الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
31 - بَابُ التَّرْغِيبِ فِي النِّكَاحِ
1639 -
قَالَ إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أنا هُشيم، عَنْ مَنْصُورِ بن زَاذَان، عن ابن سيرين قال: أَنَّ عُتْبَة بْنَ فَرْقَد عَرَضَ عَلَى ابْنِهِ التزويج، فأبى، فذكر ذلك لعثمان رضي الله عنه، فقال له عثمان رضي الله عنه: أَلَيْسَ قَدْ تَزَوَّجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، وقد تزوج أبو بكر رضي الله عنه، وتزوج عمر رضي الله عنه، وَعِنْدَنَا مِنْهُنَّ مَا عِنْدَنَا؟! فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَنْ لَهُ عَمَلٌ مِثْلُ عَمَلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما، ومثل عملك، فلما قال: مثل عملك، قال: كُفَّ، إن شئتَ فتزوّج وإن شئتَ فلا!.
1639 -
تخريجه:
ذكره البوصيري في الإتحاف (3/ 59/ أ) بسند إسحاق، إلَّا أنه سقط شيخ إسحاق وهو يحيى بن يحيى، وجعل السند يبدأ بهشيم، وهو خطأ من الناسخ بلا شك.
وذكره كذلك في المجردة (2/ 197/ ب) وعزاه لإسحاق. ولم أجد هذا الأثر وهذه القصة لغير إسحاق.
الحكم عليه:
قال البوصيري في المجردة: رواه إسحاق ورجاله ثقات. اهـ. =
= وهو كذلك فرواته كلهم أئمة ثقات، إلَّا أن ابن سيرين لم يحضر هذه القصة، وذلك لأنه ولد لسنتين بقيتا من خلافة عثمان رضي الله عنه، كما ذكر ذلك الذهبي في السير (4/ 607)، فحضوره القصة غير ممكن قطعًا، فهي من مراسيله، والله أعلم.
1640 -
وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ: حَدَّثَنَا هُشَيْم، أنا أَبُو بِشر، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: قال لي ابن عباس رضي الله عنهما، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ وَجْهِي (1): أتزوّجتَ يَا ابْنَ جُبَيْرٍ؟ قلتُ: لَا، وَمَا أُريد ذَلِكَ يومي هذا، قال: إِنَّهُ سَيَخْرُجُ مَا كَانَ فِي صُلْبِك مِنَ المستودعين.
* صحيح موقوف، وبعضه في الصحيح (2).
(1) هذه كناية عن عدم نبت شعر الوجه من لحية وشارب، أي أنه صغير السنن.
(2)
قوله: "وبعضه في الصحيح" ساقط من (سد).
1640 -
تخريجه:
ذكره البوصيري في الإتحاف (3/ 59/ ب) بسند ابن منيع.
وذكره في المجرّدة (2/ 197/ ب)، وقال: رواه أحمد بن منيع موقوفًا
…
وقد رواه سعيد بن منصور (1/ 140)، باب الترغيب في النكاح:
قال: أنبأنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: قَالَ لي ابن
عباس: تزوّج، قلت: ما ذلك في نفسي اليوم، قال: إن قلت ذاك لما كان في صلبك من مستودع ليَخْرُجَنّ.
الحكم عليه:
هذا الأثر كما قال الحافظ هنا، والبوصيري في المجردة (2/ 197/ب)، أنه موقوف صحيح. وهو كذلك.
قال الحافظ هنا: وبعضه في الصحيح.
يشير بذلك إلى ما رواه البخاري في صحيحه (9/ 113)، في كتاب النكاح، باب كثرة النساء.
بسنده عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: قَالَ لِيَ ابن عباس: "هل تزوجت؟ قلت: لا. قال: فتزوج، فإن خير هذه الأمة أكثرها نساءً".
