الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثاني أنواعه، وبيان كيفية الجواب عن كل نوع
يتنوع القول بالموجب إلى نوعين هما:
النوع الأول: ما يكون القول بالموجب فيه يرد على دليل يكون
المطلوب به إبطال مذهب الخصم.
ويعبر بعض العلماء عن ذلك بالقول بالموجب الذي يقع في جانب
النفي.
وهو قسمان:
القسم الأول: أن يكون المطلوب نفي الحكم، فيكون اللازم من
دليل المستدل نفي كون شيء معين موجبا لذلك الحكم.
مثاله: قول المستدل: القتل بالمثقل لا تفاوت بينه وبين القتل
بالمحدد إلا في آلة القتل، والآلة وسيلة للقتل، والتفاوت في
الوسيلة لا يمنع من وجوب القصاص كالتفاوت في محل المتوسل إليه
مثل كون المقتول صغيراً، أو كبيراً، أو غنياً، أو فقيراً.
فيقول المعترض: نعم أنا أقول بموجبه وهو: أن التفاوت في
الوسيلة لا يمنع من وجوب القصاص.
لكن لِمَ لا يمتنع القصاص لشيء آخر غير التفاوت كوجود مانع
اَخر، أو فقد شرط، أو عدم المقتضى؛ وما ذكرته أيها المستدل لا
يقتضي امتناع شيء من ذلك.
القسم الثاني: أن يكون المطلوب نفي علية ما هو علَّة الحكم عند
الخصم، ويكون اللازم من القياس نفي عليه ملزوم علته.
مثاله: قول المستدل - في أن الإجارة لا تنفسخ بالموت -: إن
الموت معنى يزيل التكليف، فلا تنفسخ فيه الإجارة؛ قياساً على
الجنون، فإنه كذلك.
فيقول المعترض: أنا أقول بموجب دليلك وهو: أن الإجارة لا
تنفسخ بالموت، وإنما ينفسخ عقده فقد حدث ما يقتضي ذلك، وهو
زوال الملك، ولهذا قال العلماء: لو باع العين المستأجرة انفسخت
الإجارة.
كيف يجيب المستدل عن هذا النوع؟
يجيب بأحد طريقين:
الطريق الأول: أن يُبين المستدل لزوم حكم محل النزاع بوجود
مقتضيه مما ذكره في دليله إن أمكنه بيانه كأن يقول المستدل في المثال
السابق: يلزم من كون التفاوت في الآلة لا يمنع القصاص: وجود
مقتضى القصاص، فيقول - أي المستدل -: إذا سلمت - أيها
المعترض -: أن تفاوت الآلة لا يمنع القصاص: فالقتل المزهق هو
المقتضي، والتقدير: أنه موجود.
الطريق الثاني: أن يُبين المستدل أن النزاع إنما هو فيما يعرض له في
الدليل إما بإقرار، أو اعتراف من المعترض بذلك.
مثاله: قول المستدل: الدين لا يمنع وجوب الزكاة.
فيقول المعترض: أنا أسلم أن الدين لا يمنع الزكاة، لكن لِمَ
قلت: إن الزكاة تثبت؟
فيجيب المستدل بقوله: إن هذا القول بالموجب لا يسمع؛ لأن
محل النزاع في هذه المسألة مشهور، وهو: - هل الزكاة تجب مع
الدين؟ ومع الشهرة لا يقبل العدول عنها.
النوع الثاني: أن يكون المطلوب فيه إثبات الحكم في الفرع،
ويكون اللازم من دليل المستدل ثبوته في صورة ما من الجنس.
مثاله: قول المستدل: تجب الزكاة في الخيل، لأنه حيوان تجوز
المسابقة عليه؛ قياساً على الإبل.
فيقول المعترض: أنا أقول بموجب دليلك، ومن هنا وجبت فيه
زكاة التجارة، لكن النزاع ليس في زكاة التجارة، إنما هو في زكاة
عينه، ودليلك أيها المستدل إنما يقتضي وجوب أصل الزكاة، ولا
يلزم من إثبات المطلق إثبات جميع أنواعه.
كيف يجيب المستدل عن هذا النوع؟
يجيب المستدل بنفي أن يكون هذا من القول بالموجب بأن يقول في
المثال السابق: إن هذا ليس من القول بالموجب؛ لأن كلامنا في
زكاة العين، والنزاع فيها، فحينما قلنا: تجب الزكاة فيها انصرف
الذهن إليها؛ لأن الألف واللام للعهد، والمعهود ذهنا هنا هو زكاة
العين، وعلى ذلك: فإن ما قلته أيها المعترض ليس قولاً بالموجب.