الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
938 - " بَابُ قَوْلِهِ تعالى (فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا)
"
1085 -
عَنْ أنسٍِ رضي الله عنه قَالَ:
أنَا أعْلَمُ النَّاسِ بِالْحِجَابِ، كَانَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ يَسْألنِي عَنْهُ، أصبْحَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَرُوساً بِزَيْنَبَ بنتِ جَحْشٍ، وكَانَ تَزَوَّجَهَا بِالْمَدِينَةِ،
ــ
فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: استحباب هذا الذكر المأثور عند الانتهاء من الطعام. ثانياًً: أن الذكر مستحب ومندوب إليه في أوّل الطعام وآخره، لأن الطعام من أجل النعم التي بها قوام الحياة. فإذا اقترن بذكر الله في أوّله، وشكره والثناء عليه في آخره بصدق وإخلاص، وشعور بالنعمة، أدى إلى دوام النعم واستمرارها، كما قال تعالى:(لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ). الحديث: أخرجه أيضاً أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة. والمطابقة: في كون الحديث بمنزلة الجواب عن الترجمة والله أعلم.
938 -
" باب قوله تعالى: (فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا) "
أي هذا باب يذكر فيه من الأحاديث ما يتعلق بقوله تعالى: (فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا) أي إذا دعيتم إلى وليمة عامة أو خاصة، وفرغتم من تناول الطعام، فتفرقوا، وانصرفوا إلى منازلكم تخفيفاً عن صاحب المنزل، ومراعاة لظروفه.
1085 -
معنى الحديث: أن أنساً يقول: أنا أعلم الناس بسبب نزول آية الحجاب الخاص بأمّهات المؤمنين، وهي قوله تعالى:(وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ) ثم قال أنس: " كان أُبي بن كعب يسألني عنه " أي يسألني عن سبب نزول آية الحجاب فأبينه له، ثم قال:" أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم عروساً بزينب بنت جحش " أي أصبح من ليلة زفافه بها " فدعا الناس للطعام بعد ارتفاع النهار " أي في وقت الضحى "وجلس معه رجال بعدما
فَدَعَا النَّاسَ لِلطعَامِ بَعْدَ ارتِفَاعَ النَّهَارِ، فَجَلَسَ رَسُولُ اللهَ صلى الله عليه وسلم، وَجَلَسَ مَعَهُ رِجَالٌ بَعْدَمَا قَامَ الْقَوْمُ، حتَّى قَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَمَشى ومَشَيْتُ مَعَهُ، حتَّى بَلَغَ بَابَ حُجْرَةِ عَائِشَةَ، ثم ظَنَّ أنَّهُمْ خَرَجُوا، فَرَجَعَ فرَجَعْتُ مَعَهُ، فإذا هُمْ جُلُوسٌ مَكَانَهُمْ، فَرَجَعَ وَرَجَعْتُ مَعَهُ الثَّانِيَةَ، حَتَّى بَلَغَ بَابَ حُجْرَةِ عَائِشَةَ، فَرَجَعَ وَرَجَعْتُ مَعَهُ، فَإِذَا هُمْ قَدْ قَامُوا، فَضَرَبَ بَيْيي وبَيْنَهُ سِتراً، وأنْزِلَ الحِجَابُ.
ــ
قام القوم" أي تأخروا بعد انصراف المدعوين " فمشى ومشيت معه، حتى بلغ حجرة عائشة " أي فقام النبي من مجلسه ومشى حتى وصل إلى حجرة عائشة ليشير إليهم برغبته في انصرافهم " ثم ظن أنهم قد خرجوا، فرجع ورجعت، فإذا هم جلوس مكانهم " فإذا هم ما زالوا جالسين في مواضعهم. " فرجع ورجعت " أي فقام النبي صلى الله عليه وسلم مرة أخرى، ومشى كالمرة الأولى " فإذا هم قد قاموا " أي فلما عاد وجدهم قد انصرفوا " فضرب بيني وبينه ستراً " أي فحجب النبي صلى الله عليه وسلم نساءه عن الرجال ووضع بيني وبينه غطاء يستر النساء عن الرجال " وأنزل الله آية الحجاب " وهي قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا) صدق الله العظيم. وموضع الأمر بالحجاب قوله تعالى: (وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ).
فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: أن من الآداب الشرعية المطلوبة من الضيف أن ينصرف بعد فراغه من طعام الوليمة مباشرة، وأن لا يتأخر بعد ذلك مستأنساً بالحديث الذي يدور في المجلس لئلا يؤذي صاحب المنزل، ويثقل عليه، ولا يقدر على مصارحته حياءً منه، فقد أمر الله تعالى الضيف بالخروج عقب الانتهاء من الطعام فوراً، فقال تعالى:(فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا). ثانياًً: دل هذا الحديث على سبب نزول قوله تعالى: (فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا) وهي هذه القصة التي ذكرها أنس رضي الله عنه. ثالثاً: دل هذا الحديث على سبب نزول آية الحجاب وهي قوله تعالى: (وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ) ولهذا حجب النبي صلى الله عليه وسلم نساءه عن الرجال عقب نزول هذه الآية مباشرة كما قال أنس رضي الله عنه: " فضرب بيني وبينه ستراً ". الحديث: أخرجه الشيخان والنسائي. والمطابقة: في كون القصة المذكورة سبباً في نزول قوله تعالى: (فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا).
***