المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الثاني كيفية الجواب عن منع الحكم في الأصل - المهذب في علم أصول الفقه المقارن - جـ ٥

[عبد الكريم النملة]

فهرس الكتاب

- ‌الفصل الثالث في أركان القياس وشروطها وما يتعلق بها

- ‌المطلب الأول تعريف الركن

- ‌المطلب الثاني في بيان أركان القياس إجمالاً

- ‌المطلب الثالث في بيان أسباب عدم ذكر حكم الفرع من أركان القياس

- ‌المبحث الأول في الأصل وحكمه وشروطهما وما يتعلق بهما

- ‌المطلب الأول في بيان المراد بالأصل

- ‌المطلب الثاني في بيان المراد بحكم الأصل

- ‌المطلب الثالث هل حكم الأصل المنصوص عليه ثابت بالنص أو بالعلة

- ‌المطلب الرابع في اشتراط كون حكم الأصل حكماً شرعيا عمليا

- ‌المطلب الخامس اشتراط كون حكم الأصل حكما ثابتا مستمراً

- ‌المطلب السادس اشتراط كون حكم الأصل معقول المعنى

- ‌المطلب السابع اشتراط أن لا يكون دليل حكم الأصل متناولاًبعمومه حكم الفرع

- ‌المطلب الثامن هل يثشترط قيام دليل على جواز القياس على الأصل

- ‌المطلب التاسع هل يشترط في الأصل أن يكون قد انعقد الإجماععلى أن حكمه معلل، أو أن تثبت علته بالنص

- ‌المطلب العاشر هل يجوز القياس على أصل محصور بعدد معين

- ‌المطلب الحادي عشر اشتراط كون حكم الأصل معللاً بعلة معينة

- ‌المطلب الثاني عشر بيان أن حكم الأصل إذا كان ثابتا بنصفإنه يجوز القياس عليه

- ‌المطلب الثالث عشر حكم القياس على أصل ثبت عن طريق الإجماع

- ‌المطلب الرابع عشر هل يشترط في حكم الأصل المقاس عليه أن تجمععليه كل الأمة، أو يكفي اتفاق الخصمين

- ‌المطلب الخامس عشر حكم القياس على الأصل الثابت عن طريق القياس

- ‌المطلب السادس عشر إذا كان حكم الأصل منصوصا عليه وقد اختلففيه بين الخصمين فهل يجوز القياس عليه

- ‌المطلب السابع عشر هل يُقاس على حكم الأصل الخارج عن قاعدة القياس

- ‌المبحث الثاني في الفرع وشروطه وما يتعلق به

- ‌المطلب الأول بيان المراد بالفرع

- ‌المطلب الثاني اشتراط كون العلَّة الموجودة في الفرع مثل علة حكمالأصل من غير تفاوت واختلاف

- ‌المطلب الثالث اشتراط عدم كون حكم الفرع منصوصا عليهأو مجمعا عليه

- ‌المطلب الرابع اشتراط كون الحكم في الفرع مماثلاً لحكمالأصل في عينه، أو جنسه

- ‌المطلب الخامس اشتراط عدم تقدم حكم الفرع على حكم الأصل

- ‌المطلب السادس هل يشترط أن تكون العِلَّة في الفرع معلومة قطعا

- ‌المطلب السابع هل يشترط في حكم الفرع: أن يكون مما ثبت بالنص جملة

- ‌المبحث الثالث في العِلَّة وشروطها وما يتعلق بها

- ‌المطلب الأول في تعريف العِلَّة لغة، وأسمائها

- ‌المطلب الثاني في تعريف العِلَّة اصطلاحا

- ‌المطلب الثالث في تقسيمات العِلَّة

- ‌المطلب الرابع في طرق ثبوت العِلَّة " مسالك العِلَّة

- ‌المطلب الخامس هل يشترط أن تكون العلَّة مناسبة أي: مشتملة علىحكمة قصدها الشارع من تشريعه للحكم

- ‌المطلب السادس هل يشترط أن تكون العلَّة ظاهرة جلية أو يجوزالتعليل بالوصف الجلي والخفي

- ‌المطلب السابع حكم التعليل بالحكم الشرعيهل يجوز أن يكون الوصف المعلل به حكما شرعيا

