الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
910 - " بَابٌ نَهْي رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ آخِراً
"
ــ
الشافعي (1) ومنشأ الخلاف هل النهي معلل بعدكم العوض أو غير معلل، فإن كان غير معلل لزم الفسخ على الإِطلاق، وإن كان معللاً بعدم الصداق صح بفرض صداق المثل (2) وهو مذهب الحنفية، لأن الفساد من قبل المهر لا يوجب فساد العقد (3)، والظاهر ما ذهب إليه الجمهور، لأن النهي عن الشغار محمول على عدم مشروعيته اتفاقاً لقوله صلى الله عليه وسلم: لا شغار في الإِسلام (4)، وما دام غير مشروع فهو باطل. الحديث: أخرجه الستة. والمطابقة: في قول ابن عمر رضي الله عنهما: "نهى صلى الله عليه وسلم عن الشغار".
910 -
" باب نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نكاح المتعة آخراً "
قال الحافظ: وقول البخاري " آخراً " يفهم منه أنه كان مباحاً، وأن النهي عنه وقع آخر الأمر، وليس في أحاديث الباب التي أوردها التصريح بذلك. قال الحافظ: وقد وردت عدة أحاديث صحيحة صريحة بالنهى عنها بعد الأذن فيها، وأقربها عهداً بالوفاة النبوية ما أخرجه أبو داود عن طريق الزهري قال: كنا عند عمر بن عبد العزيز فتذاكرنا متعة النساء، فقال رجل يقال له ربيع بن سبرة: أشهد على أبي أنه حدّث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عنها في حجة الوداع. وعن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال: " رخص لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في متعة النساء عام أوطاس ثلاثة أيام، ثم نهى عنها، أخرجه مسلم وأحمد (5).
(1)" تحفة الأحوذي شرح الترمذي " ج 4.
(2)
" الفقه الإسلامي وأدلته " للدكتور وهبة الزحيلي.
(3)
" تكملة المنهل العذب المورود في شرح سنن أبي داود " ج 3.
(4)
أخرجه الترمذي وأحمد وابن ماجه عن أنس رضي الله عنه، وهو حديث صحيح. (ع).
(5)
وفي " صحيح مسلم " عن ربيع بن سبرة عن أبيه سبرة الجهني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى يوم الفتح (يعني فتح مكة) عن متعة النساء، وفي رواية أخرى عند مسلم عن سبرة الجهني "نهى عن المتعة وقال: ألا وإنها حرام =
1057 -
عَنْ عَلِيٍّ بنِ أبي طَالِب رضي الله عنه:
أَنَّهُ قَالَ لاْبنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: " إِنَّ النبي صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ المُتْعَةِ، وَعَنْ لُحُومِ الحُمُرِ الأهْلِيَّةِ زَمَنَ خَيْبَرَ ".
ــ
1057 -
معنى الحديث: أن البخاري يروي بسنده المتصل " عن علي رضي الله عنه أنه قال لابن عباس: إن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن المتعة " أي عن نكاح المتعة، وهو النكاح المؤقت (1) بأن يقول لامرأة: أتمتع بك لمدة كذا، فيتزوجها لمدة عشرة أيام أو عشرين يوماً مثلاً " وعن لحوم الحمر الأهلية " أي ونهى صلى الله عليه وسلم عن أكل لحوم الحمر الأهلية كما جاء في رواية أخرى للبخاري " وعن أكل الحمر الأنسية "" زمن خيبر " أي وكان النهي عن المتعة والحمر الأهلية في غزوة خيبر وقد اختلفت الروايات في وقت تحريمها، ففي بعض الروايات أن المتعة حُرّمت يوم خيبر، وفي بعضها حرمت في فتح مكة، وفي بعضها في غزوة تبوك، وفي بعضها في حجة الوداع، وفي بعضها في عمرة القضاء ولذلك ذهب بعضهم إلى إنكار بعض الروايات حتى قال ابن عبد البر: وذكر النهي عن المتعة يوم خيبر غلط، وقال السهيلي: النهي عن المتعة يوم خيبر لا يعرفه أحد من أهل السير، ولكن التحقيق في ذلك ما ذهب إليه الإِمام النووي: واختاره من الجمع بين هذه الروايات حيث قال رحمه الله تعالى: " والصواب المختار أن التحريم والإِباحة كانا مرتين كانت حلالاً قبل خيبر ثم حرمت يوم خيبر، ثم أبيحت يوم فتح مكة،
= من يومكم هذا إلى يوم القيامة"، وقد قال الحافظ ابن حجر في " الفتح " الرواية عن سبرة الجهني بأنها في الفتح أصح وأشهر. (ع).
