الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
22 - بَابُ إمْضَاء الطَّلَاقِ فِي الهَزَل
1705 -
قَالَ الْحَارِثُ: حدثنا بشر بن [عمر](1)، بنا ابن لهيعة، عن عُبيد الله بن أبي جعفر، عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَا يَجُوزُ اللَّعِبُ فِي ثَلَاثٍ: الطَّلَاقِ، وَالنِّكَاحِ، وَالْعَتَاقِ، فَمَنْ قَالَهُنَّ فَقَدْ وَجَبْنَ".
(1) في جميع النسخ: "بشر بن محمد"، عدا برنستون، ففيها:"بشر بن عمر"، وهو الصواب، كما في الإتحاف وبغية الباحث.
1705 -
تخريجه:
الحديث في بغية الباحث (2/ 637: 491).
وأورده البوصيري في الإتحاف (3/ 109/ أ)، بسند الحارث.
وفي المجردة (2/ 24/ ب).
ولم أجده لغيره من هذا الوجه.
الحكم عليه:
هذا الإسناد ضعيف لأمرين:
- لأن فيه ابن لهيعة، وبه ضعّفه الحافظ في بلوغ المرام (226: 1111).
2 -
الانقطاع بين عبيد الله بن أبي جعفر، وعبادة بن الصامت رضي الله عنه، =
= وبالانقطاع أعلّه الحافظ في التلخيص (3/ 209)، وذلك لأنّ عبادة توفي سنة أربع وثلاثين، وولادة عبيد الله كانت سنة ستين، كما في السير (6/ 9).
ولو فرضنا أن عبادة بقي إلى خلافة معاوية، فلا يمكنه أن يلقاه البتّة، لأن معاوية نفسه مات سنة ستين، وعبادة قبل الستين بلا ريب. فثبت عدم لقاء عبيد الله لعبادة بن الصامت، والله أعلم.
وللحديث شواهد ستأتي في الحديث الآتي، إن شاء الله المولى القدير.
1706 -
وقال أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعاوية، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: كَانَ الرَّجُلُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ وَيَقُولُ: كنتُ لاعبًا، ويعتق مملوكَه ويقول: كنتُ لاعبًا، ويزوح ابنته ويقول: كنتُ لاعبًا، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "ثلاث من قالهن لاعبًا فهنّ جَائِزَات (1) عَلَيْهِ: الطَّلَاقُ، وَالْعَتَاقُ، وَالنِّكَاحُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل فِي ذَلِكَ (2):{وَلَا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا} (3).
(1) أي ماضيات وواقعات عليه.
(2)
قوله "في ذلك": ساقط من (حس).
(3)
سورة البقرة: الآية (231).
1706 -
تخريجه:
الحديث ذكره البوصيري في الإتحاف (3/ 71/ أ)، بسند ابن منيع.
وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره كما في تفسير ابن كثير (1/ 282)، من طريق يحيى بن عبد الحميد، حدثنا أبو معاوية، به.
وذكره السيوطي في الدّر المنثور (1/ 286)، وعزاه لابن المنذر، وابن أبي حاتم.
وأبو معاوية هو محمد بن خازم الكوفي، الضرير.
الحكم عليه:
هذا الإسناد ضعيف لأمرين:
1 -
ضعف إسماعيل بن مسلم. قال ابن عدي (1/ 279): أحاديثه غير محفوظة عن أهل الحجاز والبصرة والكوفة، إلَّا أنه ممن يكتب حديثه.
2 -
الانقطاع بين الحسن البصري وعبادة بن الصامت، فإنه لم يسمع منه.
قاله البزار، كما في تهذيب التهذيب (2/ 269).
وعليه، فالحديث ضعيف بهذا الإسناد، ولكن له شواهد، منها:
1 -
عن فضالة بن عبيد الأنصاري، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال: "ثلاث لا يجوز =
= اللّعب فيهنّ: الطلاق، والنكاح، والعتق".
قال الهيثمي في المجمع (4/ 235): رواه الطبراني، وفيه: ابن لهيعة، وحديثه حسن، وبقية رجاله رجال الصحيح. اهـ.
2 -
عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "من طلّق وهو لاعب فطلاقه جائز، ومن أعتق وهو لاعب فعتقه جائز، ومن نكح وهو لاعب فنكاحه جائز".
أخرجه عبد الرزاق (6/ 134: 10249)، وفي إسناده: إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي قال فيه ابن حجر في التقريب: متروك، وقال في التلخيص الحبير (3/ 209): وهو منقطع.
وعليه، فإن حديث أبي ذرّ لا يصلح أن يكون شاهدًا.
3 -
عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه قَالَ: كان الرجل في الجاهلية يطلّق ثم يراجع، ويقول: كنت لاعبًا .. ويعتق ثم يراجع، ويقول: كنت لاعبًا. فأنزل الله عزوجل: {وَلَا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا} ، من طلّق، أو حرَّر، أو نكح، أو أنكح، فقال:
إني كنت لاعبًا؛ فهو جادّ.
