الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
8 - بَابُ جَوَازِ إِمْسَاكِ الْمَرْأَةِ الْجَمِيلَةِ لِمَنْ يُحِبُّهَا وإن كَانَ فِيهَا رِيبَةٌ
1677 -
قَالَ أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ: حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ، ثنا فُرَاتُ بْنُ سلمان (1)، عن عبد الكريم بن مالك، عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ أَوْ أَبِي الزُّبَيْرِ (2)، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فقال: إِنَّ امْرَأَتِي لَا تَدْفَعُ (3) يَدَ لَامِسٍ! فَقَالَ النبي صلى الله عليه وسلم:"طلِّقها"، قال: إنها امرأة جميلة، وإني أُحِبّها، قال صلى الله عليه وسلم:"استمتع بها".
(1) في جميع النسخ: "كثير بن هشام بن فرات بن سلمان"، والتصويب من (سد)، والإتحاف.
(2)
قوله: "أو أبي الزبير": ساقط من (سع) و (حس).
(3)
هكذا في جميع النسخ، أمّا في الإتحاف فهو:"لا ترفع"، ووضع فوقها (صح)، وبوَّب على ذلك. وفي بعض الروايات:"لا تردّ"، وقد اختلف العلماء في معنى ذلك فقيل: معناه الفجور، وبهذا قال أبو عبيد، والخلال، والنسائي، وابن الأعرابي، والخطابي، والغزالي، والنووي.
وقيل: معناه التبذير، وأنها لا تمنع أحدًا طلب منها شيئًا من مال زوجها. وبهذا قال أحمد، والأصمعي، ومحمد بن ناصر، ونقله عن علماء الإِسلام، وابن الجوزي وأنكر من ذهب إلى الأول. وقيل: أنها لا تمنع من يمدّ يده ليتلذذ بلمسها. انظر: تلخيص الحبير (3/ 225)، والنهاية (4/ 270).
1677 -
تخريجه:
الحديث ذكره البوصيري في الإتحاف (3/ 109/ب)، بسند ابن منيع، والمجردة (2/ 25/ أ)، وعزاه لابن منيع.
وأخرجه الطبراني في الأوسط ، كما في مجمع البحرين (198)، والبيهقي في السنن الكبرى (7/ 155)، وأبو بكر الخلال، كما في اللآلي المصنوعة (2/ 178)،
كلهم من طريق عبد الكريم الجزري، عن أبي الزبير، عن جابر، مرفوعًا، بنحوه.
قال الهيثمي في المجمع (4/ 335): رواه الطبراني في الأوسط ورجاله رجال الصحيح. اهـ.
وأخرجه البيهقي في سننه (7/ 155)، وابن عدي في كامله (6/ 2445)، من طريق معقل بن عبد الله الجزري، عن أبيه، عن أبي الزبير، عن جابر.
قال السيوطي في اللآلئ المصنوعة (2/ 172): ورجال الطريقين موثوقون، إلَّا أن أبا الزبير وُصف بالتدليس، ولم أره من حديثه إلَّا بالعنعنة، وقال الحافظ شمس الدين الذهبي في مختصر السنن: إسناده صالح. اهـ.
الحكم عليه:
حديث الباب رجاله ثقات، إلَّا أنَّه مرسل.
وقد رواه متصلًا: الطبراني، والبيهقي، والخلّال، وابن عدي، وقد قال الهيثمي عن إسناد البزار: رجاله رجال الصحيح. اهـ.
وقال الذهبي عن إسناد البيهقي: بأنه صالح.
وقال السيوطي عن إسناد البيهقي وابن عدي: بأن رجالهما موثوقون، غير أن أبا الزبير قد عنعن وهو مدلس.
أمّا ابن الجوزي فإنه أدخله في موضوعاته (2/ 272)، فرواه عن أبي بكر الخلّال به، مستندًا في ذلك على قول للإمام أحمد -فيما حكاه عنه الخلال- أنه =
= سئل عن هذا الحديث، فقال الإِمام أحمد: ليس له أصل، ولا يثبت عن النبي -صلي الله عليه وسلم-. اهـ.
لكن الحافظ ابن حجر صحح إسناد ابن الجوزي، كما في التلخيص (3/ 225).
وسُئل الحافظ ابن حجر أيضًا عن هذا الحديث، فأجاب: بأنه حسن صحيح، ولم يصب من قال أنه موضوع. اهـ.
وقال الشوكاني في الفوائد المجموعة (129): إدخال مثل هذا الحديث في الموضوعات مجازفة ظاهرة.
وعليه، فالحديث من هذه الطريق -أي عن أبي الزبير، عن جابر- صالح للاحتجاج به، خاصة وأن له شواهد قوية، هي:
1 -
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فقال: إن امرأتي
…
فذكره بنحوه.
أخرجه أبو داود في سننه (2/ 220: 2049)، والنسائي (6/ 169)، كلاهما عن الحسن بن حريث، ثنا الفضل بن موسى، عن الحسين بن واقد، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ أَبِي حَفْصَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عن ابن عباس، به.
ومن طريق أبي داود، أخرجه البيهقي في السنن (7/ 154).
قال المنذري في مختصر سنن أبي داود (3/ 6): رجال إسناده محتج بهم في الصحيحين على الاتفاق والانفراد.
وصحح إسناده الحافظ ابن حجر في التلخيص (3/ 225)، وقال: أطلق النووي عليه الصحة. اهـ.
أمّا السيوطي فقد توقف في تصحيحه فقال في اللآلئ (2/ 172): أنا لم أجرؤ على إطلاق القول بتصحيحه ، لأن الحسين بن واقد قد تقدم أنه ربما أخطأ.
