الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
"
كتاب الصَّيد والذبائح
"
941 - " بَابُ التَّسْمِيَةِ عَلَى الصَيْدِ
"
1088 -
عن عَدِيّ بْنِ حَاتِم رضي الله عنه قَالَ:
سَألتُ النبي صلى الله عليه وسلم عَنْ صَيدِ المِعْرَاضِ؟ قَالَ: "ما أصَابَ بِحَدِّهِ
ــ
" كتاب الصيد والذبائح "
الذبائح ما ذكي من الحيوان، والذكاة الشرعية كما قال الفقهاء: هي ذبح الحيوان بقطع حلقومه (1) أو مريئه كما في الغنم والبقر. أو نحره كما في الإِبل وهو أن يضرب البعير بسكين في الوهدة التي بين أصل العنق والصدر، أو عقره: أى عقر الحيوان إذا كان متوحشاً غير مقدور عليه، واقتناصه بالسلاح أو بالجوارح والحيوانات المعلمة. فالعقر أو الصيد. يستعمل في الحيوانات الوحشية غير المقدور عليها، كالطيور والظباء وحمر الوحش، وهو ذكاتها، والذبح والنحر يستعملان في الحيوانات الأليفة المقدور عليها، قال ابن قدامة: " لا خلاف بين أهل العلم في أن المستحب نحر الإِبل وذبح ما سواها (2) والمراد بالذبائح: كل ما ذُكِّيَ من الحيوان، سواء ذُكي بالذبح أو بالنحر. أما الصيد فهو في الأصل مصدر صاد يصيد، ولكنه عومل هنا معاملة الأسماء فأطلق على الحيوان المصاد وتعريفه شرعاً: هو اقتناص حيوان حلال متوحش طبعاً غير مملوك ولا مقدور عليه ..
941 -
" باب التسمية على الصيد "
1088 -
معنى الحديث: لقول عدي بن حاتم: "سألت النبي صلى الله عليه وسلم
(1) الحلقوم مجرى النفس من الحيوان، والمريء مجرى الطعام والشراب منه.
(2)
" المغني " لابن قدامة.
فَكُلْهُ، وَمَا أصَابَ بِعَرْضِهِ فَهُوَ وَقِيذٌ، وسألتُهُ عَنْ صَيْدِ الكَلْبِ؟ فَقَالَ: مَا أمسَكَ عَلَيْكَ فَكُلْ، فَإِنَّ أخْذَ الكَلْب ذَكَاة، وِإنْ وَجَدْتَ معَ كَلْبِكَ أوْ كِلابِكَ كَلْباً غَيْرَهُ فَخَشِيْتَ أنْ يَكُونَ أَخَذَهُ مَعَهُ وقَدْ قَتَلَهُ، فلا تَأْكُلْ، فَإِنَّمَا ذَكَرْتَ اسْمَ اللهِ عَلَى كَلْبِكَ، وَلَمْ تَذْكُرْهُ عَلَى غَيْرِهِ".
ــ
عن صيد المعراض" هل هو حلال أم لا؟ والمعراض هو سهم محدد الطرفين، غليظ الوسط، يصيب تارة بحده، وتارة بعرضه " قال: ما أصاب بحده " أي كل ما أصابه بطرفه المحدد فكل، فإنه صيد شرعي مباح الأكل، وفي رواية " إذا رميت بالمعراض، وذكرت اسم الله فأصاب فَخَرَق -أي نفذ في المصيد بحده- فكل " أخرجه الستة، وقال الترمذي: حسن صحيح " وما أصاب بعرضه فهو وقيذ " فإنه يحرم كما يحرم الوقيذ، وهو الحيوان المقتول بشيء مثقل من حجر أو خشبة أو نحوها " وسألته عن صيد الكلب " " والمعنى " أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الحيوان الذي يصطاده الكلب المعلم " فقال: ما أمسك عليك فكل " أي ما أمسكه كلب الصيد لك: وصاده من أجلك فكل، وفي رواية " ما علَّمت من كلب أو باز، ثم أرسلته، وذكرت اسم الله فكل مما أمسك عليك " قلت وإن قتل، قال: إذا قتله ولم يأكل منه شيئاً، فإنما أمسكه عليك " أخرجه أبو داود والترمذي والبيهقي. وأحمد مطولاً ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم: " ما أمسك عليك فكل " أي ما صاده الكلب المعلم لك، واحتفظ به من أجلك، ولم يأكل منه شيئاً، فإنه صيد شرعي مباح الأكل، فكل منه ما شئت، وأطعم منه من شئت قال صلى الله عليه وسلم:" فإنّ أخْذَ الكَلْبِ ذكاة " أي فإن عقره له ذكاة شرعية تبيح أكله كما يبيح الذبح والنحر لحوم الضأن والبقر والإِبل. قال صلى الله عليه وسلم: " وإن وجدت مع كلبك أو كلابك كلباً غيره فحسبت أن يكون أخذه، وقد قتله فلا تأكل " أي إن وجدت مع كلابك كلباً آخر وخشيت أن يكون
قد اشترك معها في قتل الحيوان أو انفرد بقتله، فإنه يحرم أكله، لاحتمال أنه استرسل بنفسه، أو أرسله مجوسي لم يذكر اسم الله عند إرساله " فإنك إنما ذكرت اسم الله على كلبك، ولم تذكره على غيره " أي فلو صاده الكلب الآخر فإنه يحتمل أنه لم يذكر اسم الله عليه.
فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: أنه يجوز الصيد بكل محدد فكل حيوان صيد بمحدد فهو مباح الأكل، ولا يحل صيد المثقل وإلى هذا ذهب مالك والشافعي وأبو حنيفة وأحمد والثوري، لأنه وقيذ. ثانياًً: دلّ هذا الحديث على أن صيد الكلب وشبهه من ذوات الناب حلال بثلاثة شروط: الأول: أن يكون معلماً إذا أغراه صاحبه بالصيد طلبه، وإذا زجره انزجر، وإذا أمسك الصيد أمسكه على صاحبه، واختلفوا في علامة ذلك ومتى يتحقق كونه معلّماً على صاحبه، فذهب أحمد وأبو يوسف ومحمد والشافعي (1) في أرجح أقواله: أن علامة إمساكه على صاحبه، وكونه معلماً أن لا يأكل من الصيد، فإن أكل منه فلا يجوز الأكل منه، لما في رواية النسائي، " فإن أدركته قد قتل، ولم يأكل فقد أمسكه عليك، وإن وجدته قد أكل منه فلا تطعم منه شيئاً فإنما أمسك على نفسه " وفي رواية الترمذي " فإن أكل فلا تأكل، فإنما أمسك على نفسه "، وذهب أبو حنيفة ومالك إلى أن الكلب المعلم يعرف بغالب الرأي، أو بالرجوع إلى أهل الخبرة، فإذا عرف بذلك أنّه معلّم، فإنه يؤكل من صيده ولو أكل منه، لما جاء في حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن أبا ثعلبة الأعرابي قال: يا رسول الله إنّ لي كلاباً مكلّبة أفتني في صيدها قال: " كل مما أمسكن عليك " قال: وإن أكل منه؟ قال: " وإن أكل منه " أخرجه أبو داود، ولا بأس بسنده. اهـ. الثاني: أنه يشترط في صيد الكلب أن يكون قد سمّى الله عليه، لقوله صلى الله عليه وسلم:"فإنما ذكرت اسم الله على كلبك" فإن
(1)" تحفة الأحوذي " ج 5.
مفهومه أنه إذا لم يذكر اسم الله عند إرساله لا يحل صيده، ويؤكد ذلك نصاً وتصريحاً ما جاء في رواية أخرى عن عدي بن حاتم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" إذا أرسلت كلبك فاذكر اسم الله عليه (1)، فإن أدركته لم يقتل فاذبح، واذكر اسم الله عليه، وإن أدركته قد قتل ولم يأكل فكل " الخ أخرجه النسائي. قال في " الإِفصاح " واختلفوا فيما إذا ترك التسمية على رمي الصيد أو إرسال الكلب. فقال أبو حنيفة: إن ترك التسمية في الحالين ناسياً حلّ الأكل منه، وإن تعمد تركها. لم يُبَح في الحالين " (2) وقال مالك: إن تعمد تركها لم يبح في الحالين. وإن تركها ناسياً فهل يباح أم لا؟ عنه روايتان، وعنه رواية ثالثة أنه يحل أكلها على الإِطلاق في الحالين سواء تركها عمداً أو ناسياً. وعن أحمد ثلاث روايات أظهرها أنّه إن ترك التسمية لم يحل الأكل منه على الإِطلاق سواء كان تركه التسمية عمداً أو سهواً والثانية: كمذهب أبي حنيفة والثالثة: إن تركها على إرسال السهم ناسياً أكل، وإن تركها على إرسال الكلب أو الفهد ناسياً لم يأكل. الثالث: أنه يشترط في جواز أكل الصيد أن يكون الكلب مرسلاً، لأن سياق الحديث يدل عليه، وقد جاء مصرحاً به في رواية أخرى عن عدي بن حاتم، قال فيها:" إذا أرسلت كلبك " إلخ أخرجه النسائي. ثالثاً: أنّه إذا وجد الصيد مقتولاً، ووجد مع كلبه كلباً آخر لا يعلم هل تتوفر فيه شروط الصيد أم لا، ولم يعلم أيهما قتله أو علم أنهما قتلاه أو قتله الكلب المجهول لا يحل له الأكل منه. الحديث: أخرجه الشيخان والترمذي والنسائي وابن ماجة. والمطابقة: في قوله: " فإنما ذكرت اسم الله على كلبك.
…
(1) لقوله تعالى: (وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ).
(2)
وهو أظهر الروايات عن أحمد كما في " الإفصاح ".