أخرجه الطبراني، وفيه: عمرو بن عبيد، وهو من أعداء الله، قاله الهيثمي في المجمع (4/ 388).
وأخرجه عبد الرزاق (6/ 133)، وابن أبي شيبة (5/ 105)، وسعيد بن منصور (1604 ،1605).
كلهم من طريق الحسن البصري، عن أبي الدرداء قال: ثلاث اللعب فيهنّ كالجاد: النكاح، والطلاق، والعتاق.
وأسانيدهم إلى الحسن البصري صحيحة، لكن رواية الحسن عن أبي الدرداء مرسلة، كما في جامع التحصيل (197).
4 -
عن الحسن البصري، مرسلًا. فذكر مثل حديث أبي الدرداء المتقدم. =
= أخرجه ابن أبي شيبة (5/ 106)، ورجاله ثقات.
5 -
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"ثَلَاثٌ ليس فيهن لعب، ومن تكلّم بشيء منهنّ لاعبًا فقد وجب عليه: الطلاق، والعتاق، والنكاح".
أخرجه ابن عدي في كامله (6/ 2033)، من طريق غالب بن عبيد الله الجزري، عن الحسن، عن أبي هريرة.
قال ابن عدي: ولغالب أحاديث منكرة المتن. اهـ.
وغالب بن عبيد الله ضعّفه ابن المديني، وابن سعد، والعقيلي، والنسائي، وقال ابن معين: ليس بثقة. وانظر لسان الميزان (4/ 414).
ولهذا الحديث طريق أخرى؛ لكن ذكر فيه "الرّجعة" بدل "العتق".
أخرجه أبو داود في السنن (2/ 259: 2194)، والترمذي (3/ 490: 1184)، وابن ماجه (1/ 658: 2039)، والدارقطني في السنن (3/ 256)، والحاكم في المستدرك (2/ 198).
كلهم من طريق: عبد الرحمن بن حبيب بن أدرك، عن عطاء بن رباح، عن يوسف بن ماهك، عن أبي هريرة.
قال الترمذي: حسن غريب. اهـ.
وقال الحاكم: صحيح الإسناد، وعبد الرحمن من ثقات المدنيين. وتعقّبه الذهبي بقوله: قلت: فيه لين. اهـ.
وقال المنذري: في مختصر أبي داود (3/ 119)، قال أبو بكر المعافري: روي "والعتق"، ولم يصحّ منه شيء.
قال المنذري: فإن كان أراد ليس من شرط الصحيح فلا كلام، وإن أراد أنّه ضعيف ففيه نظر، فإنّه حسن، كما قال الترمذي. اهـ.
وقال ابن حجر في التلخيص (3/ 210): عبد الرحمن بن أدرك مختلف فيه.
قال النسائي: منكر الحديث، ووثّقه غيره، فهو على هذا حسن. اهـ. =
= وعليه، فالحديث حسن إن شاء الله، ويصلح في الشواهد بغير مواربة، والله أعلم.
وفي كلام الحافظ الأخير الذي في التلخيص، تطبيق لتلك القاعدة التي تقول بأن حديث المختلف فيهم: حسن.
6 -
عن عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ: ثلاث اللاعب فيهنّ والجادّ سواء: الطّلاق، والصد قة، والعتاق.
قال عبد الكريم: وقال طلق بن حبيب: والهدي، والنذر.
7 -
عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: ثلاث لا لعب فيهنّ: النكاح، والطلاق، والعتاقة، والصدقة.
أخرجه عبد الرزاق (10247)، قال: وليس في الحديث إحدى الخصال الثلاث: النكاح، والطلاق، أو العتاقة لا أدري أيتهنّ هي؟ اهـ.
وفي إسناده: جابر الجعفي، وهو ضعيف.
8 -
عن أبي موسى الأشعري. وقد تقدم برقم (1694)، وهو ضعيف.
فهذه الشواهد كلها تصلح في الشواهد عدا الثاني.
وبها يرتقي حديث الباب بطريقيه -التي روى إحداهما الحارث، والأخرى ابن منيع-، ويصبح من قسم الحسن، والله أعلم.
قال الألباني في الإرواء (6/ 228): والذي يتلخص عندي مما سبق أن الحديث حسن بمجموع طريق أبي هريرة التي حسنها الترمذي، وطريق الحسن البصري المرسلة، وقد يزداد قوة بحديث عبادة بن الصامت -مع أنه أورده من رواية الحارث فقط- والآثار المذكورة عن الصحابة، فإنها لو لم يتبين لنا ثبوتها عن كل واحد منهم تدل على أن معنى الحديث كان معروفًا عندهم، والله أعلم.