- ‌المطلب الثامن بيان أن العلَّة يشترط فيها أن لا تخالف نصا أو إجماعاً

- ‌المطلب التاسع حكم التعليل بالحكمة

- ‌المطلب العاشر هل يجوز تعليل الحكم الوجودي بالوصف الوجوديوتعليل الحكم العدمي بالوصف الوجودي، وتعليلالحكم العدمي بالوصف العدمي، وتعليل الحكمالوجودي بالوصف العدمي

- ‌المطلب الحادي عشر حكم التعليل بالوصف المركب

- ‌المطلب الثاني عشر حكم تعليل الحكم بأكثر من عِلَّة " تعدد العِلَل

- ‌المطلب الثالث عشر حكم تعليل حكمين أو أحكام بعِلَّة واحدة

- ‌المطلب الرابع عشر هل الطرد دليل على صحة العِلَّة

- ‌المطلب الخامس عشر في بيان أنه يشترط في الوصف المستنبط المعلل بهأن لا يرجع على الأصل بإبطاله

- ‌المطلب السادس عشر حكم التعليل بالاسم المجرد

- ‌المطلب السابع عشر حكم التعليل بالوصف العرفي

- ‌المطلب الثامن عشر هل يجوز التعليل بالعِلَّة القاصرة

- ‌المطلب التاسع عشر بيان أنه يشترط في العلَّة التي عللنا بها:أن لا تكون معارضة بعلة أخرى تقتضي إبطالها