1641 -
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرّة، عَنْ أَبِي البُخْتِري قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي أَشْيَاءَ يُؤْجَرُ فِيهَا الرَّجُلُ: "حتى في غَشِيَان أَهْلَهُ"، فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ وَهِيَ شهوته يقْضِيْها؟ قال صلى الله عليه وسلم: "أرأيتم لو كان حَرَامٍ أَلَيْسَ كَانَ يُؤْزَر؟ " قَالُوا: بَلَى! قَالَ: "فكذلك يؤجر".
1641 -
تخريجه:
الحديث في مسند أبي داود (64: 471)، وقال بعده: لم يرفعه شعبة، وقال الأعمش: عن عمرو، عن أبي البختري، عن أبي ذر. اهـ.
وذكره البوصيري في الإِتحاف (3/ 68/ ب)، بسند أبي داود.
ثم ذكر كلامه هذا.
وقول الطيالسي: لم يرفعه شعبة. ليس كذلك بل وجدته من طريق شعبة مرفوعًا، كما سيأتي.
وقد اختلف في هذا الحديث على شعبة في وصله وإرساله:
فرواه الطيالسي-كما هو هنا- عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي البختري قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال
…
الحديث مرسلًا.
وخالفه محمد بن جعفر الهذلي المعروف بغندر.
فرواه عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي البختري، عن أبي ذرّ، عن النبي صلى الله عليه وسلم، الحديث.
أخرجه الإمام أحمد (5/ 161)، عن محمد بن جعفر.
ورواية غندر هي المحفوظة وذلك لأنه مقدم في شعبة على غيره من الرواة: فقد لازمه نحوًا من عشرين سنة، وكان رَبِيْبه، وكان يكتب عن شعبة ويعرض الكتابة عليه، قال ابن معين: كان من أصلح الناس كتابًا وأراد بعضهم أن يخطئه فلم يقدر. وقال ابن المبارك: إذا اختلف الناس في حديث شعبة فكتاب غندر حكم فيما بينهم. وقال الفلّاس: كان يحيى، وعبد الرحمن، ومعاذ، وخالد وأصحابنا إذا =
= اختلفوا في حديث عن شعبة رجعوا إلى كتاب غندر فحكم عليهم. وقال العجلي: غندر من أثبت الناس في حديث شعبة. وانظر شرح علل الترمذي (2/ 513)، والتهذيب (9/ 84).
فظهر أن رواية غندر هي المحفوظة، ورواية الطيالسي شاذّة.
ومع هذا فإن في رواية غندر علّة، وهي عدم سماع أبي البختري من أبي ذر، قاله أبو حاتم كما في المراسيل لابنه (76).
إلَّا أن الحديث قد جاء من وجه آخر أخرجه الإِمام أحمد (5/ 168).
قال: ثنا عبد الملك بن عمرو، ثنا علي -يعني ابن مبارك- عن يحيى، عن زيد بن سلام، عن أبي سلّام، قال أبو ذرّ. فذكره بمثل رواية ابن حبان الآتية مع زيادة في أوله.
وهذا الإسناد كلهم ثقات، من رجال مسلم -واسم أبي سلّام ممطور الأسود الحبشي، ويحيى هو ابن أبي كثير- إلَّا أن العلائي قال في جامعه (286) عن رواية أبي سلّام، عن أبي ذرّ: قيل فيها أنه مرسل. اهـ.
هكذا قال العلائي بصيغة التضعيف.
وقد جاء الحديث أيضًا من وجه آخر أيضًا:
فقد أخرجه ابن حبان في صحيحه ، الموارد (316)، كتاب النكاح، باب في إتيان الرجل أهله، قال: أخبرنا ابن سلم، حدثنا حرملة، حدثنا ابن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث، أن سعيد بن أبي هلال حدثه عن أبي سعيد مولى المهري، عن أبي ذر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لك في جماع زوجتك أجر" فقيل: يا رسول الله وفي شهوة يكون أجر؟ قال: نعم، أرأيت لو كان لك ولد وقد أدرك ثم مات، أكنت محتسبه؟ قال: نعم. قال: أنت خلقته؟ قال: بل الله خلقه. قال: أنت كنت هديته؟ قال: بل الله هداه. قال: كنت ترزقه؟ قال: بل الله كان يرزقه. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "ضعه في حلاله وأقرره، فإن شاء الله أحياه، وإن شاء أماته، ولك أجر". =
= وهذا الإسناد رجاله موثّقون، ولا بأس بهم في المتابعات.
