الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
908 - " بَابُ مَنْ قَالَ لا رَضَاعَ بَعْدَ الحَوْلَيْنِ
"
1055 -
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها:
أَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم دَخَلَ عَلَيْهَا وَعِنْدَهَا رَجُلٌ فكأَنَّهُ تَغَيَّرَ وَجْهُهُ، كأنَّهُ كَرِهَ ذَلِكَ، فَقَالَتْ: إنَّهُ أخِي، فقَالَ: انْظرنَ مَنْ إخْوَانُكُنَّ، فإنَّمَا الرَّضَاعَةُ مِنَ المَجَاعَةِ ".
ــ
908 -
" باب من قال لا رضاع بعد الحولين "
1055 -
معنى الحديث: تروي عائشة رضي الله عنها " أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها وعندها رجل " قال الحافظ: وأظنه ابناً لأبي القعيس " فكأنه تغير وجهه، كأنه كره ذلك " وفي رواية أبي داود " فشق ذلك عليه، فتغير وجهه " فقال: يا عائشة ما هذا؟ " فقالت: إنه أخي " وفي رواية أبي داود: إنه أخي من الرضاعة " فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: انظرن من إخوانكن " أي دققن النظر في سبب هذه الأخوة، وكيف وقعت هذه الرضاعة، فليست كل رضاعة تحرِّم، " إنما الرضاعة من المجاعة " أي إنما الرضاعة التي تثبت بها الحرمة، وتحل بها الخلوة، ما تكون من المجاعة، حين يكون الرضيع طفلاً يسد اللبن جوعته، وينبت لحمه بذلك، فيصير كجزء من أجزاء المرضعة ويصبح كسائر أولادها في الحرمة. قال الخطابي: معناه أن الرضاعة التي تقع بها الحرمة ما كانت في الصغر، والرضيع طفل يقويه اللبن، ويسد جوعه.
فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: أن الرضاعة المعتبرة شرعاً في تحريم الرضيع هي المغنية من المجاعة التي تكون في مدة الرضاع قبل تمام الحولين، ويؤيده حديث أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم: قال: " لا يحرم من الرضاع إلاّ ما فتق الأمعاء في الثدي، وكان قبل الفطام " أخرجه الترمذي، وقال: هذا حديث حسن صحيح، والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم: أن
الرضاعة لا تحرّم إلاّ ما كان دون الحولين (1) وما كان بعد الحولين فإنه لا يحرم شيئاً، وهو مذهب الجمهور في اختلف العلماء في حد الصغر (2) فقال الثوري والأوزاعي والشافعي وأحمد وأبو يوسف ومحمد: مدة الرضاع المحرِّم حولان، ولا يحرم ما وقع بعدهما، ورواه ابن وهب عن مالك، ودليل أن مدة الرضاع حولين قوله تعالى:(وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ) وقال أبو حنيفة في المشهور عنه: " مدة الرضاع المؤثرة في التحريم ثلاثون شهراً من وقت الولادة واستدل له بقوله تعالى: (وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا) حيث أفادت الآية أن مدة كل منهما ثلاثون شهراً، وأجاب الجمهور أن ظاهر الآية يدل على أن الثلاثين شهراً هي مدة للحمل والفصال معاً. وذهب الظاهرية إلى أنه يثبت التحريم برضاع الكبير، مستدلين بقوله صلى الله عليه وسلم لامرأة أبي حذيفة في حق سالم: " أرضعيه فأرضعته خمس رضعات، فكان بمنزلة ولدها من الرضاعة، وأجاب الجمهور بأن هذه رخصة استثنائية خاصة لهم دون غيرهم. ثانياً: أن مجرد التغذية بلبن المرضعة يحرّم سواء كان بشرب أو مص أو حقن أو سعوط أو غيره، وهو قول الجمهور: وقالت الظاهرية: الرضاعة المحرمة بالتقام الثدي ومص اللبن منه (3)، والله أعلم. الحديث: أخرجه الشيخان وأبو داود. والمطابقة: في قوله صلى الله عليه وسلم: " فإنما الرضاعة من المجاعة ".
…
(1)" جامع الترمذي ".
(2)
" تكملة المنهل العذب " ج 3.
(3)
وقد روى مسلم في " صحيحه " عن عائشة رضي الله عنها قالت: " كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرّمن، ثم نسخن بخمس معلومات، فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهن فيما يقرأ من القرآن " فلذلك كانت خمس رضعات مشبعات يحرمن وهو قول الشافعي ورواية عن أحمد. (ع).