المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مسالك إثبات العلة - أصول الفقه - ابن مفلح - جـ ٣

[شمس الدين ابن مفلح]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الثالث

- ‌التخصيص

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌‌‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌التخصيص بالشرط

- ‌التخصيص بالصفة

- ‌التخصيص بالغاية

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌التخصيص بالمنفصل

- ‌مسألة

- ‌‌‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌‌‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة:

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌المطلق والمقيد

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌المجمل

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌‌‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌‌‌‌‌مسألة

- ‌‌‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌البيان

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌‌‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌الظاهر والتأويل

- ‌المفهوم

- ‌الدلالة:

- ‌والمفهوم أقسام

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌النسخ

- ‌مسألة

- ‌‌‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌‌‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌‌‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌‌‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌القياس

- ‌أركان القياس

- ‌أصل وفرع وعلة وحكم

- ‌شروط القياس

- ‌شروط علة الأصل

- ‌شروط الفرع

- ‌مسالك إِثبات العلة

- ‌مسألة

- ‌المسلك الخامس: إِثبات العلة بالشبه:

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌‌‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌ مسألة

- ‌‌‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌الاعتراضات على القياس

- ‌منع حكم الأصل:

الفصل: ‌مسالك إثبات العلة

‌مسالك إِثبات العلة

الأول: الإِجماع.

......................

الثاني: النص:

فمنه: صريح، نحو:"لعلة كذا أو لسبب"، قال بعض أصحابنا وغيرهم: وكذا: "لأجْل أو من أجْل أو كي أو إِذًا" لا يحتمل غير التعليل -وكذا اختار أبو محمَّد البغدادي (1): أن "كيلا ولأجل ونحوهما" صريح، وعندنا وذكره الآمدي (2):(3) إِن قام دليل لم يقصد التعليل فمجاز نحو: لم فعلت؟ فيقول: لأني أردت- كقوله: لكذا أو (4) إِن كان كذا أو لكذا (5) أو بكذا نحو: (فبما رحمة)(6).

وكذا "إِنّ"، ذكره القاضي (7) وغيره والآمدي (8)، وذكره في

(1) في (ح): في أن.

(2)

انظر: الإحكام للآمدي 3/ 253.

(3)

نهاية 375 من (ح).

(4)

في (ب) و (ظ): وإن كان.

(5)

قوله: (أو لكذا) كذا في (ب) و (ظ). وفي (ح): أو إِن كان كذا لكذا. وعلى أي حال فهذه الزيادة (أو لكذا) مكررة مع قوله: (كقوله: لكذا).

(6)

سورة آل عمران: آية 159.

(7)

انظر: العدة/ 221 ب.

(8)

انظر: الإحكام للآمدي 3/ 252.

ص: 1257

الروضة (1) عن أبي الخطاب.

وقيل: تنبيه.

وقيل لأبي الفتح بن المنّي من أصحابنا -في زوال البكارة بالزنا-: إِن "إِنّ" موضوعة للتعليل، كقوله:(إِنها من الطوافين).

فقال: لا نسلم، وإنما هي موضوعة للتأكيد، وإنما كان الطواف علة، لعسر الاحتراز عنه؛ لا لفظة (2)"إِنَّ".

وكذا قال أبو محمَّد البغدادي: أجمع علماء العربية أنها لم تأتِ للتعليل، بل للتأكيد أو بمعنى "نعم"، وإنما، جعلنا الطواف علة لأنه قرنه بحكم الطهارة، وهو مناسب.

.....................

ومن التنبيه والإيمان (3) ترتب الحكم عقب وصف بالفاء، فإِنها للتعقيب ظاهراً، ويلزم منه السببية عندنا، وذكره الآمدي (4) وغيره، كقوله:(والسارق والسارقة فاقطعوا)(5)، وقول الراوي: "سها (6) فسجدا)،

(1) انظر: روضة الناظر/ 297.

(2)

كذا في النسخ. ولعلها: للفظة.

(3)

نهاية 188 ب من (ب).

(4)

انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 254.

(5)

سورة المائدة: آية 38.

(6)

نهاية 129 ب من (ظ).

ص: 1258

و"زنى ماعز فرجم"(1)، وقيل: كما قبله (2)، والفقيه وغيره سواء؛ لأنه ظاهر (3) حاله مع دينه وعلمه (4).

* * *

ومنه: اقتران الوصف بحكم لو لم يكن هو أو نظيره علة للحكم كان اقترانه بعيدًا شرعًا ولغة، كقول الأعرابي له عليه السلام: وقعت على أهلي في رمضان، فقال:(أعتق رقبة)(5)، فكأنه قيل:"إِذا واقعت فكفّر"؛ لأن الظاهر كونه جوابا، والسؤال معاد فيه.

فإِن حذف (6) بعض الأوصاف -كـ "ذلك الشهر، وكونه أعرابيا"-

(1) تقدم تخريج حديث رجم ماعز في ص 863. وهذا اللفظ: "زنى ماعز فرجم" ورد -أيضاً- في مختصر ابن الحاجب. قال الزركشي في المعتبر/ 80 أ: هو مروي بالمعنى في الصحيحين، لكن مقصود ابن الحاجب هذا اللفظ، ولم يَرِد.

(2)

يعني: كالصريح.

(3)

يعني: ظاهر حاله أنه لو لم يفهم ترتب الحكم على الوصف لم يقله.

(4)

يعني: علمه أن الفاء للتعقيب.

