الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب الدعوات
الدعوات جمع دعوة، هي الدعاء. والدعاء لغة: هو مصدر دعا يدعو، ثم جعل اسماً مستعملاً في لغة العرب لمعان مختلفة منها: التوحيد كقوله تعالى: (وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا) ومنها الاستعانة كقوله تعالى: (وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) ومنها السؤال والطلب. أما الدعاء شرعاً: فمعناه سؤال الباري عز وجل ورفع الحاجات إليه، وطلب قضائها منه قال النووي: أجمع أهل الفتوى على استحباب الدعاء، وذهبت طائفة من الزهاد الى أن تركه أفضل استسلاماً ودلائل الفقهاء ظواهر القرآن والسنة كيف لا، وفي الدعاء تضرع إلى الله والتجاء إليه، ومناجاة له، واتصال روحي بالعلى الأعلى قال الخطابي: وحقيقة الدعاء إظهار الافتقار إليه، والبراءة من الحول والقوة إلا له، وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم:" ليس شيء أكرم على الله من الدعاء " أخرجه الترمذي وأحمد وابن ماجة والبخاري في " الأدب المفرد " وصححه ابن حبان والحاكم. وعن النعمان بن بشير عن النبي صلى الله عليه وسلم قال، " الدعاء هو العبادة " ثم قرأ (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ) أي صاغرين، أخرجه الترمذي وأحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجة وابن حبان والحاكم وقال: صحيح الإسناد وقال الترمذي: حديث حسن صحيح، وفي الآية المذكورة وعيد شديد لمن ترك الدعاء إعراضاً واستكباراً. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من لم يسأل الله يغضب عليه " أخرجه الترمذي فالدعاء يزيد العبد من ربه قرباً واعترافاً بحقه، ولذا حث صلى الله عليه وسلم -
على الدعاء، وعلّم الله عباده دعاءه بقوله:(رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا) وأخبرنا بدعوات رسله وتضرعهم حيث قال: (وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) إلى آخر ما ذكر من دعوات الأنبياء ودعواته صلى الله عليه وسلم في الصباح والمساء والصلوات وغيرها معروفة. اهـ. وحسبك في فضل الدعاء أنه لا بد أن يعود على صاحبه بفائدة في الدنيا أو الآخرة، أو فيهما معاً، كما يدل عليه حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما على الأرض مسلم يدعو الله دعوة إلاّ آتاه إياها أو صرف عنه من السوء مثلها ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم، ما لم يعجل " أخرجه الترمذي وأحمد والبيهقي والطبراني في الكبير وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم به، وبيّن أنه من أجلِّ العبادات التي يحبها الله، فقال صلى الله عليه وسلم:" سلوا الله من فضله، فإنه تعالى يحب أن يسأل، وأفضل العبادة انتظار الفرج " رمز السيوطي إلى صحته، وحسنه الحافظ ابن حجر، وعن ابن مسعود رضي الله عنه: من نزلت به فاقة، فأنزلها بغير الله لم تسد فاقته، ومن نزلت فاقة فأنزلها بالله، فيوشك الله له برزق عاجل أو آجل. رواه أبو داود والترمذي والحاكم، وصححه. وعن ابن عمر مرفوعاً:" من فتح له باب من الدعاء فتحت له أبواب الإجابة " أخرجه الترمذي وابن حبان، والحاكم وقال: صحيح الإسناد كما أفاده الشوكاني في " تحفة الذاكرين ". ومن الأسباب المؤدية إلى استجابة الدعاء عند الضراء، الإكثار منه في السراء، لما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من سره أن يستجيب الله له عند الشدائد والكرب، فليكثر الدعاء في الرخاء " أخرجه الترمذي وقال فيه: حسن غريب، كما أخرجه الحاكم وصححه وأقره الذهبي. ومن آداب الدعاء أن يترصد الأوقات المباركة التي يستجاب فيها الدعاء، كيوم عرفة، ورمضان، والجمعة، وعند نزول الغيث، وإقامة الصلاة، وبين الأذان والإقامة، والسحر وحال السجود. وأن يدعو مستقبلاً الكعبة رافعاً يديه لقوله صلى الله عليه وسلم: "إن ربكم حيي كريم يستحي