واسم ابن سلم: عبد الله بن محمد بن سلم الفريابي.
الحكم عليه:
إسناد حديث الباب ثقات، إلَّا أنه شاذ مرسلًا، وذلك لأن أبا داود خالف من هو أوثق منه فقد رواه غندر موصلًا ولكنّه منقطع فإن أبا البختري لم يدرك أبا ذرّ.
ولكن متن الحديث ثابت بأسانيد صحيحة عن أبي ذر رضي الله عنه، عند الإِمام أحمد، وابن حبان.
وللحديث شواهد منها:
1 -
حديث أهل الدثور: فعن أبي ذر رضي الله عنه، أن ناسًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قالوا: يا رسول الله ذهب أهل الدثور بالأجور؛ يصلّون كما نصلّي، ويصومون كما نصوم، ويتصدقون بفضول أموالهم. قال: "أوليس قد جعل الله لكم ما تصدّقون؟ إن بكل تسبيحة صدقة
…
" إلى أن قال: "وفي بُضع أحدكم صدقة" قالوا: يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: "أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه فيها وزر؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر".
أخرجه مسلم في صحيحه (2/ 697: 1006)، كتاب الزكاة، باب بيان أنَّ اسم الصدقة يقع على كل نوع من المعروف.
وأخرجه الإِمام أحمد (5/ 167).
2 -
عن أبي كبشة الأنماري قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جالسًا في أصحابه فدخل ثم خرج وقد اغتسل، فقلنا: يا رسول الله قد كان شيء؟ قال: "أجل، مرّت بي فلانة فوقع في قلبي شهوة النساء فأتيت بعض أزواجي فأصبتها، فكذلك فافعلوا فإنه من أماثل أعمالكم إتيان الحلال".
والشاهد قوله: "من أماثل أعمالكم"، ومعنى أماثل: أي أفضل، وانظر النهاية (4/ 296: مثل). =
= أخرجه الإِمام أحمد (4/ 231)، قال: ثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن معاوية -يعني ابن صالح-، عن أزهر بن سعيد الحرازي قال: سمعت أبا كبشة.
وأخرجه أبو نعيم في الحلية (2/ 20)، من طريق معاوية بن صالح، به.
قال الهيثمي في المجمع (6/ 292): رواه أحمد والطبراني، ورجال أحمد ثقات. اهـ.
وقال الألباني في الصحيحة (441): إسناده صحيح، رجاله كلهم ثقات. اهـ.
تنبيه: إنما جعل الحافظ هذا الحديث من الزوائد لأجل أنّه مرسل، وإلَاّ فقد عرفتَ أن الإِمام أحمد رواه مسندًا، فبسبب هذا أورده هنا، وهذا يدل على شدة تحرّيه وتدقيقه في الزوائد، وعدم استعجاله، فرحمه الله من حافظ.
1642 -
وقال الحارث: حدثنا يزيد بن هارون، نبأ هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: اجْتَمَعَ نَفَرٌ فَقَالُوا: لَوْ بَعَثْنَا إِلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلْنَاهُنَّ (1) عَنْ أَخْلَاقِهِ صلى الله عليه وسلم، فبعثوا إليهن، فقلن: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي وينام، ويصوم ويفطر، وَيَنْكِحُ النِّسَاءَ، قَالُوا: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ غُفر لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: أقوم الليل ولا أَنَامُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَصُومُ النَّهَارَ وَلَا أُفْطِرُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَدَعُ النِّسَاءَ فَلَا آتِيهِنَّ فَإِنَّ فِيهِنَّ شُغلًا. فاطَّلَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم على ذلك، فقال:"ما بال رجال يتحسّسون على (2) شَأْنِ نَبِيِّهِمْ، فَلَمَّا أُخْبِروا بِهِ رَغِبُوا عَنْهُ (3)، فَقَالَ بَعْضُهُمْ كَذَا، وَبَعْضُهُمْ كَذَا" فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَكِنِّي أَنَامُ وَأَقُومُ، وأُفطر وَأَصُومُ (4)، وَأَنْكِحُ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سنتي فليس منّي".