(5)

قصة الأعرابي الذي جامع في نهار رمضان رواها أبو هريرة، وسبق تخريج ذلك في ص 304. قال الزركشي في المعتبر/ 80 أ: واقعت أهلي في رمضان، فقال:(أعتق رقبة) هو في الكتب الستة، لكن بغير هذه الصيغة، أما بهذه الصيغة ففي سنن ابن ماجه. أ. هـ. فانظر: سنن ابن ماجه / 534.

(6)

في (ح): حذفت.

ص: 1259

سمي تنقيح المناط، أي: تنقيح ما ناط به حكم الشارع.

وأقر به أكثر منكري القياس، وأجراه أبو حنيفة (1) في الكفارات مع منعه القياس فيها.

وذكر بعضهم (2): أنه أحد مسالك العلة، بأن يبين إِلغاء الفارق.

وقد يقال: العلة إِما المشترك أو المميز، والثاني باطل (3)، فثبت الأول.

ولا يكفي أن يقال: "محل الحكم إِما المشترك أو مميّز الأصل"؛ لأنه لا يلزم من ثبوت المحل ثبوت الحكم.

قيل: لا دليل على عدم عليته (4)، فهو علة.

رد: لا دليل لعليته، فليس بعلة.

قيل: لو كان علة لتأتَّى القياس المأمور به.

رد: هو دور. والله أعلم.

....................

ومن الإِيماء (5): أن يقدّر الشارع وصفاً لو لم يكن للتعليل كان بعيداً لا

(1) انظر: تيسير التحرير 4/ 42، فواتح الرحموت 2/ 298.

(2)

انظر: المحصول 2/ 2/ 315.

(3)

لأن الفارق ملغى.

(4)

يعني: علية الوصف. وانظر: المحصول 2/ 2/ 319 - 320.

(5)

نهاية 376 من (ح).

ص: 1260

فائدة (1) فيه، كقوله عليه السلام -لما سئل عن بيع التمر بالرطب- فقال (2):(أينقص الرطب إِذا يبس؟)، قالوا (3):"نعم"، فنهى عن ذلك، صححه الترمذي وغيره.

ومثال التقدير في نظير محل السؤال قول امرأة (4) من جهينة (5) له عليه السلام: إِن أمي نذرت أن تحج، فلم تحج حتى ماتت، أفأحج عنها؟ قال:(حجّي عنها، أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيته؟) قالت: "نعم"، قال:(اقضوا الله، فالله أحق بالوفاء). متفق عليه (6).

(1) نهاية 189 أمن (ب).

(2)

كذا في النسخ. ولعل المناسب حذف كلمة: "فقال".

(3)

في (ح): قال.

(4)

قيل: اسمها غاثية أو غايثة أو غاينة.

انظر: الإِصابة 8/ 44، وفتح الباري 4/ 65.

(5)

جهينة: حي عظيم من قضاعة من القحطانية، وهم: بنو جهينة بن زيد بن ليث بن سود بن أسلم بن الحافي بن قضاعة.

انظر: معجم قبائل العرب 1/ 216.

(6)

أخرجه البخاري في صحيحه 3/ 18، 9/ 102 من حديث ابن عباس، وأخرجه النسائي في سننه 5/ 116 بمعناه.

ولم أجده في صحيح مسلم، وإِنما وجدت مسلم قد أخرج هذا المعنى من حديث ابن عباس في الصيام في قصة المرأة التي أخبرت الرسول أن أمها ماتت وعليها صوم واجب، فقال عليه السلام:(أرأيت لو كان عليها دين أكنت تقتضينه؟) قالت: نعم، قال:(فدين الله أحق بالقضاء). انظر: صحيح مسلم/ 804.

ص: 1261

وفيه تنبيه على الأصل -وهو دين الآدمي- والفرع، وهو الحج الواجب، والعلة، وهي قضاء الدين عن الميت.

وذكر في التمهيد (1) وغيره: أن من هذا قول عمر له عليه السلام: "صنعت اليوم أمراً عظيمًا، قبّلت وأنا صائم"، فقال.:(أرأيت لو تمضمضت بماء، وأنت صائم؟) قلت: "لا بأس"، فقال:(ففيم (2)؟).

وقال الآمدي (3): إِنما هو نقض لما توهمه عمر من إِفساد مقدمة إِفساد الصوم التي هي القُبلة مقدمة الوقاع، فنقض بالمضمضة مقدمة الشرب، ولم يقدّر عليه السلام المضمضة لتعليل منع الإِفساد؛ لأنه ليس فيها ما يتخيل مانعاً منه، بل غايتها أن لا تفسد.

.........................

ومن الإِيماء: أن يفرق عليه السلام بين حكمين بصفة مع ذكرهما،

(1) انظر: التمهيد/ 159 ب.

(2)

أخرجه أبو داود في سننه 2/ 779 - 780 من حديث عمر. قال المنذري في مختصره 3/ 263: "وأخرجه النسائي، وهذا حديث منكر، قال أبو بكر البزار: هذا الحديث لا نعلمه يروى عن عمر إِلا من هذا الوجه". وأخرجه أحمد في مسنده 1/ 21، 52، والدارمي في سننه 1/ 345، وابن خزيمة في صحيحه 3/ 245، وابن حبان في صحيحه (انظر: موارد الظمآن/ 227)، والحاكم في مستدركه 1/ 431 وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي.

(3)

انظر: الإحكام للآمدي 3/ 258.