- ‌المطلب العشرون تخصيص العِلَّة

- ‌الفصل الرابع في قوادح القياس ومبطلاته

- ‌المبحث الأول في سؤال الاستفسار

- ‌المطلب الأول بيان المراد بسؤال الاستفسار

- ‌المطلب الثاني كيفية الجواب عن الاستفسار

- ‌المبحث الثاني في قادح منع الحكم في الأصل

- ‌المطلب الأول في بيان قادح منع الحكم في الأصل

- ‌المطلب الثاني كيفية الجواب عن منع الحكم في الأصل

- ‌المبحث الثالث في قادح منع وجود الوصف في الأصل

- ‌المطلب الأول في بيان منع وجود الوصف في الأصل

- ‌المطلب الثاني كيفية الجواب عن قادح منع وجود الوصف في الأصل

- ‌المبحث الرابع في قادح منع وجود الوصف في الفرع

- ‌المطلب الأول بيان قادح منع وجود الوصف في الفرع

- ‌المطلب الثاني كيفية الجواب عن قادح منع وجود الوصف في الفرع

- ‌المبحث الخامس في قادح منع الوصف في الأصل والفرع معا

- ‌المطلب الأول في بيان المراد من منع الوصف في الأصل والفرع

- ‌المطلب الثاني في كيفية الجواب عن قادح منع وجود الوصف في الفرع والأصل

- ‌المبحث السادس في قادح منع كون الوصف عِلَّة

- ‌المطلب الأول في بيان المراد منه

- ‌المطلب الثاني حجيته

- ‌المطلب الثالث كيفية الجواب عن قادح منع كون الوصف عِلَّة

- ‌المبحث السابع في قادح التقسيم

- ‌المطلب الأول في بيان المراد منه

- ‌المطلب الثاني حجيته

- ‌المطلب الثالث شروط التقسيم

- ‌المطلب الرابع في بيان الفرق بين التقسيم والاستفسار

- ‌المطلب الخامس في كيفية الجواب عن هذا القادح

- ‌المبحث الثامن في قادح النقض

- ‌المطلب الأول في بيان المراد بالنقض، وأهميته

- ‌المطلب الثاني حجيته

- ‌المطلب الرابع الحالات التي يرد عليها النقض وحكم كل حالة

- ‌المطلب الرابع هل على المستدل أن يحترز عن النقض في قياسه

- ‌المطلب الخامس بيان كيفية جواب المستدل عن هذا القادح

- ‌المبحث التاسع في قادح التركيب

- ‌المطلب الأول بيان المراد منه

- ‌المطلب الثاني أقسام قادح التركيب

- ‌المطلب الثالث حجية التركيب

- ‌المطلب الرابع كيفية الجواب عن قادح التركيب

- ‌المبحث العاشر في قادح فساد الوضع

- ‌المطلب الأول بيان المراد من قادح فساد الوضع وأقسامه

- ‌المطلب الثاني كيفية الجواب عن قادح فساد الوضع

- ‌المبحث الحادي عشر في قادح فساد الاعتبار

- ‌المطلب الأول بيان المراد من قادح فساد الاعتبار

- ‌المطلب الثاني كيفية الجواب عن هذا القادح

- ‌المطلب الثالث الفرق بين قادح فساد الاعتبار وقادح فساد الوضع

- ‌المبحث الثاني عشر في قادح المعارضة في الأصل

- ‌المطلب الأول بيان المراد من قادح المعارضة في الأصل

- ‌المطلب الثاني بيان أنواع المعارضة في الأصل

- ‌المطلب الثالث في حجية قادح المعارضة في الأصل

- ‌المطلب الرابع بيان أن المعترض لا يحتاج إلى دليل يشهد لوصفهالذي اعترض به

- ‌المطلب الخامس بيان أنه على المعترض بيان انتفاء الوصفالذي اعترض به عن الفرع

- ‌المطلب السادس بيان كيفية الجواب عن قادح المعارضة في الأصل

- ‌المبحث الثالث عشر في قادح المعارضة في الفرع

- ‌المطلب الأول في بيان المراد منه، وبيان أقسامه

- ‌المطلب الثاني بيان حجيته

- ‌المطلب الثالث في بيان كيفية الجواب عن قادح المعارضة في الفرع

- ‌المبحث الرابع عشر في قادح عدم التأثير

- ‌المطلب الأول بيان المراد من قادح عدم التأثير

- ‌المطلب الثاني بيان أن هذا القادح خاص بقياس المعنىإذا كانت علته مستنبطة

- ‌المطلب الثالث أقسام عدم التأثير

- ‌المطلب الرابع كيفية الجواب عن قادح عدم التأثير

- ‌المطلب الخامس بيان سبب إفراد هذا القادح في هذا المبحث

- ‌المبحث الخامس عشر في قادح الكسر

- ‌المطلب الأول بيان المراد من قادح الكسر

- ‌المطلب الثاني بيان حجية قادح الكسر

- ‌المطلب الثالث في بيان كيفية الجواب عن قادح الكسر

- ‌المبحث السادس عشر في قادح القلب

- ‌المطلب الأول المراد من قادح القلب

- ‌المطلب الثاني في بيان حجيته، وأنه معارضة

- ‌المطلب الثالث في بيان أنواعه

- ‌المطلب الرابع في بيان كيفية الجواب عن قادح القلب

- ‌المبحث السابع عشر في قادح القول بالموجب

- ‌المطلب الأول بيان المراد من قادح القول بالموجَب - بفتح الجيم

- ‌المطلب الثاني أنواعه، وبيان كيفية الجواب عن كل نوع

- ‌المطلب الثالث في بيان أنه لا يجوز للمعترض تغيير كلام المستدل

- ‌الباب السادس في الاجتهاد والتقليد

- ‌الفصل الأول في الاجتهاد

- ‌المبحث الأول في تعريف الاجتهاد

- ‌المبحث الثاني مجالات الاجتهاد ومواضعه

- ‌المبحث الثالث شروط المجتهد

- ‌المبحث الرابع حكم الاجتهاد

- ‌المبحث الخامس هل يقبل اجتهاد شخص في مسألة معينة إذا عرفدقائقها دون المسائل الأخرى في نفس الباب

- ‌المبحث السادس هل يجوز الاجتهاد في زمان صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث السابع هل يجوز للنبي صلى الله عليه وسلم الاجتهاد

- ‌المبحث الثامن هل وقع الاجتهاد من النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث التاسع هل يجوز الخطأ في اجتهاد صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث العاشر هل كل مجتهد مصيب في الفروع أو المصيب واحد

- ‌المبحث الحادي عشر هل كل مجتهد مصيب في أصول الدينأو المصيب واحد

- ‌المبحث الثاني عشر إذا تعارض عند المجتهد دليلان وعجزعن الترجيح وتحيَّر فماذا يفعل