(1) تصحفت في الأصل إلى: "فساتناهن".
(2)
في (حس): "على شأن".
(3)
في الأصل و (سد): "عنّا"، والتصويب من بقية النسخ.
(4)
في (حس): "وأصوم وأفطر".
1642 -
تخريجه:
الحديث في بغية الباحث (3/ 613: 472)، باب الترغيب في النكاح.
وذكره البوصيري في الإتحاف (3/ 51/ أ) بسند الحارث.
ولم أجده مرسلًا عن الحسن لغير الحارث.
الحكم عليه:
قال البوصيري في الإتحاف (3/ 51/ ب): هذا الإسناد رجاله رجال الصحيح، إلَّا أنه مرسل. اهـ.
وهو كذلك إلَّا أن فيه علة وهي أن هشام بن حسان لم يسمع من الحسن، كما ذكر ذلك ابن عيينة، وابن علية، وابن المديني، وعثمان بن شيبة. ويرى بعضهم أنّه =
= أخذ أحاديث الحسن عن حوشب، وعليه فالحديث ضعيف بهذا الإِسناد.
والحديث ثابت عَنِ النَّبِيِّ-صلى الله عليه وسلم مَنْ غير هذه الطريق المرسلة، فمنها:
1 -
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، أنه قال: جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي -صلي الله عليه وسلم- يسألون عن عبادته، فلمّا أُخبروا كأنهم تقالّوها، فقالوا: وأين نحن من النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم؟ قَدْ غَفر الله لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ. قال أحدهم: أمّا أنا فأصلي الليل أبدًا. وقال آخر: أنا أصوم الدهر ولا أفطر. وقال آخر: أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبدًا. فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فقال: "أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟ أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس منّي".
أخرجه البخاري (9/ 104)، باب الترغيب في النكاح.
وأخرجه مسلم (2/ 1020: 1401)، باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه.
2 -
عن سعيد بن المسيب أن نفرًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فيهم علي بن أبي طالب، وعبد الله بن عمرو، لمّا تبتّلوا، وجلسوا في البيوت، واعتزلوا النساء، وهمّوا بالخصاء، وأجمعوا لقيام الليل، وصيام النهار، بلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فدعاهم، فقال:"أمّا أنا فأنا أصلي وأنام، وأصوم وأفطر، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني".
أخرجه عبد الرزاق في المصنف (6/ 167)، باب وجوب النكاح وفضله.
عن المثنى بن الصبّاح، أن عمرو بن شعيب أخبره عن سعيد بن المسيب.
والمثنى ضعيف، لكن قال ابن عدي: له حديث صالح عن عمرو بن شعيب. اهـ.
وعمرو بن شعيب صدوق.
فالحديث صالح للاعتبار إن شاء الله، وهو من مراسيل ابن المسيب، ومراسيله محتجّ بها كما ذكره العلائي (184). =
= 3 - عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، قال: ردّ رسول الله صلى الله عليه وسلم على عثمان بن مظعون التبتل، ولو أذن له لاختصينا.
أخرجه البخاري (9/ 117)، باب ما يكره من التبتل والخصاء.
وأخرجه مسلم.
4 -
عن ابن عباس في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} قال: نزلت في رَهْطٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قالوا: نقطع مذاكيرنا، ونترك شهوات الدنيا، ونسيح في الأرض كما يفعل الرهبان.
فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فأرسل إليهم فذكر لهم ذلك، فقالوا: نعم. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لكنى أصوم وأفطر، وأصلي وأنام، وأنكح النساء، فمن أخذ بسنتي فهو منّي، ومن لم يأخذ بسنتي فليس منِّي".