والفضل بن موسى، قال أحمد: إن في روايته مناكير. وكذا نقل عن علي بن المديني، =
= وإذا قيل مثل هذا في الراوي توقف الناقد في تصحيح حديثه الذي ينفرد به. اهـ.
نعم، من قيل فيه مثل هذا تُوقف في تصحيح حديثه الذي ينفرد به، لكن حديث ابن عباس رضي الله عنهما، ليس كذلك، بل روي من طريق أخرى:
فقد أخرجه النسائي (6/ 170)، وابن أبي شيبة (4/ 183)، وإسحاق بن راهويه، كما في اللآليء (2/ 172)، من طريق حماد بن سلمة، عن عبد الكريم بن أبي المخارق، عن عبد الله بن عبيد بن عمير، عن ابن عباس، فذكره.
قال النسائي: هذا خطأ، والصواب مرسل. اهـ.
وعبد الكريم بن أبي المخارق ضعيف.
وقد خالفه هارون بن رئاب، وهو ثقة، كما في التقريب (568).
فرواه هارون عن عبد الله بن عبيد بن عمير، فذكره مرسلًا.
أخرجه الشافعي في مسنده (289)، وعبد الرزاق في مصنفه (7/ 98: 12365)، وقال البيهقي (7/ 154): ورواه ابن عيينة، عن هارون بن رئاب مرسلًا.
وأخرجه النسائي في السنن (6/ 67)، من طريق حماد بن سلمة وغيره، عن هارون بن رئاب، عن عبد الله بن عبيد بن عمير، وعبد الكريم، عن عبد الله بن عبيد بن عمير، عن ابن عباس.
وكذا أخرجه البيهقي (7/ 154)، من الطريق نفسها لكن قال حماد بن سلمة: قال أحدهما عن ابن عباس، فذكره بنحوه.
قال النسائي: هذا الحديث ليس بثابت، وعبد الكريم ليس بالقوي، وهارون بن رئاب أثبت منه، وقد أرسل الحديث، وهارون ثقة وحديثه أولى بالصواب من حديث عبد الكريم. اهـ.
وعليه، فالصواب أن هذه الطريق مرسلة، وإذا ضمّت إلى الطريق الأولى التي صححها النووي، والمنذري، وابن حجر، زال الإشكال الذي لأجله توقف السيوطي عن تصحيح الحديث، والعلم عند العليم سبحانه. =
= 2 - هشام مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.
أخرجه عبد الرزاق في المصنف (7/ 98: 12366)، عن الثوري، عن عبد الكريم الجزري، عن رجل مولى لبني هاشم، إن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم
…
وهذا الرجل المبهم هو أبو الزبير، فقد ورد مصرّحًا به عند أبي حاتم، كما في علل ابنه عبد الرحمن (1/ 433)، قال أبو حاتم: ثنا محمد بن كثير، عن سفيان، عن عبد الكريم قال: حدثني أبو الزبير، عن مولى لبني هاشم
…
فذكره.
ومن طريق محمد بن كثير، أخرجه البيهقي في السنن (7/ 155).
وقد ورد ذكر الصحابي -الذي هو هشام- مصرّحًا به وأنه هو السائل فيما أخرجه أبو الفتح الأزدي في المخزون (15/ أ)، باب الهاء، من طريق محمد بن أيوب الرقي، عن سفيان، عن عبد الكريم، عن أبي الزبير، عن هشام مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ امْرَأَتِي لَا تَدْفَعُ يد لامس
…
فذكره.
إلَّا أن محمد بن أيوب ضعيف، كما في ترجمته في اللسان (5/ 86).
وأخرجه ابن عبد البر في الاستيعاب (3/ 597)، من الطريق نفسها.
وقال الحافظ في الإِصابة (3/ 606): هشام مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، روى حديثه الطبري، ومطين، وابن قانع، وابن منده، من طريق الثوري، عن عبد الكريم الجزري، به
…
فذكر الحديث.
وأقوى الطرق لحديث هشام طريق أبي حاتم المتقدمة، فكل رجالها ثقات لولا ما فيها من عنعنة أبي الزبير، ومع هذا فهو يصلح في الشواهد، والله أعلم.
وبناءً على قوة حديث هشام، وقبله حديث ابن عباس، فإنهما يكونان شاهدين قويين لحديث الباب، ولذلك صححه الحافظ ابن حجر وقال: لم يتوقف المحدّث عن الحكم بصحة الحديث، ولا يلتفت إلى ما وقع من أبي الفرج ابن الجوزي، حيث ذكر هذا الحديث في الموضوعات ، ولم يذكر من طرقه إلَّا الطريق التي أخرجها الخلال من طريق أبي الزبير عن جابر. وانظر اللآلئ المصنوعة (2/ 173)، وتنزيه =
= الشريعة (2/ 210). والله أعلم.
وقد جمع ابن عبد الهادي طرق هذا الحديث في جزء له، سمّاه:"تخريج حديث إن امرأتي لا تردّ يد لامس"، أصله محفوظ بالظاهرية، وتوجد صورته في الجامعة الإِسلامية ضمن مجموع برقم (1563)، من صفحة (117) إلى صفحة (221).
تنبيه: هشام مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم روى هذا الحديث الفرد، كما في الإِصابة، لكني لم أجد له ذِكْرًا في كتاب أسماء الصحابة الرواة لابن حزم، وهو كتاب متخصص في ذكر الصحابة رواة الأحاديث في مسند بقي بن مخلد وما لكل واحد منهم من الأحاديث، وأيضًا لم أجده في كتاب ابن الجوزي تلقيح فهو أهل الأثر، وهو مما يستدرك عليهما إن لم يذكراه، والله أعلم.