الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
4 - بَابُ الْخِيَارِ فِي النِّكَاحِ
1571 -
قَالَ مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنِ ابْنِ أَبِي عَرُوبة، عَنْ قَتَادَةَ، عن الحسن، عن علي رضي الله عنه، فِي رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَبِهَا جُنُونٌ أَوْ جذام أو برص، قال (1): هِيَ امْرَأَتُهُ، إِنْ شَاءَ طلَّق، وَإِنْ شَاءَ أمسك.
(1) في (مح) و (حس) زيادة: " صلى الله عليه وسلم "، وهو خطأ، فإنه ليس بمرفوع، بل هو موقوف كما في:(عم) و (سع) والإتحاف، وجميع المراجع التي خرّجته.
1571 -
تخريجه:
أورده البوصيري في الاتحاف (3/ 62/ أ)، باب فيمن تزوج امرأة فوجد بها عيبًا، بسند مسدد.
وأخرجه سعيد بن منصور في سننه (1/ 212)، باب من يتزوج امرأة مجذومة أو مجنونة، قال: نا هشيم قال: أنا إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ علي، به.
وقال: نا سفيان، عن مطرف، عن الشعبي، عن علي، به، ولفظه:(فزوجها بالخيار ما لم يمسها، إن شاء أمسك، وإن شاء طلق، وإن مسها فلها المهر بما استحل من فرجها).
وأخرجه البيهقي من طريق سعيد بن منصور الثانية عن سفيان (7/ 215)، كتاب =
= النكاح، باب ما يرد به النكاح من العيوب. ثم قال البيهقي: ورواه الثوري عَنْ: إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عن علي رضي الله عنه، قال: إذا تزوج المرأة فوجد بها جنونًا أو برصًا أو جذامًا أو قرنًا فدخل بها فهي امرأته إن شاء أمسك وإن شاء طلق. زاد فيه وكيع عن الثوري: إذا لم يدخل بها فرق بينهما. فكأنه أبطل خياره بالدخول بها.
وأخرجه ابن الجعد في مسنده (1/ 333: 245)، قال: أنا شعبة، عن الحكم، قال علي رضي الله عنه: إذا تزوج الرجل بالمرأة فوجد بها جنونًا أو جذامًا أو برصًا أو ذات قرن، فإن كان دخل بها فامرأته، وإن كان لم يدخل بها فرق بينهما.
يحيى: هو يحيى بن سعيد القطان.
ابن أبي عروبة: هو سعيد بن أبي عروبة.
قتادة: هو قتادة بن دِعامة بن قتادة السَّدُوسي.
الحكم عليه:
أثر الباب قال عنه البوصيري في الإتحاف: هذا إسناد رجاله ثقات.
قلت: صدق في كلامه، ولكنه منقطع فإن الحسن البصري لم يسمع من علي بن أبي طالب، كما ذكره العلائي عن الترمذي (163).
ولم ينفرد به الحسن البصري بل تابعه الشعبي، ولكنه أيضًا لم يسمع من علي، فقد قال الدارقطني في العلل (4/ 97): لم يسمع الشعبي من علي إلَّا حرفًا واحدًا ما سمع غيره. اهـ.
قال الحافظ في التهذيب (5/ 60) بعد إيراده لكلام الدارقطني: كأنه عني ما أخرجه البخاري في الرجم عنه عن علي حين رجم المرأة قال: رجمتها بسنة النبي صلى الله عليه وسلم.
وأمّا متابعة الحكم فهي مخالفة لما رواه غيره عن علي، إضافة إلى أن الحكم بن عتيبة لم يلق عليًا، فقد ولد الحكم سنة خمسين، وكانت وفاة علي بن أبي طالب سنة =
= أربعين، أي قبل ولادة الحكم بعشر سنين.
وعلى هذا، فليس لهذا الحكم سند صحيح عن علي، بل كلها منقطعة.
وفي الباب شاهد عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أنه قال: أيما رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَبِهَا جُنُونٌ، أَوْ جُذَامٌ، أو برص، فمسّها، فلها صداقها كاملًا.
وذلك لزوجها غُرمٌ على وليها.
أخرجه الإِمام مالك في الموطأ (2/ 526)، كتاب النكاح، باب ما جاء في الصداق والحياء.
عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المسيب أنه قال: قال عمر، به.
وأخرجه سعيد بن منصور (1/ 212: 818)، عن هشيم عن يحيى بن سعيد، به بنحوه، وهذا الإسناد رواته ثقات سوى أن سعيد روايته عن عمر مرسلة ذكره ابن أبي حاتم في المراسيل (71)، عن أبيه.
فهذا مرسل سعيد بن المسيب، ومراسيله محتج بها، قال العلائي في جامع التحصيل: سعيد بن المسيب أحد الأئمة الكبار المحتج بمراسيلهم.
وقال أيضًا: وقد اتفقت كلمتهم على سعيد بن المسيب وأن جميع مراسيله صحيحة وأنه كان لا يرسل إلَّا عن ثقة من كبار التابعين، أو صحابي معروف، قال معنى ذلك بعبارات مختلفة جماعة من الأئمة منهم: مالك، ويحيى سعيد القطان، وأحمد بن حنبل، وعلي بن المديني، ويحيى بن معين، وغيرهم. اهـ. (ص 255).
فإذا انضمّ إلى مرسل الحسن البصري -كما هو في الباب- ومرسل الشعبي، ومرسل الحكم بن عتيبة -وتقدما في التخريج- عضد بعضها بعضًا وأوقع في النفس أن لهذا الحُكم أصلًا عند الصحابة.
وهذا هو مقتضى القواعد الاصطلاحية فإن العلائي قال في جامع التحصيل في أحكام المراسيل (41): إن المرسل إذا لم يعضده مسند، ولكن عضده مرسل مثله بسند آخر غير سند الأول، فإنه حينئذ يقوى، ولكنه يكون أنقص درجة من المرسل =
= الذي أسند من وجه آخر. اهـ.
ثم إنه ذكر أن الحنفية اعترضوا على الإِمام الشافعي وقالوا: هذا ليس فيه إلَّا أنه انضم غير مقبول عنده إلى مثله، فلا يفيد شيئًا فأجاب عليهم بأن انضمام أحدهما إلى الآخر يقوي الظن أن له أصلًا، كما لو انضم حديث ضعيف من جهة قلة حفظ راويه، وكثرة غلطه إلى نظيرٍ له في الرواة فإنه يرتقي بمجموعها إلى درجة الحسن. اهـ.
واعتضاد المرسل بمرسل آخر قاله الشافعي في الرسالة (462)، ونقله الحافظ في نخبة الفكر (42).