الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
10 - باب ميراث ذوي الرحم إذا لم تكن عصبة
1551 -
الْحَارِثُ: حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ، ثنا عَبَّادُ بْنُ عَبَّادٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، عَنْ عَمِّهِ وَاسِعِ بْنِ حَبَّانَ -رَفَعَهُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ سَأَلَ عَاصِمَ بْنَ عَدِيٍّ عَنْ ثَابِتِ بْنِ الدحداح (1)، هَلْ تَعْلَمُونَ لَهُ نَسَبًا فِيكُمْ؟ قَالُوا: لَا، إنما هو أتي فِينَا، فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بميراثه (2) لابن أخته (3).
(1) ثابت بن الدحداح بن نعيم بن غنم بن إياس حليف الأنصار، يكنى أبا الدحداحة، قيل إنه قتل يوم أحد؛ لكن قيل إنه جرح ثم برأ من جراحته ومات بعد ذلك على فراشه مرجع النبي صلى الله عليه وسلم من الحديبية. ولعل هذا الأخير هو الأصح ، لأن الشافعي رحمه الله قال في القديم: ثابت الدحداحة قتل يوم أحد قبل أن تنزل الفرائض!! ذكره البيهقي (6/ 216)؛ وتعقبه ابن التركماني بأن ابن الدحداحة قد برئ من جراحاته ومات على فراشه من جرح أصابه ثم انتقض به مرجع النبي صلى الله عليه وسلم من الحديبية، قال: ويشهد لهذا القول ما أخرجه مسلم وأبو داود والنسائي والترمذي عن جابر بن سمرة قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم بفرس معرور فركبه حين انصرف من جنازة ابن الدحداح -ونحن حوله- وقال ابن الجوزي في الكشف لمشكل الصحيحين: اختلفت الرواة في موته فقال بعضهم قتل يوم أحد في المعركة، وقال آخرون: برىء ومات على فراشه مرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحديبية وهذا أصح لهذا الحديث. اهـ. والله أعلم. الاستيعاب (1/ 195)، سنن البيهقي مع الجوهر النقي (6/ 216)، والإصابة (1/ 191).
(2)
في (عم): "ميراثه".
(3)
جاء في نسخه (مح) إلحاق، هو:"وفي رواية فقال: إنه كان غريبًا فينا فلا نعرف إلَّا ابن أخت هو أبو لبابة بن المنذر فجعل صلى الله عليه وسلم ميراثه له. فتنبّه". وهذا الإلحاق غير موجود في (حس) و (عم).
1551 -
تخريجه:
الحديث أورده البوصيري في الإِتحاف (53/ أ)، بسند الحارث.
وأورده في المجردة (2/ 195/ ب)، وقال: رواه الحارث بن أبي أسامة بسند منقطع ضعيف لتدليس ابن إسحاق.
وأورده الهيثمي في بغية الباحث (603).
وهذا الحديث مختلف في إسناده على: محمد بن إسحاق بن يسار.
1 -
فرواه عباد بن عباد عن ابن إِسْحَاقَ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، عَنْ عَمِّهِ وَاسِعِ بْنِ حَبَّانَ، رَفَعَهُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
…
الحديث.
أخرجه الحارث، عن أبي عبيد، عن عباد بن عباد، به (وهو حديث الباب هنا).
ومن طريق أبي عبيد: أخرجه البيهقي في السنن (6/ 215)، كتاب الفرائض، باب من قال بتوريث ذوي الأرحام.
2 -
ورواه جماعة عن ابن إسحاق، عن محمد بن يحيى بن حبان، عن عمه واسع بن حبان، بدون ذكر ليعقوب بن عتبة في الإسناد، وهؤلاء الرواة هم:
(أ) عبدة بن سليمان الكلابي. أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (4/ 396).
(ب) عبد الله بن إدريس الأَوْدي. أخرجه ابن أبي شيبة (11/ 265: 11179).
(ج) يعلى عن ابن إسحاق، به. أخرجه الدارمي (2/ 274: 2064)، كتاب الفرائض، باب ميراث ذوي الأرحام.
(د) سفيان الثوري. أخرجه عبد الرزاق في مصنفه (10/ 284)، وابن أبي شيبة (11/ 266: 11181)، والبيهقي (6/ 215)، من طريق وكيع، قال: ثنا سفيان، عن رجل من أهل المدينة، عن محمد بن يحيى بن حبان، به. =
= فهذان اختلافان على ابن إسحاق في إسناد الحديث؛ ولكن ابن إسحاق لم ينفرد به.
فقد تابعه أبو شهاب الحناط، عبد ربه بن نافع الكناني: عن محمد بن يحيى بن حبان، عن عمه، به.
أخرجه سعيد بن منصور عنه، به (1/ 70).
