الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
920 - " بَابُ الْخلْعِ وَكَيْفَ الطَّلاقُ مِنهُ
"
1067 -
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما:
أَنَّ امْرَأةٍ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ أتتِ النبي صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ ثَابِتُ بْنُ قَيْس مَا اعتِبُ عَلَيه في خُلُق وَلا دِين، ولَكِنِّي أكْرَهُ الكُفْرَ في الإِسْلامِ،
ــ
على الثلاث عملاً بالغالب في ذلك العصر، وبهذا خرج حديث ابن عباس عن موضوع طلاق الثلاث بلفظ واحد وأصبح لا علاقة له به. ومما أجاب به عن الحديث المذكور أن رواية طاووس عن ابن عباس المذكورة مخالفة لما رواه الحفاظ عنه فهذا إمام المحدثين أحمد بن حنبل يرفض حديث ابن عباس هذا لمخالفته لرواية بقية الحفاظ عنه، وهذا الإمام محمد بن إسماعيل البخاري ذكر عنه الحافظ البيهقي أنه ترك هذا الحديث عمداً لذلك الموجب الذي تركه من أجله الإمام أحمد انتهى ما ذكره الشيخ محمد الأمين في كتابه " أضواء البيان " عن هذا الموضوع بإيجاز واختصار والله أعلم. مطابقة الحديث للترجمة: في قوله: " طلق امرأته ثلاثاً " فإنه ظاهر في كونها مجموعة - كما قال العيني: فأمضاها النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث طلقات ومنع الزوجة أن تعود إلى الأول حتى تذوق عسيلة الثاني.
920 -
" باب الخلع وكيف الطلاق منه "
والخلع لغة: نزع الشيء وإزالته. وشرعاً: إزالة الزوجية أو إزالة عصمة النكاح ببدلٍ وعوضٍ مالي تدفعه المرأة لزوجها مقابل مخالعته لها، لأنها تكرهه ولا تريد البقاء في عصمته.
1067 -
معنى الحديث: " أن امرأة ثابت بن قيس " بن شمّاس بتشديد الميم الأنصاري الخزرجي خطيب الأنصار وامرأة ثابت بن قيس، قيل: إنها جميلة بنت عبد الله بن أبي، وبذلك جزم ابن سعد (1) وقيل: إن زوجته
(1)" أوجز المسالك " ج 10.
فَقَالَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم: " أتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ؟ " قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" اقْبَلِ الحَدِيقَةَ وَطَلِّقْهَا تَطْلِيقَةً ".
ــ
حبيبة بنت في سهل " أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله ثابت بن قيس ما أعتب عليه في خلق ولا دين " وفي رواية مالك وأبي داود أن حبيبة بنت سهل كانت تحت ثابت بن قيس بن شمّاس، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى الصبح فوجد حبيبة بنت سهل عند بابه في الغلس، فقال: من هذه؟ فقالت: أنا حبيبة بنت سهل، قال: ما شأنك، قالت: لا أنا ولا ثابت بن قيس يجمعنا بيت واحدٌ. يعني لا يكون اجتماع بيني وبينه أبداً لما بيننا من التنافر "ما أعيب عليه في خلق ولا دين " أي لا أطعن فيه ديناً ولا خلقاً ولا أعيبه بشيء ينقصه من جهة دينه أو خلقه " لكني أكره الكفر في الإِسلام " والمعنى: ولكني أبغضه لدمامته (1) وقبح صورته، وأخشى أن يؤدي بي هذا النفور الطبيعي منه إلى كفران العشير، والتقصير في حق الزوج، والإساءة إليه، وارتكاب الأفعال التي تنافي الإِسلام من الشقاق والخصومة والنشوز ونحوه مما يتوقعُّ مثله من الشابة الجميلة المبغضة لزوجها أن تفعله، فسمّت المعاملة السيئة للزّوج كفراً لما فيها من الاستهانة بالعلاقة الزوجية، وجحود حقوقها المشروعة، وهذا يدخل في كفران العشير، وينافي ما يقتضيه الإِسلام. " فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتردين عليه حديقته " أي إذا كنت تكرهينه كل هذه الكراهية، وتخشين أن يؤدي بقاؤك في عصمته إلى أمر مخالف لدين الإِسلام فهل تخالعينه وتفتدين منه نفسك بمال فتردين عليه حديقته التي دفعها لك مهراً؟ " قالت: نعم " أفعل ذلك، وعن ابن عباس: أول خلع كان في الإِسلام امرأة ثابت بن قيس، أتت النبي صلى الله عليه وسلم
(1) وفي رواية: كان رجلاً دميماً، فقالت: يا رسول الله والله لولا مخافة الله إذا دخل عليَّ لبصقت في وجهه " الخ أخرجه ابن ماجة.
فقالت: يا رسول الله لا يجتمع رأسي ورأس ثابت أبداً، إني رفعت جانب الخباء فرأيته أقبل في عدة، فإذا هو أشدهم سواداً، وأقصرهم قامة وأقبحهم وجهاً، فقال: أتردين عليه حديقته؟ قالت: نعم وإن شاء زدته ففرق بينهما. اهـ. " فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اقبل الحديقة وطلقها تطليقة " وهذا أمر إرشاد وإصلاح لا أمر إيجاب وإلزام.
فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: جواز الخلع ومشروعيته، وهو " فراق زوج يصحُّ طلاقه لزوجته بعوض مالي. وقد أجمع العلماء على جوازه خلافاً لبكر بن عبد الله المزني التابعي ومما يدل على جوازه قوله تعالى:(فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ) ويشترط في الخلع -كالطلاق- أن يكون الزوج مكلفاً والزوج محلاً للطلاق، وأن يكون بصيغة الماضي في الإِيجاب والقبول بأن يقول الزوج: خالعتك على كذا، وتقول الزوجة: قبلت، فإن لم تصرح بالقبول لا يقع الخلع (1) ولا تتحقق الفرقة ولا يستحق العوض. ولا يشترط البدل -أي العوض- عند أبي حنيفة ومالك وأحمد في رواية وفي رواية أخرى عن أحمد لا يكون خلعاً إلاّ بعوض. ولا يقع الخلع أيضاً بمجرد بذل المال وقبوله، بل لا بد من أن يتلفظ الزوج بالخلع عند أحمد خلافاً للحنفية حيث قالوا: أخذ المال تطليقة بائنة. ثانياًً: استدل بعض أهل العلم بقوله صلى الله عليه وسلم: " طلِّقها تطليقة " على أن الخلع لا يُعَدُّ ولا يعتبر طلاقاً إلاّ إذا اقترن بذكر الطلاق، لأنه لو كان الخلع بنفسه طلاقاً لما احتاج النبي صلى الله عليه وسلم أن يأمره بطلاقها والمسألة خلافية. قال في " الإِفصاح " اختلفوا (2) في الخلع هل هو فسخ أو طلاق، فقال أبو حنيفة ومالك وأحمد:" في إحدى روايتيه " هو طلاق بائن وعن أحمد
(1) بخلاف ما إذا قال خالعتك ونوى به مجرد الطلاق فإنه يقع وإن لم تقبله الزوجة، لأن الطلاق لا يحتاج إلى موافقة الزوجة.
(2)
" الإفصاح عن معاني الصحاح " ج 2.