ص: 1262

نحو: (للراجل سهم، وللفارس سهمان (1)، أو مع ذكر أحدهما نحو:

(1) لم أجده من لفظ النبي هكذا، وإنما وجدت ما أخرجه أبو داود في سننه 3/ 174 - 175، 413 عن مجمع بن جارية الأنصاري قال: قسمت خيبر على أهل الحديبية، فأعطى النبي الفارس سهمين، وأعطى الراجل سهما. قال أبو داود:"حديث أبي معاوية- (وهو ما أخرجه أبو داود في سننه 3/ 172 - 173: حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا أبو معاوية حدثنا عبيد الله عن نافع عن ابن عمر: أن رسول الله أسهم لرجل ولفرسه ثلاثة أسهم، سهما له، وسهمين لفرسه. وأخرجه البخاري في صحيحه 4/ 30، ومسلم في صحيحه 1383) - أصح، والعمل عليه". وأخرج حديث مجمع أحمد في مسنده 3/ 420، والدارقطني في سننه 4/ 105 - 106، والحاكم في مستدركه 2/ 131 وقال: هذا حديث كبير صحيح الإِسناد ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي.

قال في نصب الراية 3/ 416 - 417: ورواه الطبراني في معجمه وابن أبي شيبة في مصنفه والبيهقي في سننه

قال ابن القطان في كتابه: وعلة هذا الحديث الجهل بحال يعقوب بن مجمع، ولا يعرف روى عنه غير ابنه، وابنه مجمع ثقة.

وأخرج ابن أبي شيبة في مصنفه: حدثنا أبو أسامة وابن نمير قالا: ثنا عبيد الله عن نافع عن ابن عمر: أن رسول الله جعل للفارس سهمين وللراجل سهما. انظر: نصب الراية 3/ 417. ومن طريق ابن أبي شيبة رواه الدارقطني في سننه 4/ 106 ثم قال: قال الرمادي: كذا يقول ابن نمير، قال لنا النيسابورى: هذا عندي وهم من ابن أبي شيبة أو من الرمادي: لأن أحمد بن حنبل وعبد الرحمن بن بشر وغيرهما رووه عن ابن نمير خلاف هذا -انظر: سنن الدارقطني 4/ 102 - ورواه ابن كرامة وغيره عن أبي أسامة خلاف هذا. انظر: سنن الدارقطني 4/ 102. وأطال الدارقطني الكلام عليه، فراجع: سننه 3/ 106 - 107، ونصب الراية 3/ 418.

ص: 1263

(القاتل لا يرث (1))، أو بالشرط والجزاء نحو:(فإِذا اختلفت هذه الأصناف (2) فبيعوا (3))، أو بغاية:(ولا تقربوهن (4) حتى

(1) ورد من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعًا. أخرجه أبو داود في سننه 4/ 692 - 694. قال المنذري في مختصره 6/ 363: في إِسناده محمَّد بن راشد الدمشقي المكحولي، وقد وثقه غير واحد، وتكلم فيه غير واحد. وانظر: ميزان الاعتدال 3/ 543.

وورد من حديث أبي هريرة مرفوعًا. أخرجه الترمذي في سننه 3/ 288 وقال: هذا حديث لا يصح؛ لا يعرف هذا إِلا من هذا الوجه، وإسحاق بن عبد الله بن أبي فروة -أحد رجال الإِسناد- قد تركه بعض أهل العلم، منهم: أحمد بن حنبل. وأخرجه ابن ماجه في سننه/ 883.

وورد من حديث عمرو بن شعيب عن عمر مرفوعاً. أخرجه مالك في الموطأ/ 867، وابن ماجه في سننه/ 884 وفي الزوائد:"إِسناده حسن". وهو منقطع؛ لأن عمرا لم يدرك عمر.

وراجع: الرسالة/ 171، وسنن البيهقي 6/ 219 - 221، وقيل الأوطار 6/ 194، وتحفة الأحوذى 6/ 291.

(2)

في (ب): الأوصاف.

(3)

أخرجه مسلم في صحيحه/ 1211 من حديث عبادة مرفوعاً: (الذهب بالذهب

مثلاً بمثل سواء بسواء يداً بيد، فإِذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إِذا كان يدا بيد). وأخرجه أحمد في مسنده 5/ 320، وأبو داود في سننه 3/ 647، وابن الجارود في المنتقى/ 218 - 219، والدارقطني في سننه 3/ 24، والبيهقي في سننه 5/ 278، 284.

(4)

نهاية 189 ب من (ب).

ص: 1264

يطهرن) (1)، أو استثناء:(فنصف (2) ما فرضتم إِلا أن يعفون) (3)، أو استدراك:(ولكن (4) يؤاخذكم بما عقدتم) (5).

......................

ومن الإِيماء: ذكره في سياق الكلام شيئًا لو لم يكن علة لذلك الحكم المقصود كان الكلام غير منتظم، كنهيه عن البيع وقت الجمعة (6)، فإِنه علة للمنع عن السعي إِلى الجمعة؛ لا مطلقًا.

......................

ومن الإِيماء: ذكر وصف مناسب مع الحكم، نحو:(لا يقضي القاضي وهو غضبان (7)).

.......................

(1) سورة البقرة: آية 222.

(2)

نهاية 377 من (ح).

(3)

سورة البقرة: آية 237.

(4)

نهاية 130 أمن (ظ).

(5)

سورة المائدة: آية 89.

(6)

في سورة الجمعة: آية 9.