أخرجه ابن جرير في التفسير (7/ 7).
5 -
عن عكرمة أن عثمان بن مظعون، وعلي بن أبي طالب، وابن مسعود، والمقداد بن الأسود وسالمًا مولى أبي حذيفة في أصحابه تبتلوا فجلسوا في البيوت واعتزلوا النساء، ولبسوا المسوح، وحرّموا طيبات الطعام واللباس إلا ما يأكل ويلبس أهل السياحة من بني إسرائيل، وهمّوا بالاختصاء، وأجمعوا لقيام الليل وصيام النهار، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الَاية {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (87)} ، فلما نزلت فيهم بعث إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:"إن لأنفسكم حقًا، وإن لأعينكم حقًا، صوموا وأفطروا، وصلّوا وناموا، فليس منّا من ترك سنتنا"، فقالوا: اللهم سلّمنا واتبعنا ما أنزلت.
أخرجه ابن جرير (7/ 7).
6 -
وذكر الواحدي في أسباب النزول (205) في سورة المائدة -بغير إسناد- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكّر الناس وخوّفهم، فاجتمع عشرة من الصحابة وهم: =
= أبو بكر، وعمر، وعلي، وابن مسعود، وأبو ذر، وسالم مولى أبي حذيفة، والمقداد، وسلمان، وعبد الله بن عمرو بن العاص، ومعقل بن مقرن، في بيت عثمان بن مظعون فاتفقوا
…
بنحو السابق.
ونستفيد من هذه الرواية الأخيرة أسماء العشرة النفر الذين اتفقوا.
والظاهر كأنها قصتان مختلفتان:
فحديث الباب، وحديث أنس المتفق عليه، فيه أن النّفر جاؤا، أو أرسلوا إلى بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يسألون عن عبادته.
وأمّا حديث ابن عباس والمراسيل، فحصل هذا من الصحابة بعد سماعهم لموعظة مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَقَدْ ذُكر بينهم عدد من كبار الصحابة.
ويمكن أن يقال أنهم سمعوا الموعظة ثم انطلق نفر منهم إلى بيوت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألون عن عبادته، والله أعلم.
7 -
عن زرارة أن سعد بن هشام بن عامر أراد أن يغزو في سبيل الله فقدم المدينة، فأراد أن يبيع عقارًا له بها، فيجعله في السلاح والكراع، ويجاهد الروم حتى يموت، فلما قدم المدينة لقي أناسًا من أهل المدينة، فنهوه عن ذلك، وأخبروه أن رهطا ستة أرادوا ذلك في حياة نبي الله صلى الله عليه وسلم فنهاهم نبي الله صلى الله عليه وسلم وقال:"أليس لكم فيَّ أسوة" فلما حدثوه بذلك راجع امرأته، وقد كان طلقها، وأشهد على رجعتها
…
" الحديث.
أخرجه مسلم (1/ 512)، كتاب صلاة المسافرين، باب جامع صلاة الليل.
وأخرجه أبو داود (2/ 40)، كتاب الصلاة، باب في صلاة الليل.
وأخرجه الإِمام أحمد (6/ 53).
وقد تقدمت بعض الشواهد في حديث (1635).
1643 -
وقال أبو يعلى: حدثنا أَبُو عَلِيٍّ الشَّيْلَمَانِيُّ (1)، ثنا خَالِدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نبا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ صَالِحٍ مَوْلَى التوْأَمَة، عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "أَيُّمَا شَابٍّ تَزَوَّجَ فِي حَدَاثة سِنِّه عَجّ شَيْطَانُهُ يَا وَيْلَهُ يَا وَيْلَهُ عَصَمَ مِنِّي دِينَهُ".
(1) في جميع النسخ: "الشيباني"، وهو خطأ، ما عدا نسخة برنستون، ومنها التصويب، ومن كتب التخريج.
1643 -
تخريجه:
الحديث في مسند أبي يعلى (4/ 7: 2041).
وفي معجم شيوخه (135: 146).