وقد أخرج عبد الرزاق (10/ 285: 19121) الحديث مختصرًا، عن إبراهيم بن أبي يحيى، عن صالح بن كيسان، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ قَالَ: مات ابن الدحداحة ولم يدع وارثًا غير ابن أخته أبي لبابة ابن عبد المنذر فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم ميراثه.
الحكم عليه:
حديث الباب: حكم عليه البوصيري بأنه منقطع ضعيف لتدليس ابن إسحاق.
وقال البيهقي (6/ 216): إنه منقطع.
فالحديث فيه علّتان: الإرسال، والإنقطاع.
فعلى هذا، فالحديث ضعيف الإسناد من طريق الحارث بن أبي أسامة.
وفيه أيضًا زيادة في الإسناد هو يعقوب بن عتبة بين ابن إسحاق ومحمد بن يحيى بن حبان ومصدر هذه الزيادة هو عباد بن عباد فقد خالف الثقات في إسناد هذا الحديث فهو حديث شاذ، وهو أيضًا من المزيد في الأسانيد.
ورواية غير عباد بن عباد هي المحفوظة، وذلك لأمور:
1 -
أن الرواة عن ابن إسحاق -غير عباد- متفقون على عدم ذكر يعقوب في السند.
2 -
أن هؤلاء الرواة كلهم ثقات بل وفيهم الحفاظ الأثبات مثل الثوري، وعبد الله بن إدريس الأودي.
3 -
أن عبّاد بن عباد مع ثقته إلَّا أنه يغلط، كما قاله ابن سعد وابن جرير.
= 4 - أن محمد بن إسحاق يمكنه أن يسمع من محمد بن يحيى بن حبان مباشرة بدون واسطة، فقد توفي محمد بن يحيى في سنة إحدى وعشرين ومائة وكانت ولادة ابن إسحاق سنة ثمانين للهجرة، فقد أدرك ابن إسحاق من حياة محمد بن يحيى قرابة أربعين سنة، ثم إن المزي قد ذكر محمد بن يحيى بن حبان في مشايخ ابن إسحاق.
5 -
كثرة الرواة عن ابن إسحاق وتوافقهم على عدم ذكر الزيادة.
6 -
لم ينفرد ابن إسحاق بروايته عن محمد بن يحيى بل تابعه عبد ربه بن نافع الكناني عند سعيد بن منصور، قال الحافظ في التقريب عن عبد ربه بن نافع صدوق يهم من الثامنة (335)، فهو يصلح لمتابعة ابن إسحاق.
وبهذه المتابعة تزول علة تدليس ابن إسحاق إذْ لم يتفرد به.
ويبقى الانقطاع في الحديث لا مفرّ منه ، لأن واسع بن حبان مختلف فيه هل هو صحابي أو تابعي، والراجح الثاني، وعليه فالحديث من هذه الطريق الثانية حسن مرسل.
وللحديث شواهد، منها:
1 -
عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"ابْنُ أخت القوم منهم أو من أنفسهم".
أخرجه البخاري (12/ 41) كتاب الفرائض، باب مولى القوم من أنفسهم وابن الأخت منهم.
ومسلم (2/ 735: 1059 - 133)، كتاب الزكاة، باب إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإِسلام وتصبر من قوي إيمانه. وفيه قصة.
ورواه غيرهما.
2 -
عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ أن رجلًا رمى رجلًا بسهم فقتله، وليس له وارث إلَّا خال، فكتب في ذلك أبو عبيدة بن الجراح إلى عمر فكتب إليه عمر أن =
= النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "اللَّهَ ورسوله مولى من لا مولى له، والخال وارث من لا وارث له".
أخرجه الترمذي (3/ 285) أبواب الفرائض، باب ما جاء في ميراث الخال، قال: حدثنا بندار، أخبرنا أبو أحمد الزبيري، حدثنا سفيان، عن عبد الرحمن بن الحارث، عن حكيم بن حكيم بن عباد بن حنيف، عن أبي أمامة بن سهل، به.
قال الترمذي: وفي الباب عن عائشة والمقدام بن معد يكرب. وهذا حديث وأخرجه ابن ماجه (2/ 914: 2737)، من طريق سفيان، به.
وهذا الإسناد رجاله ثقات عدا حكيم بن حكيم قال فيه ابن حجر: صدوق.
وكذا عبد الرحمن بن الحارث بن عياش قال فيه: صدوق له أوهام.
قال الألباني في الإرواء (6/ 137: 1700): إسناده حسن، فإن عبد الرحمن هذا فيه كلام لا ينزل به حديثه عن رتبة الحسن. اهـ.
وهو كما قال، حفظه الله.
وبهذا يكون هذا الحكم ثابتًا عن النبي صلى الله عليه وسلم، والله أعلم.