(7)

هذا الحديث رواه أبو بكرة مرفوعًا. أخرجه البخاري في صحيحه 9/ 65 بلفظ: (لا يقضين حكم بين اثنين وهو غضبان)، ومسلم في صحيحه/ 1342 - 1343 بلفظ:(لا يحكم أحد بين اثنين وهو غضبان)، وابن ماجه في سننه/ 776 بلفظ:=

ص: 1265

فإِن ذكر الوصف صريحًا، والحكم مستنبط منه -نحو:(وأحل الله البيع)(1)، صحته مستنبطة من حله- فهو مُوْمَأ إِليه، واختاره الآمدي (2) وذكره عن المحققين؛ للزوم الصحة للحل كذكره (3).

وخالف قوم، كذكر الحكم صريحًا والوصف مستنبط، فإِنه لا إِيماء (4)، جزم به الآمدي (5)، كعلة الربا مستنبطة من حكه.

رد: بالمنع؛ لأن الإِيماء اقتران الوصف بالحكم، وهو حاصل.

ثم: لا استلزام (6).

......................

وهل تشترط مناسبة الوصف المومأ إِليه؟

أطلق أصحابنا وجهين.

= (لا يقضي القاضي بين اثنين وهو غضبان)، والشافعي (انظر: بدائع المنن 2/ 232) بلفظ: (لا يقضي القاضي أو لا يحكم الحاكم بين اثنين وهو غضبان).

(1)

سورة البقرة: آية 275.

(2)

انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 263.

(3)

يعني: كذكر الحكم. وفي (ب): لذكره.

(4)

في (ب): لا إيماء بما جزم به الآمدي.

(5)

انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 262.

(6)

يعني: في الوصف المستنبط.

ص: 1266

وقال الآمدي (1): "اشترطه قوم، ونفاه آخرون"، ثم اختار: إِن فُهِم التعليل من المناسبة اشترط؛ لأن المناسبة فيه منشأ للإِيماء، وإِلا فلا؛ لأنه بمعنى الأمارة.

ومعناه في الروضة (2) وجدل أبي محمَّد البغدادي.

وقال بعض أصحابنا (3): ترتيب الحكم على اسم مشتق يدل [على](3/ 1) أن ما منه الاشتقاق علة في قول [أكثر](4) الأصوليين، واختاره ابن المني، وقال قوم: إِن كان مناسبًا (5)، واختاره أبو الخطاب -في تعليل الربا من الانتصار- وأبو المعالي (6) والغزالي.

كذا قال، وإنما ذكر أبو الخطاب منعًا وتسليماً.

قالوا: لو اشترط لم يُفهَم التعليل من ترتيب الحكم على وصف غير مناسب،: كـ "أَهِن العالم وأكرم الجاهل"، ولم يُلَم عليه.

رد: لم يفهم منه، واللوم للإِساءة في الجزاء، ولهذا توجه اللوم لو سكت عن الجزاء في موضع يفهم من السكوت.

* * *

(1) انظر: الإحكام للآمدي 3/ 261 - 262.

(2)

انظر: روضة الناظر/ 297 - 300.

(3)

انظر: المسودة/ 438. (3/ 1) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ب) و (ظ).

(4)

ما بين المعقوفتين من نسخة في هامش (ب).

(5)

نهاية 378 من (ح).

(6)

نهاية 190 أمن (ب).

ص: 1267

المسلك الثالث: السبر والتقسيم.

وهو حصر الأوصاف في الأصل، وإِبطال بعضها بدليل، فيتعين الباقي للعلة.

ويكفي المناظر: "بحثت عن الأوصاف، فلم أجد غير ذلك"؛ لأنه أهلٌ عدل ثقة فيما يقول، فالظاهر صدقه.

أو يقول: الأصل عدم ما سوى ذلك.

فإِن قيل: قوله: "سبرتُ فلم أَجِدْ" عدمُ علمٍ.

ثم: ليس علمًا بالنسبة إِلى الخصم؛ لاحتمال عِلْمه بوصف آخر.

ثم: صحة العلة إِنما تكون بوجود مصحِّحها، وهذا إبطال مُعارِضها، فلا يلزم صحة كون الباقي علة.

قيل: بل هو ظنٌّ بعدمه، فإِن الظن بعدم الشيء لازم للبحث عنه.

والظاهر: لو علم الخصم وصفا آخر أظهره إِفحاماً لخصمه إِظهارًا لعلم، وإلا فهو معاند.

وليس صحة الباقي علة لإِبطال المعارض (1)، بل لأنه لا بد من علة -لما يأتي (2) - فيُظَنُّ انحصارها في الأوصاف، فإِذا بطل بعضها ظُنَّ صحة الباقي.

(1) يعني: ليس كون الباقي علة؛ لأننا أبطلنا المعارض.

(2)

في ص 1274.

ص: 1268

وإن بين المعترض وصفا آخر لزم (1) المستدل (2) إِبطاله؛ لا انقطاعه (3)؛ لأنه أبطله.

وأما الناظر (4) المجتهد فيعمل بظنه.

ومتى كان الحصر والإِبطال قطعيًا فالتعليل قطعي، وإلا فظني.

....................

وطرق الحذف:

منها: الإِلغاء، وهو: بيان المستدل إِثبات الحكم بالباقي فقط في صورة، ولم يثبت دونه، فيظهر استقلاله وحده.