وذكره الهيثمي في المقصد العلي (60/ ب)، ومجمع الزوائد (4/ 253)، وعزاه لأبي يعلى، والطبراني في الأوسط.
وذكره البوصيري في الإتحاف (3/ 60/ أ)، بسند أبي يعلى.
وذكره كذلك في المجرّدة (2/ 197/ ب)، وعزاه لأبي يعلى.
وأخرجه ابن حبان في المجروحين (2/ 282).
والطبراني، كما في مجمع البحرين (198/ ب).
وابن عدي في الكامل (3/ 913).
والخطيب في تاريخه (8/ 33).
وابن عساكر في تاريخ دمشق (311)، في ترجمة عبد الله بن أحمد بن دبزويه.
وابن الجوزي في العلل (2/ 121)، في تزويج الحَدَث.
كلهم من طريق أبي يعلى.
وقال ابن الجوزي: قال الدارقطني: تفرد به خالد بن إسماعيل. اهـ.
وقال الطبراني: لم يروه عن عبيد الله إلَّا خالد، تفرد به الحسين الشيلماني. اهـ. =
= ولكنه لم يتفرد به خالد المخزومي، ولا الحسين الشيلماني: أمّا المخزومي فقد تابعه عصمة بن محمد عن عبيد الله بن عمر، به.
أخرجه ابن عسكر في تاريخه (18/ 76/ أ).
ولكنها متابعة تالفة، فعصمة هذا قال الدارقطني وغيره: متروك.
وانظر لسان الميزان.
وأمّا الشيلماني فقد تابعه الصيدلاني عن خالد المخزومي، به.
أخرجه ابن عدي في كامله (3/ 913).
ولا فائدة في هذه المتابعة فإن الآفة في شيخهما.
الحكم عليه:
إسناد أبي يعلى ضعيف جدًّا، وذلك لأنّ فيه خالد بن إسماعيل المخزومي قال عنه الحافظ: متهم بالكذب.
وقد ذكر الحافظ أن هذا الحديث منكر، كما سيأتي في الحديث الآتي.
وقال الهيثمي في المجمع (4/ 253): فيه خالد بن إسماعيل وهو متروك.
وضعّفه البوصيري في المجردة بصالح مولى التوأمة، وخالد بن إسماعيل.
وحكم عليه الألباني بالوضع في السلسلة الضعيفة (659).
وأورده محمد بن طاهر المقدسي في تذكرة الموضوعات (348).
وهذا الحديث لا يقبل المتابعة، ولم أجد ما يقوم مقامه.
1644 -
وَبِهَذَا الإِسناد إِلَى صَالِحٍ (1)، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنْ أَجَلِي إلَّا يوم واحد لقيت الله تعالى بِزَوْجَةٍ، إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:"شِرَارُكُمْ عُزَّابُكُمْ".
* هَذَانِ حَدِيثَانِ منكران، وخالد متهم بالكذب.
(1) سبق في الحديث الماضي وهو: قال أبو يعلى: حدثنا أَبُو عَلِيٍّ الشَّيْلَمَانِيُّ، ثنا خَالِدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نبا عبيد الله بن عمر، عن صالح.
1644 -
تخريجه:
الحديث في مسند أبي يعلى (4/ 37: 2042).
وذكره الهيثمي في المقصد العلي (60/ ب) وفي المجمع (4/ 251)، وعزاه لأبي يعلى والطبراني.
وذكره البوصيري في الإتحاف (3/ 60/ أ)، بسند أبي يعلى.
وكذلك في المجرّدة (2/ 197/ ب).
وأخرجه ابن حبان في المجروحين (1/ 282)، عن أبي يعلى.
وأخرجه الطبراني، كما في مجمع البحرين (198/ أ).
وابن عدي في الكامل (3/ 913).
وابن الجوزي في الموضوعات (2/ 257).
من طريق خالد بن إسماعيل المخزومي.