(1)
سواء كان مؤقتاً بمدة معلومة كسنة أو مجهولة كقدوم زيد، وسواء كان بلفظ التمتع والاستمتاع أو بلفظ النكاح والزواج. ولا دليل على أن نكاح المتعة الذي أباحه صلى الله عليه وسلم ثم حرمه هو ما اجتمع فيه (م ت ع) وليس معناه أن يخاطبها بلفظ أتمتع، أو نحوه، لأن اللفظ يطلق ويراد معناه. اهـ. كما في " أوجز المسالك " ولهذا عرّفه أكثر الفقهاء بأنه النكاح إلى أجل. فقال الباجي: هو النكاح المؤقت، وقال ابن قدامة: هو أن يتزوج المرأة مدة.
وهو يوم أوطاس لاتصالهما، ثم حرمت يومئذ بعد ثلاثة أيام تحريماً مؤبداً إلى يوم القيامة".
فقه الحديث: دل هذا الحديث على أن نكاح المتعة كان مباحاً مشروعاً أول الإِسلام ثم حرّم. أما كيف كانت مشروعيته، وهل كان حكماً عاماً أو خاصاً فقد دلت الأحاديث الصحيحة على أن نكاح المتعة كان رخصة استثنائية في حال السفر فقط. كما جاء في حديث قيس بن حزام قال: سمعت عبد الله بن مسعود يقول: كنا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس معنا نساء، فأردنا أن نختصى، فنهانا عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم رخص لنا أن ننكح المرأة إلى أجلٍ بالثوب. ولهذا قال الحازمي: وإنما كان ذلك في أسفارهم، ولم يبلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم أباحه لهم وهم في بيوتهم، ولهذا نهاهم عنه غير مرة، وأباحه لهم في أوقات مختلفة، حتى حرّمه عليهم في فتح مكة، وهو أصح الأقوال حيث حرمه تحريم تأبيد لا تأقيت فيه، فلم يبق اليوم في ذلك خلاف بين فقهاء الأمصار إلا شيئاً ذهب إليه الشيعة، ويروى أيضاً عن ابن جريج، وأما ما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان يقول بجواز نكاح المتعة، فالصحيح أنه رجع عن رأيه هذا، قال الترمذي: وإنما روي عن ابن عباس شيء من الرخصة في المتعة، ثم رجع عن قوله حيث أخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم (1). اهـ. وقال الخطابي: وكان ابن (2) عباس رضي الله عنهما يتأول في إباحته للمضطر إليه بطول العزوبة وقلة اليسار، ثم توقف عنه وأمسك عن الفتوى به، فعن سعيد بن جبير قال: قلت لابن عباس رضي الله عنهما: هل تدري ما صنعت وبما أفتيت؟ قد سارت بفتياك الركبان، وقالت فيه الشعراء قال: وما قالت؟ قلت قالوا:
قَدْ قُلْتُ للشيخ لَمَا طَاْل مَجْلِسُهُ
…
يَا صَاحِ هَل لَكَ في فُتْيَا اْبنِ عَبَّاسِ
هَلْ لَكَ في بَيْضاءَ بَهْكَنَةٍ
…
تَكُونُ مَثْوَاكَ حَتَّى مَصْدَرِ النَّاسِ
(1)" صحيح الترمذي ".
(2)
" تكملة المنهل العذب " ج 3.