وقال الآمدي (5): لا يكفي ذلك في استقلاله بدون طريق من طرق إِثبات العلة، وإلا لكفى في أصل القياس (6)، فإِن بَيَّنه (7) في صورة الإِلغاء بالسبر فالأصل الأول تطويل بلا فائدة، وإن بيَّنه بطريق آخر لزم محذور آخر وهو الانتقال.

(1) نهاية 379 من (ح).

(2)

نهاية 130 ب من (ظ).

(3)

يعني: لا يكون ذكر ذلك الوصف ملزمًا للمستدل بالانقطاع؛ لأنه إِذا أبطله فقد سَلِم حصره.

(4)

نهاية 190 ب من (ب).

(5)

انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 267 - 268.

(6)

ولم يكن إِلى البحث والسير حاجة.

(7)

يعني: بين الاستقلال.

ص: 1269

وعلل بعضهم بجواز أن الوصف المحذوف جزء علة وأعم من المعلول، فلا يلزم من وجود الحكم دونه -وعدم الحكم عند وجوده- استقلال الباقي.

ويشبه الإِلغاء نفي العكس؛ لأن كلاً منهما إِثبات الحكم بدون الوصف، وليس هو؛ لأنه لم يقصد في (1) الإِلغاء: لو كان المحذوف علة لانتفى عند انتفائه، بل قصد: لو أن الباقي جزء علة لما استقل.

ومنها: طرد المحذوف، أي: ألفنا عدم اعتباره شرعاً كالطول والقصر، أو بالنسبة إِلى ذلك الحكم كالذكورة (2) في العتق.

ومنها -عند [بعض](3) الشافعية وغيرهم، وجزم به الآمدي (4) وغيره-: عدم ظهور مناسبته.

ويكفي المناظر (5): بحثت (6).

فإِن ادعى المعترض أن الباقي كذلك: فإِن كان بعد تسليمه (7) مناسبته يقبل، وإلا فَسَبْر المستدل أرجح؛ لموافقته للتعدية، وليس له (8) بيان (9)

(1) في (ح): في للإِلغاء.

(2)

في (ب): كالذكورية. وفي (ظ): كذكورية.

(3)

ما بين المعقوفتين لم يرد في (ظ).

(4)

انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 268.

(5)

نهاية 380 من (ح).

(6)

يعني: فلم أجد له مناسبة.

(7)

يعني: تسليم المعترض.

(8)

يعني: وليس للمستدل. انظر: الإحكام للآمدي 3/ 269.

(9)

نهاية 191 أمن (ب).

ص: 1270

المناسبة؛ لانتقاله إِلى طريق آخر.

وفي الروضة (1): ليس منها؛ لمعارضة خصمه له بمثل كلامه، ولا يكفيه نقضه (2) لاحتمال كونه جزء علة أو شرطاً فيها (3).

..................

والسبر مسلك صحيح لإِثبات العلة في ظاهر كلام القاضي (4) وغيره، وقاله ابن عقيل (5)، وذكره بعضهم عن الأكثر، وجزم به الآمدي (6) وغيره، خلافاً للحنفية (7).

واختار في الروضة (8) -وذكره عن أبي الخطاب-: أنه لا يصح؛ لجواز التعبد، وتعارض قول المستدل بقول المعترض: "بعثت فيما ذكرتَه، فلم أَرَ

(1) انظر: روضة الناظر/ 307.

(2)

يعني: نقض علة خصمه.

(3)

فلا يستقل بالحكم، ولا يلزم من عدم استقلاله صحة علة المستدل دونه.

(4)

انظر: العدة/ 219 ب.

(5)

انظر: الواضح 1/ 172أ.

(6)

انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 264.

(7)

انظر: تيسير التحرير 4/ 48، وفواتح الرحموت 2/ 299، وفيهما: عن الجصاص والمرغيناني كقول الجمهور.

(8)

انظر: روضة الناظر/ 306 - 307.

ص: 1271

ما يصلح علة"، إِلا أن تجمع الأمة على تعليل أصل، فيبطل ما علّل به إِلا واحدة، فيصح؛ لئلا يخرج الحق عن الأمة.

وفي التمهيد (1): إِن لم يجمعوا، لكن علّله بعضهم واختلفوا: فهل إِفساد إِحداهما دليل صحة الأخرى؟ على مذهبين.

قال (2) -وقاله ابن عقيل أيضًا-: فأما إِن أفسد حنبلي علة شافعي في الربا لم يدل على صحة علته؛ لتعليل بعض الفقهاء بغيرهما، وليس إِجماعهما دليلاً على من خالفهما، لكن يكون طريقاً في إِبطال مذهب خصمه وإلزاماً له صحة علته.

وفي الروضة (3) -في هذه الصورة- الخلاف في التي قبلها. وفيه (4) نظر.

وقد ذكر القاضي (5) عن ابن حامد: أن علة الأصل -كعلة الربا- لا تثبت بالاستنباط، قال: وأومأ إِليه أحمد، فسأله مهنا (6): هل يقيس بالرأي؟ قال: "لا، هو أن يسمع الحديث فيقيس عليه"، وعلّله بعدم القطع بصحتها،

(1) انظر: التمهيدا / 16 أ.

(2)

انظر: المرجع السابق.

(3)

انظر روضة الناظر / 307.

(4)

نهاية 381 من (ح).

(5)

انظر: الروايتين والوجهين/ 243أ، والمسودة/ 404 - 405.

(6)

نهاية 131أمن (ظ).

ص: 1272

ثم اختار (1) أنه يصح، وذكر كلام أحمد في (2) علة الربا.

