلم: " تنكح المرأة لأربع " أي أن من أهم الأشياء التي ترغب الرجل في الزواج من المرأة أربع صفات: الأولى أن تكون غنية فيتزوجها " لمالها " أي طمعاً في ثروتها إما لأنه قد يستغني بها عن الإنفاق عليها، أو لتمكنه من التصرف في مالها، أو لأنه يود أن ينجب منها أولاداً فيعود المال إليهم. الثانية: أن تكون ذات نسب وحسب فينكحها " لحسبها " لكي ينعكس هذا الحسب (2) والنسب على أولادها فتحسن تربيتهم ولأن العرق دساس وللوراثة أثرها الثالثة: أن تكون المرأة جميلة فينكحها " لجمالها " أي لكي يستمتع بحسنها وجمالها. الرابعة: أن تكون المرأة ذات دين وصلاح، فيتزوجها " لدينها " وصلاحها، وهو أسمى المقاصد، لأن المرأة
(1) كما جاء في حديث عائشة قالت: " كان في بريرة ثلاث سنن عتقت فخيّرت، أي أول هذه السنة أنها لما عتقت خيّرها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تبقى تحت زوجها، وهو مولى، أو يفسخ نكاحها، وهذا يدل على أن الأمة تحت العبد إذا أعتقت لها الخيار في فسخ نكاحها، وهو مذهب الجمهور.
(2)
والحسب كل ما يفتخر به الإنسان من مركز أو جاه أو نسب شريف وأسرة عريقة وقيل: المراد بحسبها أفعالها الجميلة وأخلاقها الكريمة.
الصالحة من أعظم نعم الدنيا، ولذلك أمر صلى الله عليه وسلم بالمبادرة إليها وتفضيلها على غيرها، حيث قال:" فاظفر بذات الدين " أي فاحرص على أن تفوز بالمرأة الصالحة المتدينة لأنها خير متاع الدنيا إن نظرت إليها سرتك، وإن أمرتها أطاعتك وإن غبت عنها حفظتك في مالك وعرضها. " تربت يداك " ومعناه في الأصل افتقرت يداك، والمراد به هنا التحذير الشديد من مخالفة هذه النصيحة الغالية، وأن من خالفها وتزوج بغير ذات الدين. خسر كل المزايا التي لا تتوفر إلاّ في المرأة الصالحة من سعادة وطاعة وإخلاص، ووفاء وأمانة، واحترام لزوجها، ومراعاة لمشاعره، وحسن تربية لأولادها، ومحافظة على مال زوجها، وصيانة لعرضها، وهذا هو المقصود بقوله:" تربت يداك ".
فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: أن من أهم الصفات والمزايا التي يطلبها الرجل في المرأة المال والحسب والجمال والدين، فمن رغب في امرأة طمعاً في مالها، فإن هذا غرض خسيس تأباه النفوس الكريمة أما الرغبة في المرأة لحسبها ونسبها، فإنه لا شك أنه غرض نبيل، لأن العرق دساس، وللوراثة أثرها دون شك، أما الجمال فإن النفس البشرية تميل إليه بطبيعتها وفطرتها، وقد يكون سبباً للوفاق بين الزوجين. ثانياً: الترغيب في الزوجة الصالحة، وتفضيلها على غيرها، لأن من فقد المرأة الصالحة فقد كل شيء كما يدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم:" فاظفر بذات الدين تربت يداك " فقد سمّى النبي صلى الله عليه وسلم نكاح ذات الدين ظفراً - أي فوزاً وفلاحاً، وحذر من نكاح المرأة التي لا دين لها، لأن نكاحها فقرٌ وإن حسبه غنى، وخسارة وإن ظنه كسباً. وفي الحديث عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" من تزوج المرأة لعزها لم يزده الله إلا ذلاً، ومن تزوجها لمالها لم يزده الله إلا فقراً، ومن تزوجها لحسبها لم يزده الله إلاّ دناءة، ومن تزوج امرأة لم يتزوجها إلاّ ليغض بصره، أو يحصن فرجه، أو يصل رحمه بارك الله له فيها، وبارك لها فيه " أخرجه الطبراني في