الحكم عليه:
هذا الحديث كالذي قبله ضعيف جدًّا، لأجل خالد بن إسماعيل المخزومي، وهو متهم بالكذب. وانظر المجروحين (1/ 281)، والكامل (3/ 912)، والميزان (1/ 627)، واللسان (2/ 372). وقد حكم الحافظ هنا على الحديث بأنه منكر، وتبعه على ذلك البوصيري في المجرّدة (2/ 197/ب)، فقال: وحكم إسناده حكم الإسناد قبله، وهما حديثان منكران. اهـ. =
= وقال الهيثمي في المجمع (4/ 251): وفيه خالد بن إسماعيل، وهو متروك.
وقد ذكر السخاوي في المقاصد الحسنة (251) أن حكمه لا يبلغ به إلى الوضع. وهو كذلك.
وقد روي هذا الحديث من وجه آخر عن أبي هريرة:
أخرجه ابن عدي في الكامل (7/ 2620) بلفظ: "شراركم عزابكم، ركعتان من متأهل خير من سبعين ركعة من غير متأهل".
وهو من طريق يوسف بن السفر، أبي الفيض. اتهموه بالكذب ورواية الأباطيل. وانظر اللسان (6/ 322). وقد عدّ ابن عدي هذا الحديث من أباطيله.
وقد روي هذا الحديث عن غير أبي هريرة، منهم:
1 -
عطية بن بسر المازني.
2 -
أبو ذر.
وقد تقدّما في الحديث رقم (1638)، والحديثان ضعيفان.
وقد ذكر السخاوي في المقاصد (251) هذه الطرق، وقال: وغيرها من الأحاديث التي لا تخلو من ضعف واضطراب.
وقد ذكره السيوطي في الجامع الصغير وعزاه لأبي يعلى، والطبراني في الأوسط، وابن عدي من حديث أبي هريرة. وعزاه لأبي يعلى من حديث عطية بن بسر، وحسّنهما، كما في فيض القدير (4/ 156)، وتحسين السيوطي له ليس بحسن.
ولعله على القاعدة القائلة بأن كثرة الطرق ترقي الحديث مهما كانت ضعيفة، والله أعلم.
وفي الباب عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنهما، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال:"الدنيا متاع ومن خير متاعها امرأة تعين زوجها على الآخرة، مسكين مسكين رجل لا امرأة له، مسكينة مسكينة امرأة لا زوج لها".
ذكره ابن الأثير في جامع الأصول (12/ 123)، وعزاه لرزين. =
= وذكره كذلك المنذري في الترغيب (3/ 41)، وقال: ذكره رزين، ولم أره في شيء من أصوله، وشطره الأخير منكر.
وقد جاء من طريق أخرى عن ابن أبي نجيح.
أخرجه رزين كما في جامع الأصول.
وأخرجه الطبراني في الأوسط ، قال الهيثمي (4/ 252): رجاله ثقات، إلَّا أن أبا نجيح لا صحبة له. اهـ. فهو مرسل.
وأخرجه سعيد بن منصور (1/ 138)، من طريق أبي نجيح، وفيه زيادة.
وسنده لا بأس به إلَّا أنه مرسل.
أمّا قول أبي هريرة قبل الحديث: لو لم يبق من أجلي إلَّا يوم واحد لقيت الله بزوجة.
فقد جاء أيضًا عن غيره بنحوه:
فعن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قَالَ: لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنْ أَجَلِي إلَّا عشرة أيام، وأعلم أني أموت في آخرها يومًا، لي فيهن طِوَل النكاح، لتزوجت مخافة الفتنة.
أخرجه سعيد بن منصور (1/ 139)، باب الترغيب في النكاح، قال: أنبأنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: قال ابن مسعود.
وهذا إسناد رجاله ثقات إلَّا أن المغيرة بن مقسم كان يدلس عن إبراهيم، وإبراهيم النخعي يرسل كثيرًا.
وقد أخرجه الطبراني بمعناه بإسناد آخر فيه عبد الرحمن المسعودي، قال الهيثمي (4/ 251) وهو ثقة، ولكنه اختلط، وبقية رجاله رجال الصحيح. اهـ.
وبهذا يكون الأثر حسنًا، والله أعلم.