- ‌المبحث الثالث عشر هل يجوز للمجتهد أن يقول في الحادثة الواحدةقولين متضادين في وقت واحد

- ‌المبحث الرابع عشر المجتهد الذي لم يجتهد في مسألة، ولكن العلومكلها حاصلة عنده، وعنده القدرة على الاجتهادفهل يجوز له أن يقلد غيره من المجتهدين

- ‌المبحث الخامس عشر إذا نص المجتهد على حكم في مسألة لعلَّة قد ذكرهاووجدنا تلك العِلَّة في مسائل أخرى فَما الحكم

- ‌المبحث السادس عشر إذا نص المجتهد على حكم في مسألة معينة، ولم يذكرعِلَّة ذلك الحكم، ووجدنا مسألة أخرى تشبهها شبها

- ‌المبحث السابع عشر إذا نص المجتهد في مسألة على حكم ونص على مسألةأخرى تشبهها على حكم آخر فهل يجوز نقل حكمإحداهما وجعله في المسألة الأخرى أو لا

- ‌المبحث الثامن عشر إذا روي عن مجتهد في مسألة واحدةروايتان مختلفتان وصح هذا النقل عنه

- ‌الفصل الثاني في التقليد

- ‌المبحث الأول تعريف التقليد

- ‌المبحث الثاني هل يجوز التقليد في أصول الدين

- ‌المبحث الثالث هل يجوز التقليد في الفروع

- ‌المبحث الرابع بيان طرق معرفة العامي للمجتهد حتى يستفتيه

- ‌المبحث الخامس مجهول الحال هل يجوز تقليده

- ‌المبحث السادس إذا كان في البلد مجتهدان فأكثرفأيهم الذي يستفتيه العامي

- ‌المبحث السابع إذا سأل العامي مجتهدين عن حكم حادثته فحكم أحدهمابأنه يجوز فيها كذا، وحكم الآخر بأنه لا يجوز فيها كذا

- ‌المبحث الثامن إذا استوى عند العامي المجتهدان اللذان قد أصدرا فتواهمافي جميع الأحوال

- ‌الباب السابع في التعارض والجمع والترجيح

- ‌الفصل الأول في التعارض

- ‌المبحث الأول تعريف التعارض

- ‌المبحث الثاني شروط التعارض

- ‌المبحث الثالث إذا ثبت تعارض دليلين فهل يقدم الجمع أو الترجيح

- ‌الفصل الثاني في الجمع

- ‌المبحث الأول تعريف الجمع بين الأدلة المتعارضة

- ‌المبحث الثاني شروط الجمع بين الأدلة المتعارضة

- ‌الفصل الثالث في الترجيح

- ‌المبحث الأول تعريف الترجيح

- ‌المبحث الثالث شروط الترجيح بين الدليلين

- ‌المبحث الرابع هل الترجيح لا يوجد إلا إذا وجد التعارضأم الترجيح لا يكون بين المتعارضين

- ‌المبحث الخامس هل يجوز الترجيح بين دليلين قطعيين أو لا

- ‌المبحث السادس في حكم العمل بالراجح من الدليلين

- ‌المبحث السابع هل يجوز الترجيح بكثرة الأدلة

- ‌المبحث الثامن في طرق الترجيح بين الأدلة

- ‌المطلب الأول في طرق الترجيح بين منقولين

- ‌المطلب الثاني في طرق الترجيح بين معقولين

- ‌المطلب الثالث في طرق الترجيح بين منقول ومعقول

الفصل: ‌المطلب الثاني كيفية الجواب عن منع الحكم في الأصل

‌المطلب الثاني كيفية الجواب عن منع الحكم في الأصل

إذا منع المعترض ثبوت الحكم في الأصل، وأراد المستدل الجواب

عن هذا المنع، فإن الجواب يختلف باختلاف أحوال مذهب المعترض

وهي:

الحالة الأولى: أن يكون مذهب المعترض معلوما، وهو متحد مع

مذهب المستدل.

الحالة الثانية: أن يكون مذهب المعترض معلوما، وهو مختلف مع

مذهب المستدل.