قال بعض أصحابنا (3): "لا يخالف ابن حامد في استنباط سمعي، وهو التنبيه والإِيماء (4) "، وهذا أشهر.

وعن (5) البخاريين (6): لا يقبل السبر في ظني، وذكره أبو المعالي (7) عن بعض الأصوليين، وذكر -أيضًا- (8) عن النهرواني (9) والقاشاني (10):

(1) يعني: القاضي.

(2)

نهاية 191 ب من (ب).

(3)

انظر: المسودة/ 402.

(4)

يعني: وإنما يخالف في أننا بالعقل نعرف علة الحكم.

(5)

انظر: المسودة/ 427.

(6)

بخارى: من أعظم مدن ما وراء النهر -نهر جيحون- وأجلها. انظر: معجم البلدان 1/ 353. وفي (ب) و (ظ): النجاريين.

(7)

انظر: البرهان/ 816.

(8)

انظر: المرجع السابق/ 774 - 775.

(9)

هو: أبو الفرج المعافى بن زكريا بن يحيى، ويلقب بالجريري؛ لأنه كان على مذهب ابن جرير الطبري، توفي سنة 390 هـ.

انظر: الفهرست/ 236، واللباب 3/ 249، والنجوم الزاهرة 4/ 201، وشذرات الذهب 2/ 134.

(10)

هو: أبو بكر محمَّد بن إِسحاق القاشاني نسبة إِلى (قاشان) ناحية مجاورة لـ (قم)،=

ص: 1273

لا يقبل في التعليل إِلا الإِيماء (1) وما علم بغير نظر، كبوله في إِناء (2)، ثم يصبّه في ماء، ووافقهما أبو هاشم (3).

وجه الأول: لا بد للحكم من علة، وذكره الآمدي (4) إِجماع الفقهاء، بطريق الوجوب عند المعتزلة، وبطريق اللطف والاتفاق (5) عند الأشعرية. وسبق (6) في مسألة التحسين.

وكذا ذكر أبو الخطاب: أن ما ثبت حكمه بنص أو إِجماع كله معلّل، وتخفى علينا علته نادرًا.

واحتج الآمدي (7) بقوله: (وما أرسلناك إِلا رحمة)(8)، وظاهره جميع

=وبالسين ناحية من نواحي أصبهان، كان ظاهريا ثم صار شافعيا، توفي سنة 280 هـ.

من مؤلفاته: كتاب في الرد على داود في إِبطال القياس.

انظر: الفهرست/ 213، وطبقات الفقهاء للشيرازي/ 176، وهدية العارفين 2/ 20، ومعجم المؤلفين 9/ 41.

(1)

في (ظ): إِلا إِيماء.

(2)

غيرت في (ظ): إِلى: في ماء. وفي نسخة في هامش (ب): في ماء.

(3)

انظر: البرهان/ 775 - 776.

(4)

انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 264، 285.

(5)

في (ظ): والارتفاق.

(6)

في ص 150 وما بعدها، 170 من هذا الكتاب.

(7)

انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 286.

(8)

سورة الأنبياء: آية 107.

ص: 1274

ما جاء به، فلو خلا حكم عن علة لم يكن رحمة (1)؛ لأن التكليف به -بلا حكمة وفائدة- مشقة. كذا قال.

ثم: لو سلم فالتعليل الغالب، قال القاضي: التعليل الأصل تُرِك نادرًا؛ لأن تعقل العلة أقرب إِلى القبول من التعبد، ولأنه الألوف عرفا، والأصل موافقة الشرع له (2)، فيحمل ما نحن فيه على الغالب، ويجب العمل بالظن في علل الأحكام إِجماعًا، على ما يأتي (3) في العمل بالقياس.

وقيل: الأصل عدم التعليل؛ لأن الموجِب الصيغة، وبالتعليل ينتقل حكمه إِلى معناه، فهو كالمجاز من الحقيقة، ونصره بعض الحنفية (4)؛ لأن التعليل لا يجب للنص دائمًا، فيعتبر لدعواه دليل.

وفي (5) واضح ابن عقيل -في مسألة القياس-: أكثر الأحكام غير معلّل.

وقال في فنونه -لمن قاس الزكاة في مال الصبي على العُشْر، وبَيَّن العلة، فأبطلها ابن عقيل، فقال له: فما العلة إِذًا؟ - فقال (6): لا يلزم، ونتبرع فنقول: سؤالك عن العلة قول من يوجب لكل حكم علة، وليس كذلك؛

(1) نهاية 382 من (ح).

(2)

يعني: للعرف.

(3)

في ص 1338.

(4)

انظر: فواتح الرحموت 2/ 293 - 294.

(5)

نهاية 192أمن (ب).

(6)

كذا في النسخ. ولعل المناسب حذف كلمة (فقال).

ص: 1275

لأن من الناس من يقول: الأصول معللة، [وبعضهم يقول غير معللة]، (1) وبعضهم يقول:"بعضها معلل، وبعضها غير معلل"، فيجوز أن هذا لا علة له، أو له علة خافية عنا.

قالوا: شرع الحكم لا يستلزم الحكمة والمقصود؛ لأنه من صنعه، وهو (2) لا يستلزم ذلك؛ لخلق المعاصي وموت الأنبياء وإِنظار إِبليس والتخليد في النار وتكليف من علم عدم إِيمانه وخلق العالم في وقته المحدود (3) وشكله القدّر (4).

رد: ليست الحكمة قطعية، ولا ملازمة لجميع (5) أفعاله.

سلمنا لزومها، لكن قد تخفى علينا.

وقد قيل (6): القدرة تتعلق بالحدوث والوجود، والمعاصي راجعة إِلى مخالفة نهي الشارع، وذلك ليس من متعلق القدرة.

(1) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ظ).

(2)

يعني: صنعه.

(3)

في (ح): المعدود. ثم كتب تحتها: المحدود.

(4)

نهاية 383 من (ح).

(5)

في (ب): بجميع.

(6)

كذا نقل المؤلف هذا القول بهذه الصيغة. وهذا القول قد أجاب به الآمدي في الإِحكام 3/ 290. وقد رد عليه الشيخ عبد الرزاق عفيفي في تعليقه.

ص: 1276

قالوا: لو كان: فإِن وجب الفعل عنده صار غير مختار (1)، وكذا إِن ترجَّح، وهو تسلسل.

رد: لا يجب، وهو تبع لتعلق القدرة والإِرادة، وهو مختار.

قالوا: إِن كان المقصود قديماً لزم (2) قدم الصنع والمصنوع، وإِلا فإِن توقف حدوثه على مقصود آخر تسلسل (3).

رد: حادث، ولا يفتقر إِلى مقصود آخر؛ للتسلسل، وإِن افتقر فذلك المقصود هو نفسه (4). (5)

قالوا: إِن كان قديماً لزم قدم غير الباري وصفاته، وإِلا تَعَلَّل (6) القديم بالحادث.

رد: الحكم: الكلام بصفة التعلق، فكان حادثًا.

ثم: لو كان قديمًا -والمقصود حادثًا- فإِنما يمتنع تعليله به لو أوجب الحكم وأثر فيه، وإنما هو أمارة أو باعث، فلا يمتنع تأخره (7).

(1) في (ظ): مختارا.

(2)

نهاية 131 ب من (ظ).

(3)

يعني: وإن لم يتوقف فهو المطلوب.

(4)

يعني: لا غيره، فلا تسلسل.

(5)

نهاية 192 ب من (ب).

(6)

في (ب) و (ظ): وإلا تعليل.

(7)

في (ح) تأخيره.

ص: 1277

قالوا: إِن كان: فإِن كان فعله معه أولى (1) يلزم استكمال الباري (2)، وإلا فلا أولوية.

رد: بأنه أولى، لكن بالنسبة إِلى المخلوق.

قالوا: ما سبق (3) في منع التعليل (4) بالحكمة.

وسبق جوابه.

قالوا: إن قدر الباري على تحصيل الحكمة بدون الحكم، فالحكم مجرد تعب، وإلا لزم وصفه بالنقص.

رد: طريقان لحصول الفائدة.

قالوا: إِنما تطلب الحكمة فيمن تميل نفسه في فعله إِلى نفعٍ أو دفع ضررٍ، أو في فعلِ من لو خلا فعله عنها ذُمَّ وكان عابثًا.

رد الأول: بل في فعلِ من لو وجدت (5) فيه (6) لم يمتنع، بل وقع غالبًا.

وجواب الثاني: بالمنع.

(1) يعني: أولى من الترك.

(2)

يعني: بذلك الصنع، ويكون ناقصًا قبله.

(3)

في ص 1210.

(4)

نهاية 384 من (ح).

(5)

يعني: الحكمة.

(6)

يعني: في فعله.

ص: 1278

وأجاب الآمدي (1): إِنما يلزم فيمن تجب رعايتها (2) في فعله، ولا كذلك الباري.

....................

المسلك الرابع: المناسبة، ويرادفها: الإِخالة (3)، وتخريج المناط.

وهو: تعيين علة الأصل بمجرد إِبداء المناسبة من ذات الوصف لا بنص وغيره، كالإِسكار للتحريم، والقتل العمد العدوان للقصاص.

"المناسبة" لغوية، فلا دور.

والمناسب: وصف ظاهر منضبط يلزم من ترتيب الحكم عليه ما يصلح كونه مقصودًا من شرع الحكم من حصول مصلحة أو دفع (4) مفسدة.

فيمكن إِثباته على الخصم في المناظرة، يكون (5)(6) معاندًا بمنعه (7).

فإِن كان الوصف خفيّا أو غير منضبط فكل منهما غيب عن العقل، فلا

(1) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 293.

(2)

يعني: رعاية الحكمة.

(3)

الإخالة في اللغة بمعنى الظن. انظر: الصحاح/ 1692 - 1693، ولسان العرب 13/ 240.

(4)

نهاية 193أمن (ب).

(5)

كذا في النسخ. ولعله: ويكون.

(6)

يعني: الخصم.

(7)

في (ب): يمنعه.

ص: 1279

يعرف الغيب عنه، وهو الحكم، فيعتبر (1) ملازمه، وهو المظنة كالسفر للمشقة، والفعل المقضي عليه عرفا بالعمد في العمدية.

وقال أبو زيد (2) الحنفي: المناسب ما لو عُرض على العقول السليمة تلقته بالقبول.

فلا يمكن المناظر إِثباته على خصمه.

......................

والمقصود من شرع الحكم: قد يحصل يقينًا -كالبيع الصحيح يحصل منه الملك- وظنا كالقصاص يزجر عن القتل.

وقد يتساوى الحصول وعدمه، كحد الخمر لحفظ العقل.

وقد يكون عدمه أرجح، كنكاح الآيسة لمصلحة التوالد.

وأنكر بعضهم جواز التعليل بهذا والذي قبله، ذكره بعضهم (3)، واحتج عليه: بأن البيع مظنة الحاجة إِلى التعاوض (4)، والسفر مظنة المشقة، واعتبرا، وإن انتفى الظن في بعض الصور. كذا قال.

(1) نهاية 385 من (ح).

(2)

انظر: تقويم الأدلة/ 131 أ- 139أ، وكشف الأسرار 3/ 352، وتيسير التحرير 3/ 325، وفواتح الرحموت 2/ 301، والإِحكام للآمدي 3/ 270، وشرح العضد 2/ 239.

(3)

انظر: المنتهى لابن الحاجب/ 134، ومختصره 2/ 240.

(4)

في (ظ): التعارض.

ص: 1280

والأظهر ما ذكره الآمدي (1): أنه يصح التعليل بهما اتفاقا إِذا ظهر المقصود (2) في غالب صور الجنس، وإلا فلا، أي: لأن احتمال الترتيب وعدمه سواء، أو عدمه (3) أرجح.

والأظهر -أيضًا- ما في الفنون وغيرها: السفر مشقته عامة، ويختلف قدرها، ولذا (4) تحسن التهنئة بالقدوم للجميع، كالمرض بالسلامة.

أما لو فات المقصود يقينًا -وهو ظاهر في غالب الصور- لم يجز التعليل به (5) -قال الآمدي (6): خلافاً للحنفية- لمخالفة عادة الشارع في رعاية الحكمة، ولأن الحكم شُرع لأجلها، فمع عدمها لا يفيد، فلا يشرع.

ومَثَّله الآمدي (6) بلحوق نسب مشرقي بمغربية (7)، واستبراء جارية يشتريها بائعها في المجلس، مع أن مذهب الشافعي: تستبرأ (8)، خلافا للحنفية، ولأ حمد روايتان (9).

.....................

(1) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 272.

(2)

يعني: المقصود من الوصف.

(3)

نهاية 123أمن (ظ).

(4)

في (ظ): وكذا.

(5)

نهاية 193 ب من (ب).

(6)

انظر: الإحكام للآمدي 3/ 273.

(7)

نهاية 386 من (ح).

(8)

في (ح): يستبرى.

(9)

انظر: المهذب 2/ 154، والمغني 8/ 150.

ص: 1281

والمقاصد من شرع الحكم:

ضروري أصلاً، وهي أعلى مراتب المناسبات، وهي الخمسة التي روعيت في كل ملة: حفظ الدين والنفس والعقل والنسل والمال، بقتل الكفار وعقوبة المبتدع والقصاص وحد المسكر وشرع الزواجر لزانٍ ومحارب وسارق وغاصب.

ومكمل للضروري: كحفظ العقل بالحد بقليل المسكر.

وغير ضروري:

حاجي: كبيع وِإجارة ومساقاة ومضاربة، وبعضها أبلغ.

وقد يكون ضروريًا، كإِجارة لتربية (1) طفل وشراء مطعوم وملبوس له، زاد غير (2) الآمدي: ولغيره.

ومكمل للحاجي: كرعاية كفاءة ومهرِ مِثْلٍ في تزويج صغيرة؛ لأنه أفضى (3) إِلى دوام النكاح.

وغير حاجي -ولكنه تحسيني-: كسلب العبد أهلية الشهادة؛ لشرفها جرياً على ما أُلِف من محاسن العادات، ذكر ذلك الآمدي (4).

ومثَّل أبو (5) محمَّد البغدادي تتمة الضروري -أيضًا- بمراعاة المماثلة

(1) في (ب): كتربية.

(2)

انظر: المنتهى/ 124، ومختصره 2/ 240.

(3)

في (ح): افضآ.

(4)

انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 275.

(5)

في (ب): ومثل محمَّد البغدادي.

ص: 1282

في القصاص، والحاجي بتسليط الولي على تزويج صغيرة، وتتمَّته كما سبق، ومثَّل التحسيني -هو وغيره (1) - أيضًا: بتحريم تناول القاذورات وسلب المرأة عبارة النكاح.

وكون حفظ العقل من الضروري في كل ملة فيه نظر؛ فإِنه لا يحد عند أهل الكتاب، ولا عندنا على الأصح؛ لاعتقاده إِباحته.

ويتوجه من الضروري حفظ العرض بشرع عقوبة المفتري.

والعبد أهل للشهادة عندنا؛ فما ذكره ممنوع.

وفي الروضة (2): ما لم يشهد الشرع بإِبطاله أو اعتباره: منه: حاجي، كتسليط الولي على تزويج صغيرة تحصيلاً للكفء، ومنه: تحسيني، كاعتبار الولي في نكاح، فلا يُحتج بهما؛ لا نعلم فيه خلافا؛ فإِنه وضع للشرع (3) بالرأي، ومنه: ضروري، وهي الخمسة السابقة، فليست هذه المصلحة بحجة خلافا لمالك وبعض الشافعية.

وفي الواضح (4): ما يسميه (5) الفقهاء "الذرائع"، وأهل الجدل "المؤدي إِلى المستحيل عقلاً أو شرعاً"، ومثَّل بمسألة الولي وغيرها، ثم اعترض على

(1) نهاية 194أمن (ب).

(2)

انظر: روضة الناظر/ 169 - 170.

(3)

نهاية 387 من (ح).

(4)

انظر: الواضح 1/ 138أ.

(5)

في (ظ): وفي الواضح تسمية الفقهاء

إِلخ.

ص: 1283