الحالة الثالثة: أن يكون مذهب المعترض غير معلوم.

وإليك بيان تلك الحالات مع أمثلتها:

أما الحالة الأولى - وهي: كون مذهب المعترض معلوما متحداً -

فإن المستدل يجيب عن منعه للحكم في الأصل بثلاث طرق:

الطريق الأول: أن يقوم المستدل بتفسير حكم الأصل بما يسلم به

المعترض:

مثاله: قول المستدل: الإجارة عقد على منفعة، فبطل هذا العقد

بموت المعقود له؛ قياساً على النكاح.

فيقول المعترض: أنا أمنع الحكم في الأصل، حيث إن النكاح لا

يبطل بالموت، وإنما ينقضي وينتهي بالموت كالإجارة إذا انتهت مدتها،

فإنه لا يقال: بطلت، وإنما يقال: انتهت وانقضت.

فيجيب المستدل بقوله: إني أردت ببطلان العقد بالموت: أن يرتفع

ص: 2174

بالموت: وحينئذ يسلم حكم المستدل من ورود المنع؛ لأنه لا خلاف

بين المعترض والمسًتدل في أن العقد يرتفع بالموت.

فهنا فسر المستدل حكم الأصل بتفسير يسلِّم به المعترض، وسبب

ذلك: أن مذهب المعترض معلوم متحد مع مذهب المستدل.

الطريق الثاني: أن يُبيِّن المستدل محلا من المسألة متفقا عليه بينهما.

مثاله: قول المستدل: لا تجب قراءة الفاتحة على المأموم؛ لأنه

مأموم، فوجب أن يسقط عنه فرض القراءة؛ قياسا على ما إذا أدرك

المأموم الإمام، وهو راكع.

فيقول المعترض: أنا أمنع الحكم في الأصل؛ حيث إن المأموم إذا

أدرك الإمام وهو راكع وأمكنه قراءة الفاتحة وإتمامها قبل فوات الركعة

وجبت عليه قراءتها.

فيجيب المستدل بقوله: لا خلاف بيننا وبينكم أنه إذا خاف فوات

الركعة لم تجب عليه قراءة الفاتحة، وهذا يكفي أن تسلم به.

الطريق الثالث: أن يورد المستدل دليلاً على ثبوت الحكم في

الأصل.

مثاله: قول المستدل: الوضوء عبادة يفسدها الحدث، فيكون

الترتيب فيها واجباً قياساً على الصلاة.

فيقول المعترض: أنا أمنع الحكم في الأصل، وهو وجوب

الترتيب في الصلاة.

فيجيب المستدل بقوله: إن الحكم في الأصل وهو وجوب الترتيب

ص: 2175

في الصلاة ثبت بقوله لمجفه: "صلوا كما رأيتموني أصلي "،

ولم ينقل عنه صلى الله عليه وسلم: أنه صلى إلا مرتبا،

فدل على وجوب الترتيب.

مثال آخر: قول المستدل: الخنزير حيوان نجس العين، فوجب

غسل الإناء من ولوغه سبعا؛ قياسا على الكلب.

فيقول المعترض: أنا أمنع الحكم في الأصل، فالكلب عندي لا

يغسل من ولوغه سبعاً.

فيجيب المستدل بقوله: لقد ثبت الحكم في الأصل بقوله صلى الله عليه وسلم:

"إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسنله سبع مرات ".

وهذا على رأي جمهور العلماء، أي: أن المعترض إذا منع الحكم

في الأصل، فإن المستدل يثبت حكم الأصل بأي نوع من أنواع

الأدلة، فإذا أثبت ذلك فإن قياسه صحيح.

لكن هل ينقطع المعترض إذا أقام المستدل دليلاً على حكم الأصل

- كما سبق -؟

أقول - في الجواب عن ذلك -: إن المعترض لا ينقطع إذا أثبت

المستدل الحكم في الأصل؛ بل للمعترض أن يسعى إلى إبطال دليل

المستدل؛ لأن المستدل إذا علم أن المعترض لن يعترض عليه إذا أورد

الدليل لإثبات الحكم في الأصل، فإنه يحتمل أن يورد المستدل دليلاً

لا يصلح أن يكون مثبتا للحكم، وهذا يجعل المعترض لا يورد

الاعتراض ابتداء؛ لأنه يعلم أنه سيقبل من المستدل أيمما دليل يثبت به

الحكم في الأصل، وعلى هذا: لا يكون لمنع الحكم ابتداء معنى،

ومنعا لهذا الاحتمال، فللمعترض أن يسعى إلى إبطال دليل المستدل

الذي أورده لإثبات الحكم في الأصل حتى يعجز، وهو رأي

الآمدي، وابن الحاجب، وابن الهمام، وغيرهم.

ص: 2176

وهناك رأي آخر في المسألة وهو: أن المعترض ينقطع إذا أقام

المستدل دليلاً على ثبوت الحكم في الأصل، ولا يجوز المعترض أن

يعترض على ذلك، وهذا الرأي ضعيف لما قلناه.

هذا الكلام عن الحالة الأولى - وهي: كون مذهب المعترض

معلوماً متحداً -.

أما الحالة الثانية - وهي: كون مذهب المعترض معلوماً وهو

مختلف - فإن المستدل يجيب عن منعه للحكم في الأصل بالطرق

الثلاث التي ذكرناها في الحالة الأولى، وهي: " تفسير حكم

الأصل بما يسلم به المعترض "، و " بيان محلاً من الحكم يسلم به

المعترض "، و " إقامة الدليل على حكم الأصل "، والأمثلة نفس

الأمثلة السابقة، لكن يراعى فيها أن الحكم مختلف فيه في المذهب.

وتزيد هذه الحالة طريق رابع وهو: أن يبين المستدل أن الصحيح

من مذهب المعترض هو التسليم بحكم الأصل.

مثاله: قول المستدل الشافعي: من أحرم بالحج نفلاً وعليه فرض،

فإن إحرامه ينعقد فرضا؛ لأنه إحرام بالحج ممن عليه فرضه،

فانصرف إحرامه إلى ما عليه من الفرض؛ قياسا على ما لو أحرم

إحراما مطلقا.

فيقول المعترض الحنفي: أنا أمنع الحكم في الأصل؛ حيث إن

الإحرام الذي أطلق فيه النية أنه يكون تطوعا، وهذا قد نقله الحسن

ابن زياد عن أبي حنيفة.

فيجيب المستدل بقوله: إن أبا الحسن الكرخي - وهو الذي ينقل

الرواية الصحيحة عن أبي حنيفة - قد نقل عن أبي حنيفة التسليم

بحكم الأصل، فإذا ثبت أنها الرواية الصحيحة، فإن المنع يبطل.

ص: 2177

أما الحالة الثالثة - وهي: كون مذهب المعترض غير معلوم - فإن

المستدل يجيب عن منعه للحكم في الأصل بطريقين:

الطريق الأول: أن يبين المستدل رأي إمام المعترض.

هذا خاص فيما إذا كان رأي إمام مذهب المعترض موافقا لما يراه

المستدل.

مثاله: قول المستدل: العيوب في النكاح تثبت الخيار، لأنها تمنع

معظم المقصود بالنكاح، فيثبت بها الخيار؛ قياسا على الجُب.

فيقول المعترض: لا أعلم لإمام مذهبي رأيا في هذا.

فينقل المستدل عن إمام مذهب المعترض ما يدل على أن تلك

العيوب تثبت الخيار.

الطريق الثاني: أن يورد المستدل دليلاً على ثبوت الحكم في

الأصل.

مثاله: قول المستدل: من قتل بآلة غير السيف لم يقتص منه إلا

بالسيف؛ لأنها آلة لا يقتص بها لو كان القتل بالسيف، فلم يجز

القصاص بها إذا كان القتل بها؛ قياسا على ما إذا سقى القاتل

المقتول خمراً، فإنه لا يجوز أن يسقى القاتل خمراً حتى يموت،

وإنما يقتص منه بالسيف.

فيقول المعترض: لا أعلم لإمام مذهبي رأيا في هذا، فلا يلزمني

التسليم به.

فيجيب المستدل بقوله: إن الحكم في الأصل قد ثبت بقوله صلى الله عليه وسلم: -

" لا قود إلا بالسيف